خطبة الإدانة الطويلة أمام سور المدينة

الشخصيات

  • زوجة شابة.

  • جندي.

  • ضابط نحيف.

  • ضابط سمين.

(المنظر: أمام سور المدينة.)

١

(امرأة شابة تقف أمام السور العظيم وتهتف …)

المرأة : أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر!
الضابط السمين (صوتٌ من أعلى السور) : امرأة تريد أن تكلِّم القيصر! (تسمع ضحكات في أعلى السور. سكون)
المرأة : أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر! انظر إليَّ!
الضابط السمين (صوت) : امرأة تريد أن تكلم القيصر.
الضابط النحيف (من أعلى السور) : ماذا تريدين من القيصر؟
الضابط السمين (صوت) : ماذا تريدين يا امرأة؟
المرأة : أنا زوجة الجندي هسوي لي.
الضابط السمين (صوت) : وأين هو؟
الضابط النحيف (صوت) : ألا يُحتمل أن يكون قد مات؟
المرأة : لا تحاولوا إخفاءه. إني أعلم مكانه. فهو يشارك في حراسة البوابة الجنوبية.
الضابط النحيف (صوت) : هل يعرف هنا أحدٌ من الضباط الجندي هسوي لي؟
الضابط السمين (صوت) : الذي تركع امرأته أسفل السور.
الضابط النحيف (صوت) : امرأة جميلة حقًّا.
المرأة : لاحظوا يا حضرات الضباط أنني ما زلت شابة. هل رأيتموني وأنا أجتاز الشارع جريًا على قدميَّ وأعبر حقل الذرة فرارًا من الفلاحين الذين كانوا يطاردونني؟ ومع ذلك لا أشعر بالتعب وأنا أقف أمام السور؟ انظروا إلى ذراعي. إنهما قادرتان على حمل دلوَين، وقادرتان على القبض على رجل قويٍّ. في استطاعتي أن أمسكه بإصبعين أو بثلاثة أصابع بحيث يتعذَّر عليه الإفلات مني. وإذا كنتم تستطيعون أن تُطِلُّوا عليَّ بأبصاركم الحادة كالصقور التي ترقب الحملان، فلا بد أنكم، يا أصحاب السعادة ويا حضرات الضباط، لا بد أنكم تلاحظون أن وجهي خالٍ من التجاعيد، وأن عينيَّ سوداوان، تحت الحاجبين: ماكرةٌ أنا، وشديدة الفتنة.
الضابط النحيف (صوت) : ماذا تريد؟
الضابط السمين (صوت) : ماذا تريدين أيتها المرأة؟ أترغبين أن أنزل إليك؟ يمكننا أن يستمتع كلٌّ منا بالآخر.
المرأة : أريد أن أرى القيصر. عليه أن يُعيد إليَّ زوجي. زوجي الذي يخدم مع الجنود.
الضابط النحيف : يخدم مع الجنود؟ إذَن فهو بخير.
الضابط السمين (صوت) : أجل هو بخير يا امرأة. يجد الكساء الجيد والطعام الطيب. كما يحلو في أعين النساء.
المرأة : لكنني لست بخير يا أصحاب السعادة، يا حضرات الضباط. آه لو عرفتم حالي. أنام الليالي الطويلة وحيدةً في فراشي، أنا زوجة الجندي هسوي لي. أكلم الجدران، أهتف في الريح، هذا هو ما أفعله.
الضابط النحيف (صوت) : يجب أن تتعوَّدي على هذا يا امرأة … ألا يشرِّفك أن يصبح زوجك أحد جنود القيصر؟
المرأة : بالطبع يشرفني هذا يا أصحاب السعادة. لكن ماذا يُجديني؟ سوف أخونه. وأنا امرأة تعرف فضائل الأسرة وواجبات الزوجة. ولكن إذا لم يرجع إليَّ فسوف أخونه.
الضابط النحيف (صوت) : إذا كان قد تطوَّع بمحض إرادته، فما الذي يدعوه للرجوع؟
المرأة : لقد أخذه القيصر. أعرف هذا تمام المعرفة. هذه هي الحقيقة. وعلى القيصر أن يُسلمه لي. أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر!
الضابط السمين (صوت) : ما زلتِ تنادين على القيصر!
الضابط النحيف (صوت) : هل يعرف القيصر الجندي هسوي لي؟

(ضحكات.)

الضابط السمين (صوت) : هل يعرف أحدٌ منكم الجندي هسوي لي؟
الضابط النحيف (صوت) : أليس من الممكن أن يكون قد مات؟

(سكون.)

المرأة : أنا أعرفه. وسط ظلام الليل الدامس أعرفه. رائحة السمك تفوح منه، صوته معبَّأ بالدخان، فقد اعتاد أن يُدخِّن أوراق السمسم وعيدان القنَّب، وهذا بطبيعة الحال شيء لا يروق أنوف حضراتكم الرقيقة. وإذا ضحك، استطاعت أذني أن تُميِّز صوته من بين ثلاثين جنديًّا.
الضابط السمين (صوت) : تقول إنها تعرف زوجها الجندي.

(ضحكات.)

المرأة : لا .. ليس واحدًا من هؤلاء الذين أراهم فوق السور. أيها القيصر! أيها القيصر!
الضابط النحيف (صوت) : سوف يسمع القيصر صُراخها. هيا نقتلها!
الضابط السمين (صوت) : صبُّوا الزيت المغلي.
المرأة : أيها القيصر!
الضابط النحيف (صوت) : إذا لم تسكتي فسوف نصبُّ عليك برميلًا من الزيت المغلي.
الضابط السمين (صوت) : القيصر قادم!
المرأة (مفزوعة) : إنني أرى القيصر، أراه بعيني. متدثِّرًا بالقشور الذهبية من رأسه إلى كعوب قدمَيه. كأنه سمكةٌ تلمع في شمس الصباح. لقد جاء من أجلي. وأنا أرتجف من الخوف. سأُلقي بنفسي في التراب.
الضابط السمين (صوت) : القيصر يسألك إن كنتِ تستطيعين أن تعرفي زوجك من بين الجنود.
المرأة : سأعرفه على الفور عندما تكون الشمس في ظهري.
الضابط السمين (صوت) : القيصر يريد أن يختبرك. وقد أمر جنوده بأن يصطفُّوا فوق سور المدينة. انظري إليهم وحاولي أن تتعرَّفي على زوجك.
المرأة : وإذا عرفته؟
الضابط السمين (صوت) : سيسمح له بالذهاب معك.
المرأة : هل تتعهَّدون بهذا؟
الضابط النحيف (صوت) : ألا تثقين بنا؟
المرأة (مصمِّمة) : لا تتردَّدوا! لا تضيعوا الوقت!
الضابط النحيف (صوت) : أيتها المرأة! الآن تسير أمامك الفصيلة التي دافعت أمس عن البوابة الجنوبية.

(يُسمَع صوت أقدام الجنود في سيرهم أعلى السور دون أن تتمكَّن المرأة من رؤيتهم.)

المرأة : أربعة، خمسة، ستة، الدروع والخوذات تسطع في ضوء الشمس. لا أتبيَّن وجهًا واحدًا. الجميع يتحركون حركة واحدة. كيف يتسنَّى لي أن أعثر بينهم على زوجي؟
الضابط النحيف (صوت) : تقدَّمي أيتها المرأة. ماذا تنتظرين؟
المرأة : ما أشقَّ هذه المهمة! ولكن هذا الذي أراه هناك يتبع الآخرين بصعوبة، يبدو عليه أنه يفكِّر أكثر منهم. إنه هو!

(ضحكات.)

الضابط النحيف (صوت) : وها هو لك!

(تُلقَى عليها دمية من القش. الجنود يتضاحكون.)

المرأة (غاضبةً) : أيها الغشَّاشون! أيها القتلة السكارى المأجورون! إنكم تهزءون بي!
الضابط السمين (صوت) : اهدئي يا امرأة!
المرأة (في خضوع) : أسأل سعادتك العفو والمغفرة. لقد قصَّرتُ في تقديم الاحترام الواجب.
الضابط النحيف (صوت) : لعلَّ زوجك هسوي لي قد سقط في المعركة؟
المرأة : أؤكد لسعادتك أنه كان قويًّا موفور الصحة.
الضابط النحيف (صوت) : سقط عددٌ كبير من الجنود عند البوابة الجنوبية وكانوا كذلك أصحَّاء وأقوياء.
المرأة : إنه يُعلِّق حول رقبته سلسلة بها لوح معدني صغير يحميه.
الضابط النحيف (صوت) : دَعي خرافاتك للعجائز!
المرأة : اسمى فان شين-تينج محفور على اللوح، وسوف يردُّونه إليَّ إذا كان زوجي قد سقط.
الضابط النحيف (صوت) : الموتى الذين سقطوا أمس لم يُجرِّدوهم بعدُ من ملابسهم.
الضابط السمين (صوت) : أظهرَ القيصر عطفه السامي عليكِ، فقد أصدر أوامره باستعراض الجنود الذين يحرسون جانبي البوابة الجنوبية. وإذا كان زوجك لم يسقط، فلا بد أن يكون بينهم.
المرأة : أتقدَّم للقيصر بالشكر وأنحني أمامه في خشوع.

(الجنود يزحفون أعلى السور دون أن تراهم المرأة.)

المرأة : ثمانية، تسعة، عشرة، أحد عشر، ما أكثر عددهم! خمسة عشر. الجميع يلبسون الدروع الثقيلة والخوذات. كيف أُميِّز زوجي من بينهم؟ هذا الذي هناك يُرجع حافة خوذته للوراء، هسوي لي! لقد كنت تشعر دائمًا بأن الحر شديد حتى ولو لبستَ قميصًا من الكتَّان، إنه هو!
الضابط السمين (صوت) : أيُّهم؟
المرأة (تشير إلى أعلى بحركات عنيفة) : إنه هو! هو!
الضابط النحيف (صوت) : أأنتَ هسوي لي، زوج المرأة التي تقف هناك أسفل السور وتطالب بك؟
الجندي (صوت) : نعم أنا!
المرأة : انزل يا هسوي لي! اخلع خوذتك لنبيعها في المدينة. واملأ فمك بحفنة من الذرة، فأمامنا طريقٌ طويل.
الجندي (صوت) : أريد أن أنزل إليك. ولكني لا أستطيع.
المرأة (بقوة) : قلتُ لك انزل! أتوسل إليك يا صاحب السعادة أن تصفح عني. إنني أُلقي بنفسي في التراب أمام القيصر الجليل. لكنني امرأةٌ شابَّة، وأنتم تدركون، يا أصحاب السعادة ويا حضرات الضباط المحترمين، أنني أريد زوجي. هيا انزل يا هسوي لي، ماذا تنتظر؟
الجندي (صوت) : لا أستطيع.
المرأة : جبان! عبدٌ تَعِس! ألا تسبق غيرك في الجري عندما تخلع حذاءك؟ ألا تفهم كيف تنحني عندما يُصوِّبون السهام نحوك؟
الجندي (صوت) : لا أستطيع.
الضابط السمين (صوت) : اسمعي أيتها المرأة! إن القيصر الذي يُطِلُّ عليك من عليائه يُبدي عطفه السامي عليكِ. وهو يقول: يجب على الجندي أن يذهب معكِ. ولكن يتحتَّم عليكما قبل ذلك أن تُقنِعانا بأنه هو زوجك الشرعي وأنك زوجته الشرعية.
الضابط النحيف (صوت) : سوف نراقبكما مراقبةً دقيقة. وإذا تبيَّن أنكما خدعتما القيصر فسوف يُقتل الجندي وتُطارَدين وراء النهر. فهمتِ؟
الضابط السمين (صوت) : هل وافقتِ على هذا الشرط؟
المرأة : انزل يا هسوي لي، يا زوجي الشرعي الذي قُسِم لي، نريد أن نُبيِّن للقيصر الجليل كيف عشنا معًا أربع سنوات، أم أنك يا زوجي خائف؟
الجندي (صوت) : أنا قادم.
الضابط النحيف (صوت) : انتظر أيها الجندي. أين السلسلة ذات اللوح المعدني التي أعطتك إياها زوجتك عندما تطوَّعتَ في الحرب؟
الجندي (صوت بعد فترة صمت) : ليست معي.
المرأة (تتدخل بسرعة في الحديث) : باعها يا صاحب السعادة. إنني أعرفه، باعها في مقابل ثلاث صِحاف حقيرة من الأرز. هذا هو طبعه.
الضابط النحيل (صوت) : فكِّر في الأمر مَلِيًّا يا جندي. لم يزَل في إمكانك التراجع. وسنترك بوابة السور مفتوحةً طالما استمرَّ اللعب.
المرأة : لن تأخذوه مني مرةً ثانية يا صاحب السعادة. ما بقي حيًّا فلن تأخذوه مني.
الضابط السمين (صوت) : لا تتعجَّلي يا امرأة. لننتظر وسنرى مَن يكسب في النهاية.
الضابط النحيل (صوت) : والآن انتبهي يا امرأة! انتبه يا هسوي لي! إن القيصر يستمتع بالنظر إليكما من أعلى السور. ورماح الحُرَّاس مسدَّدة إلى صدر هسوي لي. لن تستطيعا الفرار. سوف نرى إلى أين تنتهي الحكاية.
المرأة (لنفسها) : آه! كم أخاف على نفسي من الرماح ومن نظرة القيصر. فأنا لا أعرف هذا الرجل الذي يهبط إليَّ من السور ولم أرَهُ أبدًا. لكن ما دام زوجي الشرعي لم يظهر إلى الآن فلن يرجع مطلقًا، ولهذا صمَّمتُ أن آخذ هذا الرجل الآخَر. لا بد أن أكون حريصةً في الكلام معه حتى لا يهرف بالباطل. وما دام قد جاء إليَّ بإرادته، فعليَّ أن أتشجَّع وأخاطر بأداء هذه اللعبة الخطرة التي فرضها حضرات الضباط عليَّ. أخذَ القيصر مني رجلًا، ولا بد أن يُعيد إليَّ رجلًا آخَر.
الرجل (يدخل وهو يكلِّم نفسه) : أنا خائف على نفسي، لأني لا أعرف المرأة التي تقف هناك. سوف يقتلونني إذا لاحظوا أنني لا أنتمي إليها ولا هي تنتمي إليَّ. إن بشاعة الخدمة فوق السور هي التي تُشجِّعني على المغامرة باللعبة الخطرة.
الضابط النحيل (صوت) : لماذا تقفان هكذا بعيدَين كلٌّ عن الآخَر؟
المرأة : فرحة اللقاء العظيمة، يا صاحب السعادة، هي التي تحبس الكلمات وتشلُّ الحركات.
الرجل : زوجتي!
المرأة : هسوي لي، زوجي!

(يتبادلان التحية، يدخل الضابطان من فتحتَين في السور، لابسين دروعًا وخوذات على شكل أقنعة تُظهرهما في صورة مهولة تبثُّ الرعب في القلوب. يجلسان على منصة الدرج كأنهما قاضيان في محكمة.)

الضابط النحيف (صوت) : انتبهي يا زوجة الجندي هسوي لي! كيف كان الحال عندما تعارفتما لأول مرة؟
المرأة (للرجل) : كنتَ كسولًا.
الرجل : كسول؟
المرأة : كسول مثل كيس محشوٍّ بقش الذرة، مثل غصنٍ مقطوع فوق مياه النهر، كسول مثل القاضي في قريتنا (للضباط) إذا أذنتم يا أصحاب السعادة بهذا التشبيه البعيد عن اللياقة، ألم تجلس هناك على شاطئ النهر وتبصق في الماء، بينما الأسماك تنظر إليك، وأتيت إلى البيت ومعك سلة فارغة وثرثرة مزعجة؟ مع أن يديك خفيفتان مثل سمكتين. أليس الأمر كذلك؟
الرجل : أجل .. ولكن كانت لي وجهة نظري يا امرأة.
المرأة : «تعالوا انظروا! ها أنا ذا قد صرت سمكة بشوكةٍ تقف في حلق وزير العدل.» هكذا رحتَ تصيح بهذه الكلمات الكافرة: «تعالوا انظروا! إذا فتحت جوف هذه السمكة فماذا أجد فيه؟ مرسوم تعييني وزيرًا للمالية. انتظروا قليلًا، وسوف أصدر أنا القوانين.» آه! هذا هو زوجي الذي يَفغر فاه عن آخِره. وكأن العالَم يسمح بإصلاح كل شيء. والبنات الغبيات استمعن إليك عند النبع، أليس كذلك؟ وعندما استمعن إليك رُحنَ يقلن: ولدٌ يعصر الواحدة منا عصرًا فوق العشب. يزرع حقل ذرة كاملًا في يوم واحد. أما ما يفعله بالليل …
الضابط السمين : وماذا تفعل يا هسوي لي!
الرجل (متلعثِمًا) : أنا …؟ أرجوك يا صاحب السعادة …
المرأة : نعم، لن يتكلم عن هذا .. لن يستطيع الكلام عنه. كانت زوجة القاضي تعرف، يا صاحب السعادة، ما يفعله بالليل، كانت تعرفه أكثر مني، أنا الخادمة المتواضعة في بيت القاضي.
الضابط النحيف : والقاضي؟
المرأة : لتحمني الآلهة من الإساءة إلى موظف مرموق من رجال العدالة. كان يغطُّ في النوم.
الضابط السمين (للرجل) : وزوجة القاضي، يا هسوي لي؟ كيف كانت؟
الرجل : كانت .. الإنسان ينسى كل شيء، يا صاحب السعادة.
الضابط السمين (ضاحكًا) : يا لَها من إجابة!
المرأة : ولكنك قابلتني عند النبع، يا هسوي لي.
الرجل : كنت أمرُّ بالصدفة. لم أكُن أعرفها.
المرأة : قلت لي: جرَّتك ثقيلة، يا فان شين-تينج. وكنتَ قد سمعت اسمي عندما نادتني زوجة القاضي قائلةً: «فان شين تينج».
الرجل : فان شين-تينج، كان عليكِ أن تحملي جرَّتك مسافةً طويلة.
المرأة (تبدأ في تمثيل المشهد) : إلى بيت القاضي الذي ركب حماره وغادر البلدة يا هسوي لي.
الرجل : هل تسمحين لي بمساعدتك على حملها؟
المرأة : أنت بالطبع تعرف الطريق. ولكن طريقتك في الالتفاف حوله عبر الحقول وخلال البستان تجعله أطول بكثير.
الرجل : الأفضل أن نمشي في خط مستقيم. هيَّا بنا!
المرأة : لكنني فكرت بيني وبين نفسي: لا شك أنه طريق عسير وشاقٌّ على مَن يجلس طول النهار على ضفَّة النهر. خيرٌ له ألَّا يحمل الجرَّة ويكتفي بأن يسندها أثناء السير. وضحكت عليَّ فتيات القرية وقلن لي: «حتى الجرَّة لم يحملها عنك هسوي لي إلى باب البيت، مع أنه قويٌّ مثل الثور. كيف تتصورين أنه متعلِّق بك»؟
الضابط النحيل : انتظري! أنتِ يا امرأة تكثرين من الكلام وحدك. وهذا يوحي إلينا بأن هسوي لي لا يعرف الكثير عمَّا تحكينه.

(يواصل الرجل والمرأة سيرهما. ويقوم الرجل بتمثيل دور حامل الجرَّة.)

الرجل : أجل أجل. إنها ثرثارة. لم تتوقف عن الكلام طوال الطريق، بينما كنت أنا أتصبَّب عرقًا. وتملَّكني الغضب لأنني حملت عنها الجرة.
المرأة : هسوي لي. أنت تحمل الجرَّة كما يفعل الرجال الأشدَّاء. يا لَها من عضلات قوية! لكن ماذا تعنيني عضلاتك؟ أنا لا أوهم نفسي بأي شيء لمجرد أنك تسير معي. ولكن ربما تصورت أنني مشغوفة بك بحجة أنني تركتك تحمل الجرة؟ إنني لا أراك على الإطلاق، هل تأكل سمكة مطبوخة أم مقلية؟
الرجل : مقلية.
المرأة : أنا لم أتعلَّم القلي، إنني أسلقها وأضع معها سبعة أعشاب زكية الرائحة. أرأيت؟ لن نستطيع أن نأكل معًا، هل تفهم في بيع السمك بالسعر الذي يستحقه في نظرك؟
الرجل : هذا عمل التاجر، لا عمل الصياد.
المرأة : أرأيت؟ سوف نجوع معًا. لا يهمني، يا هسوي لي، أن توصل الجرة إلى بيت القاضي. يمكنك أن تضعها على الأرض إن كانت ثقيلةً، هل تنام في العادة على جنبك الأيمن أم على جنبك الأيسر؟
الرجل : على جنبي الأيسر.
المرأة : أما أنا فعلى جنبي الأيمن. أرأيت؟ إذا رقد الزوج على جنبه الأيسر بجوار زوجته فمعنى هذا أننا سننام وظهورنا لبعضنا، ولن نتمكَّن من النظر في وجوه بعضنا ونحن ممدِّدان على الحصيرة، قل لي: ما هو رأيك في السنوات القادمة؟ كيف تتصوَّر أحوالها؟
الرجل : إن الذين يتحكَّمون فينا هم الذين يصنعونها. ماذا أستطيع أن أفعله أنا؟
المرأة : سيصنعونها بخيرها أو شرها يا هسوي لي، ولكن لا شك أنهم يصنعونها أفضل منك. فلهم أيدٍ أكثر عددًا من يديك. وهم وحوش، لكلٍّ منهم أربعون يدًا. تنبت من كل مكان في أجسادهم، من البطن والكتفين، بل تنبت من آذانهم. وأنت ستقضي حياتك كلها في كيس من الكتَّان المملوء بالقمل. ولكن استمر في حمل الجرة عني، أيها الخامل الكسول، حتى بيت القاضي. لا تقف في مكانك. تقدَّم! هيَّا تعالَ! تعالَ! (للضباط) باختصار يا صاحب السعادة أفصحت له عن حبي بقدر ما استطعت وبقدر ما أضمرت له من الحب.
الضابط السمين : ما زلنا نسمعك أنت وحدك يا امرأة، ماذا قال؟
الرجل (يتوقف عن السير، ويتصرَّف كما لو كان يضع الجرة على الأرض) : أخيرًا وصلنا.
الضابط النحيف (بحدة) : ماذا قلت؟
الرجل (ينطق العبارات التالية بغير إحساس، كأنه يحفظها عن ظهر قلب) : فان شين تينج. الآن أراكِ على حقيقتك، لأنكِ حافية، أرى قدمَيك الجميلتَين، لأنك فقيرة لا تملكين شراء أدوات الزينة، أرى ابتسامتك، لأنك ترتدين ثوبًا باليًا، أشعر بشهوة جسدك، فان شين تينج، لأجلك قطعت هذا الطريق.
الضابط السمين : غلط! هل سمع أحدٌ عاشقًا يريد أن يعانق امرأة ومع ذلك يتكلَّم بهذه الطريقة؟ نغمة صوتك الكاذبة كشفت القناع عن وجهك.
الضابط النحيف (يقفز من مكانه ويقول بحدة) : انكشفتَ يا هسوي لي! سيكلفك هذا رقبتك!
المرأة : يا صاحب السعادة. اسمح لي أن أثني على أذنك الحادة السمع وعلى نظرتك التي لا تخيب. ولكنكم لم تلاحظوا سوى جزء من الحقيقة. أما ما حدث في الواقع، فسوف يظهر الآن في النور. هل تتكرَّم سعادتك بأن تساعدني على ذلك؟
الضابط النحيف : هل تكلم معك هسوي لي بهذه الطريقة أم لم يتكلم؟
المرأة : صحيح يا صاحب السعادة، ولكنه لم يفعل ذلك أثناء الطريق. أرجوك أن تتذرَّع بالصبر. كنا قد وصلنا إلى بيت القاضي. وكان القاضي قد غادر البلدة على ظهر حماره. دخل هسوي لي البيت واتجه إلى زوجة القاضي.

(تعطي الرجل إشارة. يدخل الرجل البيت الذي يتوارى خلف أشجار كثيفة متشابكة.)

الضابط النحيف : تريدين إبعاده لئلَّا يفضح نفسه أكثر مما فعل. كوني على حذر.
المرأة : ذهب إلى زوجة القاضي، يا صاحب السعادة، ولم تكُن هذه هي أول مرة، هل كان هذا عدلًا؟
الضابط السمين (بحسن نية) : لا بد أن زوجة القاضي كانت أجمل منك.
الضابط النحيف (بحدة) : كان هذا ظلمًا وعدوانًا. لأن سلطة القاضي قد أضيرت بسلوكه هذا بصورة مهينة.
المرأة (للضابط النحيف) : ليت سعادتك تساعدني على عرض حكايتنا كما حدثت في الحقيقة والواقع. كان القاضي قد غادر القرية على ظهر حماره.
الضابط السمين : استمري.
المرأة : آه! السيد القاضي يزور قريتنا، يا له من سيد نبيل! كيف لامرأة مغمورة مثلي أن تجرؤ على قول شيء يُسيء إلى هذا السيد؟ أليس من واجب موظف العدالة المرموق أن يهتم بإقرار العدل؟ أليس من واجبه أن يعاقب الظلم والشر، وأن يحيا في بيته الجميل حياة طاهرة بعيدة عن اقتراف الشر وعن تحمُّله؟ إن السيد القاضي يُقيم العدل بسمعته الطيبة وحدها. فإذا ساءت سمعته فكيف يحترمه البسطاء الذين يعيشون في بيوتهم الصغيرة؟ وأين يجدون القدوة؟ أليس كذلك يا صاحب السعادة؟
أما أمثالنا فما أكثر ما يفعلون الشر ويتعرَّضون له. وما أكثر ما يُمرِّغون وجوههم في التراب أمام العدالة. لكن القاضي الحكيم يقول كذلك يا صاحب السعادة: إن ما يفعله الصغار صغير مثلهم؛ فهو لا يُسقط عصفورًا من أعلى الشجرة. وأما ما يفعله السادة الكبار في بيوتهم الجميلة، فإن الناس تتناقله سرًّا وفي كل مكان، حتى يتحوَّل فجأةً إلى قانون. لهذا يتحتَّم، إن كان شرًّا، أن يُعاقَب عقابًا أشدَّ صرامة. ألا يتكلم القاضي النزيه بهذه الطريقة؟
الضابط النحيف : القاضي الذي يحافظ على سمعته يبث الخوف في قلوب صغار الناس الذين لا يعرفون حدودهم.
المرأة : أتمنى يا صاحب السعادة أن تقوم بدور القاضي في حكايتنا، لكى يتسنَّى لك أن تعرف حقيقة ما حدث.
الضابط النحيف : دور القاضي المخدوع؟ الذي يضحك عليه الناس في القرية لأن صياد السمك النتن قد ذهب إلى زوجته؟
المرأة : بل دور السيد موظف العدالة الذي يحرص كلَّ الحرص على سمعته في سبيل إقرار العدل. يا له من سيد نبيل! وكم أتمنى ألا يسقط عليه ظلٌّ واحد من ظلال اللوم!
الضابط السمين (للضابط النحيف) : مثِّل معنا. إن اللعبة تستحق أن نتسلَّى بها.
الضابط النحيف : كُن على حذر.
المرأة : يا له من دور رائع لكما يا صاحبَي السعادة. إن السيد موظف العدالة رجل مرموق، وكلامه دقيق صارم، مثل كلامكما تمامًا يا صاحبَي السعادة، وتأثيره قوي على الفلاحين، أما عن نظرة عينَيه فتكفي نظرة واحدة لكي يرتعش الأشرار خوفًا، وما أكثر الشر الذي يعيش في الحظائر والبيوت ومخازن الغلال! سلالة من الفيران الكابية اللون الراجفة الأعين. آه! السيد القاضي يركب دابته عبر الحقول. يا له من دورٍ بديع ومناسب لك يا صاحب السعادة.
الضابط النحيف (يخلع درعه ويهبط من فوق المنصة) : وماذا ينبغي أن أفعل؟
المرأة : لن تُكلِّف نفسك حتى بالتمثيل يا صاحب السعادة. وما دمت قد نزلت من على المنصة يا صاحب السعادة فأنت القاضي بشحمه ولحمه. سوف تعرفون الحقيقة عن هسوي لي وعني، أنا خادمة زوجتكم المبجَّلة. لقد دخلت البلد على ظهر حمارك يا صاحب السعادة، فأسعدت قلوب الأخيار جميعًا والأبرار، وقدَّموا لك اللحم المدخَّن، ونبيذ الأرز والخوخ، كما نشرت الرعب في قلوب الأشرار، فأخذوا يتنافسون كلهم في تكريمكم وأداء واجب الضيافة نحوكم.

(يبدأ الضابط النحيف في أداء الدور الذي يتم شرحه له.)

ولكن ماذا يقول لكم الفلاح الأحدب العجوز يونج-هسين خلف حقل الذرة؟ لقد قال شيئًا عن زوجتكم وعن صياد السمك هسوي لي. لا تُصغوا إليه يا صاحب السعادة! وواصلوا السير! ولكن ما إن تواصلوا السير لمدة ساعتين في القيظ الشديد، ما إن تتوقفوا قليلًا في المطعم الصغير في نهاية القرية، حتى تسمعوا الناس وهم يتهامسون على الموائد، عن هسوي لي صياد السمك يدور الهمس بينهم .. لا تُنصتوا إليهم يا صاحب السعادة القاضي، لأنكم لن تسمعوا منهم إلا نصف الحقيقة. ولكن ماذا يقولون؟ أجل! لقد سمعتهم الآن! إنهم يقولون: هل يمكن أن يكون قاضيًا عظيمًا من يتولى القضاء في القرية المجاورة، الواقعة على مسيرة ساعتين في الحر اللافح بين دار القضاء التي تستقر فيها المشنقة وبيته الجميل الذي يحدث فيه شيء يحسُن السكوت عنه؟ إن السيد القاضي يرهف أذنَيه لمثل هذا الحديث. ولهذا يسارع بالرجوع وينزل من على ظهر حماره خلف سور الحديقة. لا يصعد الشارع الرئيسي وإنما يشقُّ طريقه خلال أشجار الدَّغَل الكثيفة. إنه يريد أن يرى ما يجري في بيته الجميل. لكنني لمحته، أنا الخادمة فان شين تينج، أرجوكم الصفح يا صاحب السعادة عن خادمة مغمورة.
(تنادي) هسوي لي! ربما تكون غاضبًا يا صاحب السعادة، لك ما تشاء.
الضابط النحيف (في دور القاضي) : صيادٌ نتن الرائحة يُلطِّخ شرف بيتي. أنا القاضي وسأحرص على أن يُعلَّق صباح الغد على أقرب وأفضل شجرة. لقد سمعت الناس بنفسي وهم يضحكون عليَّ.
المرأة : هسوي لي! اخرج بسرعة! تعالَ إليَّ! أسرِع! أسرِع قُل كلَّ شيء يمكنك أن تقوله لامرأة تحبك!

(يخرج الرجل من البيت ويتجه نحو المرأة التي يغازلها بصورة رسمية متكلفة.)

الرجل : لأنكِ حافية، فإنني ألاحظ قدمَيك الجميلتَين، ولأنك فقيرة ولا تملكين ثمن الأصباغ، فإنني أرى ابتسامتك وحمرة وجهك، لأنك تلبسين ثوبًا باليًا فإني أشعر بالشهوة التي تحرك جسدك، لقد حضرت إلى هنا من أجلك يا فان شين-تينج.
المرأة : اسكت! فقد رجع السيد القاضي فجأة. (للضابط النحيف) يا صاحب السعادة! أتوسَّل إليكم أن تعفوا عن تقصيري وإهمالي! سأخبر زوجتكم المبجَّلة على الفور بحضوركم.
الضابط النحيف : انتظري! لا تتحركي! لقد قال الناس إن زوجتي تلتقي بصياد السمك هسوي لي. هل هذه هي الحقيقة؟
المرأة : صحيح أن صياد السمك هسوي لي قد دخل بيتكم يا صاحب السعادة. ولكنه لم يدخل حجرة زوجتكم المبجَّلة التي تنتظركم وعلى رأسها تاج الفضائل جميعًا. وإذا كان الأهالي الذين يرصدون حركات الناس لم يشاهدوه وهو راجع إلى كوخه في المساء، فالسبب في ذلك أنه بقي معي حتى الصباح.
الرجل : هذا هو الذي حدث يا صاحب السعادة.
الضابط النحيل : إذَن فلن أزعج نوم زوجتي.
المرأة : يمكنكم أن تعودوا إلى مكانكم يا صاحب السعادة، لأن السيد موظف العدالة ركب حماره وانصرف على مرأى من الجميع. بهذه الطريقة يا صاحب السعادة، لم تفقد العدالة في قريتنا سمعتها الطيبة. هكذا توجَّهنا معًا، هسوي لي وأنا، إلى كوخه الواقع على شاطئ النهر. (وهي تنحني) هسوي لي! زوجي!
الرجل : فان شين-تينج، زوجتي.
المرأة : الرجل والمرأة مرتبطان ارتباط السماء والأرض.
الضابط السمين (ضاحكًا) : أجَدْتِ التمثيل يا امرأة!
المرأة : شكرًا لك يا صاحب السعادة على مروءتك. وأستأذن سعادتكم في السماح لي بالرجوع إلى قريتي مع زوجي الشرعي.

(تحاول الانصراف مع الرجل.)

الضابط النحيف : انتظري أيتها المرأة! لن تُفلتي منا بهذه السهولة! إن الدور الذي قمتِ بعرضه لا يُقنعنا، نريد الآن أن نعرف كيف عشتما معًا.
الضابط السمين : كم مضى على حياتكما معًا؟
المرأة : أربع سنوات يا صاحب السعادة.
الضابط النحيف : وأين كان هذا؟
المرأة : في الكوخ المُطِل على النهر.
الضابط النحيل : وكيف عشتما؟
المرأة : عشنا سعيدين يا صاحب السعادة.
الرجل : من صيد السمك؟
المرأة : تعلَّمَ ألَّا يُلقي الأحجار في النهر كما كان يفعل. أصبح زوجي هسوي لي رجلًا نشيطًا.
الرجل : كان النهر قد انتفخ من كثرة الأسماك يا صاحب السعادة.
الضابط النحيل (في سخرية بصوت حادٍّ) : يا لكما من محظوظَين هناك! ألا تريدان أن تعرضا علينا هذا؟
المرأة : السعيد لا يفكر في السعادة.
الرجل : لو أذنتم لنا بالانصراف لكي نرجع للنهر.

(يهُمَّان بالانصراف.)

الضابط النحيل : قفا! الحِراب مصوَّبة إلى صدوركما! لا تتحركا خطوةً واحدة! أرُونا كيف عشتما أربع سنوات على شاطئ النهر؟
المرأة : هذا أمرٌ شاقٌّ.
الرجل : دعونا نذهب!
الضابط السمين : خائف؟ هل ضبطناكما متلبِّسَين؟
الضابط النحيف : ألا تذكران كيف كانت حياتكما معًا؟ هل تعارفتما في وقتٍ آخَر؟
المرأة (تجرُّ الرجل معها إلى التمثيل) : ذهبنا معًا إلى النهر وسكنَّا في الكوخ، وجلسنا على الحصيرة المجدولة من البوص وهكذا تذكر يا هسوي لي كيف كانت حياتنا في ذلك الحين.

(يجلسان على الأرض متباعدَين.)

الرجل : الطريق الطويل خلال الغاب الكثيف، وحوض الماء العكر إلى الركبتين، ثم الأحجار التي حملتُها بنفسي.
المرأة : قلبك حنون يا هسوي لي.
الرجل : حملتُها حجرًا بعد حجر، لأُعلِّم بها الخليج الصغير، هناك لا ينفع الصيد بالسنارة.
المرأة : لا يا هسوي لي.
الرجل : ثم صنعت السلاسل لصيد السمك. واخترت المكان الملائم، لأن الاسماك تلوذ بالمخابئ التي تشعر فيها بالأمان. وهناك يتحتَّم صيدها.
المرأة : لقد نجحت في الوصول إلى أماكنها يا هسوي لي.
الرجل : وضفرت السلال بين أعواد الصفصاف الواسعة المستديرة التي يتخلَّلها الماء ببطء مع حركة التيار.
المرأة : وسرعان ما نصطاد السمك الذي يكفي طعامنا يا هسوي لي.
الرجل : بالأمس كانت ثماني سمكات. واليوم إحدى عشرة. سوف أجدل سلة أخرى وأثبِّتها في النهر. وبعد الظهر أجلس على الصخور المستوية وأضع ساقًا على ساق، وأظلُّ أتطلَّع للماء حتى تغرب الشمس بين أعواد الغاب.
المرأة : ثم تأتي إلى كوخنا. ولدينا ما يكفينا من الطعام.
الرجل : وأقول لنفسي: إذا تجمَّع لديَّ ما يكفي من السمك، وضعته في قارب، الصيادُ العجوز وانج وعدني أن يترك لي قاربه يومين في الأسبوع. إنه مستغنٍ عنه، وربما لا يحتاجه بعد ذلك أبدًا. وأنحدر مع النهر يومًا بأكمله، وأعود فأصعد بسهولة مع النهر بعد أن فرغ القارب من حمله وبعت السمك.
المرأة : وترجع إلى كوخنا وتجدني في انتظارك.
الرجل : ويومًا من الأيام يصبح لي قاربٌ خاص، أبحر به إلى المدينة، هناك عند منحنى النهر.
المرأة : ما أسعدك بعملك يا هسوي لي!
الرجل : وما الذي يمنعني من الانحدار مع النهر إلى أبعد من ذلك، وهناك أستأجر عربة يجرُّها حمار، وأنتقل بين القرى؛ حيث تُباع الأسماك ببضع عملات نحاسية أزيد من سعرها في تلك المدينة الصغيرة البائسة عند منحنى النهر؟ ستطول الرحلة بضعة أيام، ولكن ما أهمية ذلك؟
المرأة : وأنتظرك في صبر يا هسوي لي، لأني أعلم أنك سوف تعود، وأن بيتنا يحمينا.
الرجل : ليتك رأيت السوق الذي يضجُّ بالحياة يا فان شين-تينج. هناك تجدين كبار التجار الذين لا يحبون أن يخاطبهم أحد أثناء مرورهم، والطباخين الذين يعملون في بيوت العائلات الغنية، أنهم يُقلبون الأسماك هنا وهناك، دون أن يرضيهم شيء، ولا بد في هذه الأحوال أن أُظهر براعتي، وتجدين نساء العمَّال الحرفيين والسماسرة والصرافين الذين أتعامل معهم كما أتعامل مع أمثالي، والعلماء الفقراء كذلك، هاك يا صاحبي ذيل سمكة تطبخها مع شربة الكرنب. لا بد أن أكون ذكيًّا وأشطر من غيري، وإلا تلقَّيت اللطمات على أذني.
المرأة : أنا واثقة من براعتك يا هسوي لي، ولا أشعر بأدنى خوف من كساد بضاعتك، فلدينا ما يكفي لكي نعيش في كوخنا.
الرجل : الأشرار يُدبِّرون الحيل كالشياطين. بالأمس كسروا إحدى عجلات عربتي لكي أتأخر عنهم في الذهاب إلى السوق. كان عليَّ أن أنتبه حتى لا يفكوا السلسلة التي ربطت بها القارب بجوار الشاطئ. لا بد أن أكون أمكر منهم، فهم أعداؤنا.
المرأة : نحن لا نريد أكثر من أن نعيش في كوخنا يا هسوي لي، فكيف يكون لنا أعداء؟
الرجل : أنت لا تُحسِّين بشيء، تعيشين طول اليوم في كوخك ولا تشعرين بما يجري في العالم. أما أنا .. أما أنا …
المرأة : نريد أن نبقى في كوخنا يا هسوي لي.
الرجل (نافذ الصبر) : ألا تفهمين ما أقول؟ في الكوخ! في الكوخ! ليس لديك إلا في الكوخ! الكوخ! أربع خطوات للأمام وأربع للوراء. والنافذة مغلقة على الدوام.
(بغضب) أنتِ وكوخك!
الضابط السمين : برافو! برافو! هكذا تكلَّم الرجل كما يليق برجل.
المرأة (في قلق) : هل تأذن لنا الآن بالانصراف يا صاحب السعادة؟
الضابط النحيف : انتظر. إنْ لم تخُني الذاكرة فقد ارتفعت مياه النهر في العام الماضي.
لا بد أن هذا قد أصابكما أيضًا.
المرأة : ليتك يا صاحب السعادة لا تُذكِّرنا بشيءٍ فظيع كهذا!
الضابط النحيف : أجيبا. أين كنتما عندما ارتفعت مياه الفيضان؟ أجِب يا هسوي لي!

(الرجل يلوذ بالصمت.)

المرأة : على سطح كوخنا، إنه يرتكز على أعمدة متينة، بينما سال النهر وغمرت مياهه الضفاف المكتظَّة بأحراش الغاب.
الضابط السمين (ضاحكًا) : جلسا على السطح. ألم يكُن منظرهما مضحكًا؟
الضابط النحيف : كم من الوقت مضى عليكما؟
المرأة : كم من الوقت؟!
الرجل : جرفت المياه القارب.
المرأة : نادَينا الجيران من كل ناحية، لكن المصاب بالمحنة مصاب بالصمم.
الضابط السمين (للمرأة) : وكم لبثتما؟
المرأة : أظلمت السماء ثم أشرقت.
الضابط النحيف (بحدة) : وهكذا جلستما على السطح. فاجلسا الآن كما كنتما تفعلان، وكما أخذتما تنظران أحدكما للآخَر، فاجلسا بحيث تنظران لبعضكما.

(يجلس الرجل والمرأة بطريقة توحي بأنهما قاعدان فوق سطح ضيق مائل، مواجهين لبعضهما وناظرين كلٌّ منهما في وجه الآخَر.)

المرأة : طال علينا الليل. ولَمَّا طلع الصبح …
الرجل (شاخصًا ببصره إليها) : لم أرَك أبدًا كما أراك الآن.
المرأة : يجب أن نصبر يا هسوي لي — تشانج كو — تونج، تاجر الزيت في القرية، سوف يحضر بقاربه، إنه رجل طيب.
الرجل (يهبُّ واقفًا) : الصبر!
المرأة : الكارثة أصابت كلَّ القاطنين على شط النهر، لأنهم جميعًا عاشوا على خيره.
الرجل (يهمُّ بالانصراف) : لا أريد أن أجلس هنا أكثر من هذا.
الضابط السمين : قِف عندك يا هسوي لي! أتريد أن تغرق؟ حاذر أن يسقط سقفك إنْ قفزت من عليه كما يفعل الصبية!
المرأة : هسوي لي، احشُ فمك بالبرقوق واشرب من الزجاجة. لم تزَل في سلتي بعض صحاف الأرز والبازلاء، بل معي لحم جاف، أرأيت كيف فكَّرت في كلِّ شيء! يمكننا أن نتحمل العيش بعض الوقت على السقف.
الضابط النحيف : انظر إلى زوجتك! لا تحرِّك أطرافك حركات لا داعي لها!
المرأة : ألم أفكِّر في كل شيء يا هسوي لي؟
الرجل (يُحدِّق بجمود) : علينا أن نتحمل العيش لبعض الوقت على السقف.
المرأة : هل تشعر بالبرد؟ أحضرت معي غطاءً في السلة، وفرشة من جلود الكلاب، وحصيرة جدلتُها بنفسي.
الرجل : لا.
المرأة : هل تيبَّسَت أعضاؤك من جلوسك القرفصاء؟ أأدلكها لك لتعود طيِّعة كما كانت؟ لديَّ خبرة في هذا …
الرجل : لا.
المرأة : هل تشعر بالخوف؟ أحكي لك عن ذلك الصيف الجميل الذي أتينا فيه إلى النهر؟
الرجل : لا.
المرأة : هل تُحسُّ بالملل؟ أتحب أن أُغنِّي لك أغنية؟
الرجل : لا.
المرأة : هسوي لي، يا زوجي الحبيب، إني أنتظر في خضوع أن تُبدي أية رغبة.

(الرجل يهمُّ بالوقوف.)

الضابط النحيف : انظر إليها يا هسوي لي! المكان ضيِّق على سطحكما. لا تتحرك.
الرجل : إنني أنظر إليك.
المرأة : غدًا تنخفض المياه في النهر الأصفر. فيمَ تفكِّر؟
الرجل : إنني أنظر إليك.
المرأة : ليتني أجِد وسيلة لأُسرِّي عنك، سأُغنِّي لك أغنية:

(تبدأ في الغناء.)

في اليوم الأول
سقط المطر
فأخذ الأب قبعته،
قال لنفسه
المطر، المطر الرائع.
في اليوم الثالث
سال المطر
وفزع الأب والأم
تطلَّعَ كلٌّ في وجه الآخَر
إذ سال المطر،
المطر الرائع.
في اليوم التاسع
زاد المطر هطولًا
وحساؤهما ازداد نحولًا
من هول المطر،
المطر الرائع،
جاء اليوم الثاني عشر
فرفَّ جناح الشحرور
وحين يجيء اليوم الثالث عشر
سيغدو الجو جميلًا
في المطر، المطر الرائع.

(الرجل يُحدِّق فيها بغير انفعال.)

الضابط النحيف : لا تتحرَّك من مكانك يا هسوي لي! إن مياه الفيضان تتصاعد نحو السطح! انظر إلى زوجتك! انظر إليها!
الضابط السمين : انظر إلى زوجتك، انظر إليها.
الضابط النحيف : لأنك لا تستطيع الابتعاد عنها.
الضابط السمين : ولا تستطيع أن تقفز من السطح في مياه الفيضان.
الضابط النحيف : سيكون في ذلك موتك يا هسوي لي، انظر إلى زوجتك.
الرجل (يهبُّ واقفًا فجأةً ويصرخ) : لا.
المرأة (مفزوعةً) : هسوي لي! زوجي!
الرجل : دعيني.
المرأة : ماذا تنوي أن تفعل؟ ابقَ هنا! إنك تقتل نفسك! تقتلنا معًا!
الرجل : أريد الذهاب! لا أريد البقاء معك! إني لا أحتمل!
المرأة : لا يمكن الذهاب يا هسوي لي، لا بد أن تبقى معي. أنت زوجي أمام القانون.
الرجل (يتنزع نفسه منها ويُلقي بنفسه في الماء) : لست زوجك، إنني لا أعرفك، لم أعرفك أبدًا.
المرأة (ترتجف وتنكمش على نفسها، تُخفي وجهها بيدَيها) : هسوي لي!
الضابط النحيف (يهبُّ واقفًا على قدمَيه) : ابقَ مكانك أيها الجندي! لا تخطُ خطوةً واحدة وإلا سمرتك الحراب!

(يثبت الرجل في مكانه.)

حاول الجندي هسوي لي أن يخدعنا ويخدع جلالة القيصر الذي كان رءوفًا به، وذلك عندما ادَّعى أنه الزوج الشرعي للسيدة فان شين تينج. إنه مُتهرِّب من الخدمة.
المرأة : أخطأتَ يا صاحب السعادة. أخطأتم يا حضرات الضباط. لقد قال ما قاله وهو منفعل. كما يتصرَّف رجل اضطرَّ للجلوس مع زوجته على السطح.
الضابط السمين : ولكنه مثَّل دوره بصدق أكثر منك يا امرأة. لقد خسرت!
المرأة : يا صاحب السعادة، أنا امرأة فقيرة مسكينة، ولا بد أن أحافظ على زوجي.
الضابط النحيف : أراد الرجل أن يهرب منك، حتى الفيضان لم يستطع أن يمنعه.
المرأة : ولكن مياه النهر تراجعت بعد ثلاثة أيام.
الضابط السمين : اعترفي بأنه ليس زوجك.
المرأة : تراجعت المياه، وبدت الأرض كابية متورِّمة، كأنها جرذان ضخم ميت. واستمرت حياتنا معًا، هسوي لي وأنا.
الضابط السمين : ربما تريد أن تجرب ثانية؟ (للضابط النحيف) أعطها فرصة أخرى، فقد استطاعت أن تُسلينا ساعة كاملة، بعدها يمكن أن يتم هذا (إشارة تدل على الشنق) بصورة أسرع.
المرأة : يا صاحبَي السعادة! أشفِقا على الرجل المسكين الذي أُحِبُّه! كان كوخنا قد أصبح مجدبًا. وجرفت المياه المائدة والكرسي والسرير. وكان لا بد من تعبيد الطريق الموصل من أحراش الغاب إلى القرية.
الضابط السمين : هيا ابدئي، هل سيشارك زوجك؟
الضابط النحيف : أم إن الرعب أخرسه؟
الضابط السمين : لعلَّه نادمٌ على نزوله من فوق السور. في إمكانه أن يرجع، هذا الجندي.
المرأة : كان الرجال الذين يجمعون المتطوعين قد وصلوا في ذلك الوقت إلى القرية. ولكن هسوي لي حشا أذنَيه بالأعشاب …
الضابط السمين : اسمع يا هسوي لي! إن أحوالك كما تعلم سيئة. فمعك في الكوخ زوجة ثرثارة، وأهالي القرية الذين يعرفونكما يقولون إن مَن لا يملك شيئًا لا يحصل على شيء ولا يُعطي كذلك شيئًا. ثم إن الأسماك تموت في النهر، والرائحة النتنة منتشرة فوق الضفاف!
المرأة : هسوي لي، بماذا تردُّ عليهم؟
الرجل : اذهبوا، اذهبوا.
الضابط النحيف (ساخرًا) : ألم تسمع الأغاني التي ينشدها الجنود؟ إنهم يتكلَّمون فيها عن الغزو، ناهيك عن الاحترام الذي يُبديه الفلاحون الجائعون للمجند الذي يحصل كلَّ يوم على ثلاثة صحون من الأرز. وأصحاب القوارب الذين يتنافسون على نقل الجنود عبر النهر.
المرأة (بضراعة) : هسوي لي.
الرجل (للرجال الذين يجمعون المتطوعين) : اذهبوا، اذهبوا.

(الضباط يضحكون.)

المرأة : ابقَ في الكوخ، يا هسوي لي، حتى يأتي الصيف ويذهب الرجال إلى الأرياف.
الضابط النحيف : زوجك ذهب بالفعل مع الجنود، لقد شبع منك بما فيه الكفاية.
المرأة : لم تكُن لديه الرغبة في الذهاب يا صاحب السعادة، أقسم لك، هم الذين عثروا عليه وأخذوه معهم، لقد رفض الذهاب معهم، تكلم يا هسوي لي.
الرجل : لم أستجِب لطلب الرجال الذين يجمعون المتطوِّعين، لجأت إلى أحراش الغاب وجلست هناك، بعيدًا عن الكوخ، حيث يثير الماء الآسِن فقاعات كابية اللون، أنا هسوي لي الفقير المسكين.
ورحت أستمع إلى حديث فان شين-تينج مع تاجر الزيت الذي أخذت تتوسَّل إليه ليخفض أسعار حاجاتنا من التموين، كما أستمع إلى أصوات الجنود الذين تتتابع خطاهم على السد من فوقي واحد بعد الآخَر، سمعتهم ينادون، فسدَدْتُ أذني وانكفأت وسط الأحراش ووجهي إلى الماء. كيف يمكنني إذَن أن أعيش، أنا هسوي لي؟

(يعود إلى الانخراط في دوره.)

المرأة (بعيدًا عنه «في الكوخ») : إنني أحبك يا هسوي لي.
الضابط النحيف : ألم تذكري من قبلُ يا امرأة أن تاجر الزيت جاء لزيارتكم؟
المرأة : نعم يا صاحب السعادة. تاجر الزيت شانج كو-تونج وهو رجل ودود أصلع الرأس. استجاب لتوسُّلاتي إليه فسمح لنا أن نستدين منه مبلغًا يساوي ثلاثمائة عملة نحاسية نُسدِّدها له بعد شهر.
الضابط السمين : ورجع تاجر الزيت مرة أخرى؟
المرأة : وهو سيد لطيف يا صاحب السعادة ورقيق القلب، إن صوته يشبه صوتكم.
الضابط السمين : وزوجك هسوي لي؟
المرأة : بقي في أحراش الغاب يا صاحب السعادة طوال الصيف.
الضابط السمين : أراد أن يقطع علاقته بك؟
المرأة : وظلَّ الجنود يعبرون السد المرتفع هناك واحدٌ بعد الآخَر. كان قد اختبأ منهم.
الضابط النحيف : سمعت يا هسوي لي؟ أنت أيها الخامل الكسول، أيها الجبان المختبئ وسط أعواد الغاب، والمياه العكرة تصل إلى سُرَّتك. هل سمعت أن تاجر الزيت قد جاء ليسترد المال الذي أقرضه لكم؟
الضابط السمين : وهو رجل طيب، رجل رقيق القلب يا هسوي لي، لقد وافق على إمهالكم شهرًا آخَر، لأن فان شين-تينج عرفت ببراعتها كيف تتوسَّل إليه.

(الضابطان يضحكان.)

الضابط النحيف : ويواصل الجنود عبورهم للسد من فوقك يا هسوي لي.
المرأة : لا يمكنني أن أذكر تاجر الزيت شانج كو-تونج إلا بالخير يا هسوي لي.

(ضحكات.)

لقد كان يشبهكم في صوته، وحركاته، وإحساسه النبيل يا صاحب السعادة (تشير إلى الضابط السمين) هل تسمحون لي يا صاحب السعادة بأن أدعوكم للنزول إلى هنا لكي تعرفوا بنفسكم حقيقة ما جرى.
الضابط النحيف : أهذه حيلة أخرى من حيلكِ القذرة يا امرأة؟
المرأة : إنه رجل رءوف وسيد نبيل، كم زارني في كوخي الفقير. وكم تكلَّمت معه.
الضابط السمين (ينزل من فوق المنصة إلى خشبة المسرح ويبدأ في تشخيص دور تاجر الزيت) : عن أي شيء تكلَّمتِ معه يا امرأة؟

(ضحكات.)

الضابط النحيف : أنصِت يا هسوي لي، يا مَن تختبئ هناك في أحراش الغاب!
المرأة : عن أسعار الزيت يا صاحب السعادة، تحدثنا عنها طويلًا؛ لأن كلينا يفهم فيها بعض الشيء، صباح الخير يا سيد شانج كو-تونج.
الضابط السمين (في دور تاجر الزيت) : صباح الخير يا سيدة شين-تينج.
المرأة : تفضَّل بالدخول.
الضابط السمين : أليس زوجك بالبيت؟
المرأة : ما الداعي لسؤال سيادتكم عن زوجي؟ لقد استأذنته في الكلام معكم عن الأمور التي تهمنا.
الضابط النحيف : أنصِت يا هسوي لي، يا مَن تقبع هناك في أحراش الغاب!
الضابط السمين : أنت في غاية اللطف يا سيدتي العزيزة.
المرأة : لندخل البيت لكي أستطيع أن أقدم لكم ما يليق بضيفٍ كريم مثلكم.

(ضحكات الضابط النحيف.)

لماذا تضحك يا صاحب السعادة؟ ألا تعرف سعادتك آداب اللياقة البسيطة؟
الضابط النحيف : استمري، استمري يا زوجة الجندي هسوي لي، ابذلي كل جهدك للحفاظ على كوخك وزوجك وكل ما هو عزيز عليك.
الضابط السمين : مهما ساومتِني على جرار الزيت فلن يمكنك أن تغبني حقي. فحتى لو كان الفيضان قد جرف جراري، فإن البقية منها قد ارتفع ثمنها بحيث لا تهمني الجرار الضائعة.
المرأة : ليس في نيتي أن أغبنك حقك يا صاحب السعادة، لأن طيبتك وكرمك معروفان لدى الجميع.
الضابط السمين (يحاول الاقتراب منها، ولكنها تتحاشاه بلطف) : من الأفضل إذَن أن تخاطبي طيبتي بدلًا من مخاطبة عقلي. سأصرف النظر عن الخسارة التي يُسبِّبها لي تأخرك في الدفع. ولنحاول بدلًا من ذلك أن نتفق على ثمن طيبتي وكرمي.
المرأة (وهي تتخلَّص منه) : أرجوك يا صاحب السعادة أن تُمهلنا شهرًا آخَر لنتمكَّن من تسديد الدين، وذلك حتى يرجع زوجي إلى عقله.
الضابط السمين : سوف يسعدني حتى ذلك الحين أن أتفاهم معك في كوخك على هذه الصفقة يا سيدتي العزيزة.
المرأة : أنت إنسان طيِّب القلب يا سيد تشانج كو-تونج، لا بد أن أخبر زوجي عن المفاوضات التي دارت بيننا عن المبلغ المتأخِّر.
الضابط النحيف : أنصِت يا هسوي لي لتعرف إنْ كانت تقول الحقيقة!

(يقف الرجل ويتقدم ببطء نحو الكوخ.)

المرأة : أنا لا أتكلم معكم إلا لأنني أفهم أكثر منه في أمور الزيت والتموين.
الضابط السمين : أنت امرأة ذكية يا فان شين-تينج.
المرأة : لولا الذكاء لمات الإنسان كما يموت الحيوان في جحره يا صاحب السعادة. وكل شيء وله ظروفه، ولكل شيء أوانه.
الضابط النحيف (يتدخَّل في الحديث وينادي بصوت حاد) : ولكن ربما لم تكوني ذكية بما فيه الكفاية؟
المرأة (في خضوع للضابط النحيف) : أنا لا أجرؤ أنْ أقيس ذكائي بذكائكم يا صاحب السعادة، ولكن ذكائي قويٌّ لمجرَّد أن الحقيقة في جانبه.
الضابط النحيف : ألم تتلقَّي هدايا من تاجر الزيت شانج كو-تونج؟
المرأة : لا أذكر يا صاحب السعادة.
الضابط النحيف : فكِّري جيدًا، فربما حرصتِ على أن يُحضِر معه بعض الهدايا التي لا تحبين أن تُطلعي زوجك عليها.
المرأة : بدأت أخاف من ذكائكم يا صاحب السعادة، ماذا تقصدون بسؤالكم هذا؟
الضابط النحيف : إثبات إدانتك يا امرأة، يا مَن تركها زوجها وذهب مع الجنود، متى تركك إذَن؟
المرأة : قبل حلول الصيف يا صاحب السعادة.
الضابط النحيف : تركك وذهب بعيدًا، وها هو ذا يرجع إليك (يُريها التميمة).
المرأة (تُصاب بالرعب، تتعرَّف على التميمة التي كان يحملها زوجها في اللوح المعدني، ولكنها تحاول أن تسيطر على نفسها) : لا أفهم قصد سيادتكم.
الضابط النحيف : هل تعرفين هذه التميمة؟
المرأة : لا يا صاحب السعادة.
الضابط النحيف : أنصِت جيدًا يا هسوي لي!
المرأة : إذا كنتُ لم أفقدها، فكيف أتعرَّف عليها؟
الضابط النحيف : أصدرنا الأوامر بتفتيش ملابس الجنود الذين ماتوا دفاعًا عن البوابة الجنوبية. وقد عثر عليها أحد الجنود وأحضرها الآن.
المرأة : لا شكَّ أنه كان جنديًّا شجاعًا وسقط في المعركة (منفجرة) هسوي لي! لماذا ذهبت وتركتني!
الضابط النحيف : ماذا قلتِ؟
المرأة : ليرقد الموتى في سلام وهدوء.
الضابط النحيف : ولكنَّ واحدًا منهم يمكنه أن يُزعج هدوءك.
المرأة : إنهم لا ينتقمون ممَّن يتمنون لهم الحياة.
الضابط النحيف : اقرئي المكتوب على اللوح المعدني.
المرأة (متهرِّبة منه) : تصعب عليَّ القراءة يا صاحب السعادة.
الضابط النحيف : ولكنكِ قرأتِه من قبل، أليس كذلك؟
المرأة (متلعثمة) : لا أذكر يا صاحب السعادة.
الضابط النحيف : ما دُمتِ لا تريدين قراءته فسوف أتلو عليك ما كُتب عليه. (للرجل) استمع يا زوج هذه المرأة التي تقف هنا أسفل السور. (يقرأ) «هذه التميمة هدية من فان شين-تينج لزوجها هسوي لي، رمز الوفاء يوم زفافها» لقد أخذناها من هسوي لي.

(يُلقي التميمة على الأرض فترفعها المرأة.)

المرأة (تتحكَّم في أعصابها) : ليتك تترك الموتى في سلام يا صاحب السعادة.
الضابط النحيف (منحنيًا للأمام) : دموع يا امرأة؟
المرأة : أنا لا أعرف الرجل المسكين الذي يرقد مع موتاكم. فلماذا أذرف الدموع؟
الضابط النحيف (للرجل) : سمعت؟
الضابط السمين : أبدعتِ في التمثيل يا امرأة، إذا كان الجندي الميت هو زوجك الشرعي، وهذا هو الزوج المزيَّف، فلا عجب أن يخاف المزيف على نفسه منك، لقد أبدعتِ حقًّا في التمثيل.
المرأة : إنني أحب زوجي هسوي لي الذي يختبئ بين أحراش الغاب. أتوسَّل إليكما يا صاحبَي السعادة أن تتركاه يرجع معي. فالمَثَل يقول: الرجل والمرأة كالسماء والأرض … هسوي لي، تعالَ إليَّ!
الضابط النحيف (للرجل) : هل سمعتها؟
الرجل (غاضبًا) : أجل. زوجك مات، أصابه سهم في عينه!
الضابط النحيف : انتظِر أيها الجندي! الآن فضحت نفسك! لقد عرفتَ زوج هذه المرأة، وكنت صديقه، وكنت بجانبه على السور عندما أصابه السهم، ثم تصوَّرت أن في إمكانك أن تحلَّ محله.
الرجل (مرعوبًا) : يا حضرات الضباط، نحن لم نخلع بعدُ خوذاتنا ودروعنا. وأنا لم أعرفه، الغضب وحده هو الذي جعلني أتهم زوجتي.
المرأة : كان دائمًا غيورًا عليَّ يا صاحبَي السعادة. أما السيد شانج كو-تونج فكان رجلًا نبيلًا، كما أكَّدتُ لكم هذا من قبل. اسمعوا ماذا قلت له.

(يتقدَّم الضابط السمين لتمثيل دور تاجر الزيت.)

خيرًا فعلتم برجوعكم إلى هنا يا سيد شانج كو-تونج، لأن أحوالنا سيئة. أنا مضطرَّة للتوسُّل إليك بألَّا تطالبنا بتسديد الدَّين قبل شهرين. وإلا عجزنا عن البقاء في كوخنا.
الضابط السمين : السيدة فان شين-تينج تتفنَّن في تقديم توسُّلاتها بطريقة آسِرة.
المرأة : وأين نجد مأوًى لنا؟ في الحقول تُغرقنا أمطار الربيع، في القرية يهزأ بنا كل مَن له سقف يُظلُّه، وفي الشارع يجرُّنا الجنود معهم، ونحن لا نطلب إلا أن نبقى معًا في كوخنا.
الضابط السمين : أين زوجك يا فان شين تينج؟
المرأة : هناك وسط أحراش الغاب، غير بعيد عن هنا.
الضابط السمين : ألن يحضر الآن؟
المرأة : لقد أخذ سكِّينًا معه، ليقطعَ أعواد الغاب التي سيصنع منها الحُصُر.
الضابط النحيف : ماذا تفعل يا رجل؟
الرجل : في الوقت الذي أجلس فيه هنا ينمو الغاب من حولي ويتكاتف، لأنني غرستُ سكِّيني في فرع شجرة، إنني لا أفعل شيئًا. كل ما هناك أنني أسمع من بعيد صوت تاجر الزيت شانج كو-تونج وهو صوتٌ مُهذَّب ودود، يُعبِّر عن أدب عمره ثلاثة آلاف سنة، مستمَدٍّ من كتب الحكمة القديمة. ولكن ماذا أفعل بهذا الأدب هنا وسط أحراش الغاب، إن ما يحدث وراء أذني يُعذِّبني. فأنا أكره المعروف الذي يُقيِّدني في الأغلال، وإذا وافق تاجر الزيت شانج كو-تونج أن يُمهلنا كرمه شهرًا فلا بد أن يُفكِّر فيه كلانا لمدة شهر. وإذا شاء كرمه أن يُمهلنا شهرين، فلن نستطيع أن نتحدث عن شيءٍ غيره طوال شهرين. أما إذا أعفانا بفضل طيبته من دَيننا كله إلى الأبد، فسيكون ذلك وقتًا طويلًا، وعندئذٍ … عندئذٍ …
الضابط السمين : الواقع أنه يستحيل عليَّ أن أُطالب بالدين وأنا أرى أمامي كل هذه السعادة.

(يريد أن يقترب منها.)

المرأة (مبتعدةً عنه) : أشكركم يا سيد شانج كو-تونج.
الضابط السمين : متى يرجع زوجكم؟
المرأة : في المساء.
الضابط النحيف (للرجل بلهجة حادة) : هكذا تبدو سعادتك يا جندي! اقفز عليه. اقفز عليه!

(يقفز الرجل مندفعًا من مخبئه «ويطعن تاجر الزيت بالسكِّين فيُردِيه قتيلًا» الضابط السمين ينهض واقفًا على قدمَيه، بعد أن أرداه الرجل، ويرجع إلى مكانه وهو يضحك.)

المرأة : ماذا فعلتَ يا رجل؟ قتلت السيد شانج كو-تونج الذي لم يُقدِّم لنا إلا الخير، كيف سيكون مصيرنا؟ أطلتَ الجلوس وسط الأحراش وأدمنت التفكير حتى اختلَّ عقلك. ها أنا ذا أسمع خطواتك وهم يُلاحقونك، مَن يحميك؟ وإلى أين تهرب؟
الرجل : لن أبقى هنا.
المرأة : في الحقول سيطاردونك بكلابهم، وفي الشارع سيجرُّك الجنود معهم.
الرجل : أريد أن أذهب، أن أفرَّ.
المرأة : أنصِت، إنني أسمعهم قادمين، الشرطة في الطريق، سأقف أمام الباب وتختفي أنت وراءه، سأتكلم مع رجال الشرطة الذين جاءوا للقبض عليك. (للضابطين) هذا هو الذي حدث بالضبط يا صاحبَي السعادة، يا حضرات الضباط.

(تشد الرجل إلى المخبأ وراء الباب الذي تقف أمامه.)

أنتم يا مَن هناك! لا تندفعوا بهذه السرعة! لا تُسيئوا الأدب! أهكذا يدخل الإنسان بيتًا غريبًا؟ ثم ماذا تتشمَّمُون حولكم؟ لعلَّكم تريدون صحفةً من لبن الماعز، أو نصف دجاجة؟ لن تجدوا شيئًا. ابحثوا في بيوت الأغنياء! لا، لن أبتعد عن الباب، نحن فقراء يا حضرات السادة، لن تجدوا لدينا غير كيسٍ محشوٍّ بقش الذرة والبراغيث إذا أردتم أن تستريحوا، وشربة الكرنب المُملَّحة إذا شعرتم بالجوع، وهذا الباب لتخرجوا منه إذا تكرمتم بالانصراف، وعندئذٍ لن أُلوِّح لكم مودِّعةً، لا، لن أترككم تدخلون من هذ الباب الذي أقِف أمامه. إنكم تفتِّشون عن زوجي، ماذا فعل لكم إذَن؟ هل سرق شيئًا؟ هل سكِر وأثارَ الضجيج؟ أم تُراه استهزأ بكم؟ لا أستبعد أن يكون قد فعل هذا. فلتعفُ الآلهة عنه! لا، قلت لن تدخلوا. وزوجي لن تأخذوه. لن أسمح لكم بهذا!

(في هذه الأثناء يفتح رجال الشرطة المتخيَّلون الباب — المتخيَّل أيضًا — بعنفٍ شديد ويُزيحون المرأة جانبًا، تستدير المرأة وتبحث وراء الباب فتكتشف أن الرجل قد اختفى.

ضحكات عالية تصدُر من الضباط والجنود الواقفين فوق السور.)

الضابط النحيف : أين زوجكِ يا امرأة؟
الضابط السمين : أرأيتِ كيف هرب بجِلده؟
الضابط النحيف : لقد اختفى وراء السور.
الضابط السمين : ويُعجبه الحال هناك أكثر من هنا.
الضابط السمين : لن يرجع يا امرأة. انصرفي إلى بيتك!
الضابط النحيف : ننصحُكِ شفقةً عليك، انصرفي إلى بيتك. لقد خسرتِ اللعبة.
الضابط السمين : ألم يذهب زوجك الأول أيضًا باختياره؟
الضابط النحيف : ألم تستردِّي لوحك المعدني الجميل أيضًا كما تقضي اللياقة؟ اذهبي إذَن؟ اذهبي إلى قريتك وفرجي الغسالات عليه.
المرأة (يائسةً) : هسوي لي! هسوي لي!

(الجنود الواقفون فوق السور يضحكون ضحكاتٍ عاليةً.)

أين القيصر؟
الضابط النحيف : لقد استمتع القيصر بالتمثيل. ولكنه انصرف منذ قليل.
المرأة (في غضبٍ يزداد توحُّشًا) : انصرفَ منذ قليل؟ دخل مخدعه لينام؟ وإذا صرخت، ألن يُوقظه صراخي؟ أيها القيصر! أيها القيصر! استمع إليَّ أيها القيصر! تكلَّم! هل تألَّمتَ لسوء حالي؟ لقد رأيت كلَّ شيء ثم ذهبت بغير كلمة واحدة. إنني أكرهك! ينبغي أن تسقط من على عرشك. وتسقط معك قشور السمك الذهبية التي تلتفُّ بها. ما أنت إلا بُعبُع وهمي. وأنا أغرق في الضحك عندما تسيل نشارة الخشب من رأسك المكسور. وأنتم، يا حضرات الضباط جميعًا، ما هذه الأماكن الفخمة التي حجزتموها لأنفسكم فوق السور؟ إلى أي مدًى يُمكنكم أن تمدُّوا أبصاركم إلى القرى والنُّجوع؟ يا لبراعتكم في الكلام! خذوا راحتكم في الكلام عنِّي. بل توقفوا، إنني أهزأ بكم، لن أستمع إليكم! سأهتف في كل مكان: لا تستمعوا للأغبياء فوق السور. هنا على الأرض مكاني. أنا لا أنظر بعيدًا. لا أسمع أكثر مما يقوله الجيران. ولست أكثر ذكاءً من معلِّمي. ولكنني أعيش. أعيش! وإذا كنت قد فشلتُ في حياتي، فمَنِ المسئول؟

(تستطرد بعد انصراف الضباط.)

هل تعرفونه؟ لا، لا أقصدكم؛ لأن مكانكم هناك في مهبِّ الريح. إنني أضحك على نفختكم الكذَّابة. على أناقتكم وزينتكم. فخامتكم وسمتكم كالديوك المخصِيَّة. والطريقة التي تتكلَّمون بها؟ كلام معسول، وهباء. ماذا فعلتُ إذَن؟ تعبتُ وشقِيتُ لأكون امرأةً صالحة خيِّرة. فلم تكُن النتيجة إلا الشر والفساد. أليس كذلك؟ أردتُ أن أعيش مع زوجي في أمان. تعِبَ وشقِيَ بقدر طاقته، لكنه ذهب، لماذا؟ هل تعرف قوانينكم سبب ذلك؟ أتستطيع عدالتكم أو طِيبتكم أن تخبرني؟ أيها النواطير! إنني أضحك كلما رأيتكم تفغرون أفواهكم. أين ذهب الرجل إذَن؟ هسوي لي! اسمعني! اخرج من مخبئك! لن يأتي زوجي لن يأتي، لقد مات! حجرًا صار، كومة تراب، زوجي مات، هسوي لي لن يأتي، لقد ذهب باختياره، وأنت ذهبتَ أيضًا، أيها الجبان، أيها الخامل الكسول، أيها البهيم العقيم. اذهب إلى القتلة، فما أنت إلا واحدٌ منهم. هل تصوَّرتَ أنني سأبكي عليك؟ لا تستسلم للأوهام. سأُعبِّئ الكوخ بالدخان لتخرج منه رائحتك النتنة. ليتحوَّل العالم كله إلى دخان يفترس الأعين، حتى يتخلَّص من نتن هذا الرجل، أنتم يا مَن فوق السور! أيها المُطرَّزون بالذهب، يا أصحاب القوانين الجميلة والحكمة الجميلة والأخلاق الجميلة، لِمَ لا تُفسِّرون لي السبب في انتشار العَفَن الفظيع في العالم كله؟ إنكم تشمخون بأنوفكم في الأعالي وتشمُّون ما لا أشمُّه، ولا بد أنكم تعرفون السبب، أفٍّ أيتها الجثة النتنة العفنة المخضرَّة التي يلتهمها الدود، إنني أسدُّ أنفي وأبصق عليك. (تتَّجِه إلى السور) دعوني أدخل! أفسِحوا لي الطريق! وأنت أيها السور، أيها السور السميك، ابتعد! ابتعد! أيها السور السميك العظيم القديم الغبي! أنا فان شين-تينج أقِف هنا تحتك. لا أريد أن أبقى واقفةً في مكاني، أريد أن أخترقك وأنفُذَ فيك. سأظل ألطمك برأسي حتى تتهدَّم يا مَن أكرهك أشد الكراهية. ما الذي يمنع أن أعيش مع الرجل أيها السور؟ ولماذا ذهب؟ لماذا لا يفهم بعضنا بعضًا، ولماذا تقف هنا أيها السور؟ ولماذا أنا هنا بينما الرجل على الجانب الآخَر؟ لماذا خَلَت جميع القوانين من كل قيمة؟ وتجرَّدَت كل النوايا الطيبة من أيِّ قيمة؟ لماذا أصبح الأمل كله عدمًا، والحنان عدمًا، والذكاء عدمًا، والحب عدمًا، عدمًا، عدمًا؟ أجِبني على سؤالي! لماذا تقف هنا أيها السور؟ لا تَلُذ بالصمت! لماذا تقف هنا؟ أجِبني! أجِبني! (تدقُّ على السور بغضبٍ جنوني) إنني أكرهك! أبصق عليك! أضحك عليك! ألعنك! أنا .. أنا .. أنا .. أنا .. أنا .. أنا .. أنا …

(يدخل أحد الجنود المكلَّفين بالحراسة ووجهه مُغطًّى بقناع، ولكننا نعرف من صوته أنه هو نفسه الرجل الذي أراد قبل ذلك أن يذهب معها. لقد عاد إلى جموده وبروده، وتجرَّد من السِّمات الشخصية ومن كل تعاطُف أو انفعال. يَلكُز المرأة بحَربته ويقول):

الجندي : اذهبي! لن يسمعكِ أحد!

(تقشعر المرأة فزعًا وتُحدِّق فيه.)

(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤