الفصل الثالث عشر والمائة

جائزة مئة دينار

فلم يتمالك سعيد عن الابتسام وقد ندم لأنه لم يصرح بالأمر لما سأله عنه عمرو وهم بالكلام فاعترضه بلال مستأذناً. فسكت. فتقدم بلال إلى عمرو وجثا بين يديه والجراب بيده وقال «استعطف مولاي أن يأذن لي بكلمة أقولها».

قال «قل».

قال «كيف ترجون القبض على قطام وأنتم لا تعرفون مقرها».

قال «نطمع الناس في البحث عنها بمال كثير».

قال «بكم تسمح نفس الأمير لمن يقبض عليها».

قال «نعطيه مئة دينار».

قال «اتشترط أن يؤتى بها حية».

قال «لا فرق جاء بها حية أو ميتة».

قال «وإذا جاء بخبر قتلها».

قال «نقبل منه بشرط أن يأتينا بما يثبت قتله إياها».

فأخذ بلال يحل الجراب وهو يقول «فليأمر مولاي الأمير بمن يدفع لي مئة دينار» وما تم قوله حتى أفرغ الجراب بين يدي الأمير ففاحت الرائحة وظهر الشعر الملطخ بالدماء وبلال يبحث فيه بإصبعه حتى وجد الأذنين وفيها الأقراط.

فأجفل عمرو وسائر الحضور لذلك المنظر واشمأزت نفوسهم من تلك الرائحة الكريهة وصاح فيه عمرو «ويلك ما هذا؟!»

قال «هذا هو شعر قطام ملطخاً بدمها. وهذه أذناها وأقراطها. وإذا احرجتموني جئتكم برأسها فإن إنما تخليت عنه إجابة لأمر مولاي سعيد» قال ذلك ووقف وهو يشير برأسه إلى سعيد.

فقال سعيد «نعم يا مولاي أنا أشهد أن بلالاً قتل قطام وحده واحتز رأسها وجاءني به وهو ينوي حمله إليكم فأشرت عليه أن يكتفي بهذه العلامة تخلصاً من نتانة تلك الرمة».

وكان الحضور قد بهتوا وهو ينظرون إلى الشعر والأذنين فأشار عمرو إلى بلال أن أحمل هذه الأقذار من هنا فأعادها إلى جرابه وتنحى.

فقال له عمرو «لك علينا مئة دينار».

فحني رأسه شكراً وامتناناً وقال «إني أشكر مولاي الأمير على نعمته ولكنني أعترف له بأني لم أقتل هذه الخائنة طمعاً بجائزة وإنما قتلتها انتقاماً للحق» وأراد أن يفصل ما أجمله فانتبه أنه لا يجوز ذكر الإمام علي هناك فاكتفى بما قاله.

ونهض عبد الله فقال «بورك فيك يا بلال» فاقصص علينا الخبر إذا أمر الأمير.

فقال عمرو «اقصصه».

فقصه من أوله إلى آخره.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤