الباب الخامس

كوكتاون

كوكتاون بلدة مبنية بالطوب الأحمر أو بالطوب الذي يسمح له الدخان والرماد بأن يبدو أحمر اللون .. إنها بلدة الآلات والمداخن العالية التي يتصاعد منها الدخان كثيفًا فيدور ويدور في الهواء بلا نهاية ولا انقطاع.

بتلك البلدة قناة سوداء، ونهر قذر. وتضم المباني الصناعية الضخمة المليئة بالنوافذ، والتي يستمر الطرق والارتجاج فيها طول اليوم. فتتحرك ذراع الآلة البخارية علوًّا وانخفاضًا باستمرار، كأنها رأس فيل غاضب هائج.

في كوكتاون كثير من الشوارع الكبيرة، كلٌّ منها يشبه الآخَر تمام الشبه، وبها كثير من الشوارع الصغيرة المتشابهة أيضًا، ويسكنها أناس كلٌّ واحد منهم مثل الآخَر. يدخلون ويخرجون جميعًا في نفس الوقت وبنفس الصخب، وعلى نفس الطوار ليؤدوا نفس العمل. وكل شخص منهم يرى اليوم مثل الأمس ومثل الغد، وكل سنة مثل السنة القادمة.

كوكتاون بلدة الحقيقة، لا خيال فيها. بنيت كنائسها مثل المصانع، ومنظر المستشفى بها كمنظر السجن. وجميع اللافتات بتلك البلدة منقوشة نقشًا متشابهًا، بحروف من الأسود والأبيض.

figure
كوكتاون بلدة الآلات والمداخن العالية التي يتصاعد منها الدخان.

الحقيقة، الحقيقة، الحقيقة، بكل موضع في المظاهر الهامة بهذه البلدة. والحقيقة، الحقيقة، الحقيقة في كل مكان بالمظاهر غير الهامة، والمدرسة كلها حقيقة. والعلاقات بين الرئيس والعامل في المصانع، كلها حقيقة. وكل شيء حقيقة بين الميلاد والوفاة، وليس هناك أي شيء لا يمكنك ذكره بالأرقام. ولا يمكن أن يوجد شيء بوسعك أن تشتريه رخيصًا وتبيعه غاليًا.

يحيرني ما إذا كان من الممكن أن يوجد شبه بين أهل كوكتاون، وبين أبناء أسرة جرادجرايند الصغار. وهل يمكن أن يشبهوا أولاد عائلة جرادجرايند في حاجاتهم إلى التسلية؟

بينما يسير المستر جرادجرايند، والمستر باوندرباي في طريقهما لمقابلة المستر جوب؛ التقيا بسيسيليا جوب، أرسلها أبوها لتشتري له زيتًا يدهن به جسمه، إذ أصيب في حلبة السيرك. فقادتهما إلى فندق صغير اسمه «ذراعا بيجاسوس Pegasus»، يقيم به أبوها وبعض موظفي السيرك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤