الفصل الرابع

الجزَّار (الإنسان السيَّاف)

منذ فجر الوعي، وحتى السادس من أغسطس عام ١٩٤٥، كان على الإنسان أن يعيش مع احتمالية وفاته كفرد. ولكن منذ اليوم الذي غطَّت فيه القنبلة الذرية الأولى على شمس سماء هيروشيما، كان يتعيَّن على البشرية ككل أن تعيش مع احتمالية انقراضها كنوع.

آرثر كيستلر، «الإله يانوس: ملخص»، ١٩٧٨

منذ خمسة وعشرين ألف عام، اصطفَّت مجموعتان من المُحاربين الشرسين ونُظِّموا صفَّين يقف كل منهما ضدَّ الآخر ثم أطلقوا وابلًا من القذائف. تقدَّم أكثر القائدَين جرأة، سعيًا لتشجيع أتباعه، وانطلَقَ إلى الأمام لمهاجمة أعدائه، ولكنه قُوبل بوابلٍ من الرماح التي اخترقت جسده وطرحتْه أرضًا وسحقتْه قذائف كثيفة. تُصوِّر لوحة فنية أنيقة من الصخور من منطقة كيمبرلي بشمال غرب أستراليا المواجهة الدراماتيكية بين المُحاربين أثناء إطلاق قذائفهم كلٌّ منهم على الآخر، والموت البطولي (أو الحزين) لأحد قادتهم. يَعتقد الخبراء أن العمل الفني، الذي يَرجع إلى مرحلةٍ مجهولة من فنِّ السكَّان الأصليين الأستراليين تُعرَف باسم جويون جويون (رسومات صخور برادشو)، قد يرجع تاريخه إلى ما بين ٢٠ إلى ٢٥ ألف عام وقد تكون أول لوحة معروفة تُصوِّر القتال في العالَم. على الرغم من أنه لا يُوجَد سوى سبعة مُحاربين على جهة، وثمانية على الجهة الأخرى، تستدعي اللوحة في تصويرها لقائد حربي بطولي قد تداعى، صورة المواجهة الهومرية بين أخيل وهيكتور في حرب طروادة (١٢٥٠ق.م.) وقصص المعارك التي لا حصر لها منذ ذلك الحين. وبذلك، تُذكِّرنا بأن عادة القتال المُنظَّم صفة أصيلة في نوعِنا وحدَه، منذ فجر التاريخ (مبادرة فنون الرسم على الصخور الأسترالية، ٢٠١١).

إنه تذكير صارخ أيضًا، في القرن الحادي والعشرين، بأن الرُّوح القتالية للهومو سيبيان هي أحد أكثر الطرُق المُحتمَلة لتدمير الذات وأنَّ المخاطر اليوم على كلِّ حالٍ أكبر بكثيرٍ ممَّا كانت عليه في أيِّ وقتٍ مضى. على سبيل المثال، بلغ الإنفاق العسكري العالَمي في عام ٢٠١٥ ما قيمته ١٫٧ تريليون دولار (معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، ٢٠١٦)، مقارنةً بالاستثمار العالَمي في علوم الأغذية والزراعة الذي بلغ حوالي ٥٠ مليار دولار. وهو ما يُوحي بتعريفٍ مُعاصر للإنسانية على أنها «نوع يُنفِق ٣٤ ضعفًا على طرُق أفضل لقتل نفسه أكثر ممَّا يُنفق على طرُق أفضل لإطعام نفسه».

لقد غزا الزحف المشئوم لعقارب «ساعة القيامة» الوعي الإنساني منذ عام ١٩٤٧، عندما أنشأت مجلة «نشرة علماء الذرة» هذه الساعة الرمزية الكئيبة لأول مرة كوسيلةٍ لتنبيهنا إلى مدى اقترابنا من كارثة نهاية العالَم الكُبرى (مجلة «نشرة علماء الذرة»، ٢٠١٥). بدأت فكرة الساعة لدى مجموعة من الباحثين في «مشروع مانهاتن»، والمسئولين عن بناء أول مجموعة أسلحة نووية في العالَم، وقد أطلَقُوا على أنفسهم اسم «علماء شيكاغو الذرِّيُّون». بعد تدمير هيروشيما وناجازاكي، بدءوا في نشر رسائل إخبارية صغيرة حول القضايا النووية، وقد تطوَّرت هذه الرسائل الإخبارية فيما بعدُ لتُصبح المجلة المعروفة باسم «نشرة علماء الذرة». دعا المؤسِّس المشارك للمجلة هايمان جولدسميث الفنَّانة مارتيل لانجسدورف، زوجة أحد علماء الذرة، لتصميم غلاف المجلَّة لعدد يونيو ١٩٤٧. وقد اختارت لانجسدورف الساعة لتصوير الخطر النووي الوشيك على البشرية. وقالت يوجين رابينوفيتش، وهي مؤسِّسة أُخرى للمجلة، لوسائل الإعلام: «إن ساعة المجلة ليست مقياسًا لتسجيل صعود وهبوط الصراع الدولي على السلطة، بل تهدف لإبراز التغييرات الأساسية في مستوى الخطر المُتواصِل الذي تعيش فيه البشرية في العصر النووي …» أو، كما ذكرت وسائل الإعلام باختصارٍ وصدق: «إذا دقَّت الساعة الثانية عشرة في أي وقتٍ من الأوقات، فقد انتهى الأمر» (ساعة القيامة، ١٩٨٤).

في الأصل، كانت الساعة (التي ما تزال معلَّقة على الحائط في جامعة شيكاغو) تُصَوِّر التهديد النووي وحدَه، ولكنها في الآونة الأخيرة شملت الاحتباس الحراري كذلك. على مرِّ العقود، كانت عقارب الدقائق تتقدَّم وتتراجَع بينما كان التوازُن الهشُّ بين حِكمة البشرية ورعونتها يمتدُّ ويَنحسِر. في عام ١٩٤٧، بدأت تعرض الساعة سبع دقائق مُتبقية حتى منتصف الليل، ثم قفَزت إلى ثلاث دقائق عندما اختبر السوفييت أول رأسٍ حربي لهم في عام ١٩٤٩، ثم إلى دقيقتَين عندما قامت الولايات المتحدة ببناء أول قنبلة هيدروجينية في العالَم في عام ١٩٥٢، ولكنها تراجَعَت إلى اثنتا عشرة دقيقة بتوقيع أول مُعاهَدة لحظر التجارب النووية في عام ١٩٦٣، ثم قفَزَت إلى ثلاث دقائق مرة أخرى خلال أقسى فترة في الحرب الباردة في عام ١٩٨٤، ثم تراجَعَت إلى سبع عشرة دقيقة مع انهيار الاتحاد السوفييتي في عام ١٩٩١، وتقدَّمت مرة أخرى إلى خمس دقائق في عام ٢٠٠٧ مع بزوغ «العصر النووي الثاني». وفي أوائل عام ٢٠١٥، أُعيد ضبط عقاربها على ثلاث دقائق قبل منتصَف الليل (مجلة «نشرة علماء الذرة»، ٢٠١٦). قالت كينيت بنديكت، ناشرة المجلة، في مؤتمر صحفي في واشنطن العاصمة: «يتبقَّى الآن ثلاث دقائق حتى منتصَف الليل. إن احتمال وقوع كارثة عالمية مُرتفع للغاية، وهو ما يتعلَّق بنهاية الحضارة كما نعرفها. في عام ٢٠١٥، يُشكِّل التغيُّر المناخي الذي بلا حسيبٍ أو رقيب، والتحديثات العالَمية للأسلحة النووية، وترسانات الأسلحة النووية الضخمة تهديداتٍ غير عادية لا يُمكن إنكارها على استمرار وجود البشرية. لقد فشل زعماء العالَم في التصرُّف بالسرعة أو على المستوى المطلوب لحماية المواطنين من الكارثة المُحتمَلة. وتُهدِّد هذه الإخفاقات التي مُنيت بها القيادة السياسية كلَّ شخصٍ على وجه الأرض» (رايس، ٢٠١٥).

إن معظم السيناريوهات المعقولة لنهاية الحضارة التي سيتسبَّب فيها الجنس البشري في الواقع، تَستحضر الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل؛ ولكن هذا بدوره من المُرجَّح أن يحدُث كنتيجةٍ للتوتُّرات الشديدة الأُخرى مثل تَسارُع وتيرة تغيُّر المناخ، وما ينتج عنه من مجاعات، وأزمة المياه وغيرها من الموارد، وأوبئة الطاعون، والموجات الكثيفة لتدفُّق اللاجئين، وفشل الدول والأنظمة المالية. يُوضِّح هذا السيناريو الطبيعة وثيقةَ الترابط لمُختلف الضغوط التي تتراكم على الإنسانية نتيجة للإفراط في استخدام الموارد (الفصلان الثالث والسابع)، والتلوُّث الذاتي (الفصل السادس) والمناخ الجامح (الفصل الخامس). ويُوضِّح لماذا لا يُمكن معالجة كل مشكلة من هذه المشكلات على حِدَة، ولكن فقط كمجموعة عناصر تُشكِّل التحدي الوجودي المركزي الذي يواجه البشر في القرن الحادي والعشرين.

ستُدرك الإنسانية الحكيمة أنَّ الأمر لا يتعلق بمجرد مسألة التغلُّب على بعض التهديدات القليلة المُنفصلة، بل لا بدَّ من مواجهتها كلها معًا.

أدوات هرمجدون

في سفر الرؤيا المقدَّس، تُعتبر هرمجدون هي مكان تجمُّع الملوك في أواخر الزمان، وعلى عكس الاعتقاد الشائع، لم يَرد أي ذِكر أو إشارة لمعارك أو حروب. يعتقد الخبراء أنَّ النسخة الإنجيلية قد أصبحت مُرتبطة في الفولكلور الشعبي ارتباطًا وثيقًا بولاية «مجيدو» التاريخية (هار مجيدو بالعبرية، والتي تبدو تمامًا مثل كلمة arma، أو أسلحة، لمن يتحدَّث اللاتينية)، وهي مدينة مُحصَّنة قديمة يبلغ عمرها سبعة آلاف سنة، غزاها العديد من الغزاة من سوريا ومصر وأماكن أخرى. إنَّ الرمزية الشعبية ﻟ «هرمجدون» باعتبارها المعركة الأخيرة قبل نهاية الإنسانية، أدَّت إلى حدٍّ كبير نفس الغرَض بتحذير الإنسان في حقبة الألفي سنة السابقة من مخاطر الحرب التي تُهدِّد وجودَه، كما فعلت ساعة يوم القيامة في الآونة الأخيرة. فكلاهما يَرتكز على الحكمة القائلة بأنَّ البشر لدَيهم القُدرة الفطرية على القضاء على أنفسهم. يُقدِّم هذا الكتاب بديلًا (الفصل العاشر)، وسبيلًا لتجنُّب تدمير الذات.
تَمتلك ثماني دول القُدرة التقنية على إطلاق العنان للفوضى النووية بمخزوناتٍ كبيرة من الأسلحة النووية، وفقًا ﻟ «رابطة الحد من الأسلحة». في عام ٢٠١٥، كانت الدول الخمسة المُسلَّحة نوويًّا بشكل رسمي هي:
  • الصين وكان لديها في المُجمل نحو ٢٦٠ رأسًا حربيًّا.

  • فرنسا وكان لديها نحو ٣٠٠ رأس حربي.

  • روسيا وكان لديها نحو ١٥١٢ رأسًا حربيًّا نُشِرَت على ٤٩٨ صاروخًا وقاذفة قنابل ويُعتقَد أنها كانت تحتفظ بألف رأس حربي استراتيجي وألفَي رأس نووي تكتيكي أخرى. وكان هناك عدة آلاف أخرى من المُتوقَّع تفكيكها.

  • المملكة المتحدة وكان لديها ١٦٠ رأسًا حربيًّا استراتيجيا منشورة، ومخزون يبلغ ٢٢٥ رأسًا.

  • الولايات المتحدة وكان لدَيها ٧٧٠٠ رأس نووي، بما في ذلك الأسلحة التكتيكية والاستراتيجية والمُخزَّنة. وشملت هذه ٤٥٠٠ رأس حربي نشط و٣٢٠٠ سلاح تمَّ سحبه (رابطة الحد من الأسلحة، ٢٠١٥).

لم تُوقِّع ثلاث دول نووية؛ ألا وهي الهند وإسرائيل وباكستان، أبدًا على «معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية»، ولكن مِن المعروف أنها تَمتلك ترسانة نووية، والتي تقدِّر رابطة الحد من الأسلحة أن من بينها:
  • الهند وكان لديها ١٢٠ رأسًا نوويًّا.

  • إسرائيل وكان لديها ٨٠ رأسًا نوويًّا (كريستنسن ونوريس، ٢٠١٤).

  • باكستان وكان لديها ١٢٠ رأسًا نوويًّا.

من بين الدول التي تمتلك القدرة النووية، تقول الرابطة إن بيلاروسيا وكازاخستان وأوكرانيا احتفظت بمخزوناتٍ نووية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ولكنها أعادتها إلى روسيا ووقَّعت المعاهدة كدُوَل غير حائزة للأسلحة النووية. طوَّرت جنوب أفريقيا سرًّا عددًا قليلًا من الرءوس الحربية النووية ثم فكَّكتْها، وانضمَّت أيضًا إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في عام ١٩٩١. وكان للعراق برنامج نشِط لصنع الأسلحة النووية قبل حرب الخليج عام ١٩٩١، ولكنه أُجبِرَ على تفكيكه تحت أعيُن مُفتِّشي الأُمَم المتحدة. وتخلَّت ليبيا طواعية عن جهودها السرية لصنع الأسلحة النووية، كما علَّقت الأرجنتين والبرازيل وكوريا الجنوبية وتايوان برامجها.

وبذلك لا يتبقَّى سوى ثلاث قوى نووية مُفترَضة؛ ألا وهي إيران وكوريا الشمالية وسوريا. أطلقت إيران برنامجها للطاقة النووية بمساعدة الولايات المتحدة في عام ١٩٥٧. بعد الثورة الإيرانية في عام ١٩٧٩، استمرَّ النظام الجديد في استخدام الطاقة النووية للاستخدامات السلمية، وعارَض بناء الأسلحة على أُسس عقائدية. ومع ذلك، ربما يكون هذا الرأي قد تغيَّر، وبحلول عام ٢٠١٢ خلصت مصادر المخابرات الأمريكية إلى أنَّ «إيران لدَيها القدرات العِلمية والتقنية والصناعية لإنتاج أسلحة نووية أخيرًا» (فارنزوورث، ٢٠١٤). كانت هناك شكوك أن إيران كانت تُدير «برنامجًا سلميًّا للطاقة النووية ظاهريًّا، بينما تحتفظ بخيار اتخاذ قرار سياسي لتصنيع ونشر الأسلحة النووية.»

اختبرت كوريا الشمالية أول أداة نووية لها في عام ٢٠٠٦، وأعلنت أنها تمتلك سلاحًا نوويًّا في عام ٢٠٠٩، وبحلول عام ٢٠١٥، قدَّرَت رابطة الحدِّ من الأسلحة أنها فصلت ما يَكفي من البلوتونيوم لتصنيع ستة إلى عشرة رءوس حربية. تَمَّ إجراء مزيدٍ من الاختبارات تحت الأرض في عام ٢٠٠٩، حيث قيَّم الخبراء الناتج بما يتراوَح بين ستة وأربعين كيلو طن (من ثلث إلى ثلاثة أضعاف قوة قنبلة هيروشيما). في عام ٢٠١٢، أعلنت كوريا الشمالية أنها ستُعلق برنامجها، ولكنها أثارت على الفور شكوكًا عالمية جديدة من خلال اختبار نظام إطلاق الصواريخ، مما أدَّى إلى توقُّف مُحادثات الحدِّ من الأسلحة. قدَّرت التقديرات الصينية مخزوناتها النووية بعشرين أداة في عام ٢٠١٥ (بلير، ٢٠١٥)، وقدَّر المعهد الأمريكي الكوري أنها ستَمتلِك ما بين خمسين إلى مائة سلاح بحلول عام ٢٠٢٠ (برانستروم، ٢٠١٥). في حالة كلٍّ من كوريا الشمالية وإيران، فإن الخيار النووي يخدُم غرضًا مزدوجًا؛ غرض التهديد المُعتاد وردْع الأعداء المُحتملين، وكأداة دبلوماسية لكسب النفوذ في التعامُل مع البلدان التي تفوقُهم قوةً بكثير، مثل الولايات المتحدة والصين. وكما أشار عدد من المراقبين، فإن أحد المخاطر الداهمة في امتلاك إيران للقُدرة النَّووية هو أنها قد تُحفِّز دول الشرق الأوسط الأُخرى على الحصول عليها، ممَّا يؤدِّي إلى تصعيد الصراع المُستمر بين السُّنَّة والشيعة منذ القرن الرابع عشر إلى صراع في المجال النووي. شُوهِدَت الوحشية المُحتمَلة لمِثل هذه المواجهات القائمة على العقيدة بوضوحٍ في حرب أوروبا التي دامت ثلاثين عامًا (١٦١٨–١٦٤٨) بين الكاثوليك والبروتستانت، وتمرُّد تايبينج في الصين (١٨٥٠–١٨٦٤) بين المَسيحيِّين وحكومة تشينغ التي قُتِلَ في الصراع بينهما بين ثمانية وعشرين إلى ثمانية وثلاثين مليون شخص في النزاعات الدينية؛ لذا فالافتراض بأن الخوف من مبدأ «التدمير المُتبادَل المؤكَّد» — والذي منع وقوع الحروب النووية حتى الآن — سيَمنع المَحرقة، أو أنَّ المنطق ستكون له الكلمة العُليا بين القوى المتنافِسة، لم يَعُد قائمًا.

في سبتمبر عام ٢٠٠٧، قصَف سلاح الجو الإسرائيلي هدفًا في سوريا يُعتقَد أنه موقع لبناء مُفاعل مُخصَّص للأبحاث النووية مُماثل لمفاعل يونجبيون في كوريا الشمالية، نتيجة تعاونٍ دام لعشر سنوات بين البلدَين. وعلى الرغم من أنَّ سوريا من الدول المُوقِّعة على معاهَدة حظر الانتشار النووي، فقد فشلَت لاحقًا في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذريَّة في إجراءات الفحص، ومع ذلك باءت جهودها بالحصول على مفاعَلات بحثية أخرى بالفشل وسيطرت الحرب الأهلية على اهتمامها (ويكيبيديا، ٢٠١٥). ولكن بوجود سوريا والعراق وإيران وباكستان مُجتمعةً، فإن هذا يضع الكثير من المعرفة والتكنولوجيا النووية في منطقةٍ معرَّضة بشكلٍ متزايد لخطر الإرهابيين والمُتمرِّدين والمتعصِّبين الدينيِّين.

لقد أُحرِزَ تقدُّم في الحدِّ من المخزونات العالَمية من الأسلحة والمواد النووية، وعلى الأقل في إبطاء سباق التسلُّح من خلال تدابير مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وحظر التجارب النووية واتفاقات الحد من الأسلحة الاستراتيجية. في مجال تُغلِّفه السرية، أشارت أفضل التقديرات إلى أنَّ نحو ١٦ ألف سلاح نووي أو رأس حربي تمَّ وقفُ تشغيلها ما زالت موجودة في عام ٢٠١٥ (رابطة الحدِّ من الأسلحة، ٢٠١٥)، بعد أن وصلت إلى نحو ٦٠ ألف رأس حربي في ذروة الحرب الباردة، ومع ذلك فهي ما تزال كافيةً لإبادة البشرية مئات المرَّات. تَنقسِم الآراء بحدَّة حول ما إذا كان هذا الخفض يُمثل تَقدمًا حقيقيًّا فيما يتعلَّق بسلامة الإنسان، أو ما إذا كان اللاعبون الرئيسيون يُماطلون ويَكذِبون، أو مجرَّد أنهم حَذِرون بشدَّة، عندما يتعلَّق الأمر بنزع السلاح بالكامل. وبصرْف النظر عن وجود اتفاقٍ عالَمي عام للقضاء على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، فلا يوجَد مثل هذا الاتفاق فيما يخصُّ الأسلحة النووية.

وفقًا لشارون سكواسوني، مُديرة برنامج منع انتشار الأسلحة النووية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فقد توقَّف النزع الفِعلي للسلاح بحلول أوائل عام ٢٠١٥ تمامًا.

كانت الولايات المُتحدة تُخطِّط لإنفاق ثُلث تريليون دولار على أسلحة نووية جديدة بحلول عام ٢٠٢٥، بينما كانت روسيا تعمل أيضًا على تحديث ترسانتها. وكانت المملكة المتحدة تُواصِل تطوير برنامجها للغوَّاصات النووية الاستراتيجية، كما كانت فرنسا تُصَنِّع الجيل التالي من صواريخ الجوِّ أرض النووية، وكانت الصين بصدَد تطوير غوَّاصة جديدة مُسلحة بقذائف بالستية. وكانت الهند تُخطِّط لتوسيع أسطولها من الغوَّاصات النووية، بينما بدأت باكستان في تشغيل مفاعل بلوتونيوم ثالث وكانت تُطوِّر صاروخًا نوويًّا جديدًا قصير المدى. وكانت إسرائيل تقوم بتحديث قوَّة هجومها النووي، وكانت كوريا الشمالية تَمضي قدمًا في برنامج تطوير أسلحتها. تقول سكواسوني إن أي شعور بالتفاؤل كان قد ساد في نهاية الحرب الباردة بشأن نزع السلاح، «قد تبخَّر بشكلٍ جوهري» (سانتيني، ٢٠١٥).

«الشتاء قادم …»

على مدار نصف القرن الماضي، كانت أكثر الفظائع المعروفة الناجمة عن الحرب النووية هي الأضرار الناجمة عن الانفجارات، والحروق الناتجة عن كُرات اللهب والأمراض الناجمة عن التعرُّض للإشعاع، كما كان الحال في هيروشيما وناجازاكي، وهو ما قاد إلى الاعتقاد بأن الأشخاص البعيدين عن المناطق المُستهدفة قد ينجون من هذه الآثار. ومع ذلك، يعترض العلماء على ذلك ويقولون إن القاتل الأشدَّ فتكًا على الإطلاق هو على الأرجح «الشتاء النووي»، الذي تتسبَّب فيه الكميات الهائلة من الغبار والدُّخان من المدن والغابات المُحترقة، اللذين يتصاعدان إلى الغلاف الجوي العُلوي، والتجريد المُتزامن للأرض من طبقة الأوزون التي تحميها: «في أعقاب الكارثة … يُمكن أن تتعرَّض مساحات شاسعة من الأرض لظلامٍ طويل، ودرجات حرارة مُنخفِضة لمستوياتٍ غير طبيعية، وعواصف عنيفة، وأدخنة سامَّة، وتهاطُل نَووي مُستمر.» وقد يتفاقَم هذا الوضع بسبب انهيار الزراعة وإنتاج الغذاء والنقل وشبكات الطاقة والرعاية الصحية والصرف الصحي والحكومة المركزية. فحتى في المناطق البعيدة عن الانفجارات الفعلية، سيموت الناس من الجوع، ومن درجات الحرارة المُتجمِّدة التي تَنخفِض إلى ٣٠ درجة مئوية تحت المُعدَّل الطبيعي، ومن أمراض الإشعاع ووباء سرطانات الجلد والتلوُّث وفقدان المناعة ضدَّ الأمراض العادية. إن تأثير الشتاء النووي هو في الواقع نقيض تأثير الاحتباس الحراري، فهو يعني التبريد المُفاجئ لكوكَب الأرض بأكمله، ولكنه تَبريد لا يستمرُّ سوى عدة سنوات فقط. ومع ذلك «يقول عدد من عُلماء الأحياء إنَّ انقراض العديد من الأنواع … — بما في ذلك الجنس البشري — يُعتبر احتمالًا حقيقيًّا» (توركو وآخرون، ٢٠١٢).

في الثمانينيات من القرن الماضي، نبَّهت مجموعة من العلماء1 الشجعان قادة كلٍّ من الولايات المتحدة وروسيا إلى مخاطر الشتاء النووي، وحذَّروا من أنه في الحرب الذرية لن يكون هناك فائزون. أخذ الرئيس السوفييتي آنذاك ميخائيل جورباتشوف مشورتهم على مَحمَل الجد، وقال فيما بعد: «أظهرتِ النماذج التي أجراها علماء روسيُّون وأميركيون أن الحرب النووية ستؤدِّي إلى شتاءٍ نووي، وهو ما سيكون مُدمِّرًا للغاية لكلِّ أشكال الحياة على الأرض؛ كانت معرفة ذلك بمثابة حافزٍ كبير لنا، لأهل الشرف والأخلاق، للتصرُّف حيال ذلك الوضع» (هيرتسجارد، ٢٠٠٠). وافَقَ الرئيس الأمريكي رونالد ريجان على ذلك، وقال في «خطاب حالة الاتحاد» عام ١٩٨٤: «لا يُمكن كسْب الحرب النووية، ولا يجِب خوضها أبدًا» (ريجان، ١٩٨٤). وقد أشار آل جور في خطابه لجائزة نوبل في عام ٢٠٠٧ إلى هذه اللحظة الفاصلة في التاريخ قائلًا: «قبل أكثر من عقدَين، قدَّر العلماء أنَّ الحرب النووية يُمكن أن تُطلِق الكثير من الحطام والدُّخان في الهواء بحيث تمنع وصول أشعة الشمس الواهبة للحياة من غلافنا الجوي، مُتسبِّبةً في «شتاء نووي». إن تحذيراتهم البليغة هنا في أوسلو ساعدت على دفع العالَم على تقرير وقف سباق التسلح النووي.»

ما زال حجم الإطلاق النووي المطلوب لتسريع وتيرة حدوث شتاء نووي خاضعًا للنقاش التقني، ولكن مع النماذج المُحسَّنة إلى حدٍّ كبير التي طُوِّرَت لعِلم المناخ، تُشير التقديرات الحديثة إلى أنَّ الأمر يتطلَّب خمسين قنبلةً فحسب بحجم التي أُلقِيت على هيروشيما (وزن الواحدة منها خمسة عشر كيلو طن)، أو استخدام سلاح واحد فقط من كلِّ مائتي سلاح من الترسانة النووية العالَمية (روبوك، ٢٠٠٩). وهو ما يُضفي طابعًا مختلفًا للغاية على المخاطر المُعاصِرة التي تواجِه البشرية.

أولًا: هذا يُشير إلى أنه حتى إن وقَعَ صراع محدود بين الجهات الفاعلة الأقل شأنًا في سباق التسلُّح، على سبيل المثال بين باكستان والهند، أو بين الهند والصين أو بين إسرائيل وإيران، والذي يَنطوي بشكلٍ أساسي على استخدام الأسلحة النووية المُخصَّصة للاستخدام في ساحة المعركة، فيُمكِن أن يُعرِّض هذا العالَم بأسره للخطر. يفحص الخبيران النووِيَّان آلان روبوك وبراين تون في كتاب «انطفاء الأنوار: كيف سيَفنى كلُّ شيء» آثار حدوث حربٍ إقليمية (روبوك وتون، ٢٠١٢). بادئ ذي بدء، يقولان إنَّ «الحرب النووية المحدودة» أمر مُستبعَد للغاية؛ حيث إنه مع إطلاق حفنةٍ من الأسلحة النووية المُخصَّصة للاستخدام في ساحة المعركة، ستَخرج الأمور عن السيطرة بسرعةٍ كبيرة مع فشل الاتصالات وانتشار الذُّعر وتفشِّي الصراع ليُصبح صراعًا أعمَّ يتضمَّن العشرات من الأسلحة المُنتشِرة على نطاقٍ أوسع بكثير. ومن شأن العواصف النارية في المدن الكبرى أن تُثير كميةً هائلة من الدُّخان والرماد والغبار تُقدَّر بنحو ٧٠ مليار طن حال وقوع اشتباك بين الهند وباكستان. وبتشغيل هذا عبر النماذج المناخية، وجدوا أنها ستَحجُب أشعة الشمس، فتُبرِّد الكوكب بمعدل ١٫٢٥ درجة مئوية في المتوسط لمُدَّةٍ تصل إلى عشر سنوات، وهو ما يَكفي لحدوث صقيع يقضي على المحاصيل، حتى في منتصف الصيف. وهذا من شأنه أن يُقلِّل الإنتاج الزراعي بشكلٍ كبير وأن يَقضي عليه في بعض المناطق لعدَّة سنوات. تَكفي مخزونات الحبوب العالمية العادية لإطعام البشرية لنحو شهرَين أو ثلاثة أشهر فقط، ومن ثمَّ فإنَّ أحد آثار الجولة الأولى للحرب سيكون الذُّعر العام والانهيار المالي في جميع أنحاء العالَم مع انخفاض الإمدادات الغذائية وارتفاع أسعار الحبوب بشكلٍ جنوني. ومن المُحتمَل أن يموت مليار شخص يعيشون على هامش الجوع في غضون أسابيع، ومليارات أُخرى خلال الأشهر التالية.

في أوائل القرن الحادي والعشرين، ستَمتلِك ثماني دول على الأقل، وفقًا لهذه الحسبة، الأدوات اللازمة للقضاء على الحضارة، وربما على الجنس البشري، وحدها؛ بينما تطمح دولتان على الأقل للوصول إلى القُدرة على القيام بذلك. وفي هذه الأثناء، تستمرُّ الظلال التي يُلقيها الإرهاب النووي والكيميائي المُحتمَل وعواقبهما في الازدياد.

الإرهاب النوَوي

لقد أضاف ظهور مجموعة من الأطراف غير الحكومية والجماعات الإرهابية (الكثير منهم واهِمون بلا شكٍّ أو مدفوعون بمُعتقَدات تُنكِر القِيَم الإنسانية المُتحضِّرة) مُكونًا جديدًا خطيرًا ومُتقلبًا إلى المرجل النووي. وهو ما يعني بكل بساطةٍ أن عقيدة «التدمير المُتبادَل المؤكَّد»، والتي حالت دون وقوع صراع نووي كبيرٍ بين أمريكا وروسيا على مدى عقود، لم تَعُد تُمثِّل رادعًا مؤكدًا لمنع استخدام الأسلحة النووية؛ إذ إنه يُوجَد الآن لاعبون مُحتملون لا تُمثِّل الإبادة الشخصية أي أهميةٍ لهم.

تُسْتَمَدُّ مصداقية هذا التهديد الجديد أيضًا من وجود مخزونٍ عالمي ضخم من مواد تُستخدَم في صنع الأسلحة وعشرات الآلاف من الرءوس الحربية السوفييتية والأمريكية القديمة التي لم تُدَمَّر بعد، والتي من المُحتمَل أن تدخُل السوق السوداء. يقول الفريق الدولي المعني بالمواد الانشطارية: «يُقدَّر المخزون العالمي لليورانيوم العالي التخصيب اعتبارًا من نهاية عام ٢٠١٢ بنحو ١٣٨٠ طنًّا بزيادة أو نقصان ١٢٥ طنًّا. وهو ما يكفي لأكثر من ٥٥ ألف سلاح من الجيل الأول من الأسلحة الانشطارية. نحو ٩٨٪ من هذه المواد تملكُها الدول الحائزة للأسلحة النووية، ولا سيما روسيا والولايات المتحدة.» مضيفًا أن «المخزونات العالمية من البلوتونيوم المفصول كانت تُقدَّر في عام ٢٠١٢ بحوالي ٤٩٥ طنًّا بزيادة أو نقصان عشرة أطنان» (الفريق الدولي المعني بالمواد الانشطارية، ٢٠١٣). على الرغم من انخفاض مخزونات الأسلحة والمواد في السنوات الأخيرة، فإنَّ حجمها لا يزال يفوق بعدَّة مرات هامِش الأمان النظري لكوكب الأرض الذي حُدِّد ﺑ «خمسين رأس نووي». في الواقع، من المشكوك فيه أن تتحقَّق السلامة على الإطلاق، ما لم يتمَّ النزع الشامل للأسلحة النووية على الصعيد العالمي. وحتى عندئذ، ستبقى مخزونات المواد الانشطارية؛ ومن ثَمَّ سيتسرَّب منها مواد مسروقة. يُمكن العثور على دليلٍ يَدعم هذا الرأي في «قاعدة بيانات الحوادث والاتجار» الخاصة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تُوثِّق ٢٥٠٠ حالة سرقة أو فقدان مواد نووية، بالإضافة إلى ١٤٠٠ حالةٍ أُخرى من حالات الاستخدام الممنوع. كانت هناك ست عشرة حالة مؤكدة لسرقة البلوتونيوم أو اليورانيوم العالي التخصيب بين عامَي ١٩٩٣ و٢٠١٣، وهذه هي فقط الحالات التي نعرف عنها. عادةً ما تُسرَق المواد النووية من جميع الأنواع مرة كل عشرة أيام (الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ٢٠١٤).

في كتاب «عن الإرهاب النووي»، بقلَم مايكل ليفي من جامعة هارفارد، حلَّل ليفي بدقَّةٍ الخطوات التي قد يتَّخِذها الإرهابي النووي من أجل إيجاد وتصنيع وإطلاق قنبلة نووية (ليفي، ٢٠٠٧). وقد اتضح أنَّ الأمر ليس مباشرًا وسهلًا للغاية، نظرًا لوجود العديد من الحلقات في السلسلة والعديد من الأشياء التي يُمكن أن تفشل في كل مرحلة. كما أنَّ هناك العديد من الخطوات الأرخص والأبسط والأكثر فاعليةً المتاحة للإرهابي العمَلي (وهذا على افتراض أنَّ الإرهابيِّين عمليُّون، وليسوا مجانين فحسب). أحد الأسباب هو أنَّ الأسلحة النووية ومكوِّناتها باهظة الثمن، ويصعُب الحصول عليها وتصنيعها دون المُخاطرة بوقوع حادث مروِّع. ولا بدَّ أن يتلقَّى أي تنظيم يسعى للحصول عليها تمويلًا جيدًا جدًّا ليَحصل على قنبلة أو على المواد والمُكوِّنات والمعدات والمهارات التقنية اللازمة لصُنعها؛ إذ إنه سيكون عرضةً لاكتشاف أمره في أي مرحلةٍ من المراحل. ومع ذلك، يقول ليفي، إنَّ المخزونات الكبيرة غير الآمنة التي لا تزال موجودةً على مستوى العالم تعمل ﮐ «بوابات للإرهاب». وخلُصَ إلى أن هناك العديد من الفُرَص لكشف مثل هذه المحاوَلات وإحباطها في أيِّ مرحلة من المراحل، ولكن يجِب على السلطات التركيز على جميع حلقات السلسلة لتقليل فُرَص أن تتسبَّب جماعةٌ صغيرة وغنية من المُتعصِّبين النوويين في نُسختهم الخاصة من «هرمجدون». في حين أنه يبدو من غير المعقول إطلاقًا أنَّ الجماعات الإرهابية، وحتى التحالُفات، يُمكنها أن تنجح في صُنع وإطلاق خمسين سلاحًا نوويًّا أو أكثر، إلا أنه لا يمكن تجاهُل إمكانية أن يُفجِّروا قنبلة أو اثنتين، مما سيُؤدِّي إلى نشوب صراع نووي أوسع نطاقًا بين الدول الفاعِلة التي ستتصرَّف بفزَعٍ يُفضي إلى وقوع كارثة عالمية.

كما يُشير البروفيسور جيفري ساكس بجامعة كولومبيا إلى أن «الإرهاب» بالنسبة لمن يُسمَّون «إرهابيِّين» لا يُعتبر دائمًا إرهابًا، بل امتدادًا للصراع القائم إلى ساحات قتال أُخرى، بما في ذلك مدن القوى الكُبرى نفسها. ويُضيف أنَّ هذا ردُّ فعلٍ مفهوم إزاء عقودٍ من العنف العسكري الغربي، والتآمُر والحرب السرية ضدَّ شعوب الشرق الأوسط، والتي غالبًا ما كان النفط أحد دوافعها (ساكس، ٢٠١٥أ). إذا كان ساكس على صواب وكان «الإرهابيون» يردُّون أساسًا على التدخُّل الغربي من خلال توسيع مسرح الصراع ليشمل تلك الدول نفسها، فإنَّ ذلك يترتَّب عليه إمكانية تراجع خطر الإرهاب النووي إذا ما توقَّف الغرب عن التدخُّل العسكري والتلاعُب السياسي في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، فقد حذَّر روبوك وتون من أنَّ «الانطباع بأنَّ المشكلة قد تمَّ حلُّها بنهاية سباق التسلُّح النووي، هو انطباع خاطئ، فالطريقة الوحيدة للقضاء على احتمال وقوع كارثة مناخية هي القضاء على الأسلحة (النووية)» (روبوك وتون، ٢٠١٢). في عام ٢٠١٠، اقترح جاكوب كيلينبرجر رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر رسميًّا إجراء «مفاوضات تهدف إلى حظر هذه الأسلحة والقضاء عليها بالكامل من خلال معاهدة دولية مُلزِمة قانونًا» — أي وضع حظر عالَمي على جميع الأسلحة النووية (كيلينبرجر ٢٠١٠).

حتى الآن، لم يأخُذ أي طرف بكلامه، بل إنَّ سباق التسلُّح النووي بعيدٌ كلَّ البُعد عن أن ينتهي. وعلى الرغم من أن الدول ربما لا تُضيف أسلحةً ضخمة إلى ترساناتها النووية، كما كانت تفعل في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، فهي تُكَدِّس تقنياتٍ جديدة من المتوقَّع أن تزيد من مُستوى التهديد. كتب باحِث السلام مارك جوبرود من جامعة نورث كارولينا في مجلة «نشرة علماء الذرة» يقول: «الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت هي مجرَّد جانب واحد من جوانب سباق التسلُّح الاستراتيجي المُتجدِّد بين القوى الكبرى المُسلَّحة نوويًّا في العالَم. وتشمل مصادر هذا الخطر المُتنامي خصوماتٍ جيوسياسية دفينة، وتحوُّلات في القوة الاقتصادية، وأسلحة جديدة أصبحت مُمكنة بفضل التكنولوجيا الناشئة. لقد فشل العالَم حتى الآن في إعادة الجنِّي النووي إلى المصباح، ويُطلق الآن سراح المزيد منهم: أسلحة الفضاء، والحرب الإلكترونية، والطائرات بدون طيار، والأسلحة الذاتية التشغيل. كما تلُوح في الأفق الأسلحة التي تَعتمِد على البيولوجيا التركيبية وتكنولوجيا النانو» (جوبرود، ٢٠١٥).

الحرب الكيميائية والبيولوجية

في حين أنَّ الأسلحة الكيميائية والبيولوجية محدودة من حيث تأثيرها العالَمي أكثر من الأسلحة النووية، إلا أنها تُشكِّل تهديدًا مُستمرًّا لوجود البشر؛ وذلك على الرغم من التقدُّم المُحرَز مؤخرًا في القضاء على مخزونات العالَم منها. ومن أهمِّ هذه الأسلحة غازات الأعصاب السامة (مثل غازات السارين والتابون والفي إكس)، والعوامل المُولِّدة للبثور (مثل غاز الفوسجين وغاز الخردل النيتروجيني)، وعوامل الدم (مثل سيانيد الهيدروجين)، وعوامل الرئة (مثل الكلوروبكرين والفوسجين). على الرغم من حظر هذه الأسلحة بموجب اتفاقية جنيف في عام ١٩٢٥، لم يمنع ذلك عشرين دولة على الأقل من تجربتها أو تصنيعها أو تخزينها.

تتكوَّن الأسلحة البيولوجية من: الكائنات العضوية المُسبِّبة للأوبئة القاتلة، مثل تلك التي تُسبِّب الجمرة الخبيثة، والتَّسمُّم الغذائي، والكوليرا، والتهاب الدماغ، والحُمَّى النزفية؛ والسموم الطبيعية القاتلة مثل الرايسين والساكسيتوكسين؛ ومختلف العوامل التي تهدف إلى شَلِّ الخصم وليس قتله؛ ومبيدات الأعشاب المختلفة، والآفات والحشرات والأمراض الفطرية التي تهدف إلى تدمير أو تقويض الزراعة والإمدادات الغذائية. تَمتلِك حوالي سبع دول مُختبرات إما لصُنع أو لمواجهة عوامل الحرب البيولوجية، وهناك ثمانية بلدان أُخرى محلُّ شك.

في عام ١٩٩٢ وبموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، اتفقت الدول المشاركة على تدمير مخزون العالَم في غضون عشر سنوات، ووقَّعت على ذلك مائة وتسعون دولة. بلغَت المخزونات المُعلَنة الأولية حوالي ٧٠ ألف طنٍّ متري من العوامل السامة في ٨٫٦ ملايين حاوية، مع احتفاظ روسيا (٤٠ ألف طن) والولايات المتحدة (٣٠ ألف طن) بأكبر الترسانات. استمرَّ تفكيك الترسانات وتدميرها، حيث دُمِّرَ بالفعل نحو ٨٠٪ من مجموع الترسانة على نحوٍ أمكن التحقُّق منه. وعلى الرغم من ذلك، لم يتمَّ الوفاء بالمواعيد النهائية للتدمير الكامل لعام ٢٠٠٧ وعام ٢٠١٢؛ حيث سعى اللاعبُون الرئيسيون إلى تمديد المهلة استنادًا إلى ذرائع مختلفة (رابطة الحدِّ من الأسلحة، ٢٠١٤أ). بينما رفضت إسرائيل وكوريا الشمالية الإعلان عن مخزونهما.

في عام ٢٠١٤، قدَّرت رابطة الحدِّ من الأسلحة أنَّ حوالَي ١٢ ألف طنٍّ من عوامل الأعصاب وأربعة ملايين قُنبلة وقذيفة ما زالت موجودةً في جميع أنحاء العالَم، وهو ما يكفي لقتل كلِّ إنسانٍ على وجه الأرض مرَّتَين أو ثلاث مرات. تركَّزت هذه المخزونات المُتبقية في روسيا (٩٠٠٠ كيلو طن) والولايات المتَّحدة (٢٨٠٠ كيلو طن)، وكان من المُقرَّر تدميرها بالكامل في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات (رابطة الحدِّ من الأسلحة، ٢٠١٤ب). يُعتقَد أنَّ هناك دولتَين أُخريين، ألا وهما كوريا الشمالية وسوريا، لا تزالان تحتفظان بمخزوناتهما، وهناك ست عشرة دولة أُخرى محلُّ شكٍّ (كير، ٢٠٠٨).

وبذلك، مثل الأسلحة النووية، توقَّف انتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وتناقصَتْ من حيث الحجم والعدد والقُدرة على القتل خلال السنوات الأخيرة — ولكنَّها ما تزال بعيدةً كل البُعد عن أن تنتهي تمامًا، وقد استمرَّ تدميرها بوتيرةٍ أبطأ ممَّا كان مُتوقَّعًا، ولم يَختفِ الظلُّ الذي تُلقيه على مصير المُستقبَل البشري.

حذَّرت رابطة الحدِّ من الأسلحة من أن «الخطر الذي تُشكِّلُه الأسلحة البيولوجية والأسلحة الكيميائية لا يزال قائمًا بعد عقدَين من انتهاء الحرب الباردة. وعلى الرغم من انخفاض التهديدات حيث يَفي عدد مُتزايد من الدول بالتزاماته بموجب الاتفاقيات الدولية، فهناك عدد قليل من الدول تحتفظ بمخزوناتٍ مُعلَنة وغير مُعلَنة، وحتى برامج نشطة للأسلحة البيولوجية والأسلحة الكيميائية. إنَّ ثورة التكنولوجيا الحيوية تجعل هذه التكنولوجيا متاحةً بسهولةٍ أكبر وتُشكِّل مخاطر انتشار مُحتمَلة في المُستقبل. كما تُشكِّل العمليات الكيميائية ذات الاستخدام المزدوَج أيضًا سلسلةً من التحدِّيات المُستمرة» (رابطة الحد من الأسلحة، ٢٠١٤أ، ب).

منذ هجوم الجمرة الخبيثة الذي شنَّهُ أحد الأفراد في الولايات المتحدة في عام ٢٠٠١، اعتبرت السلطات أنَّ مخاطر الإرهاب البيولوجي أو الكيميائي أعلى من الإرهاب النووي لسببٍ بسيط؛ وهو أن الحصول على العوامل البيولوجية والسلائف الكيميائية أرخص وأسهل بكثيرٍ من الحصول على المواد والتكنولوجيا النووية، كما أن تصنيعها أبسط من الناحية الفنية. علاوة على ذلك، إذا كان الهدف الرئيسي هو توليد الخوف والذُّعر، فهي بنفس القدْر من الفعالية. ونتيجة لذلك، طوَّرت مُعظَم الدول المتقدِّمة تدابير للكشف عن الهجمات المُحتمَلة. وعلى المستوى العالَمي، تمَّ إطلاق المنتدى العالَمي لمكافحة الإرهاب، الذي يضمُّ ثلاثين دولة، في عام ٢٠١١ لتحسين التعاون الدولي في مجال المُراقبة وطرُق التعامُل مع هذا الشكل الجديد من الإرهاب في القرن الحادي والعشرين (المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ٢٠١٦).

زيادة الضعف

أحد أسباب زيادة الخوف من أسلحة الدمار الشامل في القرن الحادي والعشرين، عما كان عليه في القرن العشرين، هو أنَّ البشرية أكثر ضَعفًا وعُرضةً للخطر ممَّا كانت عليه في الماضي.

بحلول منتصَف القرن الحالي، سيَعيش ثلاثة أرباع سكان العالَم في مدن، وهي أهداف مركَّزة ومُغرية للأسلحة النووية أو الكيميائية أو البيولوجية. كما تَعتمد المدن الحديثة أيضًا على سلاسل طاقة ونقْل شديدة الهشاشة لتوصيل الكهرباء والغذاء والمياه إلى كثافة سُكَّانية ضخمة كل دقيقة على مدار اليوم؛ ومن المؤكَّد أنَّ هذه السلاسل ستتعطَّل فورًا بعد التعرُّض لهجوم. وهو ما سيُؤدِّي بدورِه إلى انهيار خدمات الرعاية الصحية والاتصالات والطوارئ وربما مُعظم الأشكال الحكومية. في حالة الهجوم بالأسلحة البيولوجية التي تنطوي على أمراضٍ مُعدية، فسيتعاظَم تأثيرُها من خلال أنظمة السفر الحديثة والنقل والتعليم وأنظمة العناية بالأطفال، والظروف المعيشية الحضرية ومُمارسات العمل وموجات تدفُّق اللاجئين التي تَنتشِر في جميع الاتجاهات.

محركات الصراع

نحن البشر نتشارك في الأساطير الكونية التي يُعزِّزها السياسيون والعسكريون، ومن وصفَهم المؤرِّخ والمحارب السابق بول فوسِل في إحدى المناسبات باﻟ «العاطفيين والوطنيين المخبولين والجهلاء والمُتعطشين للدماء» (فوسِل، ١٩٨٩)، بأنَّ الحرب أمر نبيل وله ما يُبرِّره. ومع ذلك، فهذه ليست وجهة نظرٍ مُشتركة بين معظم المواطنين، ولا سيما النساء والمُثقفين من الذكور والإناث، وذلك مع التلاشي التدريجي للنزعات الاستعمارية القديمة، لذا يَتناقص عدد من يَقتنِعون بها أكثر فأكثر. في الدول الديمقراطية بشكلٍ خاص، تَميل الأغلبية إلى معارضة المغامرات العسكرية لحكوماتها. لقد لقِيَ أكثر من ٢٠٠ مليون شخص حتفَهم في وقائع إراقة الدماء الكُبرى خلال القرنين الماضيين، وكانت النسبة الأكبر منهم من غير المُقاتلين.2 ومع ذلك، فإنَّ هذه الحروب ستبدو بسيطةً للغاية مقارنةً بصراعات القرن الحادي والعشرين.

هناك حسابات وحشية لسياسة الحروب الحديثة بين المشاركين الذين يُفترَض أنهم عقلانيون، وهي أنَّ الخسائر في الأرواح والثروة لا يجِب أن تُرى من قبل عامَّة الشعب على أنها تتجاوَز المكاسب التي تحقَّقت في الأرض والثروة والأمن والمكانة الوطنية. وإذا رأى عامة الشعب ذلك، يُصبح النظام المُحارب غير محبوب لدى شعبِه. يقول الاقتصادِيَّان ماثيو جاكسون وماسيمو موريلي: «كي تَندلِع الحرب بين الجهات الفاعلة العقلانية، يجِب على أحد الأطراف المَعنية على الأقل أن يتوقَّع أن تفوق المكاسب الناتجة عن النزاع التكاليف المُتكبَّدة» (جاكسون وموريلي، ٢٠١١). ويُحدِّدان أنَّ المُحرِّكات أو الدوافع الرئيسية للحروب المُعاصِرة هي الدين والانتقام والتطهير العرقي والفشل في المُساوَمة على الموارد.

في حين أن مَيل وسائل الإعلام لوضع الحرب في قالَبٍ درامي يُلقي الضوء دائمًا على العوامل الأيديولوجية أو الدينية أو العنصرية أو السياسية التي تُحرِّك المُقاتلين، إلا أنَّ النزاعات على الموارد في الواقع قد أدَّت إلى تأجيج أو تفاقُم معظم النزاعات تاريخيًّا. ولو كان بوسعنا إجراء مقابلات مع المُحاربين المرسومين على تلك اللوحة الصخرية التي تعود إلى العصر الحجري، فمِن المُحتمَل أن يُخبرونا بأن سبب القتال كان نزاعًا حول حقوق الصيد أو حول بئر ماء أدَّى إلى هذا التصارُع التاريخي بالأسلحة.

في حالة الحرب العالمية الثانية، وهو أكثر صراع قُدِّم بشكلٍ أسطوري (ويبر، ٢٠٠٨)، لعبت الموارد دورًا رئيسيًّا في التعجيل بالحرب. في وقتٍ مُبكِّر من عشرينيَّات القرن العشرين، أعلن هتلر عن نيته الاستيلاء على مناطق واسعة من أوروبا الشرقية كأماكن إعاشة، «ليبنسراوم»، للمُزارعين الألمان، استجابةً للشعور الذي كان سائدًا بين الألمان في ذلك الوقت بوجود أزمة اكتظاظٍ سُكاني وطنية. استنتجَت السِّيَر التاريخية اللاحقة أنه بالنسبة لهتلر والنازيين، كانت فكرة الليبنسراوم في الواقع هي أهم هدفٍ في سياستهم الخارجية (ميسرشميت، ١٩٩٠). كما تحكَّمت الحاجة إلى الحصول على حقول النفط والفحم وكذا المزارع في روسيا ورومانيا وغيرها في الاستراتيجية العسكرية الألمانية بشكلٍ كبير. وكانت اليابان، كاقتصادٍ صناعي وعسكري، تُعاني نقصًا حادًّا في النفط، وكانت تَعتمِد في مُعظم احتياجاتها على الواردات من الولايات المتحدة. وشكَّل الحصول على إمدادات النفط الخاصة بها محورًا رئيسيًّا في دافعها للحرب والتخطيط العسكري، وهو ما أدَّى إلى غزو الهند الصينية. وعندما واجهت أمريكا ذلك بحظرٍ تجاري ونفطي شامل على اليابان في يوليو ١٩٤١، أصبحت الحرب بين الدولتين حتمية، كما اعترفَت إدارة روزفلت على نحوٍ وافٍ في ذلك الوقت («الأطفال في التاريخ»، ٢٠١٢). كان نمط الغزو الياباني لجنوب شرق آسيا وجُزر المحيط الهادئ مدفوعًا استراتيجيًّا بحاجتها إلى الحصول على الموارد والدفاع عنها كالنفط والمطاط والمواد الغذائية وغيرها من الموارد من إندونيسيا ومالايا وجنوب الصين والفلبين.

يقول جيف كولجان من كلية كينيدي بجامعة هارفارد إنَّ ما يصِلُ إلى نصف جميع الحروب التي نشبَت بين الدول منذ عام ١٩٧٣ كانت مُرتبطةً بالنفط. ويقول إنه «على الرغم من أن تهديد «حروب الموارد» على امتلاك احتياطيَّات النفط أمر مُبالَغ فيه في كثيرٍ من الأحيان، فإنَّ مجموع الآثار السياسية الناتجة عن صناعة النفط يجعل النفط سببًا رئيسيًّا للحرب. لقد اقْتَرنَت ما بين ربع ونصف حروب الولايات منذ عام ١٩٧٣ بواحدةٍ أو أكثر من الآليَّات السببية المُرتبطة بالنفط. لم تكن هناك أي سِلعة أُخرى لها تأثير كهذا على الأمن الدولي.» يُحدِّد كولجان ثماني طرُقٍ مختلفة يُساعد بها النفط في تعجيل أو إثارة أو تعزيز الصراع ويُحذِّر من أن عدد المخاوف الأمنية يتضاعَف مع دخول مُصدِّرين جُدد للنفط إلى السوق العالمية (كولجان، ٢٠١٣). ومن ثمَّ فالتوقُّف عن استخدام النفط سيُزيل أحد الدوافع الرئيسية للصراع.

في عام ١٩٩٩، أصدر معهد أوسلو لبحوث السلام ورقةً بحثية رائدة كتبَها كلٌّ من إندرا دي سويسا ونيلز جليديتش لفتَت الانتباه إلى حقيقة أنه في العقد الأول من حقبة ما بعد الحرب الباردة، بدأت مُعظم النزاعات بفشل التنمية والتسابُق بين مختلف اللاعبين على الموارد الأساسية للحياة؛ الغذاء والأرض والمياه. ويقولان إنَّ «الحروب الداخلية الجديدة، التي تكون شديدة الدموية من حيث الخسائر في صفوف المدنيِّين، تعكس الأزمات المَعيشية، وهي حروب غير سياسية إلى حدٍّ كبير» (دي سويسا وجليديتش، ١٩٩٩). وقد مثَّل ذلك تحديًا لوجهة النظر الأكاديمية الراسخة القائلة بأن النُّدرة تكون نتيجةً للحرب، لا بأنَّ الحرب تكون نتيجة للندرة. في الحقيقة، كان البشر دائمًا ينافسون على الموارد الأساسية بالقوة والسلاح. والسياسة والدين والوطنية والعرقية ليسَت سوى الطُّرُق التي نَميل لتنظيم أنفسنا بها في مجموعاتٍ متحاربة تدور في فلكِها. يُضفي عمل بيتر جليك بشأن النزاعات على المياه أهميةً كبيرة على تحذيرات اثنين من رؤساء الأُمَم المتحدة؛ ألا وهما بطرس بطرس غالي وبان كي مون، بشأن الخطر المُتزايد المُتمثِّل في اندلاع الحروب على هذا المورد الذي لا غِنى عنه مع تزايُد الندرة. لقد اندلعَت «حروب الغذاء» (بما في ذلك ما يُسمَّى ﺑ «حروب الأسماك») في العديد من المناسبات في أفريقيا — حيث تُعدُّ الإبادة الجماعية في رواندا والصراعات الدامية التي طال أمدُها في دارفور والقرن الأفريقي أمثلةً مُحدَّدة على ذلك — ولكن أيضًا في أمريكا الوسطى وآسيا (ميسر وآخرون، ١٩٩٨). تكون هذه المعارك في مُعظم الأحيان على الأساسيَّات التي تضمَن بقاء الإنسان وتنزع إلى النشوب كصراعاتٍ أهلية في البداية، ثم تخرج عن نطاق السيطرة لتشمل الدول المجاوِرة وحتَّى القوى العُظمى.

من عمق تجربته كمُزارع ورجل دولة على حدٍّ سواء، أشار الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر إلى أن الحروب الحديثة تبدأ بشكلٍ شِبه دائم في البلدان الفقيرة؛ حيث تتعرَّض الموارد والناس للإنهاك، ونادرًا ما تبدأ في الدول الغنية أو في الدول الديمقراطية. وكتب في مجلة «إنترناشونال هيرالد تريبيون» يقول: «الرسالة واضحة. لا يُمكن أن يكون هناك سلام حتى يكون لدى الناس ما يَكفيهم من الطعام، فالجياع ليسوا أشخاصًا مُسالِمين» (كارتر، ١٩٩٩أ).

مع بزوغ عصر عدم استقرار الموارد، كما هو موضَّح في الفصل الثالث، فمن شأن خطر الحرب أن يزيد بما يَتناسَب مع ندرة الموارد الأساسية، سواء كانت المياه أو الأراضي الزراعية، والغذاء نفسه والنفط والغاز أو المعادن الاستراتيجية. لا يُمكن استبعاد احتمال أن تَنطوي بعض هذه النزاعات على إطلاق الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية أو النووية. على سبيل المثال، في تقرير «عصر العواقب»، تنبَّأ كيرت كامبل وزملاؤه في المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية بأنه مع المجاعات والاضطرابات العالمية الناشئة عن التغيُّر المناخي الحاد (٢٫٦ درجة مئوية، طبقًا للسيناريو الخاص بهم) «من الواضح أنه حتَّى الحرب النووية لا يُمكن استبعادُها كنتيجةٍ سياسية. علاوة على ذلك، يُمكن أن يتصاعَد ما يُسمَّى ﺑ «الحرب النووية المحدودة» في أي جزءٍ من أجزاء العالَم ليُصبح اشتباكًا نوويًّا شاملًا بين القوى النووية الكبرى.» ومع التغيُّر الكارثي لدرجة الحرارة بمعدَّل خمس درجات مئوية أو أكثر، «سيكون احتمال الصراع بين قوَّتَين نوويَّتَين غير مُستقرَّتَين احتمالًا مُرتفعًا.» وعلاوة على ذلك «من المرجَّح وقوع نزاع مسلَّح بين الدول على الموارد وحتى الأراضي، مثل نهر النيل وروافده، ومن المُمكن اندلاع حربٍ نووية» (كامبل وآخرون، ٢٠٠٧).

يُثير التقرير أيضًا بُعدًا جديدًا مُزعجًا بخصوص الانتشار النووي، ألا وهو حقيقة أن توليد الطاقة النووية يتمُّ الترويج له بشكلٍ مُتزايد في جميع أنحاء العالَم كبديلٍ «صديق للمناخ» لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم وينبعث منها الكربون. وفي العديد من البلدان، يتمُّ تبرير استخدام الطاقة النووية لتحلية مياه البحر أو دفع النمو الاقتصادي. يعمل المُفاعل النووي «السِّلمي» القياسي في فترة عمره على توليد موادَّ مُخصَّبة كافية لصنع ١٢٠٠ قنبلة كالتي أُلقيَت على هيروشيما (خدمة المعلومات النووية والموارد، ١٩٩٦) إذا كان عدد محطات الطاقة النووية في جميع أنحاء العالم سيتضاعف إلى ألفٍ أو أكثر في محاولة لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، فإنها ستُنتج مجتمعةً ما يكفي من المواد الانشطارية لصُنع أكثر من مليون سلاح. إنَّ الادِّعاء بأنَّ كلَّ كيلو من هذه النفايات سيبقى محفوظًا في عُهدةٍ آمنة ومسئولة إلى الأبد، وأن لا شيء منها سيقع في أيدي الإرهابيِّين أو المُتعصِّبين الدينيين أو القوى الصغيرة الطموحة والعنيفة تدحضُه السَّرِقات والخسائر المتكرِّرة التي وثَّقتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير لها: «المواد النووية تُسرَق أو تُفقَد عشرين إلى خمسين مرةً كلَّ عام. بكميَّاتٍ صغيرة في بعض الأحيان، وكبيرة في أحيانٍ أُخرى. يحدُث هذا الأمر بصورةٍ ضخمة في روسيا وغيرها من دول الاتحاد السوفييتي السابقة. كما يحدُث ذلك في البلدان الأكثر فقرًا والتي تَمتلك القُدرة النووية مثل المكسيك والهند وجنوب أفريقيا؛ كذلك يُستحسَن أن تُصدِّق أن الشيء نفسه يحدُث في البلدان الغنية، وخاصة في فرنسا» (فيشر، ٢٠١٣).

بعبارة أُخرى، قد يؤدِّي تبنِّي «الحل النووي» لمواجهة التغيُّر المناخي فحسْب إلى التعجيل بنهاية الحضارة، ولكن بوسيلةٍ أخرى. ولذلك، فهو ليس حلًّا حكيمًا.

سيناريوهات «هرمجدون»

تَشمل السيناريوهات المُعاصرة لنهاية آخر مرحلة في تاريخ البشرية ما يلي:
  • سوء تقدير من قبل أيٍّ من الطرفَين، أو كليهما، في التوتُّرات المُتزايدة بين الولايات المتحدة التي تسعى جاهدةً لإعادة تأكيد مكانتها كقوةٍ عُظمى، وروسيا القومية التي تعمل من جديدٍ لاستعادة فلك نفوذها السابق.

  • تصعيد لا يُمكن التنبُّؤ به في التوتُّرات السياسية والنزاعات الإقليمية ونزاعات الموارد في شرق آسيا، التي تشمل العديد من البلدان، وجرِّ الولايات المتحدة والصين وربما روسيا أيضًا إلى الصراع.

  • غزو الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين دولةً أصغر أو احتلالها أرضًا جديدة، مما يُؤدي إلى انتقامٍ عسكري من جانب واحدةٍ من الدولتَين الأُخريَين أو كلتيهما، ثم يتفاقَم الوضع إلى أن يصِل إلى صراعٍ نووي.

  • نشوب صراع نووي بين الهند وباكستان نتيجة سوء تفاهُم أو هجوم إرهابي.

  • توجيه ضربة نووية من نوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر ضد أي قوةٍ من القوى النووية (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، الهند، فرنسا، المملكة المتحدة، إسرائيل) من قبل جماعةٍ إرهابية أو مُنشقَّة، يُؤدي إلى ارتباكٍ وانتقام نووي من الدول التي يُنظَر إليها باعتبارها «دول مضيفة».

  • نشوب نزاعات حول نُدرة الموارد وتدفُّق أعداد ضخمة من اللاجئين بسبب تغير المناخ، وتصعيد النزاعات إلى حروبٍ نووية محلية.

  • تصاعد التوتُّرات والقُدرات النووية في كلٍّ من إسرائيل وإيران، مما يُؤدِّي إلى حساباتٍ خاطئة أو توجيه ضربة أولى مُتعمَّدة من أحدِ الجوانب لتحييد الآخر، ثم التصعيد الذي يشمل فاعِلين آخرين.

  • خطر نشوب نزاع نووي سُنِّي-شيعي ناتج عن سباق تسلُّح في الشرق الأوسط سينشأ بين دول عربية أخرى بسبب امتلاك إيران أسلحةً نووية.

  • الاستخدام العشوائي للأدوات النووية أو الكيميائية من قبل الجماعات الإرهابية المُستعدة للمخاطرة بكل شيء، أو غير الواعية بالتبعات، مما يُؤدي إلى حالةٍ من الذعر والارتباك والانتقام على الصعيد العالمي.

  • استخدام أسلحة نووية صغيرة وقنابل قذِرة في تنافسات داخلية مُميتة بين الفصائل الإرهابية أو الفصائل الأصولية الدينية وخروجها عن السيطرة. أحد السيناريوهات المُحدَّدة هو أن تتفاقَم المواجهة المتصاعدة بين الأطراف السُّنية والشيعية، والدول التي تدعمهما، وتصِلُ إلى صراعٍ نووي ذي عواقب عالَمية.

  • استخدام أسلحة الدمار الشامل من قبل الدول ذات القدرة النووية، أو حتى الجهات الفاعِلة غير الحكومية، بما في ذلك الجماعات الإجرامية أو الدينية القوية، في تصعيد الخلافات الناشئة عن ندرة الموارد الرئيسية بما في ذلك الغذاء أو الأرض أو المياه أو المعادن أو الطاقة (مور، ٢٠٠٧).

  • استخدام أسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة النووية للسيطرة على موجات تدفُّق اللاجئين من الأراضي التي تعصف بها الحروب أو يعصف بها تغيُّر المناخ.

  • حدوث خطأ في أحد الأجهزة النووية الآلية يُؤدي إلى وقوع هجومٍ غير مُتعمَّد على دولةٍ نووية، الأمر الذي يدفعها للانتقام بدورها.

من هذه القائمة السابقة، يُمكننا ملاحظة أن المخاطر الرئيسية للنزاع النووي تنقسم إلى فئتين؛ نزاعات حول الموارد المادية مثل المياه والنفط والأرض، وهي الأقل؛ ونزاعات حول الاختلافات السياسية أو الدينية أو القومية أو العرقية، وهي الأكثر.

باختصار، فمِن المُرجَّح نوعًا ما أن تُدمِّر البشرية نفسها بسبب شيء وهمي — مثل مُعتقَد مُعيَّن أو بسبب الحدود أو النظريات السياسية — وليس بسبب شيءٍ حقيقي. ومع ذلك، فإن كلًّا منها يشكل سببًا واقعيًّا للحرب. وهو ما يُبرز بدوره أهمية حِكمة جنسنا البشري للحيلولة دون إيجاد مثل هذه الظروف.

تحذيرات لم تلقَ آذانًا صاغية

على الرغم من التقدُّم الكبير المُحرَز في تخفيض مخزونات الأسلحة النووية والكيميائية على حدٍّ سواء منذ ثمانينيات القرن العشرين، لم يتمَّ التخلُّص من أيٍّ منها بشكلٍ نهائي، وفي حالة الأسلحة النووية بشكلٍ خاص، لا يُوجَد اتفاقٌ عالمي على ذلك.

تُعرِب الأوساط العِلمية والطبية العالمية عن شعورها بالإحباط والانزعاج المُتزايد من أن تحذيراتها، التي كان يأخُذها قادة العالم على مَحمَل الجد، تبدو الآن وكأنها لا تَلقى سوى آذانٍ صماء. يقول لورانس كراوس، وهو عالم فيزياء من جامعة ولاية أريزونا ورئيس مشارك لمجلة «نشرة علماء الذرة»: «في السنوات الأخيرة لم يُحقِّق المجتمع العِلمي نجاحًا يُذكَر في التأثير على السياسة المُتعلِّقة بالأمن العالمي، وهو ما يُشكِّل خطرًا داهمًا علينا. تلعب آراء العلماء دورًا حاسمًا في النقاشات حول التحديات العالَمية لتغير المناخ والانتشار النووي وإمكانية خلق مُسبِّبات أمراض جديدة ومُميتة، ولكن على خلاف ما كان يَجري في الماضي، لم تَعُد تُسمَع آراؤهم.» كما استكمل كراوس موضحًا أن النصيحة العِلمية حول نزع السلاح النووي، «يتم تجاهُلُها بشكلٍ روتيني.» واختتم قائلًا: «إلى أن يُصبح العِلم والبيانات أمرًا أساسيًّا في تنوير سياساتنا العامة، فإن حضارتنا ستقِف مكتوفةَ الأيدي في مواجهة أشدِّ المخاطر التي تُهدِّد بقاءها» (كراوس، ٢٠١٣).

تقول «رابطة الأطباء الدوليين لمنع الحرب النووية» إنه «في أيام الحرب الباردة، كان الناس يشعُرون بالرعب من وقوع حربٍ نووية. خمِّنوا ماذا؟ لا يزال هذا الخطر قائمًا، بل ويَتزايد. إننا نعيش في الوقت بدل الضائع» (رابطة الأطباء الدوليين لمنع الحرب النووية، ٢٠١٦).

أما فيما يتعلَّق بفُرَص نشوب حرب نووية كارثية (حرب يتجاوَز عدد القتلى فيها ٨٠ مليون شخص)، فقد خلُص مجموعة من الخبراء الذين شملهم الاستطلاع الذي أجراه «مشروع دراسة القرن الحادي والعشرين في عام ٢٠١٥»، إلى وجود احتمالية نشوب حربٍ كهذه بنسبة ٦٫٨٪ خلال الربع القادم من القرن. كما قُدِّرَت فُرَص وقوع عملٍ إرهابي نووي بنحو ١٧٪ (مشروع دراسة القرن الحادي والعشرين، ٢٠١٥).

يقول الدكتور إيرا هلفاند الحائز على جائزة نوبل للسلام، والذي يقوم بحملةٍ من أجل فرْض حظرٍ عالَمي شامل على الأسلحة النووية: «إنَّ مشكلة الأسلحة النووية هي أنَّ الناس يَميلون إلى نسيان أنها موجودة. إذا تمَّ استخدام مائة سلاح فقط، فسيكون هناك ما يكفي من الاضطرابات التي تُؤدِّي إلى مجاعةٍ عالمية وتُعرِّض مليارَي شخصٍ لخطر الموت جوعًا.»

وقال في خطابٍ حماسي لمؤتمر القمة العالَمي للفائزين بجائزة نوبل للسلام في عام ٢٠١٤: «إذا تعرَّضت مدينة كبرى، مثل مدينة نيويورك، لهجمةٍ نووية، فسيموت ١٥ مليون شخص في غضون نصف ساعة.» وأضاف أنه بعد وقوع صراعٍ نووي عام «لن يكون هناك يومٌ واحد خالٍ من الصقيع لمدة ثلاث سنوات. وستَنهار النظم البيئية، ويتوقَّف إنتاج الغذاء، وتتضوَّر الغالبية العُظمى من الجنس البشري جوعًا حتى الموت؛ ومِن المُمكن أن نَنقرِض كنوع.

هذا السيناريو، ليس سيناريو كابوسيًّا من اختراعي، بل إنه الخطر الذي نُواجهه كلَّ يوم طالَما أن هذه الأسلحة ما تزال موجودة. الأسلحة النووية ليسَت من قوى الطبيعة، فهي ليست من صُنع الله. إنها شيء قد صنعَه البشر، ويُمكننا القضاء عليها. إننا نعرِف كيف نفعل ذلك، كل ما نَفتقدُه هو الإرادة السياسية. ولهذا السبب نتوجَّه إليكم بالحديث …» (هلفاند، ٢٠١٥).

ما الذي يجب علينا فعله؟

  • (١)

    تحريم وتدمير جميع الأسلحة النووية ومَخزونات المواد النووية.

    كيفية التطبيق: «الأمر متروك لمُواطني الدول الثماني التي لديها القدرة على تدمير الحضارة، بصورة خاصة، أن يَضغطُوا على حكوماتهم لتجنُّب خطر الدمار الشامل. وبدون تحمُّل المواطنين المسئولية الرئيسية في الدفع لتحقيق ذلك، فمن المشكوك فيه أن تقوم الحكومات الوطنية والسياسيون والجيوش بذلك أبدًا؛ لذا فالأمر متروك لنا في دعمهم في هذه القضية.»
  • (٢)

    التحوُّل من الطاقة النووية التي تَعتمِد على اليورانيوم إلى أنظمة أكثر أمانًا (مثل الثوريوم والطاقة المُتجددة) ذات قُدرة أقل على إنتاج الأسلحة.

    كيفية التطبيق: «صُمِّمَ مفاعل اليورانيوم الحديث لإنتاج المواد اللازمة للأسلحة النووية؛ وذلك على الرغم من أنه تمَّ تطويعه منذ ذلك الحين لإنتاج الكهرباء. ومع ذلك، ما زال ينتج نفايات انشطارية؛ لذا فإن استخدامه يُشكِّل تهديدًا مُستمرًّا للمُستقبل الإنساني، ويجِب التخلُّص منه لنفس الأسباب التي تستلزم القضاء على الوقود الأحفوري أو الأمراض الوبائية. ولا يُمكن أن يتحقَّق ذلك سوى من خلال مطالبة المواطنين والضغط السياسي من أجل استخدام الطاقة النظيفة، بما في ذلك الطاقة النووية النظيفة.»
  • (٣)

    حظر وتدمير جميع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والمخزونات.

    كيفية التطبيق: «مرةً أخرى، دور المواطن الواعي هو الطريق إلى الأمان؛ وذلك إلى جانب بذل المزيد من الجهود الدولية لبناء الثقة والاعتماد المُتبادَل وتقليل خطر الصراع بين الدول المُسلحة نوويًّا.»
  • (٤)

    تطوير نظم مراقبة عالَمية أقوى وأكثر تعاونًا للدول والجماعات التي تشكل خطرًا مُحتمَلًا للإرهاب الذي يعتمِد على استخدام أسلحة الدمار الشامل.

    كيفية التطبيق: «تكثيف التعاون الدولي في تبادُل المعلومات الاستخباراتية والجهود المبذولة لمنْع الجماعات التي قد تَرغب في استخدام هذا التهديد من خلال مُعالجة ما يقع عليهم من ظلمٍ أولًا، وكذا من خلال الاستعانة بالشرطة عند الحاجة.»
  • (٥)

    إحداث حركة عالَمية للمواطنين تعمل في جميع البلدان والمُجتمَعات للتحذير من مخاطر استمرار الاحتفاظ بأسلحة الدمار الشامل، ومُمارسة الضغط السياسي اللازم من أجل القضاء عليها.

    كيفية التطبيق: «استخدام وسائل التواصُل الاجتماعي لإعادة إحياء وتعبئة حركة نزع السلاح في جميع أنحاء العالم.»
  • (٦)

    بذْل استِثمار وطني ودولي أقوى في حلِّ النزاعات.

    كيفية التطبيق: «دعم المُؤسَّسات العالَمية الحالية المَعنية بصُنع السلام وحل الخلافات.»
  • (٧)

    تخصيص حصة ثابتة من الميزانية العسكرية العالَمية لمواجهة التحديات العالمية التي من شأنها أن تُؤدِّي إلى الحرب. وعلى وجه الخصوص، تخصيص ١٠٪ من الإنفاق العسكري العالَمي على «السلام من خلال الغذاء» — أي ضمان توفير إمدادات غذائية عالَمية كافية للحدِّ من التوتُّرات التي تؤدِّي إلى الصراعات.

    كيفية التطبيق: «انظر الفصل السابع.»

ما الذي يُمكنك فعله؟

  • اعلم أن الجحيم النووي يُمثل تهديدًا دائمًا لك ولأطفالك ولجميع الأجيال القادمة، وهو موجود طوال الوقت. ولا تَضمن لنا حقيقة أنه لم يحدُث في السنوات السبعين الماضية أننا سنكون في أمانٍ خلال السبعين سنة القادمة. فالخطر الآن أكبر من أيِّ وقتٍ مضى منذ نهاية الحرب الباردة.

  • ادعَم بصورةٍ فعَّالة الحملات المسئولة التي يُنظِّمها المواطنون لحظر الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية وتدمير مخزوناتها في بلدِك وفي العالَم أجمع.

  • لا تُصوِّت لصالح أيِّ سياسي لا يلتزم بالنزع الكامل للسلاح النووي والكيميائي والبيولوجي وتدمير مخزونات الأسلحة.

  • شارك وجهات نظرك حول هذه القضية مع الأصدقاء حول العالَم عبر وسائل التواصُل الاجتماعي والإنترنت. انشر الرسالة.

  • تجنُّب المُعتقدات التي تُشجِّع المعارضة أو التمييز أو الكراهية ضدَّ المجموعات الأخرى.

  • عَلِّم أطفالك أنه في ظلِّ اختلال التوازن بين أعداد البشر والموارد والنُّظُم البيئية المُستنزَفة في القرن الحادي والعشرين، فالصراع هو الطريق إلى الخراب. ولا يُوجَد «فائزون». من ناحية أخرى، فالتعاون والتفاهُم المتبادَل هو الطريق إلى السلام.

  • ادعم حلَّ النزاعات بالوسائل السِّلمية. عارض نشْر الأسلحة من أيِّ نوع.

هوامش

(1) Among them Richard Turco, Carl Sagan and Stephen Schneider from the US and Vladimir Sergin and Vladimir Aleksandrov from the USSR (Turco et al. 1983 ; Aleksandrov and Stenchikov 1983).
(2) For one estimate of fatal casualties in various conflicts see http://en.wikipedia.org/wiki/List_of_wars_by_death_toll.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤