الْأُيَّلُ وَالصَّيَّادُ

ذَاتَ يَوْمٍ كَانَ الْأُيَّلُ يَشْرَبُ مِنْ بِرْكَةٍ، مُعْجَبًا بِصُورَتِهِ الْفَخْمَةِ الْمُرْتَسِمَةِ بِهَا، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ قَائِلًا: «آهٍ! أَيْنَ يُمْكِنُكَ أَنْ تَرَى مِثْلَ هَذِهِ الْقُرُونِ الْفَخْمَةِ، بِهِذَهِ الْأَفْرُعِ الْمُتَشَعِّبَةِ؟! وَدِدْتُ لَوْ كَانَتْ لِي أَرْجُلٌ أَكْثَرُ وَجَاهَةً لِكَيْ تَحْمِلَ مِثْلَ هَذَا التَّاجِ الْمَهِيبِ. كَمْ مِنَ الْمُؤْسِفِ أَنَّهَا نَحِيلَةٌ وَهَزِيلَةٌ بِهَذَا الشَّكْلِ!»

فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ أَقْبَلَ صَيَّادٌ وَصَوَّبَ سَهْمًا جَعَلَ يَصْفِرُ فِي إِثْرِهِ.١ وَثَبَ الْأُيَّلُ مُبْتَعِدًا، وَفِي الْحَالِ وَبِمَعُونَةِ أَرْجُلِهِ الرَّشِيقَةِ كَانَ قَدِ اخْتَفَى تَقْرِيبًا عَنْ أَعْيُنِ الصَّيَّادِ، إِلَّا أَنَّهُ لِغَفْلَتِهِ عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ ذَاهِبًا إِلَيْهِ، فَقَدْ مَرَّ تَحْتَ بَعْضِ أَشْجَارٍ غُصُونُهَا نَابِتَةٌ إِلَى أَسْفَلَ، فَعَلِقَتْ بِهَا قُرُونُهُ الْمُتَفَرِّعَةُ؛ وَمِنْ ثَمَّ أَتَاحَتْ لِلصَّيَّادِ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ. صَاحَ الْأُيَّلُ: «كَمْ ذَا نَسْتَهِينُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لَنَا!»
١  فِي إِثْرِهِ: فِي عَقِبِهِ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤