الفصل الرابع

القضية الذرية (أو البسيطة)

القضية الذرية أو البسيطة هي ما تُصوِّر «واقعة» واحدة من وقائع العالَم؛ فما الذي نُطلق عليه اسم «واقعة»؟

يفرِّق المناطقة المحدثون، مثل «رسل» و«رامزي» و«فتجنشتين»١ بين «الواقعة» و«الشيء» فكتاب وقلم ومصباح، أشياء، كلٌّ منها شيء قائم بذاته، وأما الواقعة فهي بناء يتألَّف من ارتباط تلك الأشياء بعلاقة ما، مثل: «الكتاب إلى جانب القلم» و«الصورة على الحائط».
والواقعة الواحدة قد تتألَّف من أجزاء، هي نفسها وقائع، مثل قولنا: «سقراط أثيني حكيم»، فهذه واقعة مؤلَّفة من واقعتَين: إحداهما «سقراط أثيني» والأخرى «سقراط حكيم».٢
وأما الواقعة التي لا يمكن تحليلها إلى وقائع أبسط منها، مثل: «سقراط أثيني» فتُسمى «واقعة ذرية»، وإذَن فالواقعة الذرية هي التي لا تنحلُّ إلا إلى الأشياء التي تدخل في تركيبها؛ وتحليل الواقعة الذرية إلى أجزائها هو تحليل منطقي فقط، لا مادي؛ إذ الواقعة الذرية في الحقيقة وحدة لا تتجزَّأ، فلا يمكن — مثلًا — أن أفصل في الواقع بين «سقراط» من ناحية و«أثيني» من ناحية أخرى، ولعل ما حدا ﺑ «فتجنشتين»٣ — هو صاحب تسمية القضية البسيطة باسم القضية الذرية، ثم تبعه فيها «رامزي» و«رسل» — لعل ما حدا به أن يُطلق هذا الاسم على الواقعة التي يستحيل تحليلها تحليلًا ماديًّا، وإنْ أمكن تحليلها منطقيًّا، هو ما بينها وبين الذرة في علم الطبيعة من شبه في هذا الصدد؛ إذ الذرة في علم الطبيعة يمكن تحليلها منطقيًّا إلى «إلكترونات وبروتونات» (أي كهارب موجبة وكهارب سالبة) مع استحالة فصل هذه الأجزاء في الطبيعة الواقعة.

فالحد الأدنى لما يحدث في الطبيعة هو واقعة (على الرغم من إمكان تحليل الواقعة الواحدة إلى بسائطها التي تتركَّب منها، تحليلًا بالعقل لا بالفعل) ولذا كانت الوحدة المنطقية للفكر هي القضية الذرية، لأنها تُصوِّر واقعة كاملة (على الرغم أيضًا من إمكان تحليل القضية الواحدة إلى حدود)، وإذا تألَّفَت الواقعة من عدة وقائع ذرية، كانت القضية التي تُصوِّرها مُؤلَّفة كذلك من عدة قضايا ذرية؛ أي بسيطة، وسُمِّيَت بالقضية المُركَّبة.

وواضح أن رأيًا كهذا في القضية المنطقية، هو انعكاس لمذهب التعدُّد والكثرة في العالَم الطبيعي، فليس العالَم حقيقة واحدة كما يريده الفلاسفة المثاليون أن يكون، بل هو كثرة من وقائع، نمثلها في كلامنا بكثرة من قضايا، كل قضية منها تُصوِّر واقعة، فإنْ صورت واقعة بسيطة كانت قضية بسيطة، وإنْ صورت واقعة مركبة كانت قضية مركبة.

على أن العلاقات التي تربط عناصر الواقعة الواحدة، ليست شيئًا أُضيفَ إلى تلك العناصر، بل هي طريقة بنائها،٤ وليست طريقة البناء عنصرًا من عناصر البناء؛ فقولنا: «هذا الكتاب على المنضدة» قضية بسيطة، تصوِّر واقعة ذرية في الطبيعة، مُؤلَّفة من شيئَين أو عنصرَين، هما «كتاب» و«منضدة» ارتبطا بعلاقة ما، رمزنا لها بكلمة «على» لكن هذه العلاقة التي ربطت بين الشيئَين، لا تكون شيئًا ثالثًا، فلا يزال عدد الأشياء في الطبيعة اثنين، ولم يترتَّب على العلاقة زيادة في ذلك العدد؛ فالأمر في بسائط الطبيعية حين يرتبط بعضها مع بعض بعلاقة ما، كحلقات السلسلة، ترتبط معًا دون أن يُضاف إلى الحلقات حلقة أخرى.٥ ويجب أن تشتمل القضية على عدد من الأشياء التي يتميز بعضها عن بعض، بحيث يكون مساويًا بالضبط لعدد الأشياء التي يشتمل عليها الواقع الذي تصوره القضية:٦

فإذا فرضنا أن س، ص، ط … ترمز إلى العناصر البسيطة التي تدخل في تركيب الواقعة، وأن «ع» ترمز إلى العلاقة التي تربط تلك العناصر، أو الهيكل الذي عليه يقوم بناؤها، أمكننا أن نحصر صور الوقائع المُمكِنة على أساس عدد العناصر التي تدخل في بناء الواقعة الواحدة، على النحو الآتي [مع ملاحظة أن] الرمز «ع» الموجود خارج الأقواس يرمز إلى العلاقة التي تربط أطراف الواقعة، والعدد المرقوم إلى جانب «ع» يُشير إلى عدد تلك الأطراف، والحرف أو الحروف الموجودة داخل الأقواس ترمز إلى أطراف الواقعة التي ارتبطت بالعلاقة «ع»:

  • (١)
    ع١ (س): وذلك حين يكون لدينا عنصر واحد لا يرتبط بشيء سواه، مثل قولنا: سقراط أثيني، فها هنا شيء واحد هو سقراط، ثم صفة من صفاته، وهذه هي الصورة الحملية للقضية٧ (وسنعود إلى هذا النوع بعد قليل).
  • (٢)
    ع٢ (س، ص): وذلك حين يكون لدينا شيئان هما س، ص مرتبطان بعلاقة ما، مثل: الكتاب على المنضدة، وهذه هي الصورة الثنائية للقضية.
  • (٣)
    ع٣ (س، ص، ط): وذلك حين يكون لدينا ثلاثة أشياء، هي س، ص، ط، ارتبطت بعلاقة ما، مثل الكتاب بين الدواة والقلم، وهذه هي الصورة الثلاثية للقضية.
  • (٤)
    ع ن (س١، …، …، سن) وذلك حين يكون لدينا أي عدد من العناصر، ارتبط على نحوها؛ فقد يكون عددها أربعة وتكون القضية التي تصوِّرها رباعية، أو أكثر من ذلك فتسمى بالقضية الكثيرة العناصر.
على أن القضية البسيطة التي هي من الصورة الأولى ع١ (س) لها شأن عظيم في المنطق الوضعي الحديث، حتى ليصح أن نجعلها نوعًا قائمًا بذاته، وهو النوع الذي يصوِّر دخول الفرد في الفئة التي ينتمي إليها؛ ولئنْ كنا قد احتفظنا لهذا النوع باسم قديم، هو «القضية الحملية» فلا يغيبنَّ عن أنظارنا أنه لا يشمل كل ما كان يُطلق عليه هذا الاسم في المنطق التقليدي؛ لأنه مقصور على نسبة الفرد إلى فئة، مثل قولنا العقاد شاعر؛ إذ هو ينسب العقاد إلى فئة هو عضو فيها، وهي فئة الشعراء؛ وليس هذا النوع إلا جزءًا يسيرًا من القضية الحملية بمعناها القديم، لأنها في معناها القديم تشمل القضايا الكلية والقضايا الجزئية — وهذه سنجعلها نحن دالات قضايا لا قضايا — ثم هي تدخل قضيتنا التي تنسب فردًا واحدًا إلى جماعته في القضايا الكلية تارة، في القضايا الجزئية تارة أخرى،٨ وما هي بشيء من هذا ولا ذاك.
والصورة الرمزية لدخول عضو ما في فئة تحتويه هي هكذا: أ ب، ومعناها أن الفرد «أ» عضو في فئة «ب».

وزيادة في شرح ما أسلفناه نقول: إن هذا العالم الذي نعيش فيه قوامه حوادث، وأعني بالحوادث ما تحسُّه الحواس من لقطات متتابعة، كلمعات الضوء ولمسات الأصابع ونبرات الصوت؛ فكل شيء نقول عنه إنه ذو كيان واحد متصل لفترة من الزمن تطول أو تقصر، كهذا القلم الذي بين أصابعي، وهذه الورقة التي أكتب عليها، وتلك الشجرة، والشمس والقمر، كل شيء من هذه الأشياء ليس في حقيقة أمره كيانًا واحدًا متصلًا كما قد نتوهَّم، إنما هو — إذا ما حللت الموقف إلى عناصره الأوَّلية البسيطة — حادثات يتبع بعضُها بعضًا؛ كل شيء من هذه الأشياء هو سلسلة حالات، أو قل هو سلسلة من ظواهر؛ والذي يخلع عليه الواحدية هو ما بين تلك الحالات من روابط وعلاقات، فهو نفسه الذي يخلع الواحدية على أجزاء المسرحية أو ألحان النغم؛ لماذا تقول عن المسرحية إنها أثر واحد مع أنها مُكوَّنة من آلاف الكلمات؟ ولماذا تقول عن النغم إنه واحد، مع أنه نبرات من الصوت متتابعات؟ إنك تقول عن المسرحية أو النغم إنه كيان واحد لِما بين أجزائه الكثيرة من روابط وعلاقات؛ وهكذا قُل في هذا القلم وفي هذه الورقة وفي الشمس والقمر والنهر والشجرة؛ بل هكذا قُل في الفرد الواحد من الناس، فلست أنت بالجزئية الواحدة ذات الكيان الواحد المستمر المتصل، بل أنت تاريخ من حوادث، أنت هو ما قد عشته من دقائق ولحظات، لك في كل واحدة منها حالة تختلف قليلًا أو كثيرًا عن سابقتها وعن لاحقتها.

أقول إن العالم الذي نعيش فيه قوامه هذه الحوادث التي ترتبط في مجموعات، نجعل كل مجموعة عنها شيئًا واحدًا، كالعقاد والمقطم والنيل والقاهرة؛ ومن أشياء هذا العالم الواقعي ألفاظ اللغة وعبارتها؛ فالكلمة أو العبارة — منطوقة أو مكتوبة — هي كذلك مجموعة من حوادث لأن الكلمة أو العبارة من كلمات اللغة وعباراتها هي من مادة العالم الواقع؛ فلا فرق بين كلمة «كتاب» أنطق بها موجةً من هواء، وبين العاصفة التي تهب وتقتلع الأشجار وتهدم المنازل إلا في الدرجة وحدها؛ ولا فرق بين كلمة «كتاب» أكتبها قطرة من مداد — والمداد مادة — وبين جبال الهملايا سوى أن كلمة «كتاب» كومة صغيرة من ذرات المادة، والهملايا مرتفعٌ شامخ منها؛ فكلمات اللغة وعباراتها — إذَن — من مادة الواقع؛ هي جزء من الواقع؛ وقد اتخذنا بعض وقائع العالم لنرمز بها إلى بعضها الآخَر؛ إذا اتخذنا من موجة صوتية مُعيَّنة رمزًا يشير إلى «المقطم»، واتخذنا كذلك من رسم مُعيَّن، أخطُّه على الورق، رمزًا يشير إلى ما شئنا أن نسميه بهذا الرسم من أشياء، وبهذا يصبح الرمز المختار ذا «مدلول» و«معنًى».

والجملة اللغوية كائنًا ما كان نوعها مُؤلَّفة من عدد من الكلمات، ومعناها مستمد من معاني كلماتها، ولا بد أن تكون بين هذه الكلمات وحدة تجعل منها رمزًا واحدًا له من الخصائص ما ليس للكلمات المفردة الداخلة في تكوينها.

فأول ما يشترط ليكون للجملة معنًى هو أن تكون بين كلماتها رابطة توحد بينها في رمز واحد له من الخصائص ما ليس لمفرداته، وكثيرًا ما يندمج التركيب اللغوي اندماجًا يضلِّلنا عن حقيقة العناصر المكونة له. فلا بد لمَن شاء أن يحلل العبارة اللغوية التي يكون إزاءها، أن يطمئن أولًا إلى أن جملة واحدة لا مجموعة من الجمل متداخل بعضها في بعض؛ وذلك لأن ما يعدُّه النحو جملة واحدة قد لا يكون كذلك من الناحية المنطقية، فمن الناحية المنطقية لا تكون الجملة جملة واحدة إلا إذا كانت دالة على واقعة بسيطة واحدة، ولا يستطيع مَن يريد مراجعة الكلام ليتحقَّق من صدقه أن يحكم على الجملة بصدق أو بكذب إلا إذا كانت جملة واحدة تقابلها واقعة بسيطة واحدة، وعندئذٍ يمكنه مراجعة الجملة على الواقعة فيتبيَّن صدقها أو عدم صدقها، فعبارة كهذه: «أبو بكر وعمر من الخلفاء الراشدين» ليست جملة واحدة بل جملتان هما: «أبو بكر من الخلفاء الراشدين» و«عمر من الخلفاء الراشدين»، ولا يتوقف صدق الواحدة على صدق الأخرى، وكلٌّ منهما يتطلَّب تحقيقًا يثبتها على حِدَة، أما قولنا «أبو بكر وعمر متساويان في الطول» فهو جملة واحدة من الناحية المنطقية لأن المرجع في صدقها واقعة خارجية واحدة؛ ونسوق لك مثلًا آخَر يوضِّح الفرق بين ما هو جملة واحدة من الناحية المنطقية وما هو أكثر من جملة، فعبارة مثل قولنا: «خرجت بالأمس وكان المطر هاطلًا» جملتان لا يتوقف صدق الواحدة على صدق الأخرى، وهما: «خرجت بالأمس» و«كان المطر هاطلًا» فقد يكون صدقًا أني خرجت بالأمس لكن المطر لم يكُن عندئذٍ هاطلًا، وكذلك قد يكون صدقًا أن المطر كان بالأمس هاطلًا، لكني لم أخرج من الدار. أما قولنا: «خرجت بالأمس حين كان المطر هاطلًا» فجملة واحدة لأن تحقيق الشطرين لا يكون إلا بمراجعة واقعة خارجية واحدة، فهل كان في اللحظة الفلانية من لحظات الأمس أن حدث حادثان معًا، هما خروجي ونزول المطر؟

ولا تكون الجملة جملة واحدة من الناحية المنطقية إلَّا إذا بلغت من البساطة حدًّا يستحيل معه انقسامها إلى جملتين أو أكثر، ولا نبلغ هذه البساطة في التحليل إلا إذا بلغنا مرحلة تكون فيها الأسماء الواردة في الجملة أسماء أعلام؛ أي أسماء حالات جزئية، ذلك لأن وقائع العالم الخارجي التي سنراجع عليها الجملة لنحكم عليها بالصدق أو بالكذب، لا تكون إلا حالات جزئية مرتبطًا بعضها ببعض بهذه الرابطة أو تلك، فقولي، مثلًا: «المصري يتكلم اللغة العربية» ظاهرها بسيط، لكنها ليست كذلك من وجهة النظر المنطقية، لأن كلمة «المصري» ليست اسمًا يطلق على حالة جزئية واحدة، بل هي كلمة عامة تنطبق على أي واحد من المصريين، وبهذا تكون بمثابة عبارة وصفية تلخِّص مجموعة من الصفات إذا ما توافرت في شخص كان مصريًّا، وإذَن فهي بالتالي «رمز ناقص»؛ أي إنها رمز لا يرمز إلى شيء بعينه، وعلى ذلك فلا يمكن تحقيق القضية التي وردت فيها هذه الكلمة إلا إذا أحللت مكان «المصري» اسمًا آخَر ذا دلالة جزئية محدَّدة مُعيَّنة، وبهذا يصبح الرمز الناقص رمزًا كاملًا، ترى هل إذا وضعت مكانها اسمًا ﮐ «العقاد» بحيث أصبحت الجملة «العقاد يتكلَّم اللغة العربية» أكون قد وصلت بذلك إلى جملة بسيطة؟ كلا، ولا هذا، لأن «العقاد» ليس حالة جزئية واحدة، بل هو سلسلة طويلة من حالات، هو تاريخ بأسره، وحالاته الماضية لم تعُد ممَّا يمكن الإشارة إليه باسم الإشارة «هذا»، وإذَن فلا بد من تحليل «العقاد» إلى حالاته، لأضع إحدى هذه الحالات فقط، موضوعًا للحديث، كأن أحدِّد الحالة المعيَّنة بالتقاء نقطة من المكان مع لحظة من زمان، أو أن أحدِّدها بالإشارة المباشرة إليها قائلًا: هذا يتكلَّم اللغة العربية؛ وإلى هنا نكون قد فرغنا من الوصول بالموضوع وحده إلى المرحلة الذرية البسيطة التي نُقابلها في عالم الواقع حادثة ذرية بسيطة كذلك؛ وبقي أن نحلِّل الصفة الواردة في الجملة مثل هذا التحليل؛ فالعقاد في اللحظة التي أشير إليه فيها لا يتكلَّم «اللغة العربية» كلها، بل هو ينطق بعبارة منها الآن، وقد نطق بعبارة أخرى في لحظة ماضية، وهكذا؛ وإذَن فكل ما أستطيع الإشارة إليه من وقائع الدنيا فيما نحن بصدده، هو إحدى حالات العقاد، وهي حالة نطقه بإحدى عبارات اللغة العربية؛ ثم أُجيز لنفسي بعد ذلك أن أضم سلسلة الحالات كلها التي هي تاريخ حياة العقاد وأجعل منها كائنًا واحدًا أسميه «العقاد»، ثم أتخذ من العبارة الواحدة العربية التي سمعت العقاد ينطق بها إشارة تدل على أنه يتكلَّم من هذه اللغة عبارات غير العبارة التي سمعتها منه، بحيث يجوز أن أقول عنه إنه يتكلَّم اللغة العربية بغير تحديد.

العالم قوامه وقائع ويصوِّر كل واقعة منها في كلامنا جملة؛ أو يمكن أن تصورها جملة؛ أما الواقعة الواحدة البسيطة التي لا تنحلُّ إلى ما هو أبسط منها فنقول عنها إنها واقعة «ذرية»، وأما الجملة الواحدة البسيطة التي تصورها فنقول عنها إنها جملة «ذرية» كذلك؛ والواقعة الذرية الواحدة لا تكون أبدًا من جزئية واحدة كلمعة ضوء أو نبرة صوت. إذ لا بد — لكي تكون واقعة — أن تتصف هذه الجزئية الواحدة بصفة ما، أو أن تتصل بغيرها من الجزئيات في مركب واحد يكون ذريًّا، ما دمنا لا نستطيع حله إلى أكثر من واقعة واحدة، والجزئي الواحد من جزئيات يُقابله في اللغة اسم العلم، والصفة التي تصفه في الطبيعة يُقابلها في اللغة كلمة نسميها باصطلاح المنطق «المحمول»، فإنْ كان بين الجزئي الواحد وغيره من الجزئيات علاقة تربطهما معًا في واقعة ذرية واحدة، كان في اللغة كلمات دالة على هذه العلاقات لتربط بين الأسماء الواردة في الجملة ربطًا يجعل منها جملة ذرية واحدة.

فلو كان ما أشير إليه من وقائع العالم الخارجي هو هذه الورقة التي أمامي ولونها الأبيض، كانت الجملة تقابل ذلك هي: «هذه الورقة بيضاء»؛ هذه قضية بسيطة وتحقيقها يكون بالرجوع إلى الواقعة البسيطة التي جاءت القضية مصورة لها؛ وفي مثل هذه الحالة نستطيع القول عن هذه الجملة إنها ذات «معنًى» لأن مدلولها هناك يُشار إليه إشارة مباشرة، وتنطبع به الحواس انطباعًا مباشرًا، قارن ذلك بجملة وصفية يظن أن بينها وبين الجملة المذكورة شبهًا في الصورة؛ كقولنا مثلًا: «مدنية الغرب علمية» وانظر هل يكون لهذا الكلام «معنًى» بالمعنى الذي حدَّدناه، وهو أن يكون للقضية مدلول في عالَم الوقائع؟ فاسأل: أين هو الشيء المسمى ﺑ «مدنية الغرب»؟ فإذا أشير لك إليه فانظر هل هو متصف بصفة العلمية؛ تمامًا كما جاز لك أن تسأل أين هو الشيء المُسمَّى ﺑ «هذه الورقة»، وأن تنظر في صفة البياض التي وصفت بها؛ وواضح أنك لن تجد جزئية من جزئيات الواقع اسمها «مدنية الغرب» لأن هذه كلمة أريد بها أن تطلق على مجموعة كبرى من مجموعات ضخمة، فهي مجموعة تضم الدين والفن والعلم والحكومة والتربية والاقتصاد … إلخ، إلخ؛ وكل كلمة من هذه الكلمات في ذاتها تعود فتضمُّ ملايين الجزئيات، فالدين كلمة تُطلَق على آلاف الجمل في مئات الصفحات، والفن كلمة تُطلق على آلاف وآلاف من الموسيقى وقصائد الشعر والصور والتماثيل … إلخ، إلخ؛ ويستحيل أن ترجع في العالَم الخارجي الواقع إلا إلى مفرد واحد من هذه المفردات ثم تعقب عليه بمفرد ثانٍ فمفرد ثالث، وعلى ذلك فلو أردنا أن يكون التحقيق لكلامنا ميسورًا، وجب أن ينحل هذا الكلام إلى عبارات لا تشير كل واحدة منها إلا إلى مفرد واحد من جُمل النصوص الدينية أو إلى مفرد واحد من الآثار الفنية، وهكذا؛ وإذَن فليس قولنا «مدنية الغرب علمية» هو من الأقوال ذوات «المعنى» المباشر؛ لأنه قول لا يشير إلى واقعة ذرية واحدة؛ ولا يكون له معنًى إلا إذا تحوَّل إلى جُمل ذرية تتحدَّث كلٌّ منها عن شيء واحد جزئي يمكن الرجوع إليه بالحس المباشر.

قارن هذا التحليل بما قد ذهب إليه أرسطو من أن وحدة التحليل التي لا يمكن للتفكير أن ينحل إلى ما هو أبسط منها على جملة تتحدَّث عن نوع بأسره، أي عن فئة بأسرها من الأفراد، كأنْ يقال — مثلًا — «الإنسان عاقل» و«الشعر كلام مقفى» وما إلى ذلك؛ إنه لو كانت كلمة «الإنسان» أو كلمة «الشعر» هي الوحدة الأولية التي يرجع إليها للتحقق من أنها تتصف بما يدعي المتكلم أنها تتصف به، لوجب أن أبحث عنها — لا في عالم الأشياء الخارجية — بل في رأسي وفي عالَم فكري، لأنه ليس في عالَم الأشياء «إنسان» بصفة عام، ولا «شعر» بصفة عامة؛ ولو أخذت بهذه النظرة لانتهيت إلى أن أقبل كلام المتكلم سواء أشار إلى دنيا الأشياء أو لم يُشِر، ومن ثَم يستطيع المتكلم أن يتوهَّم ما شاء من كائنات ثم يتحدث عنها بما يشاء، ولا يكون لي الحق — أنا السامع — في مراجعته على دنيا الواقع، ذلك لأنني لو جعلتُ دنيا الواقع هي الفيصل بيني وبينه، لَمَا كان لي بُد من الرجوع إلى أفراد بأعيانها، فلا «إنسان» هناك إلا زيد وعمرو وخالد، ولا «شعر» هناك إلا هذه القصيدة المُعيَّنة أو تلك.

تريد الفلسفة التحليلية أن تبلغ بتحليل الفكر إلى حده الأدنى، شأنها في ذلك شأن العلم الطبيعي حين يتناول مادة الأشياء بالتحليل إلى غايته القصوى، فينتهي به إلى الذرات الأولية وإلى طريقة بناء الذرة الواحدة من هذه الذرات الأولية، وإنما ينشد التحليل الفلسفي والتحليل الطبيعي هذه الوحدات الأولية في عالم الفكر أو في عالم الطبيعة، أملًا في أن يعرف المركب إذا عرف بسائطه التي يتكوَّن منها.

وقد انتهى رجال التحليل الفلسفي المعاصرون — وعلى رأسهم رسل — إلى ما قد أسمَوْه بالقضية الذرية وحدة أولية بسيطة، مخالفين بذلك أرسطو الذي ظنَّ أن القضية التي تتحدث عن فئة بأسرها وحدة فكرية أولية؛ والقضية الذرية الأولية — كما أسلفنا لك القول — هي التي تقابلها في عالم الأشياء واقعة ذرية أولية، كلٌّ منهما في مجاله لا يقبل التحليل والانقسام؛ فالواقعة الذرية الأولية قد تكون جزئية واحدة وصفة تنعتها. وقد تكون جزئيتَين أو ثلاث جزئيات أو أكثر مع رابطة تصل هذه الجزئيات لتجعل منها بناءً واحدًا، بحيث لو انحلَّت الرابطة وانفرطت الأطراف لم يعُد لأي طرف منها على حِدة شيء من المعنى الذي كان للبناء وهو متصل، وكذلك القضية الذرية الأولية — على غرار الواقعة التي تقابلها — إما أن تكون اسمًا واحدًا وصفة تنعته أو اسمين أو ثلاثة أسماء أو أكثر تصلها كلمة علاقية تجعل من هذه الأسماء وحدة واحدة؛ بحيث لو أزلنا كلمة العلاقة وانفرطت الأسماء لم يعُد لأيٍّ منها شيء من المعنى الذي كان للقضية وهي بناء متصل.

ونريد الآن أن نمضي في التحليل خطوة أخرى، فنقول إنه حتى الجملة التي تكون مكوَّنة من اسم جزئي وصفة تنعته مثل «هذا أحمر» التي نقولها مشيرين إلى بقعة لونية حمراء قائمة أمام الحس يمكن تحليلها لبيان أنها هي الأخرى قضية دالة على بناء ذي أطراف وما بينها من علاقة، ولو تحقَّق لنا ذلك، لانتهينا إلى نتيجة عامة، وهي أن كل فكرة من أفكار الإنسان، مهما تكُن ذرية بسيطة أولية، فهي مكونة من أطراف جزئية وعلاقة تربطها، وبهذا نستغني استغناءً تامًّا عن «الصفات» أو عن «الكيفيات»، ولا يعود لدينا من العالم الخارجي من جهة، واللغة أو الفكر من جهة أخرى، سوى جزئيات ذرية وعلاقات تربطها.

فما تحليل قولنا: «هذا أحمر»؟ إنه قول لا يتيسَّر لنا قوله ما لم يكُن قد مرَّ بنا بادئ ذي بدء بقعة لونية أشير لنا إليها ونطق مع الإشارة بالصوت «أحمر» فأصبحت تلك البقعة اللونية معنًى لكلمة «أحمر» بالتعريف، حتى إذا ما مرَّت بقعة لونية أخرى «تشبه» البقعة الأولى، قلنا عنها إنها «حمراء» وعندئذٍ يكون تحليل قولنا هذا، هو: هنالك بقعتان لونيتان: بقعة «أ» وبقعة «ب» متشابهتان؛ وبهذا يرتد قولنا: «هذا أحمر» إلى «أ تشبه ب» قضية ذات علاقة ثنائية، أي إنها قضية ذات طرفين وما يربطهما من علاقة، وليست هي بالقضية التي تصف موضوعًا واحدًا بصفة معينة.

إن الغاية التي أستهدفها بهذا التحليل هي أن يكون القارئ على وعي بما يتضمَّنه الكلام الذي يستخدم في التفاهم من حصيلة حسية، حتى إذا ما زعمنا له بعد ذلك أن الجملة الإخبارية إذا لم يمكن ترجمتها إلى مضمونها الحسي كانت جملة بغير معنًى، أدرك ما ينطوي عليه هذا الزعم؛ فكلٌّ منا يتحدَّث الحديث المألوف وهو لا يدري على وجه الدقة من أي جذور نشأ المعنى الذي يُراد للسامع أن يفهمه من ذلك الحديث، ومهمة الفلسفة التحليلية هي إبراز الجذور الأساسية الخفية؛ لأنها إذا ما انكشف عنها الغطاء وسُلِّط عليها الضوء، ازددنا قدرة على نقد الكلام وتمييز ما له معنًى ممَّا ليس له معنًى.

فقد يقول قائل: «الورد أحمر» ويظن أنه بذلك إنما يقول عن خبرة بسيطة مباشرة؛ على حين أن «اسم الورد» كلي يدل على مجموعة وصفية، ولا يدل بذاته على ضرورة أن يكون لهذه المجموعة الوصفية جزئية مُعيَّنة تُجسِّدها، وإذَن فلا بد أولًا من أن نستبدل بهذه الكلمة اسمًا جزئيًّا ليكون للعبارة معنًى، فتصبح «هذه الوردة المُعيَّنة حمراء»، ثم تأتي بعد هذه الخطوة التحليلية خطوة أخرى، وهي أن ننسب «هذه الوردة» إلى بقعة لونية سبقت رؤيتها وسبق ربطها بكلمة «أحمر»، لنرى أن «هذه الوردة» و«تلك البقعة» شبيهتان، فيتم التحليل ويتحقَّق المعنى مستندًا إلى الخبرات الحسية الماضية والحاضرة؛ فالذي يجعل عبارة «الورد أحمر» ذات معنًى، ويجعل عبارة «الجن أحمر» غير ذات معنًى، هو أننا نستطيع أن نمضي بتحليل العبارة الأولى إلى آخر مراحله، على حين أننا لا نستطيع ذلك بالعبارة الثانية.

على أن العبارات اللغوية التي نستخدمها في الحديث تتفاوت تعقيدًا في تركيبها؛ وبالتالي فهي تتفاوت صعوبة في تحليلها؛ فها نحن أولاء قد رأينا أن عبارة جزئية مثل «هذا أحمر» لا تتطلَّب في تحليلها أكثر من أن نضع «هذا» الجزئي الذي نحسُّه الآن مع طائفة الجزئيات التي أحسسناها فيما مضى، والتي نراه شبيهًا بها، وبهذا يتم لنا فهم المعنى المقصود؛ لكن ما هكذا عبارة مثل «مات قيصر»، فها هنا نحن إزاء مجموعتَين من حوادث ليستا من قبيل واحد؛ فأما «مات» فهو اسم لحادثة جزئية وقعت في لحظة زمنية مُعيَّنة، ولو كنا مشاهدين لتلك الحادثة لحظة وقوعها، وأشرنا إليها قائلين: «هذا موت» لكان الموقف عندئذٍ شبيهًا بقولنا: «هذا أحمر» من حيث التحليل؛ لكنَّا ها هنا نريد أن نتصوَّر مجموعتين من الحوادث مختلفتين اختلافًا بعيدًا، تلاقتا معًا في نقطةٍ ما، وفي لحظة مُعيَّنة، فتكون من تلاقيهما ما نقول عنه: «مات قيصر» أما المجموعة الأولى فهي مجموعة الميتات التي كان موت قيصر واحدًا من أعضائها، وأما المجموعة الثانية فهي سلسلة الحالات الجزئية التي تتابعت فكوَّنت ما أسميناه «قيصر» وقد تلاقت هذه السلسلة عند آخِر حلقاتها مع أحد أفراد المجموعة التي يُقال لها «موت» فكانت نتيجة التلاقي هي قيصر في حالة موتة.٩

هكذا تتفاوت العبارات في درجة تعقيدها وصعوبة تحليلها، لكنها جميعًا ترتد — كما ترى — إلى حالات جزئية يمكن التعبير عنها بجمل ذرية بسيطة أولية، وبهذا التحليل الذي يردُّها إلى أصولها البسيطة ندرك مضمونها الحسي الذي منه يتولَّد معناها؛ وهنا ننتقل إلى «الواحدة» التي لا بد منها في الجملة الواحدة لتربط أجزاء المضمون الحسي في حقيقة واحدة هي التي جاءت القضية لتعبر عنها، إنه من الواضح أن معنى القضية الوحدة ليس هو حاصل جمع معاني مفرداتها، بدليل أنك قد تغيِّر من ترتيب المفردات فيتغيَّر المعنى الجملي مع أن حاصل جمع معاني المفردات لا يتغيَّر، وإذَن ﻓ «الوحدة» التي تربط أجزاء الجملة ربطًا يكسبها معناها، ذات صلة «بالترتيب»، أو إذا شئت مصطلحًا رياضيًّا فقُل إن «وحدة» الجملة ذات صلة ﺑ «التسلسل» الذي يكون بين مفرداتها، كأنما الجملة عدد ذو أرقام، تتغيَّر قيمته بتغيُّر ترتيب أرقامه، وعلى الرغم من أن العدد تتوقَّف قيمته على قيم أرقامه، إلا أن قيمته لا تكون بالطبع هي حاصل جمع تلك القيم المفردة.

لكن هذا «الترتيب» أو «التسلسل» الذي يخلع على الجملة معناها الموحَّد لا يزال بحاجة منا إلى تحليل، فماذا عساه أن يكون؟ إنه يرتد في النهاية إلى تسلسل زمني، أي إلى تتابع في لحظات الزمن، بحيث إذا كان التتابع في اتجاه مُعيَّن هو الذي يدل على المعنى الصواب، كان اختلاف الاتجاه دالًّا على خطأ؛ فقولي: إن «بروتس قتل قيصر» لا يعتمد في معناه الجملي على معاني الفئات الداخلة في تكوينه، وهي: (١) فئة الحالات الجزئية التي منها تتكوَّن المجموعة التي نسميها «بروتس». (٢) فئة الحالات الجزئية التي تكون كل حالة منها حالة قتل مفردة، ومن مجموعها يتكوَّن معنى كلمة «قتل». (٣) فئة الحالات الجزئية التي منها تتكوَّن المجموعة التي نسمِّيها «قيصر»، أقول إن المعنى الجملي لقولي: «بروتس قتل قيصر» لا يتكوَّن من مجرَّد حاصل جمع هذه المجموعات، بل لا بد أن يقع النطق باسم المجموعة الأولى سابقًا على النطق باسم المجموعة الثانية، وهذا بدوره سابق على النطق باسم المجموعة الثالثة.

ومهما يكُن من أمر، فهذا التسلسل بين أجزاء الجملة هو الذي يخلع على الجملة وحدتها، ووحدتها هي التي تجعل لها معنًى غير مجموع معاني مفرداتها؛ وإنه لمن عبقرية اللغة أن تكون ألفاظها الدالة على علاقات دالة في الوقت نفسه على نوع التسلسل الذي ينبغي أن يتحقَّق بين المفردات ليتم للجملة معناها؛ فالأمر حين أنطق لسامعي بعبارة: «قامت الدولة الأموية ثم قامت الدولة العباسية» أقول إن الأمر هنا لا يقتصر على أن تقع لفظتا «الدولة الأموية» في أذن سامعي قبل أن تقع فيها لفظتا «الدولة العباسية»، وإنه بهذا الترتيب الزمني يعرف كيف كان ترتيب الحوادث الخارجية في الوقوع، بل إن كلمة «ثم» تحدد له نوع التتابُع؛ بحيث يعرف منها معرفة إضافية أن أسبقية الاسم في العبارة اللغوية دالة على أسبقية وقوع مدلوله في دنيا الحوادث كذلك.

١  Ludwig Wittgenstein; F. P. Ramsey: Bertrand Russell.
٢  راجع المقدمة التي كتبها «رسل» لكتاب فتجنشتين Tractatus Logico-Philosophicus.
٣  Wittgenstein, Tractatus، ٤١، ٤، ٢١١، ٤.
٤  Wittgenstein, Tractatus، ٠٣٢، ٢.
٥  المرجع نفسه، ٠٢، ٢.
٦  المرجع نفسه، ٠٤، ٤.
٧  تحتل القضية الحملية مكانة ممتازة في المنطق التقليدي؛ إذ هي هناك القضية الوحيدة التي يمكن أن تنصب في صورتها أية قضية أخرى، وهي تتألَّف من موضوع ومحمول بينهما رابطة صورية، قد تذكر أو لا تذكر مثل: «الكتاب مفتوح» و«الكتاب هو مفتوح»، ولم يكُن عند المنطق التقليدي فرق بين قولنا: «قيس عاطفي» و«قيس أحبَّ ليلى»، فكلتا القضيتين مُؤلَّفة في نظره من موضوع ومحمول، مع أن الأولى تصور شيئًا واحدًا وصفة من صفاته، وأما الثانية فتصوِّر شيئين والعلاقة التي يرتبطان بها: صورة الأولى في ع١ (س)، وأما صورة الثانية فهي ع٢ (س، ص).
ويترتَّب على هذه التفرقة ألا نشترط في القضية — كما كانت الحال في القضية الحملية — أن تتألَّف من حدَّين، هما الموضوع والمجموع، إلا إذا كانت القضية في الصورة الحملية ع١ (س)، أما إذا كانت القضية تصوِّر أشياء وما بينها من علاقات، فقد تبلغ الحدود أي عدد ما دامت كلها تؤلف مركبًا واحدًا بفضل العلاقة التي بينها.
هذا إلى أننا سنُبيِّن في هذا الفصل أنه حتى القضية الحملية نفسها، المتحدثة عن شيء واحد وصفته يمكن تحليلها هي أيضًا إلى قضية ذات علاقة بين طرفين، ولو صح هذا استغنينا عن القضية الحملية.
٨  راجع في ذلك Keynes, J. N., Formal Logic، ص١٠٢ وهامشها.
٩  Russell, B., An Inquiry into Meaning and Truth، ص٣٤-٣٥.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥