الفصل الثاني عشر

الكون

(١) رؤية الأقمار الصناعية

لا يُرى القمر الصناعي إلا لو كان فوق الأفق وكانت الشمس تلقي الضوء عليه من أسفل الأفق. وحين تكون الشمس في كبد السماء فإنها تسطع بدرجة شديدة تمنع رؤية القمر الصناعي. وبما أن العديد من الأقمار الصناعية، بما فيها تلك المستخدَمة في أغراض الاستطلاع، لها مدارات قريبة من القطبين، فمن السبل اليسيرة لرؤية أحد الأقمار الصناعية البحث في سماء الليل قُرب نجم الشمال.

(٢) قمر صناعي مُحتضَر

من قبيل المصادفة أن مدار أقرب قمر صناعي — ذلك المدار الذي يعلو بالكاد فوق الغلاف الجوي — يستغرق نحو تسعين دقيقة. ولأن الدقائق التسعين تعادل تمامًا واحدًا على ستة عشر من طول اليوم، أو دوران الأرض من تحته، فبعد مرور ٢٤ ساعة سيعود القمر الصناعي للظهور في النقطة عينها تقريبًا في السماء.

(٣) كيب كانيفرال

اختِيرَت قاعدة كيب كانيفرال بسبب امتداد المحيط بينها وبين ساحل جنوب أفريقيا لمسافة ٥ آلاف ميل دون أي أراضٍ. لهذه الحقيقة أهمية كبيرة؛ لأنها تسمح للمرحلتين الأُولَيَين للصواريخ ذات المراحل الثلاث المُطلَقَة فوق المحيط الأطلنطي بالسقوط في الماء دون أن توجد سوى احتمالية ضئيلة للسقوط على مناطق مأهولة. وبالمثل، في حالة إطلاق مكوك الفضاء، ستحتاج الصواريخ الدافعة إلى أن تهبط بمعاونة المظلات في المحيط كي يتم التقاطها وإعادة استخدامها.

لماذا وقع الاختيار على الساحل الشرقي للإطلاق لا على الساحل الغربي؟ يمدُّنا دوران الأرض حول نفسها بالجواب. إن الصاروخ الرابض على الأرض في قاعدة كيب كانيفرال يُحمَل جهة الشرق بسرعة ٩١٠ أميال في الساعة. وقد حُسبت هذه السرعة بقسمة المسافة حول الأرض عند دائرة عرض كيب كانيفرال (دائرة عرض ٢٨٫٥ شمالًا) — وتبلغ ٢١٨٠٠ ميل — على ٢٤ ساعة. القمر الصناعي الذي سيوضع في مدار منخفض يجب أن يتحرك بسرعة ١٧٣٠٠ ميل في الساعة. وإذا كان بالفعل يتحرك بسرعة ٩١٠ أميال في الساعة وهو على الأرض، فإن السرعة الإضافية المطلوبة تبلغ ١٦٤٠٠ ميل في الساعة وحسب. وفي الوقت الحالي، منصة الإطلاق الموجودة في جويانا الفرنسية (دائرة عرض ٥ شمالًا) هي التي تستغل مزية دفعة التحرك إلى الشرق الناتجة عن دوران الأرض حول نفسها الاستغلال الأمثل. على النقيض، قاعدة بايكونور لإطلاق الصواريخ (دائرة عرض ٤٥٫٩ شمالًا)، والواقعة شرقيِّ بحر آرال في كازاخستان، هي الأقل استفادةً من مزية دوائر العرض. وقد تمكنت عمليات الإطلاق الحديثة من سفينة عند خط الاستواء في المحيط الهادي من استغلال دوران الأرض حول نفسها الاستغلال الأمثل.

(٤) انعدام الوزن داخل طائرة

يمكن أن تتحقق حالة انعدام الوزن حين تحلِّق الطائرة في مسار أفعواني مضبوط بإحكام يقارب ذلك الموصوف في الجواب (ﺟ). قُرْبَ قمة كل حلقة على شكل قطع مكافئ تعمل قوة الطرد المركزية (السهم المتقطع) التي تظهر في الإطار المرجعي الخاص بالطائرة على إلغاء قوة الجاذبية الخاصة بالأرض (السهم المتصل)، ويصير رُكَّابُ الطائرة عَدِيمي الوزن. لو بدا هذا صعبَ التصديق، اصنع ثقبًا في قاع عُلبة معدنية، واملأها بالماء، وألقِها بزاوية على الأرض. لن يخرج أي ماء من العُلبة أثناء تحليقها في الهواء!

تنتهي حالة انعدام الوزن قُرب قاع الحلقة، وعلى مدار ٤٠ إلى ٥٠ ثانية تالية تصعد الطائرة لأعلى، ضاغطة الركاب للأسفل بقوة مقدارها (أي ضعف عجلة الجاذبية). في رحلات ناسا التدريبية لرواد الفضاء المستقبليين، قد تستمر هذه الرحلة الأفعوانية لمدة ساعة. وبإمكاننا أن نتفهم السبب وراء تسمية طائرات بوينج النفاثة القديمة المستخدمة لهذا الغرض بالاسم «مذَنَّبَات القيء».

(٥) شمعة في حالة انعدام وزن

بُحث هذا الأمر على متن محطة الفضاء الأمريكية «سكايلاب» عامي ١٩٧٣-١٩٧٤م. وخلافًا للتوصيفات الشائعة، تستطيع الشمعة أن تحترق بالفعل في غياب الجاذبية، وإن كانت ستحترق ببطء.

على الأرض، تواصل الشمعة الاحتراق بسبب الحمل الحراري: فالهواء الدافئ فوق الشمعة يرتفع (يُدفَع لأعلى بواسطة الهواء الأشد كثافة أدناه)، وهو ما يتسبب في سحب المزيد من الهواء عند قاع الشمعة؛ ومن ثم يعاد تزويدها بالأكسجين. تيار الحمل الصاعد يسبب استطالة لهيب الشمعة بحيث يتخذ شكله المألوف. في حالة انعدام الوزن لا يوجد حمل حراري؛ لذا سيكون اللهيب كروي الشكل تقريبًا. وسيحدث الاحتراق فقط في طبقة كروية رقيقة، في الموضع الذي تلتقي فيه أبخرة الوقود المنتشرة الهابطة لأسفل بالأكسجين المنتشر المتجه للداخل. هذا القيد يقلِّل من معدل الاحتراق بشكل بالغ. هنا نفترض أنه لا وجود لتيارات هوائية توفر المزيد من الأكسجين للفتيل. لكن ليست هذه هي الحالة على متن مكوك الفضاء؛ حيث تعمل المراوح على تدوير الهواء كي تبرِّد الأجهزة الإلكترونية الموجودة في قُمرة القيادة. لذا على متن مكوك الفضاء ستحترق الشمعة بمعدل أسرع.

(٦) غلي الماء في الفضاء الخارجي

على الأرض، عادةً ما نسخِّن الماء عن طريق الحمل الحراري. فلأن الماء المُسخَّن في قاع الغلاية (قرب مصدر الحرارة) يكون أكثر كثافةً، فهو يُزاح إلى الأعلى ويحل محله الماء البارد، الذي يهبط للأسفل، ثم يُسخَّن ثم يرتفع مجددًا. وتيارات الحمل الحراري هذه تخلط الماء الدافئ بالماء البارد على نحو فعال.

لا توجد تيارات حمل حراري في حالة انعدام الوزن. وعلى فرض أن الجدار الجانبي للغلاية له موصلية حرارية سيئة للغاية، وأنه لا يتم استخدام أداة تقليب، فلن يُسخَّن الماء الموجود بالأعلى إلَّا عن طريق التوصيل، وهي عملية بطيئة في الماء.

(٧) المدى الأقصى

من قبيل المفارقة أنه من الأفضل للمركبة الفضائية أن تُطلَق حين تكون الأرض في أقرب موضع في مدارها إلى الشمس؛ وذلك كي تصل المركبة إلى أبعد مدى ممكن داخل المجموعة الشمسية؛ أي حين يكون كوكب الأرض في نقطة الحضيض. فباختيار موعد الحضيض (نحو الثالث من يناير)، حين تتحرك الأرض بأقصى سرعة لها في المجموعة الشمسية، ستحصل على أقوى دفعة ممكنة من السرعة المدارية للأرض.

(٨) تأثير مقاومة الهواء على الأقمار الصناعية

مبدئيًّا، تستطيع مقاومة الهواء أن تزيد من سرعة القمر الصناعي! فبالنسبة إلى المدار الدائري، تكون الطاقة الإجمالية لقمر صناعي ذي كتلة هي ؛ حيث نصف قطر المدار. طاقة الوضع هي ، بينما طاقة الحركة هي . ومن ثم، مقابل كل وحدة من الطاقة «المفقودة» بسبب مقاومة الغلاف الجوي، سوف «يفقد» القمر الصناعي وحدتين من طاقة الوضع بينما يدور على نحو حلزوني للأسفل، لكنه سوف «يكتسب» وحدة من طاقة الحركة. لكن هذه العملية لا يمكن أن تستمر بلا نهاية. فتدريجيًّا، ستصير قوة المقاومة أشد وأشد، بينما تزيد قوة الجاذبية على نحو طفيف، وفي النهاية لا تصير المقاومة مجرد اضطراب بسيط، وإنما تهيمن بالكامل على الصورة. حينها ستعمل مقاومة الهواء بمنزلة قوة كابحة حقيقية، وتبطئ من سرعة القمر الصناعي بينما يندفع نحو الأرض.

لاحِظْ أنه في حالة المدار البيضاوي تكون المقاومة في أقوى صورها عند نقطة الحضيض؛ حيث يكون كلٌّ من السرعة وكثافة الغلاف الجوي في أقصاهما، وتكون المقاومة في أضعف صورها عند نقطة الأَوْج. وبسبب هذا الاختلاف، سيصير المدار أكثر دائريةً بينما يأخذ في الانكماش.

  • Berman, A. I. Space Flight. Garden City, N.Y.: Doubleday, Anchor Press, 1979, pp. 85–88.
  • Blitzer, L. “Satellite Orbit Paradox: A General View.” American Journal of Physics 39 (1971): 882.

(٩) الانفصال

في المعتاد يكون صاروخ الإطلاق أكبر من القمر الصناعي. ونتيجة لذلك، فهو يواجه قدرًا أكبر من مقاومة الهواء ويفقد ارتفاعه ببطء. وخلال ذلك، يحوِّل الصاروخ بعضًا من طاقة الوضع الخاصة به إلى طاقة حركة متزايدة؛ وهو ما يعني اكتسابه المزيد من السرعة. وهذه السرعة المتزايدة تأتي نتيجة لمبدأ حفظ الطاقة.

(١٠) تغيير المدار: الدفع الشعاعي

قد يظن المرء أن المدار سوف يستطيل في اتجاه الدفعة، لكن في حقيقة الأمر سيستطيل المدار في الاتجاه العمودي على الدفعة، كما هو مبين في الشكل (ﺟ).

لتفهم هذه النتيجة المناقِضة للمنطق، قارِنْ بين المدارين. عند الامتثال لقانون حفظ الزخم ، ستحدث السرعة القصوى عند نقطة الحضيض. في حالة المدار (ب)، تشير السرعة أفقيًّا إلى اليمين، وفي حالة المدار (ﺟ) ستشير رأسيًّا إلى أعلى؛ أي في اتجاه الدفعة. ومن ثم سينتج الدفع الشعاعي المدار (ﺟ)؛ نظرًا لأن السرعة القصوى يجب أن تكون في نفس اتجاه الدفعة. لاحظ أن من شأن دفعة شعاعية داخلية في قاع الدائرة الأصلية أن تنتج التأثير عينه.
  • Abelson, H.; A. diSessa; and L. Rudolph. “Velocity Space and the Geometry of Planetary Orbits.” American Journal of Physics 43 (1975): 579.

(١١) تغيير المدار: الدفع المماسي

كما في المسألة السابقة، قد يقترح الحدْس أن المدار سوف يستطيل في اتجاه الدفعة. وكما في المسألة السابقة، سيستطيل المدار لكن في اتجاه عمودي على الدفعة، كما هو مبين في الشكل (ﺟ).

قارن بين المدارين. ستحدث السرعة القصوى عند نقطة الحضيض. في حالة المدار (ب)، تشير السرعة رأسيًّا إلى أعلى، وفي حالة المدار (ﺟ) ستشير أفقيًّا إلى اليسار؛ أي في اتجاه الدفعة. ومن ثم سينتج الدفع المماسي المدار (ﺟ)؛ نظرًا لأن السرعة القصوى يجب أن تكون في نفس اتجاه الدفعة.
  • Abelson, H.; A. diSessa; and L. Rudolph. “Velocity Space and the Geometry of Planetary Orbits.” American Journal of Physics 43 (1975): 579.

(١٢) سرعات العادم

الجواب هو: نعم. هذه الحقيقة المناقضة للمنطق يمكن تفهُّمها حين ندرك أن غازات العادم تخرج دائمًا بنفس السرعة نسبةً إلى الصاروخ، بينما تتزايد سرعة الصاروخ على نحو ثابت. من الواضح أنه في نقطة ما ستتجاوز سرعة الصاروخ إلى الأمام سرعة الغازات إلى الخلف، ونسبةً إلى الأرض ستبدأ الغازات في التحرك إلى الأمام. من الناحية الرياضية، يمكننا اشتقاق معادلة من أجل السرعة الخاصة بالصاروخ في أي زمن بعينه على صورة دالة للكتلة الابتدائية للصاروخ، وكتلة الصاروخ في الزمن ، والسرعة لغازات العادم نسبة إلى الصاروخ. وتكون المعادلة ببساطة هي في الحالة المثالية. ومن السهل أن نرى من هذه المعادلة أنه ما إن يَكُنِ الصاروخ قد حرق وقوده وصولًا إلى النقطة التي تكون فيها ، فإن تصير أكبر من ، وأنه نسبة إلى الأرض، تتحرك غازات العادم في نفس اتجاه حركة الصاروخ.

(١٣) وضعية الإطلاق

يتفاوت تأثير عجلة الجاذبية على الجسم البشري اعتمادًا على إذا ما كان رائد الفضاء جالسًا في اتجاه العجلة، بحيث يُدفَع جسده من الرأس إلى القدمين، أو إذا كان متخذًا وضعية الاستلقاء، بحيث يكون الرأس والقلب في نفس المستوى النسبي من منظور قوى العجلة. في وضعية الجلوس، يحدث فقدان الوعي عند عجلة تتراوح بين و ، اعتمادًا على المدة وعلى ما إذا كان رائد الفضاء يرتدي بذلة مقاومة للعجلة. على الجانب المقابل، في وضعية الاستلقاء يستطيع رائد الفضاء تحمُّل قوة عجلة تصل إلى لفترات قصيرة من الوقت دون أن يفقد الوعي.
عند إطلاق مكوك الفضاء، يستشعر رواد الفضاء عجلة مقدارها ، علمًا بأن عجلة مقدارها تعني تغير السرعة بمقدار ٩٫٨ أمتار في الثانية خلال كل ثانية. بوحدات القياس البريطانية، تعني عجلة مقدارها حدوث تسارع منتظم من سرعة صفر إلى ٦٠ ميلًا في الساعة في ٣ ثوانٍ. على سبيل المقارنة، تتسارع الطائرة النفاثة العادية بعجلة مقدارها على امتداد الممر قبل الإقلاع. تتفاوت قوة العجلة بينما يرتفع المكوك لكنها لا تتجاوز مطلقًا. وأخيرًا، بعد مرور ثماني دقائق ونصف على الرحلة، ينفصل المحرك الأساسي، وفي كسر من الثانية تهبط العجلة من إلى انعدام الوزن. وعلى سبيل المقارنة، خلال السواد الأعظم من رحلة إعادة الدخول للغلاف الجوي، لا تصل قوة العجلة لهذا الارتفاع مطلقًا. والحد الأقصى يكون في المعتاد .
  • Mullane, R. M. Do Your Ears Pop in Space? and 500 Other Surprising Questions about Space Travel. New York: John Wiley & Sons, 1997, pp. 53-54.

(١٤) الإفلات من الأرض

الجواب هو: نعم، سيظل الصاروخ قادرًا على الإفلات. إن الطاقة الإجمالية لصاروخ كتلته وسرعته على سطح الأرض التي لها نصف القطر هي . الحد الأول لهذه المعادلة هو طاقة الحركة الخاصة بالصاروخ، والحد الثاني هو طاقة الوضع السالبة للصاروخ في بئر الجاذبية الخاص بالأرض. من أجل الإفلات من كوكب الأرض، يجب أن يمتلك الصاروخ من طاقة الحركة ما يكفي، بحيث تكون طاقته الإجمالية إما صفرًا أو رقمًا موجبًا؛ أي إن . هذا الشرط لا علاقة له باتجاه السرعة ؛ لذا لا يهم في أي اتجاه يشير الصاروخ. فإذا كانت الطاقة الإجمالية صفرًا، يتخذ الصاروخ مسارًا على شكل قطع مكافئ.

من الناحية العملية، بالنسبة إلى السرعات التي تقل عن ١١٫٢ كيلومترًا في الثانية، يكون الإطلاق الأفقي أفضل كثيرًا من الناحية الاقتصادية. أولًا: إذا كان مسار الرحلة في اتجاه الشرق، فإن السرعة الفعالة للصاروخ ستزيد بفعل سرعة سطح الأرض عن دائرة العرض التي أُطلق منها. ثانيًا: المسار الأفقي للرحلة يوفر أكبر قدر ممكن من الزخم الزاوي، وهو ما يبسط عملية توافق السرعات مع مركبة تدور حول الأرض أو مع كوكب كالمريخ، يتحرك في الاتجاه عينه.

ومن المثير للاهتمام أن القدر الأدنى المطلوب من السرعة للإفلات من منظومة الأرض/الشمس لا يعتمد على زاوية الإطلاق نسبةً إلى سرعة الأرض المدارية. والحل الأمثل، في ظل سرعة إطلاق لا تقل عن ١٦٫٦ كيلومترًا في الثانية، هو أن يتم الإطلاق على امتداد اتجاه حركة الأرض. لاحِظْ أن هذه السرعة تقل كثيرًا عن السرعة المغلوطة البالغة ٤٢ كيلومترًا الموجودة عادةً في الكتب الدراسية والمطلوبة للإفلات من الشمس، وذلك بداية من مسافة مقدارها وحدة فلكية واحدة. وعند الإطلاق شعاعيًّا بعيدًا عن الشمس، يكون الحد الأدنى لسرعة الإفلات هو ٥٢٫٨ كيلومترًا في الثانية.

  • Berman, A. I. Space Flight. Garden City, N.Y.: Doubleday. Anchor Press, 1970, pp. 56-57.
  • Diaz-Jimenez, A., and A. P. French. “A Note on ‘Solar Escape Revisited.’” American Journal of Physics 85 (1988): 85-86.
  • Hendel, A. Z. “Solar Escape.” American Journal of Physics 51 (1983): 746.

(١٥) التقاء المدارات

من شأن الاندفاع إلى الأمام أن يُحدث التأثير المعاكس تمامًا؛ إذ سيزيد المسافة بين المكوك والمحطة الفضائية. فالاندفاع صوب الهدف سيزيد طاقة المكوك، وهو ما سيأخذه إلى مدار أعلى. وهذه النتيجة يمكن رؤيتها في حالة المدار الدائري في العلاقة بين الطاقة الإجمالية والمسافة الشعاعية ؛ حيث . لكن المدار الأعلى مرتبط بسرعات أقل، وهو ما يمكننا رؤيته من المعادلة ؛ لذا ستتباطأ سرعة المكوك. الإجراء الصحيح هنا يتطلب سلسلة من المناورات. ستكون البداية استخدام صواريخ الكبح، وهو ما يقلل الطاقة الإجمالية للمكوك ويسبب انخفاضه إلى مدار بيضاوي. هذا المدار، بعد الدوران، يكون أكثر انخفاضًا؛ ومن ثم أسرع من مدار الهدف. بعد أن يسبق المكوكُ المحطةَ الفضائية، يمكن عكس هذه السلسلة من المناورات من أجل إعادة المكوك إلى مدار الهدف وإبطاء سرعته.
  • Wolfson, R., and J. M. Pasachoff. Physics. Boston: Little, Brown, 1987, pp. 191-192.

(١٦) الانطلاق نحو القمر

بسبب تأثيرات جاذبية الأرض على مدار القمر، يمكن أن يتباين مَيْل مدار القمر نسبةً إلى المستوى المداري للأرض بمقدار ±٥° ٩ . وبجمع هذا المقدار على ميل خط استواء الأرض على مستواها المداري والبالغ ٢٣° ٢٨ ، فإن ميل مدار القمر نسبةً إلى خط الاستواء الأرضي يتفاوت بين ١٨° ١٩ و٢٨° ٣٧ ، أو ما يعادل نحو ٢٨١ / ٢ درجة، وهي دائرة العرض الخاصة بمركز كينيدي للفضاء تمامًا. تمكِّن دائرة العرض هذه ناسا من أن تطلق المركبة الفضائية مباشرة جهة الشرق، مستفيدة استفادة كاملة من السرعة الدورانية للأرض، وذلك نحو مدارات تقع بالضبط تقريبًا في مستوى مدار القمر. وهنا يتساءل المرء متعجبًا: هل عرف جول فيرن بشأن الميكانيكا المدارية للمسبار القمري؟

على النقيض من ذلك، أُطلقت المسابير القمرية السوفييتية الأولى من تيوراتام، شرقي بحر آرال، التي تقع على دائرة عرض ٤٥٫٦°. وأفضل ما أمكن تحقيقه من ذلك الموقع هو الإطلاق إلى مدار له ميل مقداره ٤٥٫٦°، وهو ما يميل بنحو ١٧° على مدار القمر حتى في ظل أفضل الظروف. ومن هناك، على المرء أن يغير مساره نحو المستوى المداري للقمر، وهو إجراء يهدر الكثير من الوقود.

  • Lewis, J. S., and R. A. Lewis. Space Resources: Breaking the Bonds of Earth. New York: Columbia University Press, 1987, pp. 132–137.

(١٧) الاقتصاد في وقود الصواريخ

من قبيل المفارقة أنه من الأوفر من الناحية الاقتصادية تشغيل المرحلة العليا حين تكون قريبة من الأرض، لا تشغيلها عند الوصول إلى نقطة الأَوْج الخاصة بالصاروخ الدافع. فنحن نحصل على المنفعة الأعظم من الصاروخ الدافع حين تكون المرحلة العليا تتحرك بأقصى سرعة ممكنة، وليس حين تكون على أعلى ارتفاع ممكن وتتحرك ببطء شديد. ورياضيًّا، التغير في طاقة الحركة يتناسب طرديًّا مع السرعة؛ أي إن .
  • Berman, A. I. Space Flight. Garden City, N.Y.: Doubleday, Anchor Press, 1979, pp. 75–78.

(١٨) سرعة كوكب الأرض

تدور الأرض بأقصى سرعة لها حين نكون في فصل الشتاء، وبأقل سرعة لها حين نكون في فصل الصيف، وذلك في نصف الكرة الشمالي. إن مسار الأرض حول الشمس بيضاوي بقدر طفيف، وهو ما يعني أن المسافة بين الأرض والشمس تتغير باستمرار. ومن قبيل المفارقة لمن يقطنون في نصف الكرة الشمالي أن الأرض تكون في الشتاء في أقرب موضع لها من الشمس، بينما تكون في أبعد موضع عن الشمس في فصل الصيف. تصل الأرض إلى نقطة الحضيض؛ أي أقرب نقطة من الشمس (بمسافة مقدراها ١٤٧٫١ مليون كيلومتر)، بين يومي الثاني والخامس من يناير، وذلك اعتمادًا على العام، أما نقطة الأوْج، النقطة الأبعد عن الشمس (بمسافة مقدارها ١٥٢٫١ مليون كيلومتر) فتصلها الأرض بين يومي الثالث والسادس من يوليو. ومن المثير للانتباه أن القمر سيظهر أخفت قليلًا في وقت الأوج عنه في وقت الحضيض. وفق قانون كبلر الثاني، المساحة التي يقطعها متجه نصف قطر الأرض تظل ثابتة. وكي تقطع الأرض مساحة كبيرة عليها أن تتحرك على نحو أسرع حين تكون على مقربة من الشمس، بواقع ٣٠٫٣ كيلومترًا في الثانية في وقت الحضيض، و٢٨٫٨ كيلومترًا في الثانية في وقت الأوج.

(١٩) هل الأرض في خطر؟

تدور الأرض حول الشمس بسرعة مقدارها نحو ٦٦ ألف ميل في الساعة. ولكي تتحرك الأرض إلى الداخل وتصل إلى الشمس نفسها، سيكون على الأرض أن تبطئ من سرعتها على نحو كبير نسبةً إلى الشمس، وذلك بأن تتسارع بسرعة مقدارها نحو ٦٦ ألف ميل في الساعة في الاتجاه المعاكس لاتجاه حركتها الحالي. ومن الأيسر بكثير أن يفلت كوكب الأرض من جاذبية الشمس بالكامل عن أن يسقط فيها.

(٢٠) كوكب الأرض الراحل

يمكن اعتبار المسار الذي تتخذه الأرض عند سقوطها داخل الشمس بمنزلة جانب واحد لقطع ناقص رفيع للغاية له نصف محور رئيسي مقداره نصف وحدة فلكية. وباستخدام قانون كبلر الثالث، ، نجد أن وقت السقوط يساوي نصف الفترة الجديدة؛ أي إن عام، أو ٦٤٫٦ يومًا.

(٢١) سطوع الأرض

بينما يدور كوكب الزهرة حول الشمس داخل مدار كوكب الأرض، فإن نصفه المُضاء بضوء الشمس يظهر للأرض بمقادير متفاوتة. وهو يظهر في طوره الكامل في وقت الاقتران العلوي، وفي ربع طوره في المتوسط قرب استطالاته، وفي الطور الجديد عند الاقتران السفلي. من قبيل المفارقة أن كوكب الزهرة لا يكون في أسطع حالاته حين يكون في أقرب موضع إلى الأرض (الطور الجديد)، وإنما في طور الهلال (نحو خمسة أسابيع قبل الطور الجديد وبعده). على الجانب الآخر؛ لأن كوكب الأرض أبعد عن الشمس من الزهرة، فإن نصفه المضاء كله يظهر أمام الزهرة حين يكون الكوكبان في أقرب موضع لهما.

(٢٢) الشُّهُب

جانب كوكب الأرض الذي يشهد الصباح تضربه كلٌّ من الشهب التي تسقط نحوه بالإضافة إلى الشهب التي يقترب هو منها، أما الجانب الذي يشهد المساء فلا تضربه إلا الشهب التي تقترب من الأرض، على النحو المبين في الشكل.

(٢٣) الدوران البطيء للأرض

لو كانت العلاقة التي تُظهرها البيانات المأخوذة من الكواكب الأخرى تنطبق على الأرض بالمثل، لدارت الأرض حول نفسها في ١٥٫٥ ساعة وليس في ٢٤ ساعة. ومع ذلك، على مر العصور تباطأ دوران الأرض حول نفسها بفعل التأثيرات المدِّيَّة للقمر. الكواكب الأخرى — المريخ والمشتري وزُحَل وأورانوس ونبتون — ليس لها أقمار كبيرة الحجم نسبةً إلى حجم الكواكب نفسها مثل القمر نسبةً إلى حجم الأرض. ومن ثم لم تعانِ هذه الكواكب من تأثير إبطاء مماثل.

القمر نفسه يعاني من تأثير إبطاء أكبر من ذلك الذي تعانيه الأرض. فبينما تتأثر الأرض بجاذبية القمر، يتأثر القمر بمجال جاذبية الأرض الأقوى ﺑ ٨١ مرة. وقد تباطأ دوران القمر حول نفسه إلى أن وصل إلى التوقف التام نسبةً إلى الأرض، بحيث ظل الوجه ذاته من القمر يواجه الأرض. لكن دوران القمر نسبةً إلى الشمس لم يتوقف. ويبلغ اليوم الشمسي للقمر نحو ٢٩٫٥ يومًا أرضيًّا، وهو ما يعادل الفترة الزمنية بين كل بدرين متعاقبين.

تباطأت فترة دوران عطارد حول نفسه على نحو بالغ بفعل التأثيرات المدية للشمس وهي تعادل الآن ٥٨٫٦٥ يومًا؛ أي ثلثي الفترة المدارية للكوكب والبالغة ٨٧٫٩٧ يومًا. ومن ثم، عطارد عالق في علاقة ارتباط من الدوران حول نفسه والدوران حول الشمس مقدارها ثلاثة إلى اثنين؛ بمعنى أن عطارد يُكمِل ثلاث دورات كاملة حول محوره مقابل كل دورتين كاملتين يقوم بهما حول الشمس. تباطَأَ دوران كوكب الزهرة أيضًا حول نفسه بفعل تأثير الشمس، وهو الآن يستغرق ٢٤٣ يومًا كي يدور (إلى الخلف!) حول محوره، وهو ما يقارب فترة دورانه حول الشمس (٢٢٥ يومًا).

(٢٤) هل تستطيع الشمس أن تسرق القمر؟

تمنح الشمسُ للأرض نفس مقدار العجلة الجاذبة الذي تمنحه للقمر. وعجلة الأجرام في أي مجال جاذبية لا تربطها علاقة بكُتَلِها؛ لذا حين نقارن بين القمر والأرض، فإن العامل الوحيد المتبقي هو مسافتاهما النسبيتان من الشمس، وهنا يكون الفارق ضئيلًا للغاية لدرجة أنه يمكن تجاهله. ومن ثم، يتقوَّس مسارَا الأرض والقمر حول الشمس بالمعدل ذاته؛ وبذا تظل مسافتهما المشتركة واحدة فعليًّا.

(٢٥) مسار القمر حول الشمس

الجواب هو: نعم؛ ثمة خطأ ما. فمسار القمر حول الأرض يكون دومًا مقعَّرًا نسبةً إلى الشمس. والشكل الفعلي للمسار يبدو أشبه بمضلع ذي ثلاثة عشر وجهًا زواياه مستديرة برفق (انظر الشكل). لمعرفة السبب، افترض أن القمر يقع مباشرة بين الأرض والشمس. في هذا الموضع، يُجذَب القمر في اتجاهين متعارضين بواسطة قوى الجاذبية الخاصة بالأرض والشمس. النسبة بين القوة الجاذبة نحو الشمس والقوة الجاذبة نحو الأرض تبلغ ١:٢٫٢. ومن ثم، هذا الجزء من مسار القمر يجب أن يكون مقعَّرًا نحو الشمس، وإذا كان كذلك بالفعل، فلا يمكن لأي جزء آخر من المسار أن يكون محدَّبًا نحو الشمس.

  • Purcell, E. M. “The Back of the Envelope.” American Journal of Physics 52 (1984): 588.

(٢٦) البدر

سطح القمر مليء بالفوَّهات والسهول المحاطة بالجبال وغيرها من التضاريس الوَعِرة. ومظاهر السطح هذه تلقي ظلالًا طويلة حين تُضاء في خُفُوت بواسطة الشمس، كما يحدث خلال التربيع الأول والأخير. هذه الظلال تجعل السطح يبدو أكثر إظلامًا من القمر وهو في طور البدر، حين تسطع الشمس من الأعلى مباشرةً فوق غالبية سطح القمر.

لاحظ أنه بسبب غرابة مدار القمر حول الأرض، لا يكون أي بدر مساويًا لسواه! فالمسافة بين الأرض والقمر تتفاوت من ٣٥٤٣٤٠ كيلومترًا (نحو ٢٨ قُطرًا أرضيًّا) إلى نحو ٤٠٤٣٣٦ كيلومترًا (نحو ٣٢ قُطرًا أرضيًّا)؛ ومن ثم يمكن أن يتفاوت ضوء القمر وهو في طور البدر بمقدار يصل إلى ٣٠ بالمائة. ومن المثير للاهتمام أن التربيع الأول يكون أسطع من التربيع الأخير بنحو ٢٠ بالمائة.

  • Long, K. The Moon Book. Boulder, Colo.: Johnson Books, 1988, pp. 39–42.

(٢٧) الخداع البصري القمري

ثمة تفسير منطقي لهذا الخداع البصري يعود إلى زمن قديم؛ إلى الفلكي والهندسي بطليموس، الذي عاش في القرن الثاني الميلادي. يحمل هذا التفسير اسم نظرية المسافة الظاهرية، ويقضي بأن القمر المنخفض في الأفق يبدو أنه يوجد على مسافة أبعد من القمر عندما يكون في كبد السماء الخالية. إن الراصد يأخذ المسافة الظاهرية في الحسبان على نحو تلقائي، ويطبِّق دون وعْيٍ القاعدةَ التي تقضي بأنه إذا كوَّن جسمان صورتين لهما الحجم عينه، فلا بد أن الجسم الأبعد يكون أكبر حجمًا (انظر الشكل).

وهناك تفسير منطقي آخر للخداع البصري القمري يقضي بأنه حين يكون القمر قريبًا من الأفق، تتسبَّب الأرض والأفق في جعل القمر يبدو أقرب نسبيًّا. وبما أن القمر يغيِّر موضعه في العمق، بينما يظل المثير الضوئي ثابتًا، تُغَيِّر آليةُ منظومة المخ/العين من الحجم المُدرَك وتجعل القمر يبدو كبيرًا للغاية.

يمكن العثور على تاريخ للخداع البصري القمري وتفاصيل عن التفسيرات ذات الصلة في المراجع المذكورة. وجدير بالذكر أن التأثير ذاته ينطبق على الشمس أيضًا.

  • Hershenson, M. The Moon Illusion. Hillsdale, N.J.: Lawrence Erlbaum Associates, 1989.
  • Kaufman, L., and I. Rock. “The Moon Illusion.” Scientific American 207 (1962): 120.
  • Restle, F. “Moon Illusion Explained on the Basis of Relative Size.” Science 167 (1970): 1092.

(٢٨) تحديد حجم كوكبات النجوم

الجواب هو: نعم. انظر التفسير الخاص بالخداع البصري القمري في السؤال السابق. إن المسافة بين النجوم المنفردة داخل الكوكبة تبدو في ازدياد حين تكون الكوكبة أقرب إلى الأفق. وهذا التأثير يظهر بوضوح تحديدًا في حالة كوكبة الجبار في فصل الشتاء، وكوكبة الدجاجة في فصل الصيف.

(٢٩) القمر المقلوب

يتباين الاتجاه الظاهري لسطح القمر على نحو واسع اعتمادًا على دائرة العرض الموجود بها الراصد، وفي أي دائرة عرض بعينها يعتمد على موضع القمر في السماء. وبهذا فإن الجبال القمرية (المناطق الساطعة) والوديان القمرية (المناطق الداكنة) يمكن أن تبدو في موضع رأسي أو أفقي أو معكوس أو في أي موضع وسيط؛ وذلك استنادًا إلى الموضع الذي تنظر منه إلى القمر. وإذا كان لدينا راصدان على خط الطول ذاته — أحدهما مثلًا في بوسطن والثاني في سانتياجو في تشيلي — فإن الراصد الموجود في تشيلي سيرى القمر مقلوبًا تمامًا مقارنةً بصديقه في بوسطن، وذلك حين يكون القمر في اتجاه الجنوب فقط. أما في الأوقات الأخرى فيكون الاتجاه النسبي أكثر تعقيدًا.

(٣٠) كم يبلغ ارتفاع القمر؟

حين تكون دائرة الكسوف منخفضة في الجانب المضيء من الأرض، كما في فصل الشتاء، فإنها تكون بالتبعية أعلى في الجانب المظلم. ومن ثم فإن القمر يكون مرتفعًا في ليالي الشتاء ومنخفضًا في ليالي الصيف، بحيث يصل أقصى ارتفاع له في طور البدر، حين يكون قبالة الشمس مباشرةً.

(٣١) «شروق الأرض» على القمر

الجواب هو: لا. لقد صار دوران القمر حول نفسه متزامنًا مع دورة القمر حول الأرض. ونتيجة لذلك، يواجه نصف القمر عينه الأرض على الدوام. وفوق هذه الحركة هناك «حركة اهتزازية» للقمر تمكِّننا من أن نرى، من وقت لآخر، نحو ٥٩ بالمائة من سطح القمر، وإن كنا في معظم الأوقات لا نستطيع أن نرى أكثر من ٤١ بالمائة فقط من سطحه؛ وذلك لأن الشكل الكروي للقمر يخفي المناطق القريبة لحدِّه الخارجي.

وبناءً عليه، بالنسبة إلى راصد موجود في أي موقع على القمر، ستبدو الأرض دائمًا في النقطة عينها في السماء، وتتذبذب قليلًا حول ذلك الموضع بسبب الحركة الاهتزازية. على سبيل المثال، قُرب منتصف نصف القمر المرئي ستكون الأرض مرئية بالأعلى مباشرة، وستُرى وهي تمر بأطوارها بنفس الطريقة التي نرى بها القمر وهو يمر بأطواره ونحن على الأرض.

(٣٢) رؤية عطارد والزهرة

يقع مدارا عطارد والزهرة بين الشمس والأرض، ونتيجة لذلك، في نظر الراصد الذي يشاهد السماء لا يكون هذان الكوكبان بعيدين مطلقًا عن الشمس، وتكون الزاوية القصوى من الشمس — ما يُطلَق عليه الاستطالة — ٢٨ درجة في حالة عطارد، و٤٨ درجة في حالة الزهرة. ومن ثم، حين تغرب الشمس، لا يتأخر عطارد والزهرة عنها في الغروب.

تتضافر عوامل عدة كي يصير من الصعب رؤية كوكب عطارد. فبسبب أن مداره بيضاوي وأنه يميل بمقدار ٧ درجات عن مستوى دائرة الكسوف، فإن أكبر استطالة لعطارد يمكن أن تبلغ مقدارًا ضئيلًا لا يتجاوز ١٨ درجة. علاوةً على ذلك، لا يمكن أن يُرى عطارد إلا حين يكون واقعًا بزاوية لا تقل عن ١٠ درجات بعيدًا عن الشمس. ومن ثم، رغم أن عطارد يمكن أن يكون في مثل سطوع بعضٍ من أشد النجوم سطوعًا، تكون فترة الرؤية الخاصة به مقصورة على أسبوع أو أسبوعين ثلاث مرات سنويًّا في المساء، وثلاث مرات سنويًّا قبل شروق الشمس.

على العكس من ذلك يسهل بدرجة كبيرة مشاهدة كوكب الزهرة، الذي يظل أحيانًا في السماء لمدة أربع ساعات عقب الغروب. ومن المثير للاهتمام أن الزهرة، شأنه شأن القمر، يمكن في بعض الأحيان أن يُرى في منتصف النهار. ومن المعروف أن ثمة سُفنًا حربية أطلقت نيرانها عليه ظنًّا منها أنه منطادٌ مُعَادٍ.

(٣٣) كثافة الأرض

مجال الجاذبية الخاص بالكواكب العملاقة يكون مرتفعًا بما يكفي كي يجتذب قدرًا ضخمًا من الغلاف الجوي ويحتفظ به. وغازات هذا الغلاف الجوي قليلة الكثافة مقارنةً بالجسم الرئيسي الصخري للكوكب، ويقلِّل وجود هذه الغازات على نحو بالغ من كثافة الكوكب ككلٍّ.

(٣٤) الشروق من الغرب

هناك بعض الأمثلة بالفعل! أحدها هو القمر الأقرب والأكبر للمريخ، المسمَّى فوبوس، الذي يدور حول المريخ في ٧ ساعات و٣٩ دقيقة. هذه الفترة أقصر من ثلث فترة دوران المريخ حول نفسه. ونتيجة لذلك، تفوق الحركة المدارية إلى الشرق الخاصة بالقمر فوبوس في سماء المريخ حركته الظاهرية إلى الغرب التي يسببها دوران المريخ حول نفسه، وهو ما يجعل القمر فوبوس يُشرق من الغرب، ثم يقطع السماء في خمس ساعات ونصف فقط، كما يراه الراصد الموجود عند خط استواء المريخ، ثم يغرب في الشرق.

جِرْمٌ آخر ينطبق عليه هذا الأمر، هو الشمس حين تُرى من الزهرة وأورانوس. فبالنظر من نجم الشمال، نجد أن جميع الكواكب تدور حول الشمس في عكس اتجاه عقارب الساعة، وتدور حول محاورها أيضًا في عكس اتجاه عقارب الساعة؛ أي من الغرب إلى الشرق. إلا أن كوكبَي الزهرة وأورانوس هما الاستثناءان الوحيدان. فكوكب الزهرة يدور من الشرق إلى الغرب حول محوره، وهو يفعل هذا ببطء شديد. فاليوم على الزهرة يعادل ٢٤٣ يومًا أرضيًّا. هذه الحركة القهقرية للزهرة تتسبب في جعل الشمس تشرق ببطء شديد من الغرب ثم تغرب ببطء مماثل في الشرق. أما كوكب أورانوس فمحوره مُوازٍ تقريبًا للمستوى المداري؛ لذا يتغير اتجاه الشمس المشرقة بواقع ١٨٠ درجة تقريبًا خلال السنة المدارية الواحدة!

أغربُ من كل هذا سلوكُ الشمس كما تُرى من على سطح كوكب عطارد. فحين يكون عطارد قرب الحضيض، تفوق سرعة الكوكب السريعة حول مداره حركته البطيئة حول محوره. فتتوقف الشمس في كبد السماء فعليًّا ثم تتحرك في الاتجاه المعاكس (من الغرب إلى الشرق) لعدة أيام أرضية. إضافة إلى ذلك، كواكب المشتري الأربعة الخارجية، والقمر فويب من أقمار زحل، والقمر ترايتون من أقمار نبتون، لها مدارات متقهقرة حول كواكبها الأم، وهو ما يشير ربما إلى أنها في الأساس كويكبات اقتنصتها هذه الكواكب.

(٣٥) جبال المريخ العالية

لا يمكن أن يرتفع الجبل لأعلى من قيمة ارتفاع حرجة معينة، وهي تبلغ على الأرض ٩٠ ألف قدم. وأي ارتفاع أعلى من ذلك من شأنه أن يزيد وزن الجبل إلى نقطة تبدأ معها قاعدته في التحول إلى سائل تحت هذه الضغوط الهائلة، وهو ما يجعل الجبل يغوص إلى ما دون الارتفاع الحرج. على سطح المريخ، تكون قوة الجاذبية لكل وحدة كتلة أقل مما هي على الأرض؛ ومن ثم تكون الجبال أخف وزنًا؛ وبذا يمكنها أن تصل إلى ارتفاعات أعلى.

(٣٦) الذهاب إلى المريخ عن طريق الزهرة!*

باستخدام مساعدة الجاذبية، أو طريقة المقلاع، تمر المركبة الفضائية بتصادم مرن مع كوكب الزهرة لا يحدث خلاله أي اتصال مادي. فبالتحرك في نفس الاتجاه العام للزهرة، تقترب المركبة من الكوكب ثم تبتعد عنه بالسرعة عينها نسبةً إلى الكوكب. وبالقياس في الإطار المرجعي الخاص بالمجموعة الشمسية، تكتسب المركبة نسبة صغيرة من طاقة الحركة الخاصة بالكوكب، وفي ذلك الإطار تخرج من عملية التطويح وقد اكتسبت سرعة أكبر، ترسلها نحو المريخ. يُقدَّر وقت رحلة الذهاب والإياب إلى المريخ بنحو ٥٠٠ يوم؛ أي أقل من طريقة المدار الانتقالي التقليدية بما يزيد عن العام.

كل نحو ١٧٥ عامًا تصطفُّ الكواكب الكبرى بالمجموعة، بحيث تستطيع مركبة فضائية وحيدة أن تستخدم طريقة المقلاع كي تحلِّق نحوها جميعًا. وقد استغلت مركبتا الفضاء «فويدجر ١» و«فويدجر ٢» هذه الفرصة كي تكملا جولة عظمى مرورًا بالكواكب الكبرى بالمجموعة الشمسية بين عامَي ١٩٧٩ و١٩٨٩م.

  • Berman, A. I. Space Flight. New York: Doubleday, Anchor Press, 1979, pp. 167–172.
  • Lewis, J. S., and R. A. Lewis. Space Resources: Breaking the Bonds of Earth. New York: Columbia University Press, 1987, pp. 132–137.

(٣٧) أين أنت؟*

أدِر عُملة معدنية على أرضية الغرفة. لن تدور العُملة حول نفسها؛ لأنه وفق قانون حفظ الزخم يحاول متجه الزخم الزاوي للجسم الدوَّار الحفاظ على اتجاهه في الفضاء، لكن أرضية المحطة الفضائية تغيِّر موضعها بسرعة في الفضاء.

(٣٨) هل كان جاليليو محقًّا؟*

يجب أن نكون أكثر دقةً في حديثنا. فهل نعني عجلة الجسم الساقط نسبةً إلى مركز الأرض، أم عجلته نسبةً إلى مركز الكتلة المشترك للأرض والجسم؟ يُطلَق على الأخير اسم «مركز الكتلة المشترك». والعجلة نسبةً إلى مركز الكتلة المشترك هي فقط التي تكون مستقلة عن كتلة الجسم؛ لأنها مساوية لشدة مجال الجاذبية الأرضية عند مركز الكتلة الخاص بالجسم.

بطبيعة الحال، تتسارع الأرض في وقت السقوط نحو الجسم الساقط؛ ومن ثم تكون عجلة الجسم نحو مركز الأرض هي مجموع عجلتَي الجسم والأرض. هذا التأثير «يزداد» مع ازدياد كتلة الجسم! ورياضيًّا نقول إن أو ، وهو ما يمكن تحويله إلى الصورة التالية: ؛ حيث عجلة الجسم نسبةً إلى مركز الأرض.

إذن ربما كان أرسطو محقًّا على أي حال. فالأجسام الثقيلة تسقط أحيانًا بعجلة أكبر من عجلة الأجسام الخفيفة!

  • de la Vega, R. L. “Gravity Acceleration Is a Function of Mass.” Physics Teacher 16 (1978): 292.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤