مقدمة

بدأتُ أحاضر في هذا الموضوع في معهد الدراسات العربية في العام الماضي، فألقيتُ بعض الأضواء على الحركات الإصلاحية التي ظهرَت في الهند وفي شِبه الجزيرة العربية فيما بين القرنين: السادسَ عشر والثامن عشر.

وتفضَّل المعهد فدَعاني هذا العامَ لأُكمِل الحديث في نفس الموضوع، فحاولتُ في هذه المجموعة الصغيرة من المحاضرات أن أُلْقِيَ أضواءً أخرى على بعض الحركات الإصلاحية والمراكز الثقافية في مصر والشام في نفس المدة.

وقد قسَّمت الحديث في هذه المحاضرات إلى فصولٍ أربعة، شرَحتُ في الفصل الأول رُكودَ الحياة العِلمية في مصر والشام في فجر العصر الحديث، وتكلَّمت في الفصل الثاني عن بوادر النهضة الإصلاحية في هذين الإقليمين في أواخر القرن الثامنَ عشر.

ثم اخترت شخصيتين من الشخصيات التي تُمثل هذه النهضة الثقافية: إحداهما شخصية مصرية، وهي شخصية السيد محمد مُرتضَى الزَّبيدي الحُسيني، وأفرَدتُ لها الفصل الثالث، والثانية شخصية شامية، وهي شخصية الشيخ عبد الغنيِّ النابلسي، وأفردتُ لها الفصل الرابع.

وإني لأكرر هنا ما قلتُه في مقدمة الجزء الأول من أنني لم أوف الموضوع حقَّه، وما فعلتُ أكثرَ من أن مهَّدتُ الطريق ونبَّهتُ الأذهان.

وقد ألحقتُ بهذه الفصول قوائمَ بمؤلَّفات العالِمَين الجليلَين: السيد محمد مرتضى الزَّبيدي، والشيخ عبد الغني النابُلسي، وقوائمَ أخرى بالمراجع التي تُنير للقارئ الموضوعَ والعصر بصفة عامة.

وإني أنتهز هذه الفرصة لأقدِّم شكري القلبيَّ الجزيل لأستاذي الجليل، عميد المؤرِّخين المصريين، ومدير معهد الدراسات العربية العالية، الأستاذ الكبير محمد شفيق غربال؛ فهو الذي أتاح لي هذه الفرصة الطيبة؛ لمعالجة هذا الموضوع.

جمال الدين الشيال
الإسكندرية في ٦ ذو القعدة سنة ١٣٧٧ﻫ/٢٥ مايو سنة ١٩٥٨م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤