تماسيح وأسود!

ابتعد الأصدقاء عن مكان الحادث سريعًا، بعد أن اختفَت السيارة المهاجِمة، وبعد مسيرة نحو ساعة أشرفوا على الشوارع المضاءة مرةً أخرى … واستقلُّوا تاكسيًا أخذهم إلى منزل جدَّةِ «موانزا» التي كانت نائمة.

وفي الصباح الباكر اتصلت «موانزا» ﺑ «ماجاويلي» وروَت له ما حدث … وقالت: إن الأصدقاء يطلبون أسلحة!

قال «ماجاويلي»: الأسلحة موجودة … وسيكون موعدنا الثامنة عند حافة الغابة!

استراح الشياطين الثلاثة طول النهار … وفي الثامنة كانوا عند المكان الذي حدَّده «مجاويلي» مع «موانزا» … وكان «ماجاويلي» يستتر خلفَ شجرةٍ وخلفه سيارة تُشبه سيارة «موانزا» … وفتح حقيبة السيارة وأخرج منها مجموعة من الأسلحة … مدافع رشاشة … بنادق بعيدة المدى … مسدسات … خناجر ضخمة … قنابل يدوية …

وقال «أحمد»: إنها ترسانة من الأسلحة؟ ولكن أين الدليل؟!

ماجاويلي: لقد جئنا مبكرين نصف ساعة … فهو يدرس المكان.

وظهر الدليل وأخذ يتحدَّث إلى «ماجاويلي» لحظاتٍ، ثم قالت «موانزا»: إنه يقول إن معالم المكان تغيَّرت عما قبل … وإن التماسيح تعيش في حوضٍ صنعَته أيدٍ بشرية … وإنَّ خلفَ الحوض جدارًا من الأشجار ولكنْ خلفَ الأشجار جدارٌ من الأسمنت المُسلَّح …

أحمد: من الصعب إذن اقتحام المكان!

ماجاويلي: إن الدليل يقترح أن نقفز على الأشجار … وقد طلب بعضَ الحبال لربطها في أماكن معينة نستطيع أن نتسلَّق بها، وأن نقفز بها أيضًا!

أحمد: إنها فكرة رائعة … ولكن هل أنت واثقٌ فيه؟

ماجاويلي: بالطبع … إنه أحد أفراد جماعة «بي. آر»!

وتوغَّلت المجموعة في الغابة، وأخذ «ماجاويلي» والدليل يتسلَّقان الأشجار، ويربطان الحبال، وبعد نحو ساعة من العمل، بدأ «أحمد» و«عثمان» و«رشيد» و«موانزا» يتسلَّقون الأشجار، ثم يُمسكون بالحبال ويتأرجحون بها من مكان إلى مكان … ثم يقفزون … واستمروا نحو نصف ساعة حتى أشرفوا على حوض التماسيح …

كانت الغابة مظلمةً … ولكن أشعة القمر كانت تتسلَّل بين الأشجار فتُلقي ضوءًا رهيبًا على حوض التماسيح التي كانت تتقافز في المياه …

وكانت أصوات الحيوانات والصراصير والحشرات كلها تعزف لحن الغابة الدائم …

وجاءت اللحظات الحرجة … وتأرجح الأصدقاء على الحبال فوق حوض التماسيح … وكلٌّ منهم يُمسك قنبلة يدوية وسرعان ما ألقَوا القنابل في الحوض وارتفع صوت انفجار القنابل … ثم قفزوا في ستر الأشجار وأخذوا يُطلقون مدافعهم الرشاشة … وسرعان ما كانت مدافع أخرى تردُّ عليهم.

ووجد «أحمد» و«موانزا» بابَ نفقٍ يمتدُّ من السور إلى داخل الغابة … دخلَا معًا في وقتٍ واحد وهما يُطلقان النار … وكان النفق مُضاءً بالمشاعل التي كان ضوءُها يُلقي بظلالٍ مرعبة على أرض المكان …

ظلَّ «أحمد» و«موانزا» يجريان وبعد عشرين مترًا … وفجأةً انفتحَت الأرض تحت أقدامهما، وسقطَا معًا في كمِين … وسمعَا ضحكةً مجلجلة … وصوت رجل يقول: ماذا تفعلان هنا يا أبنائي؟

وجد «أحمد» و«موانزا» أنهما سقطَا في حفرة عميقة … مظلمة … وعاد الرجل يقول: لقد حاوَلْنا إقناعك أيتها الفتاة أن تتعاوني معنا … والآن ما رأيكِ؟

وقبل أن تُجيبَ «موانزا» ارتفعَت أصواتُ طلقاتٍ ثم صوت «ماجاويلي» وهو يصيح: «موانزا» … «موانزا»!

ردَّت «موانزا» عليه وظهر مشعلٌ في أعلى الحفرة، ثم تدلَّى حبل … وأسرعَت «موانزا» و«أحمد» بالتسلُّق.

وقال «ماجاويلي»: إن «عثمان» و«رشيد» يقومان بعمل جيد!

وانطلق الثلاثة في النفق مرةً أخرى … وهم يسمعون دويَّ الرصاص في كل مكان … ثم شاهدوا رجلًا يحمل حقيبة، ويجري مندفعًا من إحدى الغرف.

وأسرع «أحمد» خلفه ثم أطلق مسدسه للإرهاب بين قدمَي الرجل الذي التفت إليه مُرتعبًا …

وتذكَّر «أحمد» أنه شاهد صورته في ملف «موانجا» …

صاح «أحمد» به: أين «موانجا»؟

الرجل: إنني … إنني!

أحمد: لا وقت للجدل … وإلَّا …

الرجل: إنه مسجون في غرفةٍ تحت الأرض …

أحمد: خُذنا إليه …

سار الرجل مضطربًا أمامهم، وتقدَّم «ماجاويلي» وأخذ منه الحقيبة وكانت ثقيلةً …

وعرَف «ماجاويلي» ما فيها … نزعوا مجموعة من السلالم التي تغطِّيها الحشائش وساروا في دهليزٍ قصير … ولدهشتهم الشديدة، وجدوا أقفاصًا ضخمة في الحائط تحوي عددًا من الأسود والنمور تزأر في وحشيةٍ.

وانتهز الرجلُ انشغالَ الأصدقاء بالوحوش وضغط على زرٍّ في الحائط أمامه … فانفتحت الأبواب وأصدرت صوتًا عاليًا … وتنبَّه الأصدقاء للخطر … فأطلق «أحمد» رصاصتَه على ساق الرجل، وتركوه … فكان أول ضحية للسباع التي انقضَّت عليه …

بينما أخذَت «موانزا» تصيح … أبي … أبي.

وانطلق صوت «مجاويلي» ينادي: «موانجا» … موانجا …!

وسمعوا صوت «موانجا» … وهو يردُّ: أنا هنا الباب الثالث إلى اليسار …

أسرعوا إليه … وأطلق «أحمد» طلقةً واحدة على الباب ففتحه … وارتمَت «موانزا» بين ذراعَي أبيها …

فقال «أحمد»: هيَّا بسرعة … إنَّني أسمع صوت مخالب السباع.

ساروا في ممرٍّ وفي نهايته وجدوا بابًا مفتوحًا … بينما صوت الطلقات تدوِّي من بعيدٍ.

أسرع «أحمد» أولًا إلى الباب ونظر إلى الخارج … وعلى ضوء المشاعل الرهيبة شاهد أشباحًا تجري.

وسمع صوتَ «رشيد» يقول: أشعل النار يا «عثمان»!

وألقى «عثمان» قنبلةً على مخزن للوقود كان واضحًا أنه يغذِّي هذا المقر العجيب … واشتعلت النار …

تجمَّع الأصدقاء ومعهم «موانجا» والدليل وأسرعوا إلى أقرب سيارةٍ … وعندما وصلوا إلى منزل «موانجا» أسرع «أحمد» يُرسل برقيةً تليفونية عاجلة إلى رقم «صفر» في بضع كلمات:

«موانجا حيٌّ يُرزق … ونحن بخيرٍ والحمد لله …»

رقم واحد

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤