الفصل الخامس

الصوت

(١) المحارة

التجويف الموجود داخل المحارة يعمل عمل المِرْنان (مضخِّم الصوت) لأي أصوات تدخل من الهواء المحيط أو من الأذن أو عن طريق الانتقال بالتلامس عبر عظام الأذن والجلد إلى مادة المحارة. يمكننا أن نشعر بظاهرة رنين التجويف هذه عن طريق طقطقة الإصبع الأوسط مع الإبهام حين تكون اليد مضمومة وحين تكون مفتوحة. الصوت الصادر عند طقطقة الأصابع عندما تكون اليد مضمومة يكون أعلى كثيرًا. وبالمثل، الصوت القادم من اندفاع الدم بجوار الأذن إضافة إلى الأصوات المحيطة الشبيهة بأصوات البحر تنتج تأثيرًا مُشَوِّقًا عندما تُسمَع وهي تنبعث من المحارة.

(٢) الاستماع إلى صوتك

الاختلاف حقيقي. فصوتك يبدو أرقَّ وأقلَّ قوةً للآخرين عما يبدو لك؛ وهذا لأنك تسمع صوتك من خلال التوصيل العظمي للجمجمة علاوةً على التوصيل الهوائي. ويمكنك التحقُّق بنفسك من هذا الاختلاف بالطريقة التالية: همهِمْ وشفتاك مغلقتان، ثم سُدَّ أذنَيْك بأصابعك، ستبدو وقتها الهمهمةُ أعلى! عند التوصيل الهوائي للصوت، أغلب طاقة الاهتزاز تخرج على صورة تردُّدات تزيد عن ٣٠٠ هرتز، وقليل منها للغاية هو ما يخرج على صورة أصوات منخفضة التردد.

(٣) دمدمة في الأذن

صوت الدمدمة هذا على تردد يبلغ نحو ٢٣ هرتز ينشأ أساسًا في العضلات الموجودة في ذراعيك ويديك. فشعيرات الأكتين والميوسين الدقيقة الموجودة في العضلات تواصل الانبساط والارتخاء قليلًا. وكل حركة صغيرة تتضمَّن قدرًا من الاحتكاك بين كل عضلة وأخرى، وهو ما ينتج أصواتًا تنتقل على امتداد عظام الساعد وصولًا إلى رأسك. ويمكنك التحقُّق من مصدر هذه الأصوات بأن تستمع أولًا وذراعاك مرتخيتان نوعًا ما كي ترسي مستوى شدة الصوت الأساسية، ثم بعد ذلك تشد قبضتك وعضلات ساعديك للاستماع إلى شدة الصوت وهي تزداد أضعافًا مضاعفة.

إذا قامت غوريلا بالتجربة عينها، واستمعت إلى عضلاتها، فمن الممكن أن تكون شدة صوت الدمدمة أعلى قليلًا؛ لأن عضلات الأصابع الموجودة في يد الغوريلا ضخمة إلى حدٍّ ما مقارنةً بالإنسان الذي توجد أغلب العضلات المحرِّكة للأصابع لديه في الساعد، وتمتد منها أوتار طويلة للغاية وصولًا إلى اليدين.

  • Oster, G. “Muscle Sounds.” Scientific American 255 (1984): 108.
  • Oster, G., and J. S. Jaffe. “Low-Frequency Sounds from Sustained Contraction of Human Skeletal Muscle.” Biophysical Journal 30 (1980): 119.

(٤) الصوت في أنبوب

كلما قابلتْ موجة الصوت (أو أي موجة في واقع الأمر) تغيرًا في المقاومة لحركتها فإن جزءًا منها ينعكس، وجزءًا ينتقل، وجزءًا يُمتَص. وتنعكس موجة الصوت عن جدار مصمَت؛ لأن الزيادة المفاجئة في الشدة تُنتِج تغيُّرًا في المقاومة. تسبِّب المواد المختلفة تغيرات طورية مختلفة للموجة المنعكسة مقارنةً بالموجة الأصلية.

إن موجة الصوت التي تتحرَّك داخل الأنبوب وتواجِه طرفه المفتوح ستنعكس جزئيًّا. ستمتد منطقة ضغط عند الطرف المفتوح إلى الخارج، وبهذا تُحدِث نقصًا في الضغط؛ أي خلخلة. يُدفَع الهواء المحيط إلى هذه المنطقة كي يبني منطقة ضغط تتحرَّك عائدةً نحو داخل الأنبوب. ويمكننا أن نتخيَّل تأثيرًا معاكسًا حين تصل الخلخلة إلى طرف الأنبوب.

فعليًّا، يكون الطول الديناميكي للأنبوب أطول بنحو ثلث قُطر الطرف المفتوح لكل طرف مفتوح، وذلك إذا أردنا أن نستخدم المعادلة البسيطة التي تربط الطول الموجي الرنان بالطول المادي للأنبوب . هذا يعني أنه بدلًا من المعادلة ، علينا استخدام المعادلة ؛ حيث ، وستكون لنغمات الرنين حدة صوت أقل قليلًا مما هو متوقع من المعادلة الأولى.
  • Troke, R. W. “Tube-Cavity Resonance.” Journal of the Acoustical Society of America 44 (1968): 684.

(٥) ليالي الصيف

ينتقل الصوت في الهواء الجاف الدافئ بسرعة أكبر مما في الهواء الجاف البارد؛ ففي الهواء الدافئ، يكون متوسِّط السرعات الجزيئية أكبر؛ ومن ثم تصل الجزيئات إلى الجزيئات المجاورة لها على نحوٍ أسرع، وهو ما يمكِّن ضغطَ الصوت من الحركة بسرعة أكبر. في فصل الصيف، حين تكون درجة حرارة الهواء أدفأ من درجة حرارة الماء، يحدث انقلاب في درجات الحرارة؛ إذ تكون درجة حرارة الهواء لعدة أمتار فوق الماء أقل من درجة حرارة الهواء فوق تلك الطبقة. وسيعمل انقلاب درجة الحرارة على عكس الطاقة الصوتية المتحرِّكة لأعلى، بحيث تعود ثانيةً إلى الماء، ثم سيعكس السطح الهادئ للماء موجة الصوت لأعلى ثانية، ثم سيعكس انقلاب درجة الحرارة موجة الصوت لأسفل، وهكذا دواليك. ومن ثم، سينتقل أغلب الصوت داخل طبقة رقيقة من الهواء إلى مسافة بعيدة عبر سطح الماء. وتعتمد شدة الصوت المسموع على مسافة بعيدة على عدة عوامل، على غرار تردُّد الصوت والشدة الأصلية ومعامل الانعكاس الفعلي لانقلاب درجة الحرارة. ومن السهل تخيُّل تغيرات الاتجاه الخاصة بمقدمات الموجات.

(٦) طلقات المدفع

للظاهرة الصوتية التي حدثت بالقرب من لندن عدة تفسيرات محتملة. قد يكون أبسط هذه التفسيرات أن الرياح في طبقة الغلاف الجوي العليا قد تهبُّ في اتجاه معاكس للرياح الموجودة في طبقة الغلاف الجوي السفلى. فالرياح الغربية بالطبقة السفلى والشرقية بالطبقة العليا ستمنع الأصوات الأقرب للأرض من الوصول للمناطق غربي مصدر الصوت. بعد ذلك حين يصل الصوت للرياح في الطبقة العليا، يمكنه أن يصل إلى المناطق البعيدة غربًا عن طريق الانعكاس للأسفل بعيدًا عن المصدر. ومع ذلك، هذه العملية لا يمكنها أن تفسِّر حلقة الصوت المسموعة في جميع الاتجاهات.

أما حين تحيط منطقة الصمت تمامًا بالمصدر على نصف قُطر ما، لكن يكون الصوت مسموعًا على مسافات أبعد في جميع الاتجاهات، فهنا نكون في حاجة لتفسير مختلف. في هذه الحالة التي شهدناها في لندن، لنا أن نخمِّن وجود انقلاب في درجة الحرارة في الجزء العلوي من الغلاف الجوي. إن إطلاق المدافع يُرسل مقدِّمة موجة ذات شكل نصف كروي تتمدَّد مع ارتفاعها فوق الأرض. وإذا كانت درجة حرارة الهواء تقلُّ مع الارتفاع، وهو الحال عادةً، تنحني الموجة بعيدًا عن الأرض. وعادةً ما يحيد قدرٌ كافٍ من الصوت ويعود إلى السطح، خاصة على الترددات المنخفضة، بحيث يمكن سماع دوي إطلاق المدافع بسهولة على مساحة كبيرة حول المصدر. لكن مع تحرُّك الموجات للأعلى، يكون للصوت المحيد فرصة أقل في الوصول إلى الأرض؛ لأن المسافة تزداد، وفيما وراء نصف قطر معين حول المصدر ستكون هناك منطقة من الصمت.

حين تصل موجة الصوت هذه إلى ارتفاع ١٠ إلى ١٥ كيلومترًا تتوقَّف درجة حرارة الهواء عن الانخفاض، وتبدأ في الارتفاع ببطء مع العلو حتى تصل إلى حدِّها الأقصى على ارتفاع نحو ٥٠ كيلومترًا. تزداد درجة الحرارة في هذه المنطقة لأنها تسخُن بفعل الأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس. يتم امتصاص أغلب الأشعة فوق البنفسجية في طبقة الأوزون، التي تحمي جلودنا من الاحتراق (بعض الأشعة فوق البنفسجية ينفذ من طبقة الأوزون، ولولا هذا لما استطعنا اكتساب سُمرة الشمس).

عندما تقابل موجة الصوت الهواء الأدفأ فإنها تنحني مبتعدةً عنه وتعود ثانية إلى الأرض. ولا يتبقَّى سوى مقدار صغير من الطاقة الصوتية بعد رحلة العودة الطويلة هذه إلى الأرض بسبب التشتُّت الهندسي لهذه الطاقة نحو الفضاء وامتصاصها بواسطة الهواء. ويمكن سماع الأصوات الناتجة عن الانفجارات الكبيرة وطلقات المدفعية لو كانت الظروف الجوية مواتية.

(٧) التحدُّث عكس اتجاه الرياح

لا تستطيع الرياح أن تعصف بالصوت، ما لم تكن سرعة الرياح مماثلة لسرعة الصوت! ما يحدث في الواقع هو أن الرياح ترفع الصوت للأعلى فوق الجانب المعاكس للرياح، وهو ما يتسبَّب في عبور معظم الطاقة الصوتية من فوق رأسك. في الشكل الأول تُجمَع سرعتا الصوت والرياح متجهيًّا (طول متجه سرعة الرياح مبالغ فيه).

في أغلب الأيام تقل درجة حرارة الهواء مع الارتفاع عن سطح الأرض؛ لأن الهواء يسخن بالأساس بواسطة الأرض، وليس على نحو مباشر بواسطة الشمس. تنحرف موجات الصوت بعيدًا عن الهواء الأدفأ؛ وبذا فإن نمط الأشعة الصوتية المنطلقة من مصدر ثابت موجود في نقطة فوق سطح الأرض يبدو كما هو مبين في الشكل الثاني، وذلك بافتراض عدم وجود رياح. المناطق الداكنة على كلا جانبَي المصدر تمثِّل مناطق الظلال الصوتية التي لا يُسمع فيها إلا قدر يسير للغاية من الصوت.

حين تكون هناك رياح، فإن سرعة هذه الرياح تزداد مع الارتفاع. ويمكنك جمع سرعة الصوت وسرعة الرياح متجهيًّا، واضعًا في الاعتبار الزيادة في سرعة الرياح؛ كي تحصل على النتيجة المبيَّنة في الشكل الثالث. هناك ظلٌّ صوتي على الجانب المعاكس للرياح، لكن بعض الصوت يحيد نحو منطقة الظل، خصوصًا عند الترددات المنخفضة. أما الأصوات ذات الترددات العالية، بما في ذلك أصوات الكلام، فلا توجد بالمرة في منطقة الظل. ودون الترددات العالية المرتبطة بالأساس بالحروف الساكنة، قد يكون الكلام غير واضح. وبهذا تتسبَّب الرياح في تأثيرين: زيادة شدة الصوت، والتخلص من الترددات العالية.

(٨) صفافير الضباب

الأصوات منخفضة الحدة يمكن سماعها على مسافات أبعد مقارنةً بالأصوات ذات الحدة العالية. بينما تنتقل موجات الصوت، تتحول بعض الطاقة إلى طاقة حرارية، ويكون معدل التحول أسرع في حالة الترددات العالية. السفن في البحر تحتاج إلى مساحة كبيرة من أجل تغيير مسارها لتفادي الخطر، ولهذا السبب دائمًا ما تعمل صفافير الضباب على حدة صوتية منخفضة حتى يتم التأكد من سماعها على مسافة أميال عدة داخل البحر.

(٩) السمع من علٍ

في الظروف الجوية العادية، تقل درجة الحرارة مع الارتفاع عن سطح الأرض. ولهذا السبب تقل سرعة الصوت في الهواء مع الارتفاع. وموجات الصوت المُنتَجة قرب سطح الأرض تنتشر من المصدر إلى الخارج في جميع الاتجاهات، وفي نهاية المطاف تنحرف موجات الصوت بسبب الهواء الأدفأ وتتحرك لأعلى صوب راكبِي المناطيد أو متسلقِي الجبال.

أما موجات الصوت المنتَجة في العلو بواسطة متسلقي الجبال أو راكبي المناطيد، فتبدأ بالانتشار في جميع الاتجاهات من المصدر، وهي أيضًا تنحرف بعيدًا عن الأرض، وعادةً تفشل تمامًا في الوصول إلى سطح الأرض.

ثمة تأثيران آخران ثانويان: (١) يُنتج متسلقو الجبال أو راكبو المناطيد الأصواتَ في هواء ذي كثافة أقل قليلًا مقارنةً بكثافة الهواء على الأرض؛ لذا تكون طاقة موجات الصوت أقل من طاقة موجات الصوت التي ينتجها الأشخاص الموجودون على سطح الأرض. (٢) أيضًا يكون راكبو المناطيد في منطقة هادئة، بينما الأشخاص الموجودون على الأرض يكونون مغمورين في فيض من الأصوات، وهو ما يصعِّب من عملية تمييز صوت راكبي المناطيد في هذه الضوضاء.

(١٠) الصوت التصاعدي للشوكة الرنانة

الطرفان يُنتِجان موجتين صوتيتين بطورين متعاكسين. فعليًّا تُلغي الموجتان إحداهما الأخرى عندما تهتز الشوكة في مستوًى عمودي على مستوى الأذن. وعند إدارة الشوكة ربع دورة، يهتز الطرفان في مستوًى موازٍ لمستوى الأذن، وتعزِّز موجتا الصوت إحداهما الأخرى بحيث تنتجان صوتًا أعلى. وتتسبَّب إدارة الشوكة برفق في تغيير مستوى الشدة من الصوت المرتفع إلى الخافت.

  • Crawford, F. S. Waves: Berkeley Physics Course. Vol. 3. New York: McGraw-Hill, 1968, p. 532.
  • Zarumba, N.; R. Hetzel; and E. Springer. Physics Teacher 21 (1983): 548.

(١١) انتباه!

الجواب هو: لا. فجزء من الصوت المنبعث من المتحدِّث ينعكس من على الجدران والسقف، أما الباقي فيتم امتصاصه. تميل أصوات النساء إلى أن تكون ذات نغمات عالية الحدة، وهذه الأصوات يتم امتصاصها بدرجة أكبر مقارنةً بالأصوات ذات النغمات المنخفضة الحدة. وبناءً عليه، تنعكس نغمات الصوت الجهير الصادح للذكور لعدد أكبر من المرات، وبهذا يحتاج المتحدِّث الذكر إلى بذل طاقة أقل كي يصل بصوته إلى كل جنبات القاعة. ومع ذلك، عليه أن يتحدَّث ببطء أكبر؛ كي يتجنب أن تبدأ كلمته التالية بالتزامن مع نهاية الكلمة السابقة، التي لا تزال تتردد في جنبات القاعة.

(١٢) مطَّاط ورصاص

تعتمد سرعة الصوت داخل أي مادة على كلٍّ من كثافة المادة ومرونتها؛ بحيث إن سرعة الصوت تساوي الجَذْر التربيعي لحاصل قسمة المرونة على الكثافة. للرصاص قيمة مرونة منخفضة للغاية؛ إذ إنه يفتقر للمرونة تمامًا. يمكن لتبريد الرصاص أن يزيد من مرونته على نحو بالغ. المطاط استثناء آخر بسبب إسفنجيته الشديدة وبنيته الكيميائية المتفردة، وكلتا الخاصيتين تسمحان بامتصاص الطاقة الصوتية على الفور.

بما أن كلتا المادتين تتسمان بسرعتَي انتقالِ صوت منخفضتين، وتعجزان عن توصيل الطاقة الصوتية بكفاءة، تُوضع طبقات من المطاط والرصاص بالتبادل لعزل المعدات عن الاهتزازات الأرضية في العديد من المختبرات البحثية.

(١٣) التحدُّث بعد استنشاق الهليوم

ليس لترددات الطيات الصوتية الموجودة في القصبة الهوائية للإنسان علاقة بالغاز المحيط بها، وإنما تتحدَّد بواسطة كتلة الأحبال ومقدار شدِّها أو ارتخائها. ورغم أن طيفها الترددي يظل كما هو في حالة استنشاق الهليوم، فإن تجويف الكلام/الفم المرتبط بها يعزِّز الترددات التوافقية على نحو انتقائي من خلال الرنين وتغيير مستويات الشدة دون تغيير الترددات نفسها. وتكون النتيجة مشابِهة لما يحدث عند تعلية الصوت عالي الطبقة لجهاز الاستيريو.

ذرة الهليوم أخف من أي جزيء في الهواء عدا جزيئات الهيدروجين الشحيحة، وسرعة الصوت في غاز الهليوم أكبر من سرعته في الهواء. وبالنسبة إلى موجة الصوت، فإن التردد يساوي السرعة مقسومة على الطول الموجي. ومن ثم، يكون تردد الموجات ذات الطول الموجي نفسه أعلى في الهليوم منه في الهواء.

  • Tibbs, K. W., et al. “Helium High Pitch.” Physics Teacher 27 (1989): 230.
  • Van Wyk, S. “Acoustics Problems.” Physics Teacher 25 (1987): 521-522.

(١٤) قاعتان موسيقيتان

التصميم الأول، ذو السقف العاكس المقوس، أفضل من الناحية الصوتية. إذا سمع المتلقي أول صوت منعكس في غضون فترة تقل عن ٥٠ ملِّي ثانية بعد الصوت المباشر، سيعزِّز الصوت المنعكس من الصوت المباشر، وسيكون التأثير محببًا. أما إذا كان الفاصل الزمني ٥٠ ملِّي ثانية أو أكثر، فسيسمع المتلقي الصوت المنعكس بوصفه صدًى، وهو ما يتداخل مع الصوت المباشر. الانعكاسات المتعددة أقل أهميةً بسبب ما يحدث من امتصاص للطاقة الصوتية.

  • Blum, H. American Journal of Physics 42 (1974): 413.
  • Rossing, T. D. “Acoustic Demonstrations in Lecture Halls: A Note of Caution.” American Journal of Physics 44 (1976): 1220.

(١٥) زئير الفأر

رغم أن الفأر قد يكون قادرًا على توليد أصوات منخفضة الحدة في تجويف الفم الخاص به، فإن شدة هذه الأصوات تكون محدودة للغاية بسبب عاملَيْن: المقدار الصغير من الهواء الذي يتحرَّك داخلًا إلى الفم، وعدم التناسب الكبير في الحجم بين الطول الموجي للصوت وأكبر الأبعاد الخطية للتجويف الفَمَوِي للفأر. أيضًا تأثيرات رنين التجويف لن تكون موجودة تقريبًا، ولن يمكنها مساعدة فأرنا الصغير. تعتمد شدة الصوت، في حالة تَساوي كل العوامل الأخرى، على مربع التردُّد؛ لذا على المرء تحريك مقدارٍ أكبر بكثير من الهواء على الترددات المنخفضة كي يباري مستويات الشدة على الترددات الأعلى. ولا يستطيع الفأر تحريك مقدار كبير من الهواء!

يستطيع الفيل أن يُطلِق أصواتًا عالية التردد بواسطة عدد من الآليات؛ منها أن يتم ذلك من خلال إسهامات الرنين صغيرة الحجم الآتية من تجويف الفم أو الأنف، وأيضًا من خلال القدرة على استغلال السلوك الاهتزازي غير الخطِّي، الذي يتسبَّب في إحداث نغمات صوتية ثانوية ذات تردد أعلى.

  • Bartlett, A. A. “The Mouse That Roared?” Physics Teacher 15 (1977): 319.

(١٦) نغمات صوتية جهيرة

يتكوَّن الحديث البشري من كلٍّ من النغمات الأساسية الأدنى، والترددات التوافقية الخاصة بها؛ وهي عبارة عن مضاعفات صحيحة لهذه الترددات الأساسية. ومنظومة المخ/الأذن البشرية لا تستشعر فقط الترددات الموجودة في الموجات الصوتية، ولكنها أيضًا تنتج ترددات جديدة، تكون عبارة عن مجموع هذه الموجات الموجودة من الأصل والفوارق بينها. وهذه القدرة موجودة في معظم الأنظمة التي تُخرِج استجابات غير خطية للإشارات الداخلة. والنغمات الصوتية الجهيرة المسموعة في الصوت القادم من سماعة الهاتف تنشأ عن ترددات الفارق.

  • Rossing, T. D. “Physics and Psychophysics of High-Fidelity Sound.” Physics Teacher 17 (1979): 563–570.
  • Stickney, S. E., and T. J. Englert. Physics Teacher 13 (1975): 518.

(١٧) الطبقة الصوتية الافتراضية

عند غناء نغمتين صوتيتين معًا، عادةً ما يتم سماع نغمة ثالثة أدنى. وهذه النغمة الخفيضة يُطلَق عليها اسم الطنين الفرقي أو نغمة تارتيني، على اسم عازف الكمان الإيطالي الذي وصفها عام ١٧١٤م. وإذا كانت النغمتان الأصليتان لهما الترددان و فسيكون هذا الطنين الفرقي عند المستوى . يمكن للمرء أيضًا أن يسمع الطنين الفرقي المجسم عند المستوى ، ومن الممكن عند مستويات أخرى بصعوبة. وهذا الطنين الفرقي يعتمد على الاستجابة غير الخطية لمنظومة المخ/الأذن البشرية؛ حيث تُلحق فترة استجابة تربيعية بفترة الاستجابة الخطية. يغنِّي رهبان التبت أحيانًا موسيقى كورالية تحتوي على أصوات عند الترددات ٦٠٠ هرتز و٨٠٠ هرتز و١٠٠٠ هرتز و١٢٠٠ هرتز، على سبيل المثال، ويكون بمقدور المرء أن يسمع العديد من نغمات الطنين الفرقي.
  • Hall, D. E. “The Difference between Difference Tones and Rapid Beats.” American Journal of Physics 49 (1981): 632–636.

(١٨) الغناء في الحمام

الغناء الجيد يتطلَّب رنينًا. ينشأ الصوت في الأساس عند مرور الهواء المدفوع من الرئة عبر الطيَّات الصوتية (وهي أغشية يُطلَق عليها خطأً اسم الأحبال الصوتية) الموجودة في القصبة الهوائية البشرية على صورة سلسلة من النبضات الهوائية على تردُّد يتحدَّد بواسطة مقدار شد الطيات الصوتية. والصوت عبارة عن سلسلة توافقية من الموجات الصوتية تضم التردد الأساسي والترددات التوافقية الأعلى، بحيث يكون التردد الأساسي هو الأقوى. وبينما تَعبُر الموجات الصوتية عبر المجرى الصوتي الذي يتكوَّن من الحنجرة والبلعوم والفم، تكون الترددات القريبة من ترددات الرنين الخاصة بالمجرى الصوتي أعلى مما سواها. ويستطيع المغنِّي الجيد تحقيق هذا التوافق بعدد من الطرق، منها ضبط مستوى شد الطيات الصوتية وتنويع شكل المجرى الصوتي، وبهذا يستفيد من التضخيم الناشئ عن الرنين. ودون مساعدة الرنين، سيكون على المرء أن يصرخ عاليًا حتى يسمعه الجمهور عند تلك الترددات!

تتمثَّل ميزة الغناء في الحمَّام في أن المغنِّي غير الماهر يحصل في هذا الموقف على مساعدة من الرنين المتولِّد بين أسطح الحمَّام المغلق. في الحمام المغلق هناك ثلاثة اتجاهات أساسية للرنين: (١) بين الأرضية والسقف. (٢) بين الجدار الأمامي والخلفي. (٣) بين الجدارين الجانبيين (مع معاملة باب الحمام أو الستار على أنه جدار). من الممكن بناء موجة راكدة من الرنين الصوتي بين أي زوجين من الجدران، بحيث تكون بطون الموجة (المواضع التي تكون فيها سعة الاهتزاز في أقصاها) عند الجدارين وتوجد عقدةٌ (الموضع الذي تكون فيه سعة الاهتزاز منعدمة) في مركز التردد الأساسي في هذا الاتجاه. والتردد التوافقي الثاني عند «ضعفَي» التردد الأساسي يكون له ثلاثة بطون وعقدتان. ومن خلال العلاقة «التردد يساوي السرعة مقسومة على الطول الموجي» يمكننا التنبؤ ببعض ترددات الرنين، علمًا بأن الطول الموجي للتردد الأساسي سيكون حوالي ضعفَي المسافة بين السطحين العاكسين. فإذا كانت المسافة بين الأرضية والسقف مترين مثلًا، يكون الطول الموجي للتردد الأساسي أربعة أمتار، بتردد يبلغ ٨٦٫٥ هرتز، على اعتبار أن سرعة الصوت تبلغ ٣٤٦ مترًا في الثانية.

ومن أجل استثارة التردد الأساسي، على المرء ألا يقف في الموضع الذي تكون العقدة فيه؛ أي قرب المركز. وإنما على المرء أن يقف قرب أحد الجدارين؛ أي قُرب البطن. التردد التوافقي الثاني وكل الترددات التوافقية الزوجية الأخرى يمكن استثارتها من المنطقة المركزية. تعتمد جودة الصوت على عدة عوامل؛ منها موضع الأذنين والفم (مصدر الصوت)، والتشوُّهات التي تصيب الصوت بواسطة الرأس والجسم. يحتاج الشخص الذي يغنِّي في الحمَّام إلى أن يتحرك في أرجاء المكان إلى أن يحصل على التأثير المحبَّب المنشود. وفي المعتاد تخرج الترددات التوافقية الثالثة والرابعة والسابعة والثامنة على أفضل صورة لها من الشخص الذي يغنِّي في الحمام. وبطبيعة الحال، يجب تدبُّر الاتجاهات الثلاثة كلها في الوقت عينه؛ لأن الترددات التوافقية الأعلى قد تنعكس في أحد الاتجاهات الأخرى. فلْتنعَمْ بغناء طيب!

  • Edge, R. D. “Physics in the Bathtub—or, Why Does a Bass Sound Better while Bathing?” Physics Teacher 23 (1985): 440.
  • Walker, J. “What Makes You Sound So Good when You Sing in the Shower?” Scientific American 253 (1982): 170–177.

(١٩) حَكُّ قطعة من الخشب

يكون الصوت خفيضًا للغاية حين تسمعه في الهواء؛ لأن الطاقة الصوتية تنتشر في كل الاتجاهات وتُملي العوامل الهندسية أن يصل جزء بسيط للغاية من الصوت إلى أذنيك. حين تضع أذنك على قطعة الخشب مباشرةً ستسمع صوتًا عاليًا؛ لأن الحكَّ يُنتِج صوتًا في الخشب مثلما ينتج صوتًا في الهواء المحيط. أغلب الطاقة الصوتية في الخشب تظل داخله؛ لأن هناك مقاومة كبيرة ناتجة عن عدم التوافق عند السطح الواصل بين الخشب والهواء تعكس أغلب الطاقة الصوتية وتسمح بانتقال مقدار يسير للغاية من الصوت إلى الهواء. وبهذا تتلقَّى أذنك الطاقة الصوتية من الخشب إذا كان التوصيل جيدًا.

(٢٠) هاتف الخيط والكوبين البسيط

الخط (ب)، الذي يكون وضع الكوب فيه معاكسًا للوضع التقليدي، يُنتِج صوتًا أعلى. هذا الاتجاه يضع السطح المهتز؛ أي قاع الكوب، أقرب إلى الأذن، وهو ما ينتج صوتًا أعلى. جرِّب الأمر. الآن قد تتساءل إن كان ينبغي عكس الكوب المرسِل هو الآخر!

  • Heller, P. “Drinking-Cup Loudspeaker—A Surprise Demo.” Physics Teacher 35 (1997): 334.

(٢١) طائرة أسرع من الصوت

عندما تطير الطائرة بسرعة تقلُّ عن سرعة الصوت، تسبق موجات الصوت الصادرة عنها الطائرة نفسها، وهو ما يجعل جزيئات الهواء أمام الطائرة تستطيل في كرات غير متحدة المركز تكون أكثر تقاربًا في الاتجاه الأمامي عنه في الاتجاه الخلفي.

وحين تطير الطائرة بسرعة تفوق سرعة الصوت، لا تتلقَّى جزيئات الهواء أي تحذير سابق. في الواقع، تُخلَق الموجات الصدمية في كثير من الحواف الأمامية لجناحَي الطائرة، وتميل كلها إلى التجمُّع في مصدرين موضعيين ظاهرين، أحدهما عند مقدِّمة الطائرة والثاني عند الذيل. وبالتبعية، تمر الطائرة التي تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت بقدر أكبر من الاضطراب الهوائي، وقوى مقاومة أكبر، وسخونة أكبر على امتداد الحواف الأمامية. تقلِّل تصميمات معينة لشكل الأجنحة من الاهتزازات، وتُستخدَم معادن خاصة ومواد غير معتادة في تصنيع الأجنحة تكون قادرة على تحمُّل درجات الحرارة العالية بشكل أفضل.

بينما تنتقل الموجتان الصدميتان للأسفل صوب المستمع الموجود على الأرض، ترفع الموجة الأولى — الصادرة عن مقدِّمة الطائرة — ضغط الهواء بشكلٍ حادٍّ. بعدها ينخفض ضغط الهواء إلى ما دون الضغط الجوي مع حلول الصدمة الآتية من الذيل، ثم بعدها يرتفع بحدة ثانية. ولهذا نسمع ذلك الصوت الهادر مرتين عند كل ارتفاع حادٍّ في الضغط.

  • Hodges, L. “What Are the Effects of a Sonic Boom?” Physics Teacher 23 (1985): 169.

(٢٢) لعبة سلينكي الزُّنْبُركية

سيصدُر عن المخرج الموجود عند الجدار صوتٌ أشبه بالصفير؛ صوت يصير مسموعًا في البداية على صورة طبقة صوتية عالية للغاية، ثم يهبط سريعًا في الطبقة؛ ليصير غير مسموع في خلال كسر من الثانية. حين يكون الزُّنْبُرك تحت مقدار قليل للغاية من الشد، سيسلك سلوك القضيب الطويل المتيبس، وستتناسب سرعة موجات الصوت طرديًّا مع الجذر التربيعي للتردد. وبهذا، تنتقل موجات الصوت ذات التردد الأعلى أسرع من الموجات ذات التردد المنخفض.

  • Crawford, F. S. “Slinky Whistlers.” American Journal of Physics 55 (1987): 130.

(٢٣) كئوس النبيذ الموسيقية ١

يختلف الصوت بدرجة طفيفة. فحكُّ حافة الكأس يستثير في الأساس أخفض «درجات الرنين»، الدرجة ٢٫٠، التي بها ذروتان عقديتان. والطَّرْقُ على حافة الكأس يستثير المزيد من «درجات الرنين» هذه، بما فيها الدرجة ٢٫٠ و٣٫٠.

  • Rossing, T. D. “Wine Glasses, Bell Modes, and Lord Rayleigh.” Physics Teacher 28 (1990): 582.

(٢٤) كئوس النبيذ الموسيقية ٢

جرِّب الأمر! ينخفض تردُّد الصوت حتى بالرغم من أن عمود الهواء يصير أقصر. يجب على اهتزازات جدار الكأس أن تحرِّك قدرًا أكبر من الكتلة، بما في ذلك نفسها والماء المضاف، وهو ما يزيد من القصور.

  • Rossing, T. D. “Wine Glasses, Bell Modes, and Lord Rayleigh.” Physics Teacher 28 (1990): 582.

(٢٥) أساسيات رن الجرس

على العكس من أغلب الآلات الموسيقية الوترية وآلات النفخ، للأجراس نغمات ثانوية ليست ذات تردُّدات توافقية؛ بمعنى أنها ليست مضاعفات صحيحة للتردد الأساسي. وهذه النغمات التوافقية تُنتج إيقاعات غير محبَّبة، سواء بين نفسها أو مع أحد الترددات الأساسية.

(٢٦) صدى الغابة

كي يرتفع الصدى بمقدار أوكتاف، يجب أن يكون الطول الموجي للصوت الأصلي أكبر من المسافات بين الأشجار، التي تمثِّل مراكزَ للتشتُّت. تحت هذا الشرط، سيحدث تشتُّت رايلي (أي تشتُّت متماسك) لموجات الصوت، وتتناسب شدة التشتت طرديًّا مع القوة «الرابعة» للتردد. وبهذا فإن التردد التوافقي على ضعفَي التردد الأصلي سيُعاد أقوى بِستَّ عشرةَ مرة من شدته الأصلية، وقد يهيمن على الصوت العائد!

  • Rayleigh, Lord. Nature 8 (1873): 319.
  • Rinard, P. M. “Rayleigh, Echoes, Chirps, and Culverts.” American Journal of Physics 40, 923 (1972): 923.

(٢٧) تعلية النغمة الخفيضة

تتفاوت حساسية الأذن البشرية مع تباين تردُّد الصوت ومدى جودته. وقد حدَّد فليتشر ومونسون منحنيات العلو المتساوي منذ سنوات عديدة، وتُبَيِّن قياساتهما الحساسية النسبية للأذن البشرية للأصوات ذات التردد المنخفض عند مستويات شدة معتدلة أو منخفضة. تصل حساسية السمع ذروتها بين ٣ آلاف و٥ آلاف هرتز، وهو تردُّد مقارِب لتردد الرنين الخاص بقناة الأذن الخارجية. لذا عند خفض مستوى الصوت في جهاز الاستيريو، لا بد من تعلية النغمة الخفيضة.

  • Fletcher, H., and W. A. Munson. “Loudness, Definition, Measurement, and Calculation.” Journal of the Acoustical Society of America 6 (1933): 59.
  • Rossing, T. D. “Physics and Psychophysics of High-Fidelity Sound.” Physics Teacher 17 (1979): 563–570.

(٢٨) جاذب الانتباه الشخصي

يمكن استخدام مصفوفة من مكبرات صوت صغيرة عديدة، كلها موضوعة داخل نصف قطر مقداره متر واحد أو أقل، إذا استُخدم ناقل سمعي عالي التردد في نقل الرسالة الصوتية المنخفضة التردد. يمكن تصميم المصفوفة كي تستفيد من مزية العلاقات الطورية للمكبرات المتعدِّدة كي ترسل حزمة مركَّزة إلى المتلقي المرغوب وسط الزحام. وسيكون قُطْر التركيز الأدنى عند المتلقي هو الطول الموجي للناقل، كما تُمليه ديناميكيات الموجات.

(٢٩) السُّلَّم الموسيقي

يميل العقل البشري إلى عمل صلات بين العناصر القريبة بعضها من بعض بدلًا من العناصر البعيدة بعضها عن بعض. على سبيل المثال، تساعدنا الرؤية البشرية على جمع النقاط القريبة بعضها من بعض، على غرار الصورة التي نراها على شاشة التليفزيون. أيضًا تنبهنا الرؤية إلى أن نكون أشد حساسية تجاه الأضواء المجاوِرة التي تُضيء وتنطفئ مقارنةً بالصور الموجودة على مسافة بعيدة. وبالمثل، يعمل الإدراك الصوتي البشري بطريقة تجعلنا نفضِّل أن ندرك نغمات السلم الموسيقي القريبة بعضها من بعض على أن ندرك النغمات البعيدة بعضها عن بعض. وقد أشارت البحوث التي أُجريت على السمع إلى أن النغمات الاثنتي عشرة للأوكتاف الواحد عادةً ما تُدرَك على أنها موجودة داخل دائرة يُطلَق عليها دائرة طبقة الصوت. ومن بين الأمثلة التي جرت دراستها، وُجِد أن عزف مجموعتين من ثلاث نغمات من دائرة طبقة الصوت الخاصة بالأوكتاف بالتتابع ستُسمَع على نحو مختلف من جانب المستمعين المختلفين. فإذا بدأت بعزف النغمة D وB بالتزامن، متبوعتين بالنغمة E وA معًا، ثم F وG معًا، فسيسمع بعض المستمعين التتابع BAG على طبقة صوتية أعلى من التتابع DEF بينما سيسمع آخرون التتابع BAG على طبقة أدنى من التتابع DEF.

لكن ما يسمعه الفرد يعتمد أيضًا على اللغة أو اللهجة التي يتحدَّث بها هذا الشخص. لمعرفة أحدث تفاصيل هذه الدراسة المتواصلة، يمكنك البدء بالمرجع الذي نورده هنا.

  • Deutsch, D. “Paradoxes of Musical Pitch.” Scientific American 263 (1992): 88–95.

(٣٠) أين تذهب الطاقة؟

حين تتبدَّد موجتان صوتيتان طُوليتان بفعل التداخل الهدَّام في منطقة ما، يمكننا إضافة السَّعتين الموجيتين القُصْويين إحداهما إلى الأخرى للحصول على سعة مقدارها صفر. لكن الطاقة المحمولة بواسطة الموجة الصوتية، التي هي نتاج شِدَّتَي المجالين والمعاوقة الموجية، يستحيل تحديدها عن طريق الإضافة.

وإذا استخدمنا مكبِّرين صوتيين قريبين أحدهما من الآخر، يمكن جعلهما مختلفين في الطور، بحيث يتسبَّبان في إلغاء شبه كامل لإشعاعهما الصوتي. لا تزال الطاقة الكهربية تسري في كلا المكبِّرين، وكل ما نحتاج لفعله للتأكد هو قياس التيارات المشغِّلة للمكبِّرين. والسبب وراء وجود إشعاع أقل يكمن في المعاوقة الصوتية للهواء، وهي قيمة مشتقة تتباين حسب مخرج المصادر الصوتية الأخرى في البيئة المحيطة. وبالنسبة إلى مكبِّرَي صوت متماثلين مختلفَيِ الطور، تكون المعاوقة الصوتية للنغم قد قُلِّلت إلى الصفر. وتُحسَب الطاقة من واقع العلاقة التالية: الطاقة = مربع السعة الموجية مضروبًا في المعاوقة الصوتية. الطاقة الآن تساوي صفر واط. بعبارة أخرى: عدم توافق المعاوقة يؤدي إلى عدم إشعاع أي طاقة إلى الهواء. وبفرض أن هو المعاوقة الصوتية للهواء و هو المعاوقة الصوتية للمكبِّر، إذا كانت نسبة المعاوقة الصوتية ، فإن الطاقة كلها تنتقل ولا ينعكس منها أي مقدار. وفي حالتنا تكون .
  • Levine, R. C. “False Paradoxes of Superposition in Electric and Acoustic Waves.” American Journal of Physics 48 (1980): 28–31.

(٣١) جرس يدق داخل ناقوس زجاجي*

رغم أن المرء قد يظن في البداية أن التجربة التوضيحية تبيِّن عدم قدرة الصوت على الانتقال عبر الغاز في الضغوط المنخفضة، فإن ما يحدث حقًّا هو انتقال غير كفء بالمرة للطاقة الصوتية من الجرس الرنان إلى الهواء في الضغط المنخفض؛ لأنه يوجد مقدار كبير من عدم توافق المعاوقة الصوتية (المعاوقة الصوتية هي مقاومة تدفُّق الطاقة الصوتية). ينتقل الصوت على نحو طيب عبْرَ الغاز ما دام الطول الموجي للصوت كبيرًا مقارنةً بمتوسط المسار الحر لجزيئات الهواء. وحتى عند ضغط مقداره ١٠٠٠ نيوتن/متر٢ (١٠–٢ ضغط جوي)، يكون متوسط المسار الحر ١٠–٣ سنتيمتر، وهو أقل بكثير من الطول الموجي للصوت الصادر عن الجرس والبالغ نحو ١٠ سنتيمترات.
إذن المشكلة الحقيقية هي أن قدرًا أقل من الطاقة الصوتية ينتقل من الجرس إلى الهواء، ومن الخواء إلى زجاج الناقوس الزجاجي. يعتمد مقدار الطاقة الصوتية المنقولة ومقدار الطاقة الصوتية المنعكسة على المعاوقة الصوتية للوسطين. يعتمد مقدار الطاقة المنقولة على النسبة للمعاوقة الصوتية؛ حيث ؛ حيث كثافة الوسط و سرعة الصوت في الوسط. حين تكون فإن الطاقة كلها تنتقل ولا ينعكس منها أي مقدار. وحتى عند الضغط الجوي، تكون معاوقة الهواء أقل كثيرًا من معاوقة الزجاج أو المعدن، وتصير النسبة أقل وأقل مع انخفاض الضغط.
  • Chambers, R. G. Physics Teacher 9 (1971): 272, 369.

(٣٢) بيانو مضبوط النغمات*

الموسيقى الغربية مبنية على سلالم موسيقية تتحدَّد من خلال معدلات تردُّد معينة قيمتها وحدات صحيحة بين النغمات المتتابعة. فيما يُطلَق عليه النظام الطبيعي أو المثالي، الذي يعود تاريخه إلى فيثاغورس، والنِّسَب داخل الأوكتاف (الجواب الموسيقي الواحد) هي:
C D E F G A B C
١٫٠٠٠ ١٫١٢٥ ١٫٢٥٠ ١٫٣٣٣ ١٫٥٠٠ ١٫٦٦٧ ١٫٨٧٥ ٢٫٠٠٠
٢٤ / ٢٤ ٢٧ / ٢٤ ٣٠ / ٢٤ ٣٢ / ٢٤ ٣٦ / ٢٤ ٤٠ / ٢٤ ٤٥ / ٢٤ ٤٨ / ٢٤
C C# D D# E F F# G G# A A# B C
المعدل ١٫٠٠٠ ١٫٠٥٩٥ ١٫١٢٢٥ ١٫١٨٩٢ ١٫٢٦٠٠ ١٫٣٣٤٨ ١٫٤١٤٢ ١٫٤٩٨٣ ١٫٥٨٧٤ ١٫٦٨١٨ ١٫٧٨١٨ ١٫٨٨٧٧ ٢٫٠٠٠٠
التردد ٢٦١٫٦٣ ٢٧٧٫١٨ ٢٩٣٫٦٦ ٣١١٫١٣ ٣٢٩٫٦٣ ٣٤٩٫٢٣ ٣٦٩٫٩٩ ٣٩١٫٩٩ ٤١٥٫٣١ ٤٤٠٫٠٠ ٤٦٦٫١٦ ٤٩٣٫٨٨ ٥٢٣٫٢٥
معدل السلم المثالي ١٫٠٠٠ ١٫١٢٥٠ ١٫٢٥٠٠ ١٫٣٣٣ ١٫٥٠٠٠ ١٫٦٦٦٦ ١٫٨٧٥٠ ٢٫٠٠٠٠

هذا السُّلم الموسيقي يمكن بسطه لأعلى إلى الأوكتاف التالي بوسيلة بسيطة، هي مضاعفة كل الأرقام، أو للأسفل عن طريق تقليل الأرقام للنصف. ويستطيع ضابط نغم البيانو ضبط كل المفاتيح البيضاء في البيانو على هذا التتابع من الطبقات الصوتية، ويكون بمقدورك وقتها عزف أنواع عديدة مختلفة من الموسيقى البسيطة.

هَبْ أنك قرَّرت أن تعزف لحنًا بسيطًا يبدأ عادةً على النغمة C بطريقة جديدة، وذلك عن طريق البدء بالنغمة المجاورة على السلم الموسيقي؛ أي النغمة D. ستكون النتيجة غريبة؛ لأن النغمة المعزوفة الآن لن تبدو مثل النغمة الأصلية. بل وسيبدو الاختلاف أكبر لو أنك بدأت عند نغمة أبعد عن النغمة C. كان الحل المُرضي لهذه المشكلة هو استحداث نظام الضبط المتساوي منذ أكثر من ٢٥٠ عامًا، وبهذا صار بمقدورك الآن عزف أي لحن بصورة جيدة بدءًا من أي نغمة.
في نظام الضبط المتساوي يقسَّم الأوكتاف إلى اثنتي عشرة مسافة موسيقية متساوية، تمثِّل كل واحدة منها نصف نغمة (نصف تون)؛ بحيث إن أي نصفَيْ درجةٍ متتابعَيْنِ يكون لهما نفس معدل التردد. وبما أن كل نغمة يجب أن تهتز بتردد يبلغ ضعف تردد النغمة ذاتها على الأوكتاف الأدنى، فإن معدل نصف النغمة من كل نغمة إلى الأخرى يُحسَب بأنه الجذر الثاني عشر للرقم ٢، وتحديدًا ١٫٠٥٩٤٦. وهذا الحل يمنحنا تواليًا هندسيًّا متواصلًا على امتداد لوحة المفاتيح، وتُقرَّب النغمة C بواسطة الترددات (بالهرتز) المبينة في الجدول وبالمعدلات نفسها تقريبًا.

على لوحة مفاتيح البيانو، لا يُحدِث ضابط النغمات أي اختلاف عند ضبط المفاتيح السوداء والبيضاء؛ فكلها مرتبة في تتابع صاعد منتظم من حيث الطبقة الصوتية. والهدف من اللونين والشكلين المختلفين للمفاتيح هو مساعدة العازف على أن يجد طريقه بحاسة اللمس على طول الامتداد العريض للوحة المفاتيح.

في نهاية المطاف، في ظل نظام الضبط المتساوي لا يتفق تتابع الطبقات اتفاقًا دقيقًا مع السلم الطبيعي، لكنه يقدِّم تقريبًا قريبًا من الصواب. في الواقع، الأذن الحديثة (أي منذ وقت باخ في أوائل القرن الثامن عشر) صارت معتادةً على «الأخطاء»، لدرجة أن نظام الضبط هذا صار يبدو صحيحًا لها!

  • Bernstein, A. D. “Tuning the Ill-Tempered Clavier.” American Journal of Physics 46 (1978): 792–795.

(٣٣) دقُّ أوتاد الخيمة*

يمكن تفسير هذا الاختلاف في السلوك في ضوء عدم توافق المعاوقة الصوتية لكلتا المادتين مع المعاوقة الصوتية للتربة؛ حيث المعاوقة الصوتية ، و كثافة الوسط و سرعة الصوت في الوسط. إن ضربة المطرقة تتسبَّب في إحداث موجة توتر عابرة في الوتد، وحين تصل الموجة إلى طرف الوتد المتصل بالأرض، ينعكس جزء من الموجة وينتقل جزء آخر إلى الأرض. حين تكون فإن الطاقة كلها تنتقل ولا ينعكس منها أي مقدار. وهذه الموجة المنقولة تميل إلى تفتيت التربة.

في حالة الوتد الحديدي، يكون عدم التوافق أكبر بكثير منه في حالة الخشب؛ لذا معظم الموجة الموجودة في الوتد الحديدي سينعكس عند نقطة الاتصال، وسيظل أغلب الزخم الممنوح من قِبَل المطرقة موجودًا داخل الوتد؛ ومن ثم سيكتسب الوتد الحديدي سرعة كبيرة وينغرس داخل التربة.

  • Rinehart, J. S. “On the Driving of Tent Stakes.” American Journal of Physics 19 (1951): 562.
  • ———. “A Demonstration of Specific Acoustic Resistance.” American Journal of Physics 18 (1950): 546.

(٣٤) علو الصوت*

مضاعفة شدة الصوت لا تتسبَّب في المعتاد في جعل الصوت المُدرَك أعلى مرتين بالنسبة إلى منظومة الأذن/المخ؛ وسبب هذا هو أن الاستجابة البشرية لعلو الصوت لا تتبع مقياس الديسيبل اللوغاريتمي التقليدي. وبالنسبة إلى نطاقات التردد الصوتية المختلفة، يمكننا قياس استجابات مختلفة للتغيُّر في علو الصوت. عادةً ما يحتاج المرء إلى زيادة في مستوى الشدة الصوتية تتراوح بين ٦ إلى ١٠ مرات من أجل مضاعفة علو الصوت؛ بمعنى أن الإدراك الشخصي يختلف كثيرًا عن استجابة أدوات قياس شدة الصوت، الذي يستشعر ضغط الصوت وحسب. وقد بدأت أدوات القياس الحديثة في تضمين استجابة الأذن البشرية المختلفة للترددات المختلفة هذه في تصميماتها؛ وبذا توجد أدوات قياس متاحة الآن تتوافق على نحو طيب للغاية مع منحنيات الاستجابة البشرية.

وحتى دون وضع استجابة منظومة الأذن/المخ البشرية في الاعتبار، نحن نعلم بالفعل أن الصوت المنخفض التردد سيحتاج إلى موجات صوت ذات نطاق أكبر بكثير كي يوصل نفس مقدار الطاقة الصوتية؛ وذلك لأن مقدار الطاقة لكل ثانية في أي موجة يتناسب طرديًّا مع ؛ حيث التردد و السعة. ومضاعفة التردد تعني ببساطة أن المسافة إلى مصدر الصوت يمكن أن تكون النصف لنفس مقدار الطاقة لكل ثانية، وهذا بشرط أن تكون المعاوقة الصوتية للوسط واحدة.
  • Rossing, T. D. “Physics and Psychophysics of High-Fidelity Sound.” Physics Teacher 17 (1979): 563–570.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤