أموت وتحيا مصر

ما من مصري يحجم عن الموت في سبيل الحبيبة مصر .. ما من مصري يضنُّ بروحه وأنفاسه وأمواله من أجل العظيمة «مصر» .. ما من حنجرة في حلق مصري لا يسعدها أن تهتف وتقول: «نموت وتحيا مصر».

ليس هذا وطنيةً صادقةً أصيلة فحسب، بل هو حق وإعزاز وشكر وامتنان، وإحساسٌ حقيقي نحو الحبيبة الوافية المخلصة، التي لم تمسك يديها يومًا عن بنيها وأهلها وعشيرتها .. فمصر بلد عجيب .. بلد ثابت الأركان وآية في الأمان ومفخرة للأوطان .. مصر لا تشرب دماء بنيها ثم تنكرهم أو تنساهم .. ما مات من أجلك مصري إلا وخُلِّد ذكره، وأصبح اسمه قدوة للأجيال والأقوام.

وكم يسعدني أنني أعيش في زمن فيه الموت من أجل مصر أمنية كل شاب وشابة .. وكم يسعدني أيضًا أنني خرجت من بيتي مراتٍ كثيرة لأهتف باسم مصر، قائلًا: «أموت وتحيا مصر». وكان قلبي يتوق إلى الموت فعلًا وحقيقة، وليس مجرد نزوةٍ عابرة، ولكنها كانت حقيقةً واقعة، فالموت من أجل مصر ربح أي ريح. فالنفس رخيصة فداء لها، والروح مشتاقة إلى لقياها والارتماء في أحضانها .. كنا نتسابق إلى الموت من أجل مصر الغالية .. وكان إحساسًا صادقًا قويًّا صادرًا من قلوبٍ مؤمنة بزعامة مصر وخلود مصر وأصالة مصر وعظمة مصر عبر التاريخ والأجيال.

وكم من شابٍّ يافعٍ ممتلئ قوة وشبابًا وحيوية، مات من أجل مصر معرضًا صدره لرصاص الإنجليز، وكان وهو يلفظ آخر أنفاسه، يهتف بقوة يقول: «نحن فداك يا مصر .. أموت وتحيا مصر».

حقًّا، ما أحلى الموت! وما أعظم الاستشهاد من أجل هدفٍ جليل! وما أجمل الموت من أجل تحرير الوطن العزيز! وما أسعد الذين ماتوا من أجل مصر .. فماتوا شهداء كأحلى ما يموت الشهداء!

فاسعدي يا مصر وقرِّي عينًا وثقي بأن المصريين جميعًا مستعدون للموت من أجلك، كلٌّ بطريقته: فمنهم من هو مستعد للجود بالمال والممتلكات، ومنهم من يريد بذل النفس والنفيس وتقديم كل ما هو مرتخص وغالٍ في سبيل حياة مصر وبقائها، وآخرون يقدمون على الموت الزؤام فداءً لك .. فأنت تستحقين ذلك بجدارة؛ لأنك أهل لكي يضحي بنوك بدمائهم وأرواحهم من أجلك، بل وأنت أهل لأكثر من ذلك ولأضعاف ذلك، أيتها الأرض المباركة من دون سائر بلاد الدنيا والمعمورة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤