ثناء على الكتاب
استطاع جوليان كريب أن يعرض بتألقٍ لعموم القرَّاء التهديد الخطير الذي تُشكِّله السُّمية الأرضية، وذلك في كتابه «الكوكب المسموم». والآن استطاع أن يتألَّق مرةً أخرى، بتناوله التهديد الوجودي الذي تواجهه الحضارة. أعتقد أن جميع من لدَيهم اهتمام بالإنسانية يجب عليهم قراءة هذا الكتاب الواضح والمؤثر والمُرعِب.
بفضل معرفته الواسعة المُذهلة ومهاراته القوية في الملاحظة، استطاع جوليان كريب أن يُقدِّم لنا كتابًا أشبه بتقريرٍ عن وضع الحياة على كوكبنا. يُخبرنا كريب بأنه يقبع في مركز الحياة على الأرض ذاك الكائن المُسمَّى الإنسان الحكيم؛ المُخادع لذاته، المُحقِّر والمدمِّر لغيره، والذي يُمكن أن يُنعت بأي شيءٍ آخر سوى الحكمة. ومع ذلك، إذا تأمَّلنا وسط كل هذه العتمة، هل ثمَّة شرارة يُمكننا أن نُطلقها لتضيء الأركان من جديد، ألا وهي شرارة الحكمة؟
لقد مرَّ الكثير جدًّا من الزمن على ماضٍ كنَّا فيه صائدين/جامعين، لكن إلى أي مدًى سيكون المُستقبل مضمونًا؟ في هذا الكتاب، يرى جوليان كريب أن استمرارية قصة الإنسان تتوقف على ما نفعله الآن وفي المستقبل القريب.
قدَّم كريب كتابًا شاملًا نافذ الرؤية حول المشكلات التي نواجهها، وهو مصدر إلهام في مجاله ودراساته البحثية. يُوقظ الكتاب بداخلنا الإحساس بالمصير المشترك ويُحفزنا لاتخاذ إجراءات محددة وإيجابية كمجتمع وأفراد. إنها مشكلة كلية، وهو يُقدِّم الحلول الكلية الضرورية؛ لعلَّها تُقرأ على نطاقٍ واسع وتُنفَّذ!
إنَّ كوكبنا الذي يُعاني انفجارًا سكانيًّا واستنزافًا للموارد ومشكلات بيئية بحاجة إلى تحرُّكنا السريع. ويقدم جوليان كريب الإجابات المناسبة والواعية.
قليلةٌ هي الكتب التي يُؤلفها أحدُهم ويكون ضروريًّا أن يقرأها الناس. والكتاب الذي بين أيدينا من تلك النوعية. فلا شيء أكثر أهمية من التعامُل بجدية مع التحدِّيات الهائلة التي يواجهها كوكبنا الأرضي والإنسانية نفسها.
هذا الكتاب ربما يُعدُّ واحدًا من أهمِّ كتب القرن الحادي والعشرين، خاصةً إذا قرأه عدد كافٍ من الناس واستوعبوا جيدًا الرسالة التي ينطوي عليها محتواه وتحرَّكوا بناءً على ذلك. ونظرًا لكتابته بشكلٍ جيد واستناده إلى قدرٍ وافٍ من الأبحاث، يُعد الكتاب أكثر من مجرَّد حصرٍ لدواعي اليأس لكنه يُسلط الضوء على بعض الإجراءات المُهمَّة التي يمكن أن تُحقق الاستدامة للجنس البشري.
هذا هو دليل عصرنا؛ دليل المخاطر المُتداخلة التي نفضِّل عدم التفكير فيها رغم أن ذلك يُعدُّ ضرورة. يُقدِّم الكتاب موجزًا رائعًا لا يترك أي نطاقات أمان، لكنه يوضِّح ما نحتاج إليه من إجراءات ويُبين كيفية اتِّخاذها.
تُقدِّم بنية هذا الكتاب وسيلةً مُذهلة لاستكشاف الأزمات الكبرى في عصرنا، ولمواجهة أنفسنا بالسؤال الأهم على الإطلاق: هل لدَينا القدرة على التعامُل مع تلك الأزمات؟
يبدو أنَّنا نواجه اليوم مستقبلًا يزداد غموضًا وأصبحْنا على الأرجح أكثر ارتباكًا من أي وقتٍ مضى. يؤجِّج كتاب جوليان كريب هذه المشاعر لكنه يُعطي أيضًا بصيص أملٍ حيث يُسلط الضوء بوضوحٍ على التحديات التي نواجهها وكيفية التصدِّي لها.
يُلخص هذا الكتاب بإيجاز التحديات الخطيرة التي تواجه المجتمع الإنساني في القرن الحادي والعشرين، كما يُقدِّم نصائح مفيدة عن خطوات مُجدية يمكن أن يتَّخِذها كلٌّ منَّا. إنه كتاب شامل ودقيق ومنطقي في تقييماته. إنه دليل لا غِنى عنه للأشخاص الواعين كي يتصرَّفوا بمسئولية.
المادة التي يتضمَّنها هذا الكتاب مُدعمة على نحو شامل واستثنائي بالأبحاث والمراجع؛ ويُعدُّ مؤلف الكتاب كاتبًا علميًّا في غاية التميز، كما أن الكتاب موسوعي. ينبغي على كلِّ من يرغب في الاطلاع على أمراض ومشاكل الحضارة والكيفية التي يُمكننا معالجتها بها أن يقرأ هذا الكتاب؛ وبصفةٍ خاصة المسئولون الحكوميون.
هذا التحليل المُبهر والمُيسَّر للمخاطر المتشابكة التي تتهدَّد مستقبل النوع الإنساني لا غِنى عن قراءته من جانب كل الساسة وواضعي السياسات والناخبين والشباب في كل مكان. يُبين كريب بوضوحٍ تامٍّ أن الإنسانية تُواجِه في القرن الحادي والعشرين أكبر اختبارٍ لحِكمتنا الجمعية على مدار تاريخنا القصير نسبيًّا. وينبغي على الأجداد أن يقرءوا الكتاب باهتمامٍ خاص.
هذا كتاب مُهم؛ فقليلةٌ هي الكتب التي تتعاطى مع هذا الكمِّ الكبير من المشكلات بطريقةٍ مُتكاملة. آمُل أن يحقق هدفه في المساعدة على بناء نقاشٍ حول قضية البقاء، ذلك النقاش الذي أصبح حتميًّا بالنسبة إلينا.
في كتابه الأخير الذي بين أيدينا، يُسلط جوليان كريب الضوء على التحديات العشرة الكبرى التي تواجه البشرية بطريقةٍ احترافية مدعومة بالأدلة، ويعرض الكيفية التي يُمكننا بها التصدِّي لها. هذا الكتاب الرائع الذي جاء في وقته يذهب إلى ما هو أبعد من مجرَّد توثيق المآسي والمخاطر، حيث يُبين كذلك الكيفية التي نتصدَّى بها جميعًا لتلك التحديات الكبرى التي يواجهها العالَم.