الباب الثالث

المفقود

لم ينسَ المستر باوندرباي سرقة المصرف، فوضع ملصقة عليها صورة ستيفن بلاكبول، وعرض مكافأة قدرها عشرون جنيهًا، لكل مَن يعثر على ذلك الرجل، ويقبض عليه. ففزعت راشيل عندما أبصرت هذه الملصقة، وذهبت لمقابلة المستر باوندرباي.

فصحبها المستر باوندرباي، لمقابلة أسرة جرادجرايند، وأخذ معه توم الصغير.

دخل المستر باوندرباي، ببرود، وقال لزوجته: «يا مسز باوندرباي، آمل في ألا أزعجك، ولكن هذه المرأة الصغيرة، أفضت إليَّ بحقائق، جعلت زيارتي ضرورية. وأود أن أعرف ما إذا كانت حقيقية أم كاذبة. وأخوك لا يريد أن يتكلم.»

قالت راشيل للويزا: «لقد رأيتني قبل الآن يا سيدتي الصغيرة.»

فقالت لويزا: «نعم، هذا صحيح.»

فقالت راشيل: «هل تتفضلين، يا سيدتي الصغيرة بأن تخبريني أين رأيتني؟ ومن كان هناك؟»

قالت: «ذهبت إلى البيت الذي كان يقيم فيه ستيفن بلاكبول، في الليلة التي فُصل فيها من العمل، فرأيتكِ هناك، وكان أخي معي.»

فقال المستر باوندرباي: «لماذا لم تتكلم بهذا يا توم الصغير؟»

فأجاب توم، وهو ينظر إلى أخته بحسرة، وقال: «وعدت أختي بألَّا أذكر ذلك.»

أكدت لويزا قول أخيها بسرعة.

فاستطردت راشيل تقول: «هل تسمحين يا سيدتي الصغيرة بأن تخبرينا بسبب ذهابك إلى بيت ستيفن بلاكبول، في تلك الليلة؟»

فقالت لويزا، وقد زادت حمرة وجهها: «أحسست بالشفقة على ذلك الرجل، فرأيت أن أقدِّم له مساعدة.»

فقالت راشيل: «هل قدَّمتِ له ورقة مالية؟»

قالت: «نعم، ولكنه رفض أن يأخذها، وأخذ فقط جنيهين ذهبيين.»

نظرت إليها راشيل وقالت: «يا سيدتي الصغيرة، البلدة كلها تعرف الآن أن ستيفن بلاكبول لص، مع أنه أعظم رجل من حيث الأمانة والإخلاص، وأعظم رجل في …» ثم توقفت عن الكلام وهي تنتحب.

فقالت لويزا: «أنا آسفة جدًّا، جدًّا!»

فقال المستر باوندرباي لراشيل: «هيا، وأخبريهم ماذا فعلت.»

فقالت راشيل: «كتبت إلى ستيفن بالبريد الذي سافر بعد ظهر اليوم.»

خرج المستر باوندرباي مع توم، الذي بدا شاحب اللون. فلما انصرفا، سألت سيسي راشيل عن عنوان بيتها، ووعدتها بأن تزورها لتعرف إن كانت هناك أخبار من ستيفن.

وبعد أن انصرفت راشيل، قال المستر جرادجرايند لابنته لويزا: «هل تعتقدين أن ذلك الرجل بريء؟»

قالت: «نعم، أعتقد هذا الآن.»

أخذ المستر جرادجرايند يفكِّر، فقال لنفسه: «إنني لأسأل نفسي عما إذا كان اللص الحقيقي يعرف هذه الاتهامات، أين هو؟ ومَن هو؟»

بدأ لون المستر جرادجرايند يقتتم أكثر من ذي قبل، ويبدو أكبر سنًّا. فذهبت إليه لويزا بسرعة، وجلست إلى جانبه. وبمحض الصدفة، التقت عيناها بعينَي سيسي في تلك اللحظة، فاحمرَّ وجه سيسي، ووضعت لويزا إصبعها على شفتَيها.

مرَّ اليومان ولم يحضر ستيفن بلاكبول، وفي اليوم الرابع، ذهبت راشيل إلى المصرف، وأطلعت المستر باوندرباي على الخطاب الذي تسلَّمَته من ستيفن، وعليه عنوانه في مصنع على بُعد تسعين كيلومترًا.

بعثت رسلًا إلى ذلك المكان، ولكنهم عادوا وحدهم .. تسلَّم ستيفن بلاكبول خطاب راشيل، فسافر على الفور، ولكن ما من إنسان سمع عنه بعد ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤