الباب التاسع

تقدم سيسي

لم تجد سيسي جوب وقتًا مريحًا؛ فكانت هناك المدرسة، وكانت هناك مسز جرادجرايند. وقد فكَّرت في الشهور الأولى، في أن تهرب، إلا أنها كانت تعتقد أن أباها لم يهجرها، فكانت تعيش على أمل أنه سيعود، وسيسعده أن يجدها حيث هي الآن، وكانت معلمتها في المدرسة قرَّرت أن رأس سيسي ضعيف في الأرقام، وأنها متأخرة جدًّا في دروسها، فهز المستر جرادجرايند رأسه، وقال إن جوب يجب أن تبقى في المدرسة … وعلى هذا بقيت سيسي بالمدرسة وصارت أضعف روحًا وعقلًا.

وذات مساء قالت سيسي للآنسة لويزا: «أتمنَّى لو كنتُ مثلكِ يا آنسة لويزا». وكانت لويزا تحاول أن تشرح لها بعض الدروس المدرسية.

فقالت لويزا: «لماذا؟»

قالت سيسي: «لكي أعرف الكثير مثلكِ يا آنسة لويزا؛ فكل ما هو صعب عليَّ الآن، سيصير سهلًا.»

فقالت لويزا: «لن تكوني أحسن من ذلك في الدروس يا سيسي.»

قالت سيسي: «أنا أعطي إجاباتٍ خطأً دائمًا في الفصل، لن أتعلم إطلاقًا. ورغم أن أبي المسكين أرادني أن أتعلم، فأخشى أنني لن أحب التعليم!»

فسألتها لويزا بقولها: «وهل كان والدك نفسه يعرف الكثير؟»

– «كلا يا آنسة لويزا؛ الحقيقة أن أبي لا يعرف سوى القليل جدًّا، وقلما يستطيع الكتابة.»

– «وماذا عن أمك؟»

– «يقول أبي إنها كانت عالمة. ماتت عندما ولدت … كانت راقصة».

– «هل كان أبوكِ يحبها؟»

– «نعم؛ كان يحبها حبًّا شديدًا، مثلما يحبني، وقد أحبَّني أبي من أجل خاطرها، كان يحملني معه أينما ذهب وأنا طفلة رضيعة، لم نفترق أبدًا.»

– «ولكنه تركك الآن يا سيسي. ألم يتركك؟»

– «لم يتركني إلا من أجل صالحي. ولا أحد يفهمه مثلما أفهمه، أنا أعرف أنه لن يكون سعيدًا إلا إذا رجع إليَّ.»

– «أين كنتم تعيشون؟»

– «لم يكُن لنا مكان ثابت نعيش فيه، بل كنا نتنقل في جميع بلاد الدولة. كان والدي عارضًا في السيرك، كان مهرِّجًا.»

فقالت لويزا: «يُضحك الناس.»

– «نعم؛ ولكنهم كانوا أحيانًا لا يضحكون، وبعد ذلك يبكي أبي.»

– «وهل كنتِ راحته في كل شيء؟»

فقالت سيسي وهي تبكي: «نعم؛ وأتمنى ذلك. قال أبي إنني كنت راحته». دخل توم الحجرة وقال: «أحضر أبي معه العجوز باوندرباي إلى بيتنا. أريدكِ أن تأتي معي يا لو، إلى حجرة الجلوس. فإن أتيتِ دعاني العجوز باوندرباي إلى تناول العشاء معه.»

ذهبت لويزا مع أخيها.

كانت سيسي جوب تسال المستر جرادجرايند دائمًا عما إذا كان قد وصله خطاب عنها، إلا أن الجواب كان دائمًا: «لا». ما من كلمة جاءت من عند أبيها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤