الدين والاغتراب الميتافيزيقي
«على الرغم من أن الموقفَ الأخلاقيَّ يفرضُ على الإنسانِ أن يفضحَ منابعَ الكراهيةِ والتعصُّبِ بين البشر في تراثِه، مثلما يفضحها في تراثِ غيرِه، ويعترفَ بأخطاءِ تاريخِه مثلما يفضحُ أخطاءَ تاريخِ غيره، غير أن سطوةَ الأيديولوجيا أشدُّ من الأخلاق؛ لذلك تنهزمُ الأخلاقُ عندما يعلو صوتُ الأيديولوجيا، فيرضخ الأيديولوجي لما يفرضه عليه المعتقدُ من مواقفَ.» استكمالًا لرسالة كتاب «الدين والظمأ الأنطولوجي»، يطرح «الرفاعي» في هذا الكتاب قضية الاحتكار الأيديولوجي للدين، إذ يُسلِّط الضوء على الحاجة الوجودية إلى الدين وضرورة تعرُّف الإنسان على الديناميكية التي يتغير على إيقاعها العالم. يتمحور المشروع الأكبر للمؤلف حول مبدأ أساسي: إعادة قراءة النصوص الدينية في سياق العصر الحديث، ويرى أن «لاهوت الرحمة» هو الوسيلة الأهم لتحقيق هذا المبدأ، مشيرًا إلى أن ظاهرة «الاغتراب» نتيجة حتمية لعدم تجديد الخطاب الديني. يُحدِّد «الرفاعي» الاغتراب بإطاره الميتافيزيقي الذي ينشأ حين يسيطر القلق الوجودي على وعي الإنسان وإدراكه، فيرفض الاكتفاء بوجوده الخاص، ويقع في براثن الرغبة في الاستحواذ على كل شيء من دون خارطة تُحدِّد أولوياته الدينية والمعرفية. ومن هنا يدعو المؤلف إلى اتصال الإنسان بوجوده، ليصل إلى الرؤية الإنسانية الإيمانية، ويتعرف على الدين بوصفه حياةً في أفق المعنى.