الباب الثامن

الانفجار

في اليوم التالي ركب المستر جيمس هارتهاوس حصانًا وأخذ يطوف في أرجاء تلك المنطقة، يزور الناس الذين يصوتون لحزبه. فلما رجع في الساعة السادسة مساء، اندفع نحوه فجأة المستر باوندرباي، فجفل حصانه.

صاح المستر باوندرباي يقول: «يا هارتهاوس! هل سمعت؟»

فقال هارتهاوس: «سمعت ماذا؟» وهدأ حصانه وربطه جانبًا.

وقف المستر باوندرباي ثائرًا عابس الأسارير وقال: «لقد سُرق المصرف.»

قال: «لا بد أنك تقصد شيئًا غير هذا!»

فقال باوندرباي: «سُرق في الليلة الماضية يا سيدي. سُرق بطريقة غير عادية، سُرق بمفتاح مصطنع!»

– «وهل سُرق مبلغ كبير؟»

– «ليس كبيرًا جدًّا، إلا أنه كان من الممكن سرقة مبلغ كبير.»

– «كم؟»

فقال المستر باوندرباي: «ليس أكثر من مائة وخمسين جنيهًا، ولكن المهم ليس هو المبلغ، المهم هو الحقيقة. سرق المصرف. هذا هو المهم. يدهشني أنك لم تفهم ذلك.»

جاء إليهما: لويزا، ومسز سبارسيت، وبيتزر.

فقال المستر باوندرباي: «تعرف زوجتي جيدًا، ماذا كان يمكن أن يحدث، فلما سمعت أغمي عليها.»

ما زالت لويزا تبدو ضعيفة وشاحبة اللون، فطلب منها المستر جيمس هارتهاوس أن تمسك ذراعه، ثم أخذا يسيران ببطء.

ما زال المستر باوندرباي متكدرًا، فقال: «سأخبركم كيف حدثت السرقة. هل تعرف مسز سبارسيت؟»

فأجاب جيمس هارتهاوس بقوله: «سبق أن نلت شرف معرفتها.»

– «وهل تعرف ذلك الشاب بيتزر، وتعرف أن كليهما يعيش في المصرف؟ فعند نهاية العمل، مساء أمس، وضع كل شيء كالمعتاد، ونام ذلك الشاب خارج غرفة الخزانة، كما أن هناك خزانة صغيرة في الحجرة التي يعمل بها توم، وتستعمل للمبالغ البسيطة، كان بها مائة وخمسون جنيهًا.»

فقال بيتزر: «مائة وأربعة وخمسون.»

فقال المستر باوندرباي: «لا تقطع عليَّ القول يا بيتزر. يكفي أنْ سُرق المصرف وأنت نائم .. سأستمر في كلامي. وضع توم ذلك المبلغ في الخزانة وأقفلها، وهي ليست خزانة قوية جدًّا، وعندما انصرف توم، كان كل شيء على ما يُرام، وفي أثناء الليل، وبيتزر نائم، ذهب شخص ما إلى خزانة توم. لا بد أنه — أو أنهم — كانوا مختبئين في البيت، أو دخلوه بطريقة ما، ففتحوا خزانة توم الصغير عنوة، وأخذوا ما فيها، وخرجوا من البيت، من الباب الرئيسي، وكان الباب موصدًا بالقفل، ولكنهم استخدموا مفتاحًا مصطنعًا، عثر عليه فيما بعد في الشارع بقرب المصرف في حوالي الساعة الثانية عشرة .. فعندما فتح بيتزر المكاتب، في هذا الصباح، لاحظ خزانة توم، كان الباب نصف مفتوح، والقفل مكسورًا، والنقود غير موجودة.»

figure
ما زالت لويزا تبدو ضعيفة وشاحبة اللون. فطلب منها المستر جيمس هارتهاوس أن تمسك ذراعه، ثم أخذا يسيران ببطء.

تطلع المستر هارتهاوس حواليه، وقال: «أين توم الآن؟»

فقال بيتزر: «إنه يساعد البوليس، وهو الآن بالمصرف.»

فقال هارتهاوس: «وهل اشتبه في أي شخص؟»

كاد المستر باوندرباي ينفجر غضبًا، وقال: «قد يكون اللص يدًا من المصنع.»

فقال هارتهاوس، في هدوء: «آمل في ألا يكون صديقنا بلاكبول.»

فقال المستر باوندرباي: «قل بول (أي بركة) بدلًا من قدر يا سيدي، إنه ذلك الرجل ستيفن بلاكبول، هو المشتبه فيه.»

أطلقت لويزا صوت دهشة ضعيفًا، فنظر المستر باوندرباي إلى هارتهاوس، وقال: «هل تذكر ما قلته له عندما رأيته معي؛ أخبرته بما أعتقده في سلوكه. أنا أصرِّح دائمًا بما يجول بفكري. أعرف أولئك الأيدي. لقد اختفى بعد ذلك بثلاثة أيام، ولا أحد يعرف أين ذهب. وماذا فعل قبل أن يرحل؟ شوهد ليلة بعد ليلة خارج المصرف يراقبه.»

فقال جيمس هارتهاوس: «هذا أمر يدعو إلى الريبة بكل تأكيد.»

فقال المستر باوندرباي: «هذا هو نفس اعتقادي. ولكن هناك أكثر من واحد، هناك سيدة عجوز، يبدو أنها قدمت إلى البلدة في زيارة طارئة، وهي تراقب المصرف أيضًا. التقت به في الليلة التي رأيت فيها بلاكبول بمنزلي.»

تذكرت لويزا أنه كان بمنزل ستيفن بلاكبول، في تلك الليلة، امرأة عجوز، توارت في ركن مظلم بالحجرة دون أن تتكلم.

فقال هارتهاوس: «لا شك في أنهم سيُعاقَبون جميعًا عندما يُعثَر عليهم.»

بعد ذلك، دعا المستر باوندرباي، مسز سبارسيت لتمكث معهم مدة يوم أو يومين، إذ أزعجتها كثيرًا سرقة المصرف هذه.

بعد العشاء، تناقش المستر باوندرباي، في حجرة الاستقبال، في موضوع السرقة ثم أرسل بيتزر ثانية إلى المصرف يحمل رسالة إلى توم كي يأتي إليهم بآخِر قطار في تلك الليلة.

فيما بعد ذلك، حثت مسز سبارسيت، المستر باوندرباي على أن يجلس إلى مائدة، ويلعب معها لعبة الحظ، فجلسا بجانب شباك يطل على الحديقة، وكان مساءً لطيفًا، وكانت لويزا تسير مع هارتهاوس في الحديقة، وكان بالإمكان سماع صوتيهما في ذلك الجو الهادئ، ولكن ليس نص الكلام. استمرت مسز سبارسيت تنظر إلى الحديقة بينما يظلم الجو شيئًا فشيئًا.

فقال المستر باوندرباي: «ما الخطب يا مدام؟ هل ترين حريقًا؟»

قالت: «لا يا سيدي .. كنت أفكر في هواء الليل البارد، وأخشى أن تُصاب الآنسة جرادجرايند بالبرد.» وكانت تقصد لويزا.

فقال المستر باوندرباي: «إنها لا تُصاب بالبرد أبدًا.»

بعد مدة طويلة من ذهاب لويزا إلى الفراش في تلك الليلة انتظرت قدوم أخيها، وأخذت تنصت وهي تعرف أنه لن يأتي إلا بعد منتصف الليل. فلما سمعت وقع أقدامه، عرفت أنه جاء، فذهبت إلى حجرته.

كان باب الحجرة مقفلًا، ففتحت برفق، وتحدثت إليه. ثم سجدت إلى جانب سريره، وجذبت وجهه نحوها وهي تعرف أنه لم يكن نائمًا. فتظاهر بأنه صحا لتوِّه، وسألها ما الخطب.

قالت: «يا توم؛ ألديك ما تحدثني به؟ إن كنت قد أحببتني في حياتك، ولديك ما تخفيه عن كل إنسان غيري، فبُح به إليَّ.»

قال: «لا أعرف ما تقصدين يا لو. إنك تحلمين!»

لم يخبر توم أخته بشيء، ولكنه بكى بعد أن انصرفت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤