لماذا أنتِ حبيبتي يا مصر؟
إنها فعلًا حبيبتي، ولا أجد غيرها حبيبي .. فهي أبي وأمي وأهلي وأرضي ومزرعتي وترعتي ومائي وهوائي وسمائي، وستكون في يومٍ ما لحدي وكفني، فكيف بالله عليك، لا أحبها؟
كيف تطلب مني – كمصري – ألَّا أحب بلدي الأصيل وليد الفراعين العظام .. مصر هي بحق أم الدنيا .. مصر الحبيبة.
فيا مصر، يا حبيبتي .. يا كل حبي، يا حياتي وروحي وقلبي وجناني .. يا عيني ورأسي .. ويا كبدي وأحشائي .. يا قلبي النابض وجناني الخفاق وأنفاسي المنطلقة، وروحي الطاهرة، ويديَّ العاملتين، وعينيَّ الثاقبتين، وكبدي الحي المملوء عشقًا لك .. كيف لا أكون لك محبًّا؟
يا مصر .. كيف تطلبين مني أن أعشق غيرك .. أو أحدًا سواك أو قبلك؟ .. أنتِ أولًا، وأنتِ قبل كل شيء .. فأنا لا أحبك مخدوعًا لأنني أعرف جيدًا ويعرف العالم كله من حولي، أنكِ أصدق أرضٍ، وأطهر بقعةٍ خلقها الله على ظهر البسيطة.
ما غابت شمسكِ يومًا، ولا جفَّت أرضكِ يومًا .. ولا نضب نيلك يومًا .. وما اشتهاكِ أحد غيري إلا استضفتِه ولفظتِه كي تحضنيني أنا وحدي .. أنا صاحبكِ المصري، وحبيبكِ الأول الذي لم يحدث في تاريخك العريق أن تنكَّبتِ لي، أو أوليتِني ظهركِ طويلًا .. فأنت صادقةٌ وفية، وأمينةٌ شريفة طاهرة، وخيِّرةٌ مباركة، وودودةٌ ولودة سمحاءُ جميلة، ورقيقةٌ رفيقةٌ محبة .. قوامك الدين والشرف وحسن المعاملة، ومن شيمك الحميدة: الصبر والجلَد والصمود، والوفاء والشمم وعلو الهمة.
لذا كنتِ حبيبتي المفضَّلة، يا مصر .. أنام في أحضانك، وتنامين في أحضان أفكاري وفي خزائن قلبي وأغوار روحي، حيث أحتفظ لكِ بعرش من دمي النقي الذكي، يفديك ساعة الفداء، وينهمر من أجلك مدرارًا؛ كي يرويك ويشفيك ويحميك من غوائل المعتدي الأثيم، الطامع فيك.
هذه هي علاقتي بك، يا مصر، يا حبيبتي، فيا لها من علاقةٍ ساميةٍ عالية علو النجوم في قبة السماء.