الْأَسَدُ وَالْفَأْرُ

كَانَ الْأَسَدُ نَائِمًا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَخَذَ فَأْرٌ صَغَيرٌ يَجْرِي عَلَيْهِ صَاعِدًا وَهَابِطًا، الْأَمْرُ الَّذِي أَيْقَظَ الْأَسَدَ فِي الْحَالِ، فَوَضَعَ عَلَيْهِ كَفَّهُ الضَّخْمَ وَفَتَحَ فَكَّيْهِ الْعَظِيمَيْنِ لِيَلْتَهِمَهُ. صَاحَ الْفَأْرُ الصَّغِيرُ: «عَفْوًا أَيُّهَا الْمَلِكُ، سَامِحْنِي هَذِهِ الْمَرَّةَ، وَلَنْ أَنْسَى إِحْسَانَكَ؛ مَنْ يَدْرِي لَعَلَّ بِإِمْكَانِي أَنْ أَرُدَّ لَكَ مَعْرُوفَكَ يَوْمًا مَا!» اهْتَزَّ الْأَسَدُ لِفِكْرَةِ أَنْ يَكُونَ بِإِمْكَانِ الْفَأْرِ أَنْ يُسَاعِدَهُ، حَتَّى أَنَّهُ رَفَعَ كَفَّهُ عَنْهُ وَتَرَكَهُ يَمْضِي.

وَمَرَّتِ الْأَيَّامُ، وَوَقَعَ الْأَسَدُ فِي شَرَكٍ، وَرَبَطَهُ الصَّيَّادُونَ، الَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَحْمِلُوهُ حَيًّا إِلَى الْمَلِكِ، إِلَى الشَّجَرَةِ، بَيْنَمَا ذَهَبُوا يَبْحَثُونَ عَنْ عَرَبَةٍ يَحْمِلُونَهُ عَلَيْهَا، فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ تَصَادَفَ أَنْ يَمُرَّ الْفَأْرُ الصَّغِيرُ وَيَرَى الْمَأْزِقَ الْمُؤْسِفَ الَّذِي أَلَمَّ١ بِالْأَسَدِ، فَهُرِعَ إِلَيْهِ،٢ وَمَا عَتَّمَ٣ أَنْ قَرَضَ الْحِبَالَ الَّتِي رُبِطَ بِهَا مَلِكُ الْحَيَوَانَاتِ، وَقَالَ لَهُ: «أَلَمْ أَصْدُقْكَ الْقَوْلَ؟!»٤

•••

«الْأَصْدِقَاءُ الصِّغَارُ قَدْ يَثْبُتُ أَنَّهُمْ أَصْدِقَاءُ عِظَامٌ.»

١  أَلَمَّ بِهِ: أَصَابَهُ وَحَدَثَ لَهُ.
٢  هُرِعَ إِلَيْهِ: أَسْرَعَ إِلَيْهِ.
٣  مَا عَتَّمَ: مَا لَبِثَ، لَمْ يَتَأَخَّرْ.
٤  أَصْدُقُكَ الْقَوْلَ: أَقُولُ لَكَ الصِّدْقَ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤