شهر مع جوخلي (٢)
كنت كثير النشاط في أثناء إقامتي في منزل السيد جوخلي.
كنت قد أخبرت أصدقائي المسيحيين بأنني عند عودتي إلى الهند سأقابل الهنود المسيحيين وأتعرف على أحوالهم. سمعت عن بابو كاليشاران بانيرجي، وكنت أكن له التقدير والاحترام، وقد أسهم إسهامًا بارزًا في حزب المؤتمر الهندي، فلم يتملكني تجاهه الشعور بالريبة الذي كنت أشعر به تجاه الهنود المسيحيين العاديين الذين نأوا بأنفسهم عن المشاركة في الحزب وعزلوا أنفسهم عن الهندوس والمسلمين، فأخبرت السيد جوخلي برغبتي في لقائه، فقال لي: «وماذا سيعود عليك من مقابلته؟ إنه بلا شك رجل ذو سمعة حسنة، لكنني أخشى أن كلامه لن يرضيك، فأنا أعرفه جيدًا. على كل حال، يمكنك ملاقاته إذا كنت ترغب في ذلك.»
طلبت مقابلة السيد بانيرجي، فوافق في الحال، وذهبت للقائه في منزله البسيط، فوجدت زوجته تحتضر. كنت قد رأيت السيد بانيرجي في الحزب مرتديًا معطفًا وسراويل، لكن أسعدني أن أجده الآن يرتدي السراويل البنجالي والقميص، فراقتني ملابسه البسيطة مع ارتدائي في ذلك الوقت المعطف البارسي والسراويل. بدأت أعرض عليه المشاكل التي تواجهني دون لغط، فسألني: «هل تؤمن بعقيدة الخَطِيَّة الأصلية؟» فأجبته بالإيجاب.
فقال لي: «حسنًا، الهندوسية لا تمنح الغفران لتلك الخَطِيَّة، في حين أن المسيحية تمنح ذلك الغفران، إن عاقبة الخَطِيَّة هي الموت، ويذكر الإنجيل أن الطريقة الوحيدة للخلاص هي الخضوع للمسيح.»
فذكرت له الجزء الذي يتناول طريق الإخلاص من الباجافاد جيتا، لكن دون جدوى. شكرته على حسن استضافته ورحلت. ومع أني استفدت من لقائه إلا أن الحديث معه لم يثلج صدري.
كنت أتجول في تلك الأيام في شوارع كلكتا، وذهبت إلى أغلب الأماكن سيرًا. فقابلت القاضي ميتر والسير جوروداس بانيرجي الذي كنت أحتاج مساعدته في عملي في جنوب أفريقيا، وقابلت أيضًا السير بياريموهان موكارجي.
حدثني السيد كاليشاران بانيرجي عن معبد الإلهة كالي الذي كنت أتطلع لرؤيته، خاصة وقد سمعت عنه وقرأت عنه في الكتب، فما كان مني إلا أن زرت المعبد في أحد الأيام. وكان منزل القاضي ميتر يقع في نفس محيط المعبد، فذهبت إلى المعبد في ذات اليوم الذي ذهبت فيه لزيارة القاضي ميتر، وفي طريقي رأيت جموعًا من الخراف التي ستقدم قربانًا إلى الإلهة كالي. وكان الممر المؤدي إلى المعبد يعج بالشحاذين، وكان هناك أيضًا رجال الدين المتقشفون. وحتى في ذلك الوقت كنت أعارض بشدة منح الصدقات للشحاذين قويي البنية. فطاردتني مجموعة منهم، وكان أحد النساك يجلس في شرفة. فاستوقفني، وبادرني بالحديث، قائلًا: «إلى أين أنت ذاهب يا بني؟» فأجبته.
فطلب مني ومن رفيقي أن نجلس، فجلسنا.
فسألته: «هل تعتبر تقديم هذه القرابين جزءًا من الدين؟»
فأجابني: «من ذا الذي يمكن أن يعتبر قتل الحيوانات جزءًا من الدين؟»
– «إذن لماذا لا تعظهم بالتوقف عن فعل ذلك؟»
– «هذا ليس من شأني، فواجبنا عبادة الإله.»
– «ألا يمكنك عبادة الإله في مكان آخر؟»
– «كل الأماكن — من وجهة نظرنا — تصلح للعبادة. لكن البشر كقطيع الخراف الذي يتبع راعيه حيثما ذهب. فمثل هذه الأمور ليست من شأننا نحن النساك.»
لم نستمر في النقاش طويلًا، وتوجهنا إلى المعبد، فشاهدنا أنهارًا من الدماء تستقبلنا على أعتاب المعبد، لم أستطع تحمل الوقوف أمام ذلك المنظر، وشعرت بالغضب والاستياء، ولم أستطع قط نسيان ذلك المشهد.
تلقيت دعوة من بعض الأصدقاء البنجاليين للانضمام إليهم لتناول العشاء في تلك الليلة، وهناك تحدثت مع أحد الأصدقاء بشأن ذلك الشكل القاسي من العبادة، فقال لي: «لا تشعر الخراف بأي ألم، فالضجة وأصوات قرع الطبول تمحو الشعور بالألم.»
لم أقتنع برأي صديقي، وأخبرته أنه لو أن للخراف لسانًا لقالت غير ذلك. شعرت بأنه يجب أن أوقف هذه العادة الوحشية، وأخذت أفكر في قصة بوذا، لكنني وجدت أن المهمة تفوق مقدرتي.
ولم يتغير رأيي الآن عما كان عليه وقتها، فحياة الحَمَل عندي لا تقل قيمة عن حياة البشر، فلن أرغب في سلب حياة حمل من أجل نمو جسد الإنسان، وأرى أنه كلما ضعف المخلوق، كان أحرى بالإنسان أن يحميه من قسوة البشر، لكن الشخص الذي لم يؤهل نفسه لتأدية مثل هذه الخدمة، لن يتمكن من توفير مثل هذه الحماية. يجب أن أخضع للمزيد من تطهير الذات والتضحية قبل أن آمل في تحرير تلك الحملان من تلك التضحية غير المقدسة. الآن أعتقد أنه يجب أن أموت وأنا أتوق لتحقيق تطهير الذات والتضحية تلك. وأنا أدعو باستمرار أن يولد بيننا صاحب روح عظيمة، رجلًا كان أو امرأة، مفعم بالرحمة الإلهية ليخلصنا من هذه الخطيئة الشائنة، وينقذ أرواح تلك المخلوقات البريئة، ويطهر المعبد. فكيف يتسامح البنجاليون بكل ما أوتوا من معرفة وذكاء وتضحية وعاطفة مع هذه المجزرة؟