الفصل الثالث

الأسرة الأباظية

لمحة عن أصلها، وكيانها، وتاريخها

نسبها

يتصل نسبها الأعلى مباشرةً بالعرب العاربة، وهم بنو قحطان سكان اليمن ومنشئو مدنيتها ودولتها، وهم أرسخ العرب قدمًا في العروبة وأقواهم شكيمة. ونوجز سرد التسلسل التاريخي مُرجِعين أساسه إلى المؤرخين المحققين:
  • (١)

    من يعرب جد العرب إلى كهلان: فقد انقسم شعب يعرب إلى قبيلتين: حمير وكهلان. والأسرة الأباظية من القبيلة الثانية.

  • (٢)

    من كهلان إلى جذام: وكهلان تداولوا الملك باليمن، ثم بقيت الرياسة وحدها لبني كهلان «صبح الأعشى، مجلد أول، ص٣١٨».

  • (٣)

    قال ابن خلدون في تاريخه: إن «العائذ» بطن من بطون «كهلان».

  • (٤)

    وإن العائذ تنسب مباشرة إلى «جذام» «صبح الأعشى، ص٣١٨ وما بعدها».

  • (٥)

    قال الحمداني: «وجذام أول من سكن مصر من العرب حين جاءوا في الفتح الإسلامي مع عمرو بن العاص، فأقطعوا بلادًا لا تزال بأيديهم إلى الآن.» «صبح الأعشى، الجزء الأول.»

  • (٦)

    قال «المقريزي»: إن أهل العائذ فخذ من جذام نزلوا بين القاهرة والعقبة.

  • (٧)

    جاء في الخطط التوفيقية «جزء ١٤ ص٣» أن العائذ نزلوا في بلاد قديمة ببلبيس فاستولوا على أرضها ومزارعها واستخدموا من بقي من أهلها بما لهم من البأس والقوة. وكان كبيرهم شيخ العرب — إبراهيم العائذي جد الأسرة الأباظية — متكلمًا على القبيلة في زمن الفرنسيين، وكان ورودهم في القرن السابع من الهجرة. ومن أشهر أسر قبيلة العائذ «الأباظية». وكبيرهم حسن توفي سنة ١٢٦٥ هجرية.

فيكون إذن تسلسل نسب الأسرة الأباظية هكذا: حسن أباظة – إبراهيم العائذي – جذام – كهلان – يعرب – كما ورد في الكتب سالفة الذكر.

وتكون الأسرة قد هبطت أرض مصر في أول القرن السابع من الهجرة؛ أي يكون لهم بمصر للآن حوالي ثمانمائة عام …

لفظ أباظة

أما هذا اللفظ الذي غلب على لقب «العائذ» فيرجع سببه إلى أن الجد الأكبر تزوج من شقيقة أحد المماليك الحاكمين، وكان من قبيلة أباظة الشركسية الممتدة بالنفوذ في بلاد الشركس — القوقاز — فلما أنجبت «حسن» لقَّبوه بابن الأباظية نسبة إلى الأم، فغلب اللقب الذي جرى به عرف تلك الأيام على لقب العائذ.

كيف خرجت الأسرة من طائفة العرب

إن مؤسس الأسرة المباشر هو «حسن أباظة» الكبير، ملك أطيانًا عديدة وعقارات كثيرة، وكان ذلك التملك مما لا يُسمح به لأبناء العرب. قال العالم الكبير علي مبارك باشا: «وكان الأباظية قد خوَّلهم الله عقارات وأموالًا فخيَّرهم محمد علي الكبير بين معافاتهم في أن يعاملوا معاملة العرب بشرط أن ينزع ما تحت أيديهم من الأراضي، وبين أن يُعاملوا معاملة الفلاحين ويبقى لهم ما تحت أيديهم. فاختاروا الفلاحة.» «جزء ١٤ ص٣.»
  • حسن أباظة: كان المؤسس الأول على ما نعتقد. كان رجلًا كبير الذهن واسع الحيلة فساد إقليمًا بأسره، أو كما قال فيه علي مبارك باشا: «هو الأمير الجليل ذو المجد الأثيل حسن أباظة. كان جوادًا كريمًا … إلى آخره.» له معارك طريفة مع «محمد علي الكبير». ولكن كان مؤسس العائلة العلوية يحبه ويكرمه لكبر سنه ويميزه عن غيره من رؤساء العشائر، وقد خلَّف لذريته ثروة طائلة ورسَّخ أقدامهم في الشرقية …
  • السيد أباظة باشا: الابن الأكبر لحسن أباظة. أول من نال رتبة الباشوية من أبناء العرب. وصاحب هذه الرتبة الوحيدة في الوجه البحري صديق حميم لسعيد باشا. تنقَّل مديرًا للأقاليم، ثم تربَّع في منصب له خطره ومكانته وسعة نفوذه إذ ذاك، وهو «مفتش الأقاليم»، فامتدت سلطته إلى الوجهين القبلي والبحري، ثم كان من المغضوب عليهم في حكم «عباس الأول» وصدر الأمر بإعدامه، ولكن كان يوم التنفيذ هو يوم اغتيال عباس الأول فنجا … كان أديبًا وشاعرًا.
  • سليمان أباظة باشا: شقيق السيد أباظة باشا. تولى حكم الأقاليم مديرًا، ثم عُيِّن وزيرًا للمعارف، وانتُخب الوكيل الأول لمجلس النواب الأول، وألقى خطبة الافتتاح ممثلًا للشعب فكانت من أكثر الخطب تطرفًا، وقد نشرها أمين الرافعي بك — رحمه الله — كاملةً، ونصح المغفور له توفيق باشا نصحًا خالصًا فلم تُقبَل النصيحة، واضطُهد في عهد «إسماعيل» اضطهادًا عنيفًا، وكاد يُنفَّذ فيه حكم الدنيا ولكن رحمة الله أنقذته في آخر اللحظات. عُرِف بجبروته وشدته. وكان شاعرًا له في الوقائع المصرية آثار تشهد باطلاعه.
  • أحمد أباظة باشا: الزعيم التالي وساعِد الحركة العرابية الأيمن، سُجِن من ضمن مسجوني الثورة، وظل ثابتًا على مبدئه.
  • عثمان بك أباظة: من زعماء الأسرة. كان حلو الشمائل، عذب الحديث.
  • إسماعيل أباظة باشا: كان من أقطاب السياسة والصحفيين المبرَّزين، ونائبًا من النواب الذين حسموا أدق مواقف التاريخ المصري ببراعته وكياسته ودهائه وجرأته، ثم كان مستشار الخديوي الأسبق، نصحه أصدق النصح في الحرب العظمى فلم يصغِ لوحي بُعد نظره وحدث ما حدث. والكلام عنه يطول. بدأ حياته موظفًا، فمحاميًّا، فنائبًا في مجالس الإقليم النيابية، فنائبًا في مجلس شورى القوانين والجمعية التشريعية حتى سنة ١٩١٣، وأسس جريدة «الأهالي» فعُرِفت بحملاتها القاسية على «كرومر»، وتعرض للمحاكمات. والخلاصة أنه كان حركةً لا تكل ولا تمل، وطرازًا من رجال السياسة القليلي النظير. وحين توفاه الله رثاه الخديو الأسبق بأفضل رثاء في الأهرام، ورثاه الزعيم سعد زغلول أبلغ رثاء في مجلس النواب رغم مخالفة ذلك التقاليد البرلمانية، وأُقيمت له حفلة التأبين الكبرى في «الأوبرا» برياسة رشدي باشا، فسمع الناس من العظماء تاريخه مفصلًا تفصيلًا …
    ونُجمل أدواره بكل اختصار فيما يلي:
    • (١) ولد سنة ١٢٧١ﻫ، وتخرج من مدرسة الإدارة «الحقوق» سنة ١٨٧٥ ميلادية، واشتغل بالوظائف وبالمحاماة.
    • (٢) أنشأ جريدة الأهالي في سنة ١٨٩٤، ثم طاف كاتبًا بيانه «بيان لا بد منه» في جرائد المؤيد، واللواء، والأهرام. وهاجم رياض باشا ومصطفى فهمي باشا وكرومر.
    • (٣) في دور النائب يلقِّبه المؤرخ المحقق أحمد شفيق باشا «بكليمنصو مصر!» دعك من المجالس الإقليمية وانتقلْ بنا إلى مجلس شورى القوانين حيث انتُخب نائبًا في سنة ١٨٩٦، وكان بحق زعيم المجلس كله. ومعاركه التي ربحها في نيابته الطويلة تناولت حق سؤال الوزراء، علنية جلسات مجلس شورى القوانين، اللغة العربية في المدارس، مقاومة قانون المطبوعات، ثم نضاله المعروف به في مشكلة قناة السويس.١ ثم سافر على رأس وفد مصري لإنكلترا في سنة ١٩٠٨، فأثار حملة على الحكم الإنجليزي في مصر، أحدث أثرها السريع في أروقة مجلس العموم وفي جلساته البرلمانية بطلب الحكم النيابي وإلغاء الامتيازات.

    وهو صاحب فكرة رحلة الخديو عباس سنة ١٩١٤ في الأقاليم قبل الفاجعة، ثم ختم حياته السياسية بجهاد صحفي عنيف إلى أن سجَّل مجلس النواب في ١٤ يناير سنة ١٩٢٧ رثاء بليغًا لصديقه الزعيم سعد زغلول — وكذلك في مجلس الشيوخ خلافًا للتقاليد.

  • محمد أباظة باشا: الزعيم التالي. ولد سنة ١٨٦٤، وتعلم التركية والعلوم الأخرى، وانتُخب في سنة ١٨٩٤ عضوًا في لجان تعديل الضرائب، فوضع أساسها بخبرته وتجاربه فكانت الأساس المالي لمصر حتى يومنا هذا، وانتُخب عضوًا بمجلس مديرية الشرقية من سنة ١٨٩٦ إلى سنة ١٩١٣ بالتوالي. سافر مع الوفد المصري المشار إليه في سنة ١٩٠٨ إلى إنكلترا. انتُخب في سنة ١٩١٣ عضوًا بالجمعية التشريعية وظل بها حتى أُلغِيت. وانتُخب نائبًا بمجلس نواب سنة ١٩٢٥.

    وكان — رحمه الله — رب أسرة وزعيم أسرة، واشتهر بالكرم والجود وبمساهمته في الجامعة المصرية وفي الأعمال العامة.

    وكان وثيق الصلات بأسر القطر المصري الكبرى وبكل أقطابه. وكم شهدت «الربعماية» موطن الأسرة بالشرقية أسواقًا سياسية وأدبية واجتماعية، ولعل من أهمها دعوته للوزراء الإنكليز — العمال — في سنة ١٩٢٩، حيث توفي فرثته الجرائد الكبرى كلها أجل رثاء …

    وقد ورث عنه نجله «سليمان نجاتي أباظة بك» عضو الشيوخ السابق — رحمه الله — في سنة ١٩٣٠ زعامة الأسرة، وهو كشقيقه من البارزين.

من تقاليد الأسرة الأباظية

  • (١)
    الروح الرياضية: أسرة رياضية بأوسع المعاني الرياضية. الرياضة يتوارثها الشبان عن الشبان. كان المرحوم نجاتي أباظة بطل القُطر كله في المسابقات والجمباز، وبطل كمبردج، الجامعة الخالدة في إنكلترا …

    وسجلت الملاعب المحلية والدولية العالمية أسماء: السيد أحمد أباظة — السيد خليل أباظة — المرحوم محمود أباظة — السيد نجاتي أباظة — فؤاد أباظة (بك …) — فكري أباظة — الدكتور محمود أباظة (شارة جامعة أدنبرة).

    وشغلت الجرائد الإنكليزية والمجلات الخارجية في سنتي ١٩١٦، ١٩١٧ بأخبار فريق الكرة الأباظي الذي هزم القُطر كله رياضيًّا! فكان أعجوبة من الأعاجيب أن تخرِج الأسرة فريقين للكرة من أبنائها وحدها!

  • (٢)
    المجالس النيابية: احتكرت الأسرة الأباظية كامل مقاعد مجلس مديرية الشرقية عدة سنوات ولجان الشياخات، وهذا عجيب في بابه، ثم تسلَّلت إلى مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية لغاية سنة ١٩١٣، فكان من أعضائها البارزين: إسماعيل أباظة باشا، عبد الله أباظة بك، صادق أباظة بك. ثم تسللت إلى مجلس النواب والشيوخ سنة ١٩٢٤ إلى ١٩٣٠ فكان من أبرز أعضائها النواب: عبد الله سليمان أباظة بك، سليمان نجاتي أباظة بك، محمود إسماعيل أباظة بك، الأستاذ دسوقي أباظة «وكيل مجلس النواب السابق»، الأستاذ فكري أباظة، الأستاذ إسماعيل نجاتي أباظة، الأستاذ سليمان إسماعيل أباظة، الأستاذ عزيز محمد أباظة ومحمد باشا عثمان أباظة. وعذرًا إذا لم يُعنَ بالترتيب …

    ولهم في تلك المجالس المتعاقبة جولات وحملات سجلتها المضابط.

البعثات والمؤتمرات

وتسللت الأسرة إلى البعثات العالمية الحكومية، وفي المؤتمرات العامة: اشترك الأستاذ دسوقي أباظة في مفاوضات سنة ١٩٢١ مع عدلي يكن باشا. وفؤاد أباظة بك، والمرحوم محمود أباظة بك مدير البساتين إذ ذاك، ونجاتي أباظة بك وكيل مصلحة الأملاك في المؤتمرات الدولية في أمريكا وأوروبا نيابةً عن الحكومة المصرية …

الوظائف

تحتل الأسرة الأباظية من زمن المناصب الكبيرة: وزراء، ووكلاء وزارات، ومديري عموم، ومديرين ومديري شركات، وكبار موظفين إلى اليوم. والسرد يطول وهم — بحمد الله — في كل مصلحة بلا استثناء …

الحياة العامة

وقد ساهموا في الحياة العامة: فهذا الأستاذ دسوقي أباظة من الكتَّاب الأدباء «الغزالى» ومن رجال الحزب الوطني إبان نهضته الأولى، وكان من رجال الأحرار الدستوريين، وهو اليوم مستقل. وهذا فؤاد أباظة بك المدير العام للجمعية الزراعية وروح البعثة المصرية للسودان ومنظم المعارض وعضو في أكثر من عشرين شركة وهيئة وجمعية. وهذا الأستاذ عبد الله فكري أباظة مدير شركتي الحليج والملاحة ببنك مصر ورئيس نادي التجارة العليا ومنشئ الشركات الاقتصادية واليد العاملة في كل عمل عام. وقبل هؤلاء جميعًا كان عبد الحميد أباظة بك مدير الجمعية الزراعية، عمل في تأسيسها وحياتها. وغيرهم في الطب والزراعة والهندسة والكهرباء والمحاماة والتجارة والتعليم؛ بحيث كان متخرجو الأسرة وحملة الشهادات ممن ملأوا مقاعد الحكومة والحياة الحرة من زمن طويل بمحصول وافر يتزايد عامًا بعد عام …

عدد أفراد الأسرة

أُجري إحصاء لهم فبلغ ثمانية آلاف نفس. ولهم أقارب في الشام وفلسطين والحجاز واليمن، وهي بلا جدال أكبر الأسر المصرية في وحدتها وعدد أفرادها.
figure
أعضاء البعثة على سطح الباخرة بالبحر الأحمر بعد سفرها من السويس إلى بور سودان، ويُرى من اليسار: محمد حسين الرشيدي. عبد الله حسين. فخري الزق. علي شكري خميس. رشوان محفوظ باشا. عبد الحميد فتحي بك. عبد المجيد الرمالي. فؤاد أباظة بك. محمد حسن قاسم.

فؤاد أباظة بك — ترجمة حياته

figure

هو فؤاد أباظة بن حسين أباظة بك بن السيد أباظة باشا، ولد ببلدة كفر أبو شحاتة مركز منيا القمح بمديرية الشرقية في ٢٣ يوليو سنة ١٨٩٠، وحصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة النحاسين سنة ١٩٠٣، وشهادة البكالوريا من المدرسة الخديوية سنة ١٩٠٦، ودبلوم مدرسة الزراعة بالجيزة سنة ١٩٠٩، وأُلحق بخدمة الجمعية الزراعية الخديوية (يومئذ) في ١٥ يوليو ١٩٠٩، وكان رئيسها سمو الأمير حسين كامل، وتقلب في وظائفها وعُيِّن مساعدًا بفرع الجمعية بمديرية الشرقية في أول نوفمبر في السنة نفسها، ثم سكرتيرًا زراعيًّا لمديرية الجيزة في أول مايو سنة ١٩١٠، ثم كبيرًا للمفتشين في أول يونية ١٩١١، ثم رئيسًا لقسم التجارة في أول مايو ١٩١٢، ثم سكرتيرًا عامًّا للجمعية الزراعية في ٢٢ يونية سنة ١٩١٤، ثم مديرًا للجمعية الزراعية في سنة ١٩٢٣، ومديرًا عامًّا سنة ١٩٣٥. وكانت تسمى الجمعية الزراعية الخديوية منذ تأسيسها في سنة ١٨٩٨ حتي سنة ١٩١٧، حيث سُمِّيت الجمعية الزراعية السلطانية. وفي سنة ١٩٢٣ سميت الجمعية الزراعية الملكية.

وعندما تولى المغفور له السلطان حسين مؤسس الجمعية ورئيسها الأول عرش السلطنة في ديسمبر سنة ١٩١٤، خلفه نجله في رياسة الجمعية المغفور له الأمير كمال الدين حسين، ولما تُوفي إلى رحمة الله في ٦ أغسطس ١٩٣٢ خلفه في رياسة الجمعية حضرة صاحب السمو الأمير عمر طوسون، وكان سموه وكيلها الأول منذ تأسيسها.

وفي سنة ١٩١١ انتدب «دولة الأمير حسين كامل» فؤاد أباظة أفندي بالاشتراك مع «دولة الأمير أحمد فؤاد»، وهو جلالة الملك بعد ذلك، للسفر للصومال الإيطالي لبحث الأحوال الزراعية هناك واحتمالات زراعة القطن على جوانب نهر ألوبي شبالي، وعند عودته لمصر زار مصوع وأسمرا بالإريتريا، وبور سودان وعطبرة والخرطوم وأم درمان بالسودان. وهذا ما دعاه إلى القيام برحلة بالطائرة في ٧ يناير سنة ١٩٣٤ إلى بحيرة فيكتوريا ومنابع النيل، ثم التجوال في أوغندا وكينيا ومقديشو عاصمة الصومال الطلياني حتى نهر ألوبي شبالي، ثم الإريتريا والسودان للمرة الثانية، حيث شاهد أعمال بناء خزان جبل الأولياء، وزار منطقة زراعة القطن بالجزيرة وخزان أصوان، وكل ذلك لجمع مشاهدات عن زراعة القطن في وادي النيل، حيث قدم مذكرته عن رحلته هذه للجنة القطن الدولية المشتركة المنعقدة بالقاهرة في ١٧ و١٨ و١٩ فبراير سنة ١٩٣٤.

وكانت من نتائج رحلته الثانية إلى السودان وأعالي النيل أن تمت رحلة البعثة المصرية للسودان في ٢٤ فبراير سنة ١٩٣٥، وكان نجاحها فوق كل تقدير.

وقد أنعم السلطان حسين كامل على فؤاد بك بالبكوية من الدرجة الثانية في ديسمبر سنة ١٩١٦، وأنعم حضرة صاحب الجلالة الملك أحمد فؤاد عليه بالبكوية من الدرجة الأولى في مايو سنة ١٩٢٦ على أثر إقامة الجمعية الزراعية الملكية للمعرض الزراعي الصناعي في أوائل سنة ١٩٢٦، وبنيشان إسماعيل من الطبقة الثالثة سنة ١٩٣١ على أثر إقامة المعرض الزراعي الصناعي في أوائل تلك السنة، وكان فؤاد بك مديرًا للمعرض.

ومنحت الجمهورية الفرنساوية فؤاد بك نيشان الليجون دونير سنة ١٩٢٩؛ اعترافًا بجهوده في إقامة المعرض الفرنسي بالقاهرة في تلك السنة.

وعُرِف فؤاد بك من حداثة سنه بروحه الرياضية. ويضيق المكان عن تعداد أعماله في الأوساط والهيئات والأندية الرياضية.

كما أنه عُرِف شغوفًا بالأسفار؛ فبينما تراه في القاهرة إذا به بالإسكندرية، وإذا به في روما، ثم تسمع به فجأة في السودان أو في عدن، وتسمع أنه في مجاهل إفريقية. وهو ديموقراطي وصريح وواقف على أصول الإتيكيت، وهو صحفي بروحه وبتحريره مجلة الفلاح. وقد زار النرويج والسويد والشام وإستامبول.

وقد حضر مؤتمرات كثيرة بالخارج وفي القاهرة، وبذلك أصبحت روحه دولية، مما أفاده كثيرًا في حياته العملية وإدارته لشئون الجمعية الزراعية الملكية. وله أصدقاء كثيرون من جميع الطوائف والبلاد.

وقد تزوج فؤاد أباظة بك في ٢٠ يناير سنة ١٩١٦ من ابنة خاله المرحوم محمد فخر الدين بك، فأنجب قدري أباظة في ٢٣ يوليو سنة ١٩١٧، ويسري أباظة في ٢٩ أبريل سنة ١٩١٩.

الأستاذ فكري أباظة المحامي والصحفي

figure
محمد فكري أباظة المحامي ورئيس تحرير المصور.
هو زميلنا الكاتب المتفنن المبدع، صاحب القفشات، ومسدد الوخزات، ومبتكر الأسلوب الخاص الرقيق. وهو الخطيب المتحمس، والمنافح المتنمر، الهادئ في ثورته، الثائر في سكينته، وهو مع هذا محبوب من الجميع لأدبه ووفائه لأصدقائه من جميع النحل والمذاهب حتى لا يكاد الناس يعرفون أنه من رجال الحزب الوطني أو أنه شقيق فؤاد أباظة بك.

عبد الحميد أباظة بك

المدير السابق للجمعية الزراعية الملكية، وكان في البعثة يمثل خريجي الزراعة. رجل كريم، ديموقراطي في أوسع معاني الديموقراطية «البلدية!» وهو من القائلين: اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب. حركة واسعة. كان وكيلًا للملك الشريف حسين ولغيره من أمراء مكة وأشرافها، وبالرغم من مجتمعاته وجولاته، فهو يعشق المعيشة القروية ويحب الفلاحين، محب للأسفار الفجائية غير الانتظارية، يظهر فجأة ويختفي فجأة!
figure
عبد الحميد أباظة بك.

عبد الحميد بك فتحي

ولد في بلدة ههيا شرقية في ١٢ جمادى الأولى سنة ١٢٧٦ هجرية الموافق ٢٠ أغسطس سنة ١٨٦٩.
figure
عبد الحميد بك فتحي.

أتم الدراسة الابتدائية بمدرسة عابدين والقربية، والدراسة الثانوية بمدرسة الخديوية سنة ١٨٨٩، وفي هذه السنة افتتحت مدرسة الزراعة بالجيزة فالتحق بها في سنة ١٨٩٤. نال دبلوم المدرسة وعُيِّن مساعد مدرس بها. وفي سنة ١٩٠٩ عين وكيلًا للمدرسة، وفي أول أبريل سنة ١٩١٥ عين مديرًا للتعليم الزراعي بوزارة الزراعة «يومئذ»، ثم أضيفت إليه أعمال وكالة مدرسة الزراعة بالجيزة علاوة على وظيفة مدير التعليم الزراعي في نوفمبر سنة ١٩١٥، ثم عُيِّن ناظرًا لمدرسة الزراعة العليا بالجيزة سنة ١٩٢٤، وهو أول ناظر مصري عُيِّن لها، وقد أُنعم عليه بجملة رتب؛ أعلاها رتبة البكوية من الدرجة الأولى، ونيشان النيل الرابع.

ثم أحيل إلى المعاش في أغسطس سنة ١٩٣٠، وهو الآن عضو مجلس إدارة الجمعية الزراعية الملكية، وعضو مجلس إدارة مدرسة الطب البيطري، وعضو اللجنة الإدارية لجمعية خريجي مدرسة الزراعة بالجيزة.

ألفونس جريس بك

تلقاه فتشعر بأنه رجل وقور، وتظنه من رجال القضاء، وهو زراعي فني ذو رأي صائب، كان مديرًا لقسم المباحث الزراعية بوزارة الزراعة، وهو عضو بمجلس إدارة الجمعية الزراعية.
figure
الدكتور إبراهيم الشوربجي بك عن يمينه الشيخ البربر.

من خريجي الطب المصرية وكليات الطب بإنجلترا وإرلندا. متخصص في أمراض النساء، كبير أطباء السكة الحديد وطبيب الجمعية الزراعية الملكية، ذكاؤه لامع، ومجتمعاته محبوبة، حلَّال المعضلات، شديد التوافي لأصدقائه، يؤثر البساطة والقصد في الحديث مع الروية، طبيب مطمئن لا مهوش!

١  رأس المعارضة في الجمعية العمومية ضد طلب امتداد أجل امتياز شركة قناة السويس.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤