واحد … اثنان … ثلاثة …!

عاد «كلينت جونسون» إلى فندق شيراتون الجزيرة بشكل عادي جدًّا، وعندما دخل «أحمد» و«عثمان» إلى صالة الفندق، قابلا «إلهام»، فاختارا أن يَجلسا في المكان الذي تُقدَّم فيه الطلبات، وسرعان ما جاءت «إلهام» وأخذت تعرض عليهما طعام الغداء، وبسرعة روى لها «أحمد» ما حدث … وطلب منها تشديد الرقابة على تحرُّكات «كلينت» رغم ما بدا من براءة تصرفاته حتى ذلك الوقت.

تناول الصديقان طعام الغداء ودفعا للجرسونة «إلهام» بقشيشًا سخيًّا … وابتسم الثلاثة و«إلهام» تقول: لعلَّ كل الزبائن مثلكما!

وانصرف «أحمد» و«عثمان» إلى المقر السري … وكانت عند «رشيد» أنباء هامة عن «زبيدة» التي كانت تعمل في فندق «مينا هاوس»، فقد لاحظت حضور سائح أجنبي يُدعى «كوتشن مارفن» يقضي أغلب وقته عند الهرم … ولا يحضر إلا لتناول الطعام … وهو يحمل حقيبة بها مجموعة من آلات التصوير … وقد حاولت فتح الحقيبة فلم تستطع.

واتصل «أحمد» ﺑ «زبيدة» في «مينا هاوس» … وطلب أوصافًا منها للرجل … وكانت مفاجأة له … أن «كوتشن مارفن» يُشبه «كلينت جونسون» تمامًا … نفس الطول والملامح والمواصفات البدنية … وأسرع «أحمد» يطلب عميل رقم «صفر» ويسأله عن الزائر الذي حضر في طائرة خاصة إلى الأقصر ما هو شكله … وما توقَّعه حدث … إنَّ «روكي ماكلين» ضيف الأقصر يُشبه «كلينت جونسون» بقدر ما يُشبه «كوتشن مارفن» … أي إنَّهم أمام ثلاثة أشخاص متشابهين تمامًا … فماذا يعني هذا بالضبط؟

قام «عثمان» بتلخيص كل هذه المعلومات، وأرسلها في رسالة شفرية إلى رقم «صفر» طالبًا أن يقوم قسم البحوث والتحليلات بدراسة هذا الموقف، وإخطارهم …

جلس «عثمان» و«أحمد» و«رشيد» في صالة المقر السري يتحدَّثون … كانوا أمام ظاهرة فريدة … ثلاثة أشخاص يتشابهون في الشكل وفي المواصفات العامة … يَصِلُون إلى مصر في أوقات متقاربة … ماذا يعني ذلك بالضبط؟ هل هي مجرد صُدفة أم خطة جهنَّمية لإثارة ارتباك رجال الأمن؟!

وقال «أحمد» فجأة: شيء مُدهِش … لماذا لم نرسل واحدًا منا إلى الأقصر؟ يجب أن يسافر واحد منا فورًا … فهناك «مستر x» الثالث «روكي ماكلين» … ولا بد من متابعته أيضًا.

قال «عثمان»: إنني على استعداد للسفر فورًا.

أحمد: سأُسافر أنا … فقد زرت «الأقصر» مرارًا وأعرف طُرقاتها … وفي إمكاني متابعة «روكي ماكلين» هناك دون إثارة أي اشتباه.

اتصل «أحمد» باستعلامات المطار ليعرف موعد الطائرة المتجهة إلى الأقصر، فعلم أن هناك ١٥ رحلة تقوم يوميًّا إلى الأقصر، وأن في إمكانه السفر في الوقت الذي يختاره إذا كان هناك مكان له …

أحضر «أحمد» حقيبةً وضع بها بعض الملابس، ثم تحدث مع «رشيد» و«عثمان» عن الخطوات المقبلة … وقبل أن يخرج أضاءت اللمبة الحمراء على باب غرفة اللاسلكي، وفضَّل «أحمد» أن ينتظر؛ فقد تكون هناك معلومات أو تعليمات من رقم «صفر». وعاد «عثمان» بعد دقائق يحمل برقية مطوَّلة من المقر السري الرئيسي:

«من رقم «صفر» إلى «ش. ك. س» … سعيد جدًّا بالمعلومات التي وصلتني … إنها خبطة موفَّقة أن تضعوا أيديكم بهذه السرعة على الرجال الثلاثة … إن ما يهمنا أولًا أن نعرف الجهة التي تريد اغتيال العالِم «فيتز»، وهذا يعني محاولة أسر أحد الرجال الثلاثة وتسليمه إلى رجال الأمن لاستجوابه …

أما بخصوص تحليل الموقف، فإذا كان هؤلاء الثلاثة هم القتَلة الذين حضَرُوا لاغتيال العالِم «فيتز» فإن خطَّتهم لم يَسبق لها مثيل … وهي تدلُّ على ذكاء ودهاء وتدبير لم يسبق له مثيل … ونحن نتصوَّر — رغم صعوبة التصوُّر — أن يكون هناك شخص واحد يتنقَّل بين الأماكن الثلاثة على سبيل التعمية والتضليل، خاصةً وأن المسافة بين الأقصر والقاهرة تقطَعُها الطائرة في أقل من ساعة … فهو إذا كان رجلًا واحدًا … وقادرًا على الظهور في الأماكن الثلاثة في يوم واحد … وإذا كانا شخصَين فإنَّ الظهور في الأماكن الثلاثة مشكلة سهلة للغاية … وإذا كانوا ثلاثة أشخاص فليست هناك أي مشكلة …

وفي حالة ما إذا كان واحدًا فهو يَحمِل ثلاثة جوازات سفر بالأسماء الثلاثة «كلينت جونسون» و«كوتشن مارفن» و«روكي ماكلين»، وإذا كانا اثنَين فكلٌّ منهما يَحمل ثلاثة جوازات سفر بنفس الأسماء … وإذا كانوا ثلاثة فكلُّ واحد يَحمل ثلاثة جوازات سفر بالأسماء الثلاثة … ومِن السهل التأكُّد من كل هذه التحليلات والاستنتاجات إذا تابعتم كل واحد منهم ٢٤ ساعة متَّصلة … ووضع جدول زمني يُحدِّد المكان والزمان الذي ظهر فيه كل واحد … وبمقارنة الأماكن وموعد الظهور يُمكن معرفة هل هم واحد … أم اثنان أم ثلاثة …

وفي كل الأحوال يجب أن نَتوقَّع أن يكون الأمر مجرَّد صُدفة، فلا نُريد أن نَظلم الأبرياء … وسنَحتفِظ بهذه المعلومات ولا نُبلِّغها لجهات الأمن حتى نتأكَّد من صحتها.

إنَّني أتمنَّى لكم التوفيق … وفي انتظار مزيد من المعلومات.

استمع «أحمد» إلى رسالة رقم «صفر» وقال: لقد طاف كل هذا بعقلي عندما جاءت معلومات عميل رقم «صفر» عن «روكي ماكلين»، وإنني أعترف كما قال رقم «صفر» أنها خطة تدلُّ على الدهاء الشديد … بل لم يَسبِق لها مثيل في تاريخ المغامَرات.

عثمان: سأَتبع الجدول الخاص بالوقت والمكان، وعليك أن تُبلغنا أولًا بأول.

أحمد: طبعًا … ولم تَعُد هناك مشكلة اتصالات، فالاتصالات الأتوماتيكية تُغطِّي مصر كلها الآن.

رشيد: سأبلغ «زبيدة» و«إلهام» بهذه المعلومات حتى تقوما بإبلاغنا بتحرُّكات الرجلين أولًا بأول.

ذهب «عثمان» مع «أحمد» إلى مكتب شركة مصر للطيران الذي يَشغل مكانًا في محلات سور نادي الزمالك، وقابَلا الأستاذ «ناجي»، وقالا له إنَّ «أحمد» يُريد الوصول إلى الأقصر في نفس اليوم … وكان الرجل كريمًا ومُتعاونًا؛ فقد طلب من موظَّفي حجز التذاكر البحث عن تذكرة ﻟ «أحمد» في أول طائرة … وعن طريق جهاز الكمبيوتر أمكن الحجز ﻟ «أحمد» في طائرة الساعة السابعة مساءً، وبعد أن شكَرا الأستاذ «ناجي» استقلَّا السيارة إلى فندق شيراتون هليوبوليس حيث تعمل «زبيدة»، وحيث ينزل «x٢» «كوتشن مارفن»، فقد كان أمامهما نحو ساعتَين قبل قيام الطائرة …

قابلا «زبيدة» وتحدَّثا معها سريعًا عن التطوُّرات التي تمَّت في الساعة السابعة … وسألاها عن «كوتشن» فقالت إنه نزل حمام السباحة … وذهبوا إلى هناك … وكانت «زبيدة» تسير بعيدًا عنهما … ودون أن تشير إلى الرجل تعرفا عليه … لقد كان قريب الشبه إلى حدٍّ مذهل من «كلينت جونسون» الرجل الذي ينزل في فندق شيراتون الجزيرة، والذي تابعاه في الصباح أثناء زيارته لمسجد «السلطان حسن» …

وفي الموعد المحدد كان «أحمد» في المطار … وذهب إلى صالة الركاب الخاصة بالرحلات الداخلية … وسلَّم التذكرة التي كانت تسمح له بالسفر إلى الأقصر … وفي نفس الوقت قضاء ثلاثة أيام في فندق «الجولي فيل» …

وقامت الطائرة في موعدها … وبدأت مرحلة أخرى من المغامرة …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤