الْمُرَبِّيَةُ وَالذِّئْبُ

قَالَتِ الْمُرَبِّيَةُ الْعَجُوزُ لِلطِّفْلِ الْجَالِسِ فِي حِجْرِهَا: «اهْدَأْ بَعْدُ، إِذَا فَعَلْتَ هَذِهِ الْجَلَبَةَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَسَوْفَ أُلْقِي بِكَ إِلَى الذِّئْبِ.»

وَتَصَادَفَ أَنَّ ذِئْبًا كَانَ يَمُرُّ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْهُمَا تَحْتَ النَّافِذَةِ فِيمَا هِيَ تَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ، فَرَبَضَ١ بِجَانِبِ الْمَنْزِلِ وَانْتَظَرَ مُحَدِّثًا نَفْسَهُ: «إِنَّنِي مَحْظُوظٌ هَذَا الْيَوْمَ، مِنَ الْمُؤَكَّدِ أَنَّهُ سَيَصِيحُ حَالًا، ذَاكَ طَبَقٌ أَلَذُّ لَمْ أَتَنَاوَلْهُ مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ.»
انْتَظَرَ الذِّئْبُ وَانْتَظَرَ، إِلَى أَنْ بَدَأَ الطِّفْلُ أَخِيرًا فِي الصِّيَاحِ، فَأَقْبَلَ الذِّئْبُ أَمَامَ النَّافِذَةِ وَرَنَا إِلَى الْمُرَبِّيَةِ وَهُوَ يَهُزُّ ذَيْلَهُ فِي حُبُورٍ.٢
فَمَا كَانَ مِنَ الْمُرَبِّيَةِ إِلَّا أَنْ صَكَّتِ النَّافِذَةَ وَاسْتَغَاثَتْ، فَهَبَّ كِلَابُ الْمَنْزِلِ مُلَبِّينَ. قَالَ الذِّئْبُ وَهُوَ يَجِدُّ فِي الْفِرَارِ: «آهٍ! وُعُودُ الْأَعَادِي إِلَى نُكْثٍ.»٣
١  رَبَضَ الْحَيَوَانُ: طَوَى قَوَائِمَهُ وَلَصَقَ بِالْأَرْضِ وَمَكَثَ مَكَانَهُ.
٢  حُبُورٌ: سُرُورٌ.
٣  نُكْثٌ: عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤