الكل في حب مصر سواء

مصر كأي دولة في العالم بها الغني والفقير .. وقد يكون الغني عريض الغنى، واسع الثراء .. وقد يكون الفقير معدمًا شديد الفقر .. الأمر يتفاوت كثيرًا .. ولكنك قد تعجب عندما تعيش في قلب مصر .. إذ تجد الكل يتفانون في حب مصر، على حدٍّ سواء .. لا فرق بين غني وفقير .. ولا بين كبير وصغير .. أو بين قادر وعاجز .. فالكل يعيش في حب وأمان، وفي راحة واطمئنان .. في خير مصر العميم الذي يشبع الفقير مثلما يشبع الغني .. وفي أحضان نهر النيل الذي يروي الجميع بمائه العذب السلسبيل.

لا تفرِّق مصر بين بنيها، بل تعاملهم جميعًا معاملةً واحدة .. وتعانقهم بروحٍ واحدة وحبٍّ واحدٍ خالص لا يفتر أبدًا ولا يضعف ولا يموت.

يعيش كل الناس في مصر من أجل مصر، فهي بالنسبة لهم أمٌّ رءوم، يخصونها بحبٍّ أي حب! ويكنُّون لها بالحنان ويذودون عنها بالقلب والفؤاد والجنان؛ لكي تحيا في سلام وأمان وعز واطمئنان.

مصر كأمٍّ تحنو على بنيها بدرجةٍ واحدة .. فتكسو العريان، وتُشبع الجوعان، وتروي الظمآن، وتنعم على المجتهد والكسلان، الكل على حدٍّ سواء .. فهي كأم، تقبل جميع بنيها على علَّاتهم ونقائصهم، فلا تجور على واحد لكي تسخو على آخر من باب التفرقة والإيثار، ولكنها تحب الجميع لأنها أم الجميع .. وأولادها جميعًا سواسية في عينَيها وقلبها وروحها. وفي عقيدتها وإيمانها ودينها وديدنها.

الكل في حب مصر سواء .. فقيرها يخاف على رغيفها .. وغنيها يخاف على رغدها .. ويوم القتال إذا ما جدَّ الجد، تجدهما في معمعان الوغى صفًّا واحدًا، أمام العدو الطامع في أرضها والمعتدي على حياضها.

مصر أم الفقير وأم الغني، أم الضعيف وأم القوي، كلهم يحبون الأم بنفس القدر وبنفس المكيال .. وكلهم على استعدادٍ تام للموت في سبيل الأرض المباركة، أرض مصر العظيمة، صاحبة الفضل على بنيها الأحباء .. مات شقيق السادات كما مات شقيق العتال في يوم القتال، يوم اندلعت حرب رمضان المباركة .. فأبناء مصر، أغنياء وفقراء يفتدونها بنفوسٍ راضية واستعدادٍ كامل .. كلهم إزاءها سواء .. كلهم في حبها أشداء أحباء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤