البساطة

افترض أن الأرض تتحرك بالفعل وليست الشمس. سلَّم بطليموس جدلًا بأنه: «فيما يتعلق بظواهر النجوم، ربما لا يوجد شيء يُبقي الأمور متفقة مع هذه الفرضية الأكثر بساطة.» ومع ذلك، «في ضوء ما يحدث من حولنا في الفضاء، فإن فكرة مثل تلك تبدو غريبة تمامًا.» هل تذكر تلك القاعدة المسماة بشفرة أوكام (التي أُقرَّ من جديد أنها صيغت بعد وفاة بطليموس بزمن طويل، والتي أؤكد من جديد أن بطليموس وخلفاءه بصفة عامة حاولوا اتباعها)، التي تنصحنا بتقبُّل أبسط الفروض الجدلية التي تتفق مع الحقائق التي نفهمها، أو حسبما عبَّر كبلر عن ذلك بطريقة عملية بقوله: «لعلم الفلك غايتان: تفسير الظواهر والتأمل في الشكل الحقيقي لصرح الكون.» لم تكن حدود المشاهدة عام ١٥١ ميلاديًّا قد تقلَّصت بالقدر الكافي لدحض فرضيات أرسطو فيما يتعلق بحركات «ما يحدث من حولنا في الفضاء»؛ لهذا، اهتم بطليموس من خلال فكره المبهر القائم على «تفسير الظواهر» بإيجاد تفسير مقبول ظاهريًّا للكون وإن كان خاطئًا. خاطئ، نعم، لكنه مقبول ظاهريًّا بالفعل. ويعلِّق أحد الفلكيين المعاصرين لنا بقوله إن أفلاك التدوير أنقذت منظومة مركزية الأرض لمدة ألفَي عام بالتوافق «على نحو جيد إلى حدٍّ ما مع الحركات الزاوية للكواكب في خط الطول، مع دقة شبه مساوية لما توصلت إليه عمليات الرصد المعاصرة … في حقيقة الأمر، يمكن القول إن أفلاك التدوير كانت مقبولة علميًّا عند الحكم عليها بالمعايير الحديثة للتوافق المرضي مع المشاهدات.» ومع ذلك، فإن الظواهر لم تُفسَّر تمامًا. فكما رأينا، انخفض مستوى بساطة الأمور تبعًا لذلك، حيث أضفنا المزيد من أفلاك التدوير والموازنات لتفسير ما يظهر إلى النور من حالات عدم التوافق.

من هنا جاء كتاب «عن دورات الأجرام السماوية».

الْتماس المنجمين العونَ بصورة مخزية

ما الذي حدث لأفكار كوبرنيكوس المجنونة بعد أن تعفَّنت تمامًا داخل صندوقها؟ يقول توماس كون، وهو ينوي رواية قصة جميع الثورات العلمية: «لبرهة من الوقت، استعان بها المتخصص حتى بالرغم من أنه في إطار المناخ الأوسع نطاقًا للفكر العلمي، بدت عصية على التصديق.» الحقيقة، أنه بعد نشر كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» بأقل من عشرة أعوام نجد «الجداول الكوبرنيكية» لإراسموس راينهولد تستخدم هندسة كوبرنيكوس في حساب الجداول الكوكبية الفائقة، في ذات الوقت الذي توافق فيه بقيتنا على أن الأرض بطبيعة الحال ساكنة. «في كل عمل يستلزم رصد موقف وحركة، وجانبًا ما من النجوم والكواكب، في الأبراج والدرجات، وموقع كل هؤلاء بالنسبة إلى طول ودائرة عرض المناخ؛ إذ من خلال تلك الحسابات تتباين سمات الزوايا، التي تصنعها أشعة الأجرام السماوية على هيئة الشيء، ووفقًا لها تُغرس الفضائل السماوية.» كتب هذه العبارة أحد المنجمين بعد مرور ٢٥٨ عامًا بالتمام والكمال على نشر كتاب «عن دورات الأجرام السماوية». وهذه العبارة توضِّح بجلاء ما يحتاج إليه المنجمون، ولماذا. وما كانوا يريدونه مَنَحَهم إياه بمقدارٍ لا بأس به كتاب «عن دورات الأجرام السماوية». لمَّا كان تأثير الشمس علينا يبدو في أعظم حالاته أثناء مرورها بالدرجة التاسعة عشرة من برج الحمل، في حين يكون هذا التأثير في أضعف حالاته عند الدرجة التاسعة عشرة من برج الميزان، فإن دقة النظرية الكوبرنيكية الأكثر تفوقًا بدرجة طفيفة من الممكن أن تقلِّص من احتمال اعتزامنا إقامة حفل زفاف صباح يوم الخميس بينما كان من الواجب علينا أن نختار يوم الأربعاء بعد الظهر. تقول كوبرنيكوس يُنكر حركة الشمس؟ لا يهم. إننا نستخدم الأداة، لا صانعها (هل تتحرك الشمس؟ إن منجِّمنا الذي اقتبسنا عبارته لتوِّنا — والذي قد تظن أنه عام ١٨٠١ ربما يكون قد شعر بالانهزام — لا يزال يراوغ في تحدٍّ).

بحلول عام ١٥٧٥، يذعن ما يسمى ﺑ «تفسير فيتمبيرج» لعمل كوبرنيكوس، الذي ابتدعه متخصصون بارزون من جامعة فيتمبيرج بميلانختون، للرياضيات الواردة في كتب كوبرنيكوس من الثاني حتى السادس، مع استمرارها في تحدي نظرية مركزية الشمس الواردة بالكتاب الأول. وعندما بدأ استخدام التقويم الجريجوري عام ١٥٨٢، كان تغيير السنة يعود بصورة جزئية لرياضيات كوبرنيكوس. الواقع أن معاوني كوبرنيكوس سوف يبالغون، حتى إنهم سوف يقولون إنه بفضل اكتشافه لطول السنة المدارية صار التقويم الجريجوري دقيقًا بهامش خطأ يُقدر بيوم واحد كل ثلاثة آلاف عام. هناك رؤية أخرى مختلفة للأجيال التي أعقبت كوبرنيكوس بشأن أعماله، حيث يقول لنا جيكوبسن إنه «لم يترتب على إقرار وجهة نظر مركزية الشمس أي تحسن مباشر يُعتد به … والسبب الرئيسي لذلك أن الأبعاد وخطوط الطول، التي ظلت مبنية على المؤجلات الدائرية بدون موازِنات، كانت خاطئة على نحو محبط.» ومع بزوغ فجر القرن السابع عشر، زاد هذا العيب من عزيمة أولئك الذين يفضلون تفسير حماقات كوبرنيكوس التي تنادي بمركزية الشمس بروح أوزياندر.

يؤمن جاك بارزون بأن كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» «طرح تغييرًا مهمًّا بحق، غير أن هذا التغيير لم يكن هو ذلك التحول الثوري الذي يشاع خطأً أنه أحدثه؛ وإنما يتمثل في أن الكتاب طرح صعوبات جديدة، وأولئك الذين رفضوه لم يكونوا مجرد أشخاص جامدين يرفضون الأدلة.» غير أنه شيئًا فشيئًا، صار العمل السري لأتباع كوبرنيكوس يضم نشطاء وشخصيات معروفة وعلمانيين؛ إذ صارت الصعوبات الجديدة تُواجَه واحدة تلو الأخرى.

في الوقت الذي ألَّف فيه كوبرنيكوس كتاب «عن دورات الأجرام السماوية»، حملت خارطة الكون كما رسمها بطليموس عددًا من الرقع والجبائر يعادل ذلك المفترض أن تحمله جثة بطليموس لو أن عاشقًا للكمال ينتمي للقرن السادس عشر حاول أن يجعلها تسير. كان سبب وجود كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» هو التبسيط.

«إلا أنه في حالة كوكب عطارد يجب طرح عُشر الانحراف …» ومع ذلك نجح كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» بقدر تبسيطه للأمور، وبلا هوادة. لقد أخفق بقدر تشبثه بحقائق مثل الدورانية الأبدية، التي ربما لا تدحضها «الظواهر» تمامًا (حيث كانت هذه حدود المشاهدة قبل تيكو براهي)، لكنهم بالتأكيد لم يبرهنوا عليها كذلك. ويقرُّ كوبرنيكوس قائلًا: «سوف يكون لزامًا علينا أن نفترض وجود حركات غير منتظمة ومصوبة في مواضع أخرى مثل الاختلافات في السرعة، وأن نوظِّفها في الشروح.»

وتشكو موسوعة القرن العشرين الفلكية من أن «نظريته الكوكبية لم تتمكن من إيجاد القيم المرصودة بأي قدر من الدقة يفوق النظريات القديمة.» غير أنه حتى المنجمون، الذين كانت عدم مركزية الأرض تمثل بالنسبة لهم لعنة، يتبنَّون نظامه؛ وذلك لقدرته التنبئية. وعلى حين غرة، صارت الكوبرنيكية معروفة ومشهورة! ففي عام ١٦١٩، يصوِّر رسام الخرائط العظيم بلو المنظومة الكوبرنيكية في خارطة لكوكبنا الذي نعيش عليه …

تتمة انحراف عطارد

لو جاز لنا أن نصف ما يُعرف بالثورة الكوبرنيكية في إيجاز، فلربما عبَّرنا عنها على النحو التالي: لقد نمت تلك القدرة التنبئية حتى صارت لا تقاوم. أما فلك بطليموس فمن جانبه كان يحاول عبثًا تغيير هذا التنبؤ أو ذاك، وكانت آراؤه تفاعلية فحسب. لقد جُمع بين تقريب كبلر المتميز للمدارات الكوكبية — مسارات على هيئة قطع ناقص يعبُر من خلالها كل جرم سماوي مساحات متساوية في أزمنة متساوية — وافتراضات كوبرنيكوس بمركزية الشمس؛ من أجل تفسير التباينات المحسوسة والواقعية في سرعة الكواكب ببراعة فائقة، حتى إنه لم تعد هناك حاجة على الإطلاق لأفلاك التدوير والموازنات. لقد عادت قاعدة شفرة أوكام لتعمل من جديد؛ ففيم الحاجة لرسم دوائر تدور حول دوائر لو كان في مقدورنا الاستغناء عنها؟

شكل ١: القانون الثاني لكبلر: مساحات متساوية في أزمنة متساوية.

صارت مدارات الكواكب أخيرًا على هيئة قطع ناقص! هل يمكن حفظ ولو النزر اليسير من أي حركة دائرية منتظمة؟

يقر كبلر بأن الكوكب «ك» يسرع الخطى ويبطئ أثناء دورانه حول مركز الشمس «ش». غير أن الزاوية «أ ش ب» تحتل نفس المساحة التي تحتلها الزاوية الأطول والأضيق «ﺟ ش د»؛ ومن ثم، فإن على «ك» أن يعبر القوس «أ ب» في نفس المقدار الزمني الذي يعبر فيه القوس «ﺟ د»، ومن ثم تصير سرعة «ك» عند القوس «أ ب» أكبر منها عند عبوره القوس «ﺟ د»، وسرعان ما سيصير لتلك الظاهرة تفسير أصيل هو: الجاذبية.

بمجرد أن أدخل نيوتن قاعدة كبلر في قانون التربيع العكسي العام الذي لا يزال أكثر فعالية (تتناسب قوة الجاذبية عكسيًّا مع مربع المسافة)، صار من الممكن أن نبين لماذا كان تقريب كبلر ليس سوى عملية تقريب وحسب: فكل قطع ناقص تشوه بفعل تأثير جاذبية الكواكب المجاورة! وأدت دراسة تلك التشوهات إلى ما أسماه توماس كُون «واحدًا من أعظم انتصارات علم الفلك»: ففي عام ١٨٤٦، اكتُشِف كوكب نبتون عن طريق رياضيات تنبئية بحتة. ولم يكن في مقدور منظومة بطليموس مطلقًا أن تحقِّق هذا.

لكن كل هذا حدث في بطء شديد! فعندما اكتشف السير ويليام هيرشل (والد هيرشل الذي أشرت إليه كثيرًا في هذا الكتاب) كوكب أورانوس عام ١٧٨١، كان ذلك بالمصادفة …

عودة للتنقيب عن الحديد

دعونا نتفاءل ونقُل إن هذا حدث ليس فقط بفضل القصور الذاتي الفكري، سواء في حالة الحركة أو السكون، ولكن أيضًا لأنه لا يوجد في العلم شيء اسمه طريق مسدودة؛ أو ربما وجب عليَّ القول: إن الطرق المسدودة تنقل معلومات. إننا نعيش ونفكر داخل متاهة حلزونية، وكلما انتهى أحد منعطفاتنا بحائط مسدود، تزداد معرفتنا بدروب المتاهة أكثر وأكثر. فالتنجيم والخيمياء وبيولوجيا ليسنكويست وأفلاك بطليموس جميعها علَّمتنا شيئًا. ومعظم أعمال بطليموس وكوبرنيكوس وكبلر التي أشرت إليها في كتابي هذا يضمها جميعًا مجلد واحد، هو جزء من الكتب العظيمة لسلسلة «العالم الغربي»؛ وهي بالمفهوم شديد الواقعية «بمنزلة» مجلد واحد. في هامش ما تعقيبًا على مناقشة لمسألة أفلاك التدوير والموازنات الواردة في كتاب «المجسطي»، يعلِّق المترجم بقوله: «تلك النقاط الثلاث — مركز الموازن ومركز المؤجل ومركز المسار الكسوفي — مع وجود مركز المؤجل في منتصف المسافة بين النقطتين الأخريين، عن طريق عملية التحول الكوبرنيكي، تصبح معبرة عن البؤرتين ومركز قطع كبلر الناقص مع الاحتفاظ بنفس النسب تمامًا.» إن الحقيقة القائلة إن النسب محفوظة تصيبني بالذهول. كيف إذن يمكننا القول إن بطليموس كان على خطأ؟ ما حدث ليس أن كوبرنيكوس طرح ما قاله بطليموس في كومة النفايات، ثم تخلَّص كبلر بالمثل من أطروحات نيوتن في سلة المهملات، لكن ما حدث شيء مختلف تمامًا، شيء غريب، وجميل، بل وربما روحاني.

في مستهل كتابي هذا طرحت رأيًا يقول إن التقليب في ركام كنوز الماضي لن يضرنا في شيء. أنا وأنت — عزيزي القارئ — قلَّبنا معًا في الكثير والكثير من ركام الماضي، وإني لآمل أن تكون قد توصَّلت إلى قناعة، مثلما توصلتُ أنا، إلى أن كل شيء يحتفظ بقيمة ما، مهما علاه من صدأ وفقد مصداقيته.

مثال ذلك، وبتعبير السير جون بول: «تلاشت الصعوبات الجمَّة التي أحاطت بالتصور الرهيب للقبة السماوية؛ إذ لم تعد النجوم يُنظر إليها على أنها موضوعة على مسافات متساوية من كوكب الأرض.» لكننا رأينا أن البحارة مستمرون في استخدام القبة السماوية حتى يومنا هذا؛ لأن افتراضاتها تبسِّط عمليات الملاحة. يكتب أحد الفلكيين إليَّ قائلًا إنه هو أيضًا يستخدم القبة السماوية أحيانًا؛ «لأنه في استطاعتنا قياس موقع جرم ما باستخدام بُعدَيْن (أي الموضع الذي يظهر فيه من القبة) بصورة فائقة الجودة، مع أن قياسات المسافات لدينا لا تزال بدائية للغاية بالمقارنة.» في هذه الأثناء يحتفظ كبلر بمفهوم كرة النجوم الثابتة، معتبرًا إياها «نوعًا ما من بشرة الكون» أو مرة أخرى «القاع الذي» «يجري فيه نهر أشعة» الشمس، حتى وإن كان يرفض في نهاية الأمر فكرة أن الأفلاك لها وجود مادي؛ إذ إن عمليات الرصد التي أجراها تيكو للمذنَّبات برهنت على أن تلك الأجرام تعبر الحدود المفترضة للأفلاك؛ وعلاوة على ذلك، فإن تلك التعرجات المحيرة المتجهة للخلف لمدار كوكب المريخ تتطلب من فلك المريخ أن يكون في وضع تقاطع مع فلك الشمس. فلماذا إذن كان في حاجة لكرة النجوم الثابتة؟ ربما كان دافعه لذلك أنه فلكي يتبع النصوص المقدسة. إنه في حاجة لنوعه الخاص به من البساطة.

فماذا عن مركزية الأرض؟ حتى ذلك المبدأ لا يزال قائمًا بقدر ما نعتبر أن «الأرض ربما تكون جزيرة هاواي وسط كون من مناطق أشبه بسيبيريا.» وهذه البساطة تحمل في طياتها حقيقتها الإنسانية الخاصة بها، سواء تبيَّن أنها صحيحة علميًّا أم لا. إذا كان باستطاعتنا الاعتزاز بكوكبنا بالرغم من عيبه، وهو عدم كونه في مركز الكون، أفلا يمكننا استعادة بعض مما فقدناه بعد أن توقفنا عن الإيمان فعليًّا بمركزية الأرض؟

ولماذا يواصل جاليليو الإصرار على مدارات تامة الاستدارة؟ وماذا عن كل الدوائر الخاطئة الواردة في صلب هذا الكتاب؟ أليست هراءً؟ إن هيرشل يصف نظرية كوبرنيكوس بأنها «مفهوم نظري هندسي أكثر منه نظرية فيزيائية، بقدر ما تفترض بأسلوب مبسط الحركات المطلوبة.» لا توجد جاذبية؛ لقد ذكرت ذلك مرارًا وتكرارًا؛ ثم هذا السخف المسمى بالحركة الدائرية المنتظمة، لا «يوجد» زخم منتظم لدورات الأجرام السماوية. لكن الوضع مختلف في حالة «الزخم الزاوي»، الذي من الممكن تعريفه بالنسبة للمركز «أ» (وهو في هذه الحالة، الشمس) الذي تدور الكواكب من حوله، بأنه:
حيث قوة متجهة (تسير عمودية على مستوى الشمس)، و هي متجه الزخم (ويتحلل الزخم إلى كتلة الكوكب مضروبة في سرعته المدارية)، في حين أن هي المسافة الخطية من الشمس إلى الكوكب في الاتجاه .

ويظل الزخم الزاوي ثابتًا إذا أثرت قوة واحدة فقط على الجرم السماوي المقصود، وعندما تظل تلك القوة موجهة صوب الشمس. ومقولة كبلر «مساحات متساوية في أزمنة متساوية» تعني ببساطة أن الزخم الزاوي حول الشمس ثابت.

من زاوية معينة، ما أشار إليه كوبرنيكوس في كلمة إهداء كتابه للبابا باعتباره «المبدأ المقدس لانتظام الحركة» لا يزال قائمًا؛ كل ما هنالك أنه جرى توسيعه وتلخيصه على يد كبلر أولًا، ثم تعميمه على يد نيوتن ليصبح شيئًا أكثر توافقًا مع الظواهر، حتى وإن كان أقل وضوحًا لحواسنا، التي تصرُّ على أن الكون كله يدور من حولنا.

لكن الكون صرخ

يكفينا هذا؛ فالاستغراق كثيرًا في هذا المشهد يُحدِث نوعًا من التشوش.

أرجو اعتبار كتابي هذا حتى هذه اللحظة مجرد مقدمة. لدينا الآن معلومات كافية لرسم شكل تخطيطي، مهما كان بسيطًا وبديهيًّا، للقوى الموجهة التي عملت طيلة كتاب «عن دورات الأجرام السماوية». وفي الفصل التالي والأخير، سوف نروي القصة، ليست قصة كوبرنيكوس أو الثورة الكوبرنيكية، بل قصة المبادئ الكوبرنيكية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤