الفصل الثامن والسبعون

نجاة عمرو

أما عبد الله فكان قد جنح إلى هذه الحيلة أملاً بالحياة وهو مع ذلك يخاف أن يتأخر المؤامر عن الوقت المعين لسبب من الأسباب فيذهب سعيه عبثاً.

وظل عمرو أياً لا يخرج للصلاة فلما كان فجر ١٧ رمضان شكا من بطنه فلم يخرج واتفق خروج خارجة بن أبي حبيبة صاحب شرطته للصلاة وهو لا يعلم بخبر المؤامرة ولا أمره عمرو بالخروج ولو علم بخروجه لمنعه. على أنه لم يكن يحسب المؤامر يأتي لقتله في الفجر وهو يصلي بل كان يحسب أنه يراقب خروجه في أثناء النهار إلى بعض الأماكن. ولكن منية خارجة عاجلته فخرج في فجر ذلك اليوم إلى الجامع ليصلي في الناس ولم يكد يبدأ بها حتى هم به رجل من الوقوف وهو يحسبه عمراً فضربه بالسيف فقتله١ فقبضوا عليه وساقوه إلى عمرو فلما رآه عمرو بغت وصاح به «ويلك قد قتلت صاحب شرطتي قتلت خارجة بن أبي حبيبة» فأجابه الرجل بقلب لا يهاب الموت «والله إني كنت أحسبه أنت».

فقال له عمرو «أردتني وأراد الله خارجة. من أنت يا غادر».

قال «إني عمرو بن بكر».

قال «وممن أنت».

قال «من تميم».

فقال اقتلوه فقتلوه وقد أسفوا لمقتل خارجة ولكن المقدر كان لا يمحى.

أما خولة فإنها باتت ليلة ١٧ رمضان على مثل الجمر وهي تتوقع أن تسمع خبراً جديداً في اليوم التالية ولم تكن تتوقع أن يفعل المؤامر فعلته في الفجر فأصبحت وقد ضجت الفسطاط بخبر خارجة وجاءها أبوها فأخبرها به ولسان حاله يقول «لقد صحت أقوال عبد الله فتأهبي للاقتران به».

أما هي فإنها تحققت وقوع المحظور ولم تعد تدري ماذا تفعل وندمت لأنها لم تخرج من بيت والدها سراً قبل ذلك اليوم على أنها لم تكن من الجهة الأخرى موقنة ببقاء سعيد علي عهدها أو أنه رضي بها. وكانت لما لقيته في الفسطاط لم تتحقق ميله نحوها. فوقعت في حيرة ولكنها كانت من الجهة الأخرى في قلق على الإمام عليّ لا تدري هل نجا كما نجا عمرو أم ذهب فريسة ابن ملجم وودت لو أن عبدها يعود في ذلك اليوم بالخبر اليقين لتعلم كيف تتصرف.

١  ابن الاثير ج٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤