القلم

ضربوني يا سعادة البيه. والله يا سعادة البيه ضربوني. أولاد الحرام اتلموا عليَّ. هجموا عليَّ في عز الليل. كنت في حالي لا بيَّ ولا عليَّ، نزلوا عليَّ ضرب. بهدلوني. نعم؟ أحكي الحكاية لسعادتك؟ من الأول؟ الله يعمر بيتك ويوقف لك أولاد الحلال. ينصرك على الظالم ويرزقك برزق عيالك. نعم يا سيدنا الأفندي؟ من هم؟ ناس ظلمة بعيد عنك، اتلموا عليَّ وضربوني، هجموا عليَّ من الباب للطاق، قلم وراء قلم، آه وحياتك عندي، نزل يرف على صدغي. لا عمري شفتهم ولا كلَّمت أحدًا منهم. آي والله يا سعادة البيه، لا مؤاخذة؟ أقول الحكاية من الأول؟ أدخل في الموضوع على طول؟ حاضر يا سعادة البيه، على عيني وراسي. ربنا يعمر بيتك ويوقف لك أولاد الحلال. قلت لسعادتك إنهم ضربوني. هم من؟ ناس أولاد حرام بعيد عنك. أقول الأول أنا من؟ اسمي وبلدتي وصنعتي؟ أمرك يا سعادة البيه. والأمر كله لله. اسمي عبد الموجود، عبد الموجود من؟ محسوبك عبد الموجود بن عبد الموجود، آي والله وحياة مقامك عندي. لا مؤاخذة من الصعيد الجواني. البلد؟ مركز جرجا يا سعادة البيه. رجل على قد حالي، يوم هنا ويوم هناك وكلها أرض الله. يوم فلَّاح ويوم بيَّاع فجل ويوم شيَّال على ظهري. ويوم أشتغل وعشرة من غير شغل. وكلها لقمة عيش والرزق كله بالله. تركت الولية والعيال في البلد وقلت أسعى على باب الله؛ أصل لقمة العيش تحب الشقا، إنما الأرزاق كلها ولا يخفى على سعادتك على الله. أدخل في الموضوع؟ ما هي الحكاية … حاضر يا سعادة البيه. ما أنا قلت لسعادتك إنهم ضربوني، آي والله هجموا عليَّ وضربوني. أولاد الحرام اتلموا عليَّ وبهدلوني. كنت في حالي لا بيَّ ولا عليَّ، في عز الليل والدنيا ساكتة والناس نايمة في بيوتها، وأنا ماشي في حالي لا أكلم أحدًا ولا أبص لأحد. بصيت لاقيتهم من بعيد، جماعة بهوات محترمين، كانوا مفرفشين ومبسوطين وضحكهم يصحي النائمين. قلت يا عبد الموجود لازم راجعين من السيما. الله يلعن أبو السيما وسنينها؛ من يوم ما دخلت البر والناس بقى حالها غير الحال. تعلموا السهر وطلع من قلوبهم الإيمان. أنا قلت في سري ما لك يا ولد وما لهم، شبَّان وربنا يمتعهم بشبابهم. ربنا قادر على كل شيء، ومصيره يصلح حالهم ويهدي قلوب المسلمين. قرَّبوا مني قلت ابعد أنت عنهم. فاتوا من جنبي قلت اللهم فوت الليلة على خير. تغامزوا وتلامزوا قلت اللهم أخزيك يا شيطان. فرقعوا بالضحك والقهقهة قلت جمد قلبك يا عبد الموجود، أنت في حالك وهم في حالهم وكل واحد وله طريق. وقفوا ورائي قلت في عقل بالي مصير كل حي يروح في طريقه. سمعت واحد منهم ينادي عليَّ: أنت يا رجل يا فلاح! أقول الحق قلبي سقط في رجلي. بصيت ورائي وأنا أرتعش، جمدت قلبي وقلت نعم يا سيدنا الأفندي؟ نادى عليَّ وقال: تعالَ هنا! قلت وأنا رُكبي تنتفض: أيها خدمة يا سيدنا الأفندي؟ وقفت قدامه في أمان الله لقيت القلم على صدغي قلت آه! تقول ترماي وصدمني؟ آي وحق من أحياني. جئت أتكلم كان القلم الثاني حصله. تقول كرباج ولسعني، سكينة وانغرزت في عيني؟ سعادتك تضحك، آي والله يا حضرة البيه. يمكن صحيح حاجة تضحك لكن أنا لقيتني من غير مؤاخذة دُخت ودماغي لفت وعيني زغللت ما عرفت رأسي من رجلي. الأفندية ضحكوا وهللوا واتلموا عليَّ. واحد يشد هدومي والثاني يلطعني على قفاي والثالث يناولني بالشلوت، حتى دقني شدوها وضحكوا عليها. وأنا ولا يخفى على سعادتك — رجل كبارة وصاحب عيال، آي والله صاحب عيال، يمكن قدهم أو أكبر منهم. صحيح لا عمري لبست بدلة ولا دخل في مدارس، لكن رجل كبير ومخلف عيال. يا ناس عيب! يا ناس أنا رجل كبير، رجل على باب الله صحيح إنما رجل كبير. هو الغلبان كفر يا ناس؟ يا أفندية حرام عليكم، الدنيا ليل والناس نايمة في بيوتها. يا ناس بلا ضرب وبلا إهانة، يعني ما لقيتم غيري تضحكوا عليه. آه! آه! الأقلام دوختني. الشلاليت هزت ظهري. شلوت من اليمين وقلم من الشمال. رفسة في البطن وهبدة على الدماغ. قل وقعت على الأرض، تقول لا مؤاخذة عجل وكترت عليه السكاكين؟ عددهم كم؟ والله ما أعرف يا سعادة البيه، قل ستة قل سبعة، يمكن أكثر يمكن أقل، ربنا وحده يعلم، كل واحد منهم مثل الحصان؛ صحة وشباب وأبهة، ناس محترمين أولاد ناس محترمين صحيح. استفرسوا فيَّ وعملوني مسختهم. نعم؟ السبب في ضربهم لي؟ بس لو كنت أعرف، لو كان أحد دلني عليه؟ القصد وقعت، جاءت وقعتي بعيد عنك سوداء. الأفندية بعد ما ضحكوا وانبسطوا راحوا لحالهم. تمددت على الأرض والدم يشُر مني، من عيني أو من رأسي ربنا وحده أعلم. بحر وغرقت فيه ولا من سمع ولا من دري. الشارع اسكت هس، لا فيه كبير ولا صغير. حتى العسكري ناديت عليه ما حد رد عليَّ. تهت وغبت عن الدنيا وما فيها لا حد سأل عني ولا حد رأف بحالي، قل ساعة قل اثنين رجعت لعقلي لقيت الفجر شقشق والديوك صيحت والطير على الشجر وحد الخلَّاق. قلت يا ولد تروح لمن وتشتكي لمن وأنت هنا غريب يا ولداه، لا أحد يعرفك ولا أحد عمره يسأل فيك. الناس صحت وقامت تسعى على رزقها، والطير صحا وقام يجري على قوته، والترماي مشى في الشوارع. أنا قلت يا ولد تروح القصر الحُكما يربطوا لك دماغك. قل جئت على نفسي رحت على هناك قطعت التذكرة ودخلت. الحكيم كان رجل طيب مثل سعادتك، ربط لي عيني ودماغي وسألني عن اللي حصل، قلت له ربنا يجازي أولاد الحرام؛ ضربوني وبهدلوني وضحكوا عليَّ حتى القلم ما زال معلم على صدغي. ضحك الله يعمر بيته وسألني: تعرفهم؟ قلت له والله ولا عمري شفتهم يا سعادة البيه، ولا حتى كان بيني وبينهم تار. نادى على العسكري قال خذه على البيه المدير الكبير واعمل له اللازم. قل رماني في الشارع جئت على هنا لقيتني في مكان ما وقعت. مثل ما قلت لسعادتك كده. حكيت لك على الحكاية. ربنا ينجيك من أولاد الحرام. حاجة ثانية؟ لا والله يا سعادة البيه، لا أتهم أحد؟ أولاد الحرام طبعًا وسعادتك سيد العارفين، ربنا مصيره ينتقم منهم.

أقول لسعادتكم على اسمهم؟ وأنا أعرف أحدًا منهم يا سعادة البيه؟ أولاد حرام منهم لله يخلص منهم. تشطروا على رجل في حاله. كتموا عليه نفسه. ضربوه وبهدلوه، حتى القلم معلم على صدغي. آي والله! شفت سعادتك؟ لا تقول إني كذاب لا سمح الله وحياة مقامك عندي يا سعادة البيه. تقول ولا بصبوص نار؟ تقول كرباج لسعني ولا فاس قسم وجهي نصفين؟ خلاص؟ سعادتك تقول أروح للقسم؟ أقدم بلاغ فيهم؟ نعم؟ وسعادة الشاويش يبعته لسعادة القاضي؟! قاضي من؟ تقول يقيدوه ضد مجهول؟ طيب شفت حضرتك الرباط على عيني ودماغي. يعني يرضيك يضربوني ويتقيد ضد مجهول؟ بقى القلم معلم على صدغي ويقيدوه ضد مجهول؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤