مصر قلب الشرق
كما يذهب الحُجاج من كافة أنحاء العالم الإسلامي إلى مكة المكرمة في شبه جزيرة العرب ليزوروا بيت الله الحرام، كذلك يأتي الناس من جميع بقاع الدنيا، إلى مصر؛ ليزوروا نيلها ويروا آثارها ومعالمها، ويشاهدوا مبلغ حضارة قدامى ملوكها وفراعنها، ويستمتعوا بدفء شمسها وجوِّها النادر الجميل، ويقطفوا من زهورها وورودها الرائعة ويأكلوا من ثمارها الطيبة، وما أكثرها وأطيبها!
مصر بحق كعبة الشرق كله .. ومحطُّ أنظار العالم بأسره .. يتمنى زيارتها كل فرد في أمريكا وأوروبا وجميع دول العالم يتوقون إلى مشاهدة كل ما قرءوا عنه في كتب التاريخ، ولم يستطيعوا تصوره .. يريدون أن يروا تلك العجائب رؤية العيان «وليس راءٍ كمن سمع» .. فيهرعون إليها .. ولكنهم ما إن يصلون عندها حتى يفقدوا توازنهم أمام ما يشاهدون فيها من سحر وجمال وبريق أخَّاذ، ومن آثارٍ عظيمة لها قيمتها الحضارية وتشهد ببراعة قدماء المصريين في كل فن، ومن معابد وكنائس ومساجد تذهل العقول وتسحر الألباب بعظمتها وعظمة تاريخها العريق.
ومصر ككعبة للناس جميعًا، تقابلهم بالترحاب وتحسن معاملتهم وتلبي جميع طلباتهم وتكرم وفادتهم وتنزلهم منها منزلةً كريمة، وتحنو عليهم وتسخو؛ فإذا ما طلبوا دفئًا أعطتهم شمسها العظيمة الرحيمة، وإن طلبوا علمًا وثقافة، قدمت لهم أرفع الثقافات وأسماها، وأقصى ما وصل إليه العلم والتاريخ .. وإن طلبوا ترفيهًا وجدوه في مجالاتٍ متعددة وعلى رأسها رقصنا الشرقي الفريد الذي تجيده الفتاة المصرية بالذات من دون سائر فتيات الأرض.
ما أكثر ما كتب الشرق والغرب عن مصر! وما أكثر الصفات الحميدة التي خلعوها على مصر وأهل مصر! فمصر تارة «أم الدنيا»، وتارة أخرى «صاحبها حلواني» وطورًا «عروس الشرق»، وحينًا آخر «مهد الحضارات» .. ومهما تعددت الأسماء والصفات، فمصر هي كل هؤلاء معًا، بل وأكثر من هؤلاء.
زرت بلادًا كثيرًا في الخارج، فلم أجد شعبًا ودودًا متسامحًا، خدومًا، قانعًا راضيًا بما أعطاه الله تعالى مهما قلَّ، إلا شعب مصر العظيم .. فهي كعبة المؤمنين القانعين الشاكرين الحامدين لربهم.
ومصر كعروس للشرق يخطب ودها الكثيرون .. ويطمع الكثيرون في الاستيلاء عليها .. فمن وضع يده على مصر فاز بنصيب الأسد، ودان له الشرق كله .. فمصر هي قلب الشرق، وهي عينه الرقيبة الواعية المدركة.