طبيعته الفنية

الفن وأبو نواس

أحق الشعر النواسي بالدراسة النفسية — بعد الخمريات — هو شعره في الغزليات والنسكيات، ولكن البحث النفسي يتقاضانا قبل ذلك أن نتكلم عن طبيعة فنه على الجملة، فإننا إذا فهمنا طبيعته الفنية لم نجد صعوبة في فهم عاطفة الحب، ونوازع العقيدة كما عبر عنها بقصائد الغزل أو القصائد الدينية.

وصفوة ما يقال في طبيعة فنه أنه ظاهرة من ظواهر العرض، الذي أشرفت عليه الطبيعة النرجسية، وإذا كان الكلام عن شاعر فالعرض النرجسي والعرض الفني تعبيران مترادفان.

يواجهنا الشعر النواسي بألغاز لا تفهم حيث تتلاقى الزندقة بالنسك، ويتلاحق غزل المؤنث وغزل المذكر ويمتزج الهزل والجد، ولكننا إذا أدخلنا في حسابنا طبيعة العرض النرجسي ومشتقاته، ولوازمه لم يبق من هذه النقائض لغز يستعصي على الفهم، وأصبحت هذه الألغاز في كثير من المناسبات، وهي المفتاح الحاضر الذي يحل كل إشكال.

فالعرض الفني هو قوام شعر أبي نواس، لا يهمه أن يتغزل أو يرثي أو ينظم في النسك والحكمة، وإنما يهمه أن «يعرض» من طويته «دورًا مسرحيًّا» يلفت النظر، وكل عروضه الفنية هي مسرحيات تتميز بالموضوع، ولكنها تتساوى في صبغة واحدة: هي صبغة التمثيل.

ولا نقصد بهذا أن شعره خلو من الشعور، بل نقصد به أن العرض هو الباعث الأول عليه، وما عدا ذلك من شعور واقعي أو شعور فني، فهو تابع من توابع الباعث الأصيل.

ولا يغيب عن بالنا أن الممثل المقتدر في فنه يستوحي شعور الدور الذي يمثله من سليقته وخياله، ولا يغيب عن بالنا إلى جانب ذلك أن «التشخيص» Identifcation فطرة في النفس النرجسية، يبلغ من غلبتها على الحس أن يخلع الإنسان شخصيته على كائن غيره، وهو لا يشعر بذلك كل الشعور في صميم وعيه، فليس من العسير على الفطرة الفنية المطبوعة على التشخيص أن تستوحي الشعور الذي يلائم عملها الفني، وتودعه قالب الكلام المطبوع فإذا هو مطبوع.

نظم هذه الأبيات في رثاء خلف الأحمر:

لما رأيتُ المنون آخذة
كل شديدٍ، وكل ذي ضعف
بت أعزي الفؤاد عن خلفٍ
وبات دمعي أن لا يقف يكف
أنسى الرزايا ميت فجعت به
أمسى رهين التراب في جدف١
وكان ممن مضى لنا خلفًا
فليس منه إذ بان من خلف

ولم يكن خلف الأحمر قد مات حين نظمها، وسواء كان نظمها مستجيبًا لاقتراح خلف على الشعراء أصحابه، أو كان نظمها بغير اقتراح منه، فأبو نواس هو الشاعر الوحيد الذي رويت له مرثاة لخلف الأحمر في حياته، وبقية القصة في بعض الروايات جديرة بالشاعر في عبثه وسخريته، فإن خلفًا على ما قيل قد استحسن أبيات الرثاء فقال له تلميذه الهازل: يا أبا محرز! مت ولك عندي خير منها، فقال خلف: كأنك قد قصرت؟ قال: لا، ولكن أين باعث الحزن؟

وندع الرثاء وهو معلق بفقيد يموت، وننظر في شعر النسك الذي لا يتوقف النظم فيه على غير الناظم، فإنما كان يطرق هذا الباب، أو يدعه كأنه دور من أدوار التمثيل يأخذ منها ما يأخذ، ويوزع منها بين زملائه ما يحبونه وما يكرهون أن ينافسهم عليه.

قال أبو مخلد الطائي: جاء أبو العتاهية إلى عندي فقال لي: إن أبا نواس لا يخالفك، وقد أحببت أن تسأله ألا يقول في الزهد شيئًا، فإني قد تركت له المديح والهجاء والخمر والرقيق وما فيه الشعراء، وللزهد شوقي. فبعثت إلى أبي نواس فجاء إليَّ وأخذنا في شأننا، وأبو العتاهية لا يشرب النبيذ معنا، فقلت لأبي نواس: إن أبا إسحاق من قد عرفت في جلالته وتقدمه، وقد أحب أنك لا تقول في الزهد شيئًا. فوجم أبو نواس عند ذلك وقال: يا أبا مخلد! قطعت عليَّ ما كنت أحب أن أبلغه من هذا، ولقد كنت على عزم أن أقول فيه ما يتوب به كل خليع، وقد فعلت، ولا أخالف أبا إسحاق فيما رغب فيه!

فمعارض الشعر إذن في عرفه وعرف زميله أبي العتاهية أدوار توزَّع على حسب الحاجة إلى العرض الفني لا على حسب البواعث الصادقة من إلهام السريرة. وليس مما يفوت الناقد في هذه القصة أن أبا العتاهية كان أثيرًا عند أبي نواس، وأنه دون غيره من معاصريه كان لديه في مقام التوقير والاستجابة للرجاء، وتلك إحدى العلامات على عصبية الانحراف التي تقرب بين المنحرفين كأنها من وشائج اللحم والدم، وقد كانت هذه العصبية على أشدها بين الشاعرين، وكانت القرابة بينهما في هوس الانحراف أشد من النسب المدخول، ولو كان في المقام متسع للبحث في دخيلة أبي العتاهية لفصلنا هنا أخباره ودلائل أطواره، ولكن قصة واحدة من قصصه تصور لنا هذه الطبيعة المضطربة بين المجون والنسك، فتبدو لنا من بعض جوانبها كأنها ملامح مكبرة مؤكدة من أبي نواس، فهما زميلان في أكثر من زمالة، وهذه القصة ترينا أن أبا نواس كان على حق حين قبل من أبي العتاهية أن يستأثر دونه بالزهديات.

حدث مخارق المغني قال: جاءني أبو العتاهية فقال: عزمت على أن أتزود منك يومًا تهبه لي، فمتى تنشط؟ فقلت: متى شئت، فقال: أخاف أن يقطع بي، فقلت: والله لا فعلت وإن طلبني الخليفة، فقال: يكون ذلك في غد. فلما كان من غد باكرني رسوله فجئته فأدخلني بيتًا له نظيفًا فيه فرش نظيف، ثم دعا بمائدة عليها خبز سميذ وخل وبقل وملح وجدي مشوي، فأكلنا منه، ثم دعا بسمك مشوي فأصبنا منه حتى اكتفينا ثم دعا بحلواء فأصبنا منها وغسلنا أيدينا، وجاءونا بفاكهة وريحان وألوان من الأنبذة، فقال: اختر ما يصلح لك منها، فاخترت وشربت، وصب قدحًا ثم قال: غنني في قولي:

أحد قال لي ولم يدر ما بي

فغنيته فشرب قدحًا وهو يبكي أحر بكاء، ثم قال: غنني في قولي:

ليس لمن ليست له حيلةٌ
ميسورةٌ خيرٌ من الصبر

فغنيته وهو يبكي وينشج، ثم شرب قدحًا آخر ثم قال: غنني فديتك في قولي:

خليلي ما لي لا تزال مضرتي
تكون من الأقدار حتمًا من الحتم

فغنيته إياه.

وما زال يقترح عليَّ كل صوت غُنِّي به في شعره فأغنيه، ويشرب ويبكي حتى صارت العتمة، فقال: «أحب أن تصبر حتى ترى ما أصنع، فجلست، فأمر ابنه وغلامه فكسر كل ما بين أيدينا من النبيذ وآلته والملاهي، ثم أمر بإخراج كل ما في بيته من النبيذ وآلته، فأخرج جميعه فما زال يكسره ويصب النبيذ وهو يبكي حتى لم يبق من ذلك شيء، ثم نزع ثيابه واغتسل، ثم لبس ثيابًا بيضاء من صوف، ثم عانقني وبكى، ثم قال: «السلام عليك يا حبيبي وفرحي من الناس كلهم، سلام الفراق الذي لا لقاء بعده» وجعل يبكي ويقول: «هذا آخر العهد بك في حالة تعاشر أهل الدنيا»، فظننت أنها بعض حماقاته وانصرفت وما لقيته زمانًا، ثم تشوقته، فأتيته فاستأذنت عليه، فأذن لي، فدخلت فإذا هو قد أخذ قوصرتين — أي: وعائين من قصب — وثقب إحداهما وأدخل رأسه ويديه فيها وأقامها مقام القميص، وثقب الأخرى وأخرج رجليه منها وأقامها مقام السراويل. فلما رأيته نسبت كل ما عندي من الغم عليه والوحشة لعشرته، وضحكت والله ضحكًا ما ضحكت مثله قط، فقال: «من أي شيء تضحك؟» فقلت: «سخن الله عينك؟ هذا أي شيء هو؟ من بلغك عنه أنه فعل مثل هذا من الأنبياء والزهاد والصحابة أو المجانين؟! انزع عنك هذا يا سخين العين» فكأنما استحى مني، ثم بلغني أنه جلس حجامًا، فجهدت أن أراه بتلك الحال فلم أره، ثم مرض فبلغني أنه اشتهى أن أغنيه فأتيته عائدًا فخرج إليَّ رسوله يقول: «إن دخلت إليَّ جددت لي حزنًا، وتاقت نفسي من سماعك إلى ما قد غلبتها عليه، وأنا أستودعك الله وأعتذر إليك من ترك الالتقاء، ثم كان آخر عهدي به».»

وهذه القصة التي قصها علينا مخارق تمثل لنا نسخة من نسخ العرض المضطرب بين المجون والنسك، وترينا وشيجة من وشائج القرابة في الانحراف بين نفس أبي العتاهية ونفس أبي نواس، وسنرى فيما بعد أن القرابة بينهما أوثق من ذلك، ولا سيما في باب النسك والتوبة، وأن الحكمة التي تقول لنا: إن الجنون فنون أعمق وأصدق مما أراد القائلون.

وبديه أن أبا نواس لم تكن به حاجة إلى طبيعة العرض في معظم الأبواب، التي قال أبو العتاهية: إنه ترك النظم فيها كالمديح والهجاء وما فيه الشعراء، فهذه الأبواب قد اصطلح الناس جميعًا على بداهتها، وفهموا أنها تدور على العطاء والمنح والمودة والجفاء، فلا حاجة للشاعر إلى خلق أسبابها من عنده، ولكن بابًا من الأبواب تركه أبو العتاهية، وأكثر أبو نواس من النظم فيه قد كان يصدر منه عن طبيعة العرض، ولا تدعوه إليه حاجة الشاعر إلى الكسب أو إلى التسلح بالمدح والهجاء؛ لترغيب الأصدقاء وترهيب الأعداء، وذلك الباب هو باب الطرد ووصف الصيد، فكل بواعثه عند أبي نواس إنما هي من قبيل العرض الفني بغير مشاركة من البواعث «المعيشية» المصطلح عليها بين معاصريها.

ولا يعتمد الناقد على تعليل قصائد الطرد بطبيعة العرض لو كان أبو نواس من هواة الصيد في غير صحبة يجاريها، كما يجاري كل صحبة.

وإنما يكون الشعر من «العرض الفني» حين يكون مداره على الصورة والحكاية، وهكذا كان شعر أبي نواس في قصائده الطردية على الإجمال، فإنه وإن صاحب الصيادين على ما يظهر من بعض شعره، لم يؤثر عنه أنه كان يحب الطرد والصيد ذلك الحب الغلاب، وإنما نظم فيه ليعرض قدرته على النظم في هذا الباب، فاختار أكثر طردياته من الرجز وهو وزنه التقليدي عند الشعراء، واصطنع فيه الغريب ليحكي إمام الرجاز رؤبة بن العجاج وهو مشهور بكثرة غريبه في أراجيزه. فكل ما في هذا الباب «عرض فني» تنحصر بواعثه في هذه الرغبة، ولا تعبر عن باعث نفسي غير هذا الباعث، ومن اتفاق العرض أنه كان يتخير القوافي الفخمة العسيرة كالطاء والظاء، ومن أمثلتها قوله في وصف كلب:

أنعت كلبًا جال في رباطه
جول مصاب فر من إسعاطه٢
عند طبيب خاف من سياطه
هجنا به وهاج من نشاطه
كالكوكب الدريِّ في انخراطه
عند تهاوي الشد وانبساطه
يقمم القائد في حطاطه
وقدِّه البيداء في اعتباطه٣
لما رأى العلهب في أقواطه
سحابه وقر في التباطه٤
كالبرق يذري المرو بالتقاطه
مثل قليٍّ طار في إنفاطه٥
وانصاع يتلو على قطاطه٦
أغضف لا ييأس من خلاطه

إلى آخر الأرجوزة على هذا المثال.

وفي هذا الباب على حرف الظاء:

أعددت كلبًا للطراد فظًّا
إذا غدا من نهم تلظَّى
وجاذب المقود واستلظا
كأن شيطانًا له ألظا
يكظ أسراب الظباء كظًّا
حتى تراها فرقًا تشظى
يجوز منها كل يوم حظًّا
حتى ترى جميعها مفتظا

وقس على ذلك سائر طردياته وهي من أجود منظوماته، وباعثها كلها ما علمنا من حب العرض الفني المتمكن من خليقته من ناحية الطبيعة النرجسية والهبة الفنية، فلولا أن رؤبة قد أغرب في رجزه، ولولا أن الطرد ينظم في الرجز، ولولا أن أبا نواس قد حفظ الغريب وأحب أن يعرضه، فلم يجد لغرضه بابًا غير هذا الباب، لما ألح على هذا الباب ينظم فيه، ويعيد النظم على السهل والصعب من قوافيه.

وقد أجمع مؤرخو الأدب لعصر أبي نواس على علمه بالغريب، وأغرق بعضهم في توسعة نصيبه من العلم به حتى زعم أنه لم ينظم الشعر إلا بعد أن حفظ ألف أرجوزة، ثم أمره أستاذه خلف الأحمر بنسيانها، وأغرق هو في مثل هذه المبالغة فقال: إنه لم ينظم الشعر إلا بعد أن روى لأكثر من ستين شاعرة، وناهيك عن الشعراء الفحول، فإذا تركنا جانب الإغراق من هذه الأقاويل، فالذي يبقى ثابتًا لا مبالغة فيه أنه كان وافر العلم بالغريب والأراجيز، وأنه احتاج إلى العرض في هذا الباب؛ لأنه كان في شعره كله سهلًا قليل الإغراب لا يطرق الحوشى من الألفاظ إلا في الندرة النادرة، ولا بد هنا من ملاحظتين على تقليد أبي نواس للأقدمين حين يكون هذا التقليد سبيلًا للعرض ولفت النظر، فأولى هاتين الملاحظتين أنه كان حريصًا على محاكاة الأعراب في أسلوبه ونسي هنا الإزراء على جفاء الأعراب؛ ولأن العرض في باب الطرد لا يأتي له مع نبذ جفاء الأعراب، والملاحظة الثانية أنه اجتنب التصرف في مطالع الأراجيز، فهي تحكي مطالع الأقدمين في هذا الباب، ومنها تكراره «أنعت كلبًا» و«قد أغتدي» و«يا رب» و«لما»، وكلها مما تفتح به الأراجيز، وهو يحافظ عليها حتى حين يترك الأرجوزة إلى ما يشبهها من المجزوءات كما قال:

ربما أغدو مع كلبي
طالبًا للصيد في صحبي

ثم يعود في هذا الوزن الخفيف إلى الإغراب في الغريب فيقول:

فسعونا للحزيز به٧
فدفعناه على أظب
فاستدرَّته فدرَّ لها
يلطم الرفقين بالتُّرب
فادراها وهي لاهيةٌ
وجحيم الحاذ والغرب٨
ففرى جمَّاعهنَّ كما
قُدَّ مخلولان من عصب
غير يعفورٍ أهاب به
جاب دفَّيه عن القلب٩
ضم لحييه بمخطمه
ضمك الكسرين بالشعب
وانتهى للباهيات كما كسر
ت فتخاء١٠ عن لهب
فتعانى التيس حين كبا
ودنا فوه من العجب١١
ظلَّ بالوعساء١٢ ينفضُه
أزمًا منه على الصلب
تلك لذاتي وكنتُ فتى
لم أقل من لذةٍ حبي

وقد غير هنا البحر ولم يستطع أن ينزع عن لوازم العرض في باب الطرد، وهي الإغراب في اللفظ، فملأ هذا البحر المستخف بالجلاميد الجافية من مفردات اللغة الوعرة؛ لأن الغرض الأكبر هو إظهار القدرة على الإغراب ومحاكاة الأعراب.

فالشاعر على هذا ماض مع طبيعة العرض تملي عليه هذه الطبيعة أن ينعي على الأطلال فينعاها، وتملي عليه أن يحذو حذو الأقدمين فيبالغ في محاكاتهم، وينتزع من درايته باللغة شملة بدوية لا ملاءمة بينها وبين أسلوبه، حيث يلبس للحضر لبوسه ويناجي أبناءه وبناته بما يأنسون من لغة الأندية ومجالس اللذات.

وقد سئل الشاعر عن جيده ورديئه فقال: إذا أردت أن أجد قلت مثل قصيدي: «المنتاب من عفره»، وإذا أردت العبث قلت مثل قصيدي: «طاب الهوى لعميده». فأما الذي أغني فيه وحدي وكله جد «فإذا وصفت الخمر».

وهذه رواية تشكِّكنا في صحتها أو تشككنا في صواب أبي نواس حين يحكم على شعره، فإن قصيدته: «طاب الهوى لعميده» ليست من شعره الرديء على كثرة الرديء منه، ولكن الصواب — لو كان أبو نواس ينفذ إلى دخيلة طبعه — أن يقول: إنه يجيد حين يجمع قريحته للعرض الفني، ويسف ويهبط حين ينسى العرض، ويترك قريحته في مباذلها!

•••

على أن النرجسية قد استوفت نصيبها من كل مسماها، فليس التهافت على العرض كل ما يجنيه الفنان من الطبيعة النرجسية، وليس بالنادر أن يستفيد منها نفخة من لطافة الحدس، وشفافية الحس تلهمه الخواطر التي تدق على الطبيعة الخشنة، وهذه المزية لم يحرمها أبو نواس، فأفادته زكانةً في كثير من طرائفه كأنها زكانة تلك اللغة الوحيدة، التي كان يتفاهم بها مع أودائه ويعنيها بقوله:

أزور محمدًا فإذا التقينا
تكلمت الضمائرُ في الصدور
فأرجع لم ألمه ولم يَلمني
وقد رضي الضمير عن الضمير
أمورٌ ليس يعرفها سوانا
يحيرُ لطفها بصر البصير

أو يعنيها بقوله:

تجمع عيني وعينها لغةٌ
مخالفٌ لفظها لمعناها
إذا اقتضاها طرقي لها عدةً
عرفتُ مردودها بفحواها

فإذا لم تكن طرائفه كلها من وحي هذه اللغة، فمن وحيها ولا شك قسط غير يسير.

١  أي قبر.
٢  أي جول مجنون يعالج بالسعوط فر من الطبيب المعالج.
٣  أي يصرع القائد ويعتبط الأرض كما تتعبطها الريح أي تقشرها.
٤  المعلهب ثور الوحش، والأقواط القطعان، والالتباط الجري السريع.
٥  أي يقذف الحجارة كما تطير الفتات من المقلاة.
٦  على قطاطه أي على مثاله والأغضف الذي أذناه إلى الوراء.
٧  الحزيز: الأرض الغليظة.
٨  الحاذ: ما يحاذيك من الجنبين، والغرب: الظهر.
٩  اليعفور: الذي بلون العفار والدف الجنب.
١٠  الفتخاء: العقاب واللهب ما بين الجبلين من هاوية.
١١  آخر العمود الفقري.
١٢  الوعساء: رابية من رمل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤