الباب التاسع

سماعها لآخر مرة

ما زالت مسز سبارسيت تقيم مع أسرة باوندرباي. كانت مؤدبة جدًّا ولطيفة مع المستر باوندرباي، وقدَّر هو لها هذا المسلك، فصار رقيقًا مع مسز سبارسيت أكثر من ذي قبل، وأقسى مع كلِّ مَن عداها، ابتداءً من زوجته فمَن دونها.

وذات صباح، قالت مسز سبارسيت بطيبة قلب: «أراك تنتظر طعام إفطارك، يا مستر باوندرباي، وأتوقع مجيء زوجتك إلى هنا بسرعة لتهتم بك.»

قال: «لو انتظرت زوجتي لكي تهتم بي يا مدام لانتظرت إلى الأبد. ربما يمكنك إعداد إبريق الشاي.»

نفذت مسز سبارسيت ما طلبه المستر باوندرباي، ثم اتخذت مكانها القديم الذي اعتادته عند المائدة، عندما كانت مدبرة بيته قبل أن يتزوج.

بعد مرور مدة، من ذلك اليوم، جاء بيتزر يحمل مذكرة تخبر لويزا بأن أمها مريضة جدًّا. لم تكن صحة والدتها طيبة، أبدًا. وساءت الآن كثيرًا. فذهبت لويزا على الفور إلى بيتها القديم لترى أمها.

ذهبت لويزا، والحزن يملأ نفسها، إلى البيت، إلى حجرة أمها. ومنذ أن تركت لويزا ذلك البيت عاشت سيسي جوب مع بقية الأسرة، على قدم المساواة. فوجدتها لويزا جالسة إلى جانب سرير الأم المريضة.

قالت الأم بضعف: «أرجو يا عزيزتي أن تكوني في أحسن حال في حياتك. كان زواجك كله من فعل أبيك. هو الذي أصرَّ عليه، ويجب أن يعرف ذلك.»

فقالت لويزا: «أريد أن أسمع عنك يا أماه وليس عن نفسي.»

فقالت الأم: «لست بحال جيدة يا لويزا، أنا ضعيفة جدًّا.»

– «هل تشعرين بألم يا أمي العزيزة؟»

قالت: «أظن أن هناك ألمًا في موضع ما بالحجرة. ولكني لست متأكدة من أن الألم بي.» ثم صمتت لحظة وأردفت تقول: «يا فتاتي الطيبة سيسي، اتركيني وحدي لمدة دقيقة.» فغادرت سيسي الحجرة.

فقالت لويزا: «هل تريدين التحدُّث معي يا أماه؟»

«نعم. تعرفين أن أباكِ في لندن. يجب أن أكتب له عنه.»

– «عن ماذا يا أماه؟»

قالت: «لقد علَّمكِ أبوكِ، وعلَّم أخاكِ، أشياء كثيرة، أكثر مما أستطيع فهمه، ولكن هناك شيئًا نسيه أبوكِ يا لويزا، لست أدري ما هو. وكثيرًا ما جلست، وسيسي قريبة مني، وفكَّرتُ في ذلك الشيء، ولكني لم أعرف اسمه حتى الآن. أما أبوكِ فقد يعرفه. أريد أن أكتب إليه أطلب منه أن يعرفني بذلك الشيء. أعطيني قلمًا.»

ما كانت الأم لتستطيع أن تمسك قلمًا، ولكنها حركت يدها كما لو كانت تكتب، ثم توقفت يدها. لقد انطفأ النور الذي كان دائمًا ضعيفًا، وخرجت مسز جرادجرايند من الظل الذي يعيش فيه الإنسان قلقًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤