معلومات خطيرة!

أخرج الشياطين الرجال الأربعة من السيارة ودفعوهم إلى إحدى الغرف، ثم رفعوا الكمامات والأشرطة التي فوق أفواههم وأعينهم وأوثقوهم بمقاعدهم وجرَّدوهم من أسلحتهم، وكان من بينها مسدسٌ كاتمٌ للصوت.

نظر «رشيد» إلى الرجل، وقال: يا خطير … هل المهمة خطيرة إلى هذه الدرجة حتى تحمل لها مسدسًا كاتمًا للصوت؟

لم يردَّ الرجل … قال «رشيد»: لماذا اعترضتم طريقنا؟

قال أحدهم: نحن لم نعترض طريقَكم، ولكن السيارة توقفت فجأة.

ردَّ «رشيد»: لكني حين قُدْتُها لم يكن بها أيُّ عطبٍ أو خلل … بمَ تفسر ذلك؟

قال الرجل: وماذا تريد منَّا؟ ولماذا جئتم بنا إلى هنا؟ أين نحن؟ لا بد أن تدفعوا ثمن ذلك؟

قالت «ريما»: نحن الذين ندفع الثمن … أم أنتم؟ يبدو أنكم لا تعلمون حجم جريمتكم وقيمتها … إن جريمتكم غالية جدًّا … لذا ستدفعون الثمن مضاعفًا.

قال أحدهم: فيمَ تتكلمين؟ إنك تتكلمين كلامًا غريبًا.

كان «عثمان» قد دخل في هذه اللحظة، فقال للرجل: أهذا كلام غريب حقًّا؟

قال الرجل: أنا لا أفهم ماذا تعني؟ إنها تتكلم بالألغاز.

قال «عثمان»: هل أوضِّح لك أكثر؟ ليس من عندنا طبعًا التوضيح، لكنه من الجهاز الموجود بسيارتكم أسفل المقاعد … والآن اسمع هذه الرسالة: «من «م۱» إلى «م۲» الفئران تدخل المصيدة … أغلق الباب.»

انتفض أحد الرجال، وقال: ما هذا الهراء؟

قال «عثمان»: إنها سيارتكم وليست سيارتَنا … وأنتم أدرى بهذا الهراء منَّا …

قال «رشيد»: ليس أمامنا وقتٌ نضيعه معكم … فإما أن تقولوا مَن أنتم؟ ومع مَن تعملون؟ ولماذا تعترضون طريقنا؟

نظر الرجال إلى بعضهم البعض … ثم صمتوا …

قال «رشيد»: إذا احتجتم إلينا يجب أن تصرخوا عاليًا حتى نسمعكم؛ لأن الماكينة التي تطحن الطعام صوتها مرتفع … ظهرَت الدهشة والفزع على وجوه الرجال، لكنهم حاولوا أن يتماسكوا، فأغلق الشياطين الباب ثم ذهب «رشيد» إلى لوحة أزرار الأجهزة الكهربائية، فأدار جهاز التدفئة ورفع درجاته إلى أقصى درجة.

وبدأ الشياطين يشاهدون الرجال عبر شاشة في غرفة مجاورة وأجسامهم تلمع شيئًا فشيئًا ويتصبَّب منها العرق الغزير … وبدأت ملامحهم تتغير … فالغرفة شديدة الحرارة … ثم بدأ بعضهم يصرخ ويثور وينادي: أدرِكونا … سنموت … ماذا تريدون منَّا؟

كان الشياطين يرون كلَّ ما يحدث … لكنهم تركوهم حتى ينهاروا، ويعترفوا شيئًا فشيئًا، بدَت وجوهُهم تنقبض … ويشعرون أن الخطر محدق بهم ولا مفرَّ من الاعتراف.

أخذ الرجال الأربعة يصرخون، وينادون على الشياطين … فذهب إليهم الشياطين ودخل «رشيد» من الباب، وقال: ماذا تريدون؟

قال أحدهم: ارفع عنَّا هذا العذاب … سنقول كلَّ شيء.

قال «رشيد» بهدوء تام: نحن نعرف كلَّ شيء … أنتم تظنون أنكم تراقبوننا. ولا تعرفون أننا كنا نراقبكم ونَعُد خطواتكم …

قال الرجل: كيف ذلك؟

قال «رشيد»: ألم تكن في مطعم «سي جول» منذ يومين؟ وخرجتَ لتراقب زميلي بسيارتك البيضاء حتى «وادي القمر» … ثم خرج بك إلى الطريق الصحراوي وأفلت منك هناك؟

قال الرجل: لقد قال لك زميلك ذلك.

قال «رشيد»: بل كنا نشاهدك هنا على الشاشة وأنت كالفأر المذعور.

إن كنت تريد أن تقول شيئًا … فلن يكون جديدًا … لأننا نعرف كلَّ شيء … هل تحب أن ترى شيئًا لطيفًا؟

قال الرجل: وما هو؟

أخرج «رشيد» صور السمكة والغواصة، وقال له: انظر … أليست سمكة لطيفة؟ إنها تنام هنا بين هذه الصخور … لكنها لن تعيش طويلًا … مثلكم تمامًا.

فزع الرجل وقال: هل ستقتلوننا؟

قال «رشيد»: هذا شيء يرجع إلى مدى تعاونكم معنا.

قال الرجل: كل ما لدينا تعرفونه.

قال «رشيد»: وأين كنتم ذاهبون منذ ساعة؟

قال الرجل: أطْفِئ هذا الفرن أولًا … نكاد أن نموت.

قال «رشيد»: تكلَّم أولًا.

قال الرجل: نعترض طريقكم حتى لا تقوموا بتنفيذ مهمتكم.

قال «رشيد»: ولماذا؟

قال الرجل: حتى يُجهَّز زورقنا ليقضيَ عليكم.

نظر «رشيد» إلى الشياطين الذين يقفون خلفه يراقبون ما يحدث … ثم قال: وأين زورقكم هذا؟

سكت الرجل … فقال «رشيد»: ألم نتفق؟ لا بد أن تعرف أنك هنا في الجنة … لأني لو ضغطت على الزرِّ الآخر لتحركت بكم الحجرة إلى حيث آلة طحن العظام … فقُل ما عندك بهدوء.

نظر الرجل إلى رفاقه نظرةً يائسة، وقال: في بوغاز «المكس» اسمه «قاهرا» … لقد علموا بوجودكم الليلة الماضية في البحر فجهَّزوا هذا الزورق ليدمِّر زورقكم ويقضوا عليكم.

قال «عثمان»: ومَن هم الذين علموا؟

قال الرجل: إلى هنا لن أتكلم … لأنهم سيقتلوننا.

قال «رشيد»: أنت في كلتا الحالتين ميت … فاعمل عملًا شريفًا تموت عليه … وسنعدك أننا سنحافظ على حياتكم لو تعاونتم معنا.

قال الرجل: إنها عصابة كبيرة … يقودها رجلُ أعمال بغرض التجسُّس.

قال «عثمان»: أين يعمل؟ وما هو مقرُّه؟

قال الرجل: «ميدان الرمل» … أرجوك أطفئ هذه النار.

نظر «رشيد» إلى «عثمان» وأومأ أن يُوقِف الجهاز … ثم ذهب إلى الرجل وقال له: سأفكُّ وثاقك وحدك … لكن تذكَّر جيدًا أنك لو حاولت فعل شيء … ستكون النهاية المحتومة لك.

وفكَّ وثاقَه … فأخذ الرجل يفرك يدَيه ويمدِّد رجلَيه، فناوله «رشيد» قلمًا وورقة، وقال له: اكتب اسم الرجل، ومَن يعمل معه من عملائه.

نظر إليه الرجل، فأومأ إليه «رشيد» أن يكتبَ … فأمسك الرجل بالقلم وأخذ يكتب … فنظر «رشيد» و«عثمان» في الورقة، وقال له: ليسوا كلهم.

قال الرجل: هؤلاء مَن نعرفهم … والباقون ليسوا مصريِّين.

ثم نظر إلى اسم الرجل ودقَّق فيه، وقال: «عثمان»: ألم يمرَّ عليك هذا الاسم؟

فقال «رشيد»: إني أتذكره … إنه صاحبُ محلٍّ كبير في «الرمل» … يا لَهم من مجرمين!

في هذه اللحظة كان «باسم» قد وصَل المقر بعد ما أوصل الشياطين الستة للمهمة الأخيرة.

وحين رآه «رشيد» قال: «باسم» هل خرج «أحمد» من الميناء؟

قال «باسم»: لقد تركتُهم على ظهر الزورق ورجلنا يتمِّم باقي الإجراءات … ماذا حدث؟

قال «رشيد»: لا بد أن نتصل بهم فورًا … هناك معلومات خطيرة يجب أن يكونوا على علمٍ بها قبل أن يتحركوا.

ثم قال «عثمان»: كن معهم أنت و«إلهام» و«ريما» حتى أعود … ودخل إلى الغرفة المجهزة، وأخذ الجهاز ليُرسل إشارة إلى «أحمد» وبقية الشياطين. سمع «أحمد» صفير الجهاز، فاستغرب. تُرَى مَن يتصل بهم في هذه اللحظات الحرجة … ثم استخدم الجهاز، فسمع الرسالة: «من المقر من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» حصلنا على معلومات خطيرة من الرجال الأربعة … اتَّجِهْ إلى بوغاز «المكس»، هناك زورق اسمه «قاهرا»، تعاملْ معه قبل الخروج للمهمة. لا تسمح له بالخروج إلى عرض البحر.»

انتظر «رشيد»: قليلًا فجاءه الردُّ: «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» وصلَتنا رسالتُكم … عُلِم ويُنفَّذ … شكرًا.»

عاد «رشيد» إلى الغرفة حيث الرجال الذين تم اتخاذهم كرهائن، حتى تتمَّ المهمة، ثم يفكروا في وسيلة يتخلصون بها منهم. اتجه «رشيد» إلى الرجل الذي فك وثاقه، وقال له: قُل لي إذن ما هي المهمة الموكولة إليكم؟

قال الرجل: مراقبتكم وإرسال أية معلومات تتصل بتحركاتكم إلى الرجل الكبير …

قال: «عثمان»: رجل الأعمال؟

قال الرجل: نعم.

قال «رشيد»: كم عددكم؟

قال الرجل: لا أدري … لكن الذين أعرفهم حوالي عشرين.

قالت «ريما»: أنتم أربعة، وكم في الزورق؟

قال الرجل: خمسة، واثنان على الشاطئ يجهِّزان ويُعدان كلَّ الترتيبات.

قال «عثمان»: وهل للرجل الكبير مساعدون؟

قال الرجل: ثلاثة يعملون معه «بالسنتر»، والباقون متفرقون … في المطعم … وفي الجمرك نظر «رشيد» إلى بقية الشياطين، ثم قال: ما رأيكم في عشاء راقص على أنغام البحر الليلة؟

قالت «ريما»: ليس عندي مانع.

قال «عثمان»: إني بحاجة لأن أملأَ صدري بالهواء النقي.

أما «باسم» فقال: لا رغبة لي في الخروج الليلة. سأبقى هنا لأتسلَّى بهذه «النسانيس»، فلم أذهب إلى حديقة «الحيوان» منذ فترة.

قال «عثمان» للرجال الموثوقين: هل من رسالة نوصلها لأصدقائكم في المطعم؟

نظر أحدهم إلى «عثمان» نظرةً يملؤها الغيظ؛ لأنه مشلول الحركة، فماذا يستطيع أن يفعل معه؟

قال له: «عثمان»: أعرف أن الغيظ يملؤك، لكني لا أمزح إنني أتكلم بجدٍّ. تكلم وسترى ماذا أفعل؟

قال «رشيد»: صحيح كيف أتعرَّف إلى أصدقائكم؟ ألَا تُعرِّفوننا بهم؟

قال الرجل: لستم في حاجة إلى ذلك؛ لأنهم يعرفونكم جيدًا.

قال «رشيد»: كما تحب.

أحكم «باسم» وثاقَهم ثم قال: متأسفٌ لكني أُحب أن أستجمَّ في هدوء، دقائق وسأعود إليكم.

دخل الشياطين إلى غرفتهم يستعدون للذهاب إلى مطعم «سي جول» لمقابلة باقي أفراد العصابة … كان كلٌّ منهم يرتدي ما يناسب الأحداث المقبلة. ويأخذ ما يحتاجه من أسلحة.

وحين خرج «رشيد» من غرفته أطلق صفارة … فخرج باقي الشياطين جاهزين.

قال «رشيد»: جاهزون.

قالوا في صوت واحد: جاهزون.

كانت أشعة الشمس الذهبية تتسلَّل من النوافذ، لتُعلنَ أن النهار قد أوشك على الرحيل وأن الليل قادمٌ بستائره السوداء، ليُلقيَ بها على الكون.

أدار «رشيد» محرك السيارة وأخذ باقي الشياطين أماكنهم فيها. ثم التفت إلى الشياطين، وقال: يجب أن نُرسلَ رسالة إلى «أحمد»، نُبلغه بمهمتنا.

قالت «هدى»: هذا شيء ضروري.

أمسك «رشيد» بالجهاز، وضغط على عدة أزرار ثم بدأ يُرسل الرسالة: «من «ش. ك. س» نحن متجهون إلى مطعم «سي جول» في مهمة قصيرة للتعامل مع باقي أفراد العصابة.» ثم انتظر قليلًا حتى جاءه الرد: «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» احترسوا … دعواتنا بالتوفيق لقد قهرنا الهدف الأول.»

كان الشياطين يسمعون ذلك وقد اشتدَّت سعادتهم؛ فالبداية موفقة، لقد تمكَّن «أحمد» وباقي الشياطين من الزورق الذي كان مرصودًا لتدميرهم والقضاء عليهم … والمهمة الآن تسير في طريقها السليم.

انطلقَت سيارة الشياطين إلى حيث العشاء الفاخر السمك والجمبري والقواقع … والمغامرات اللذيذة حين وصل الشياطين فوق كوبري «المكس» هدَّأ «رشيد» من سرعة السيارة، وطلب من الشياطين أن ينظروا إلى حيث تقف الزوارق، حتى يروا الزورق المقصودَ قالت «ريما»: انظروا إنه ينام تحت الماء.

قال «عثمان»: لقد أصبح مقهورًا بعد أن كان «قاهرًا» وتعالَت ضحكات الشياطين.

ثم قالت «هدى»: هل سنأكل أولًا … أم سنتعرف على أصدقائنا؟

ردَّ «عثمان»: أنا شخصيًّا أفضِّل أن نأكلَ أولًا حتى لا نخسرَ شيئًا.

قال «رشيد»: لا تتعجلوا الأمور … ربما نأكل بالمرة … فهذا متوقف على وجود هؤلاء.

ترك الشياطين السيارة قريبًا من المطعم، ثم ساروا قليلًا فوق معْبَرٍ خشبيٍّ يؤدي إلى الباب، أمسك «رشيد» بالباب، ثم مسح المكانَ كلَّه بنظرة قبل أن يدخل، ثم دخل بهدوء ثم تَبِعه «عثمان» ثم بقية الشياطين. ولم يبتعدوا عن الباب كثيرًا، بل جلسوا على مائدة قريبة …

لم تمضِ لحظات حتى أقبل ذلك الرجل الذي سبق وتقدم ﻟ «أحمد» حين دخل هذا المكان من قبل، والذي هو أحد عملاء الزعيم رقم «صفر» ثم انحنى وحيَّاهم: مساء طيب أيها الأحباب ماذا تأكلون؟ بداية أقول: القواقع أوشكت أن تنتهي.

التقط «رشيد» الجملة، ودارَت في مخيلته سريعًا، وتذكَّر على الفور كلام «أحمد»، فنظر إلى بقية الشياطين نظرةً فهموا منها أن هذا رجلهم في هذا المكان، فأراد «رشيد» أن يعرف عدد الرجال الموجودين بالمطعم ضمن أفراد العصابة، فقال للرجل: نريد أن نغير الطعام هل عندكم طيور؟

فقال الرجل: قليلة يا سيدي … ثلاثة فقط.

قال «رشيد»: جميل … من فضلك نريد مشروبًا باردًا أولًا …

انحنى الرجل وانسحب ليُحضرَ المشروبات بينما اقترب «رشيد» من الشياطين، وقال: الآن أصبح كلُّ شيء واضحًا، عشاؤنا سيكون سهلًا … ولن يستغرق وقتًا.

قالت «ريما»: لكن أين هذه الطيور؟

قال «رشيد»: انتظري قليلًا حتى نتناول المشروب.

أقبل الرجل يحمل أكواب العصير … ووضعها أمام الشياطين ثم قال «الرجل»: هل تطلب شيئًا آخر يا سيدي؟

قال «رشيد»: تعجَّل لنا العشاء من فضلك.

قال الرجل: لحظات قليلة … سأذهب حالًا إلى هذه المائدة وأتعجَّل لكم العشاء.

ذهب الرجل إلى مائدة بعيدة وحمل من فوقها الأكوابَ الفارغة وعدة أطباق … وبينما وهو يستدير أغمض إحدى عينَيه وهو ينظر إلى «رشيد»، ففهم «رشيد» أنهم هؤلاء الذين يجلسون على هذه المائدة …

دقَّق «رشيد» النظر خفيةً إليهم ليستوضح ملامحهم … ثم التفت إلى الشياطين، وقال: إنهم هناك على المائدة القريبة من النافذة سأقوم بمحاولة … انتبهوا جيدًا.

قام «رشيد»، واتجه ناحية كابينة التليفون، وما إن دخل حتى قام أحد الرجال الثلاثة، واتجه ناحيته ثم دفع الباب الصغير.

وقال «رشيد»: من فضلك أريد التليفون.

ردَّ «رشيد»: ألا ترى … أريد أن أتكلم … وأنا هنا قبلك.

قال الرجل: لكني في عجَلة … ناولني التليفون.

قال «رشيد»: بعد أن أتكلَّم.

أمسك الرجل بسماعة التليفون يجذبها من «رشيد» … فقبض عليها «رشيد» بقوة، فضربه الرجل ضربة قوية … فدفع «رشيد» الباب الصغير بقدمه بمنتهي القوة، فاندفع البابُ بالرجل فطرحه على الأرض … فتحسَّس الرجلُ مسدسَه وشَهَره في وجه «رشيد».

في هذه اللحظة كان الرجلان قد قامَا من مكانهما واتجهَا ناحية زميلهما وقد تحسَّس كلٌّ منهما جيبَه. وبسرعة البرق كان «عثمان» يتلوَّى بين الموائد واندفع بمنتهى القوة، فدفع الرجلين من الخلف إلى الأمام، فاندفعَا عدة خطوات إلى الأمام، ثم رقدَا فوق زميلهما. ثم جذب «رشيد» مائدة وقلبها فوق الثلاثة.

ثم أخرج «عثمان» مسدسه ووقف بمحاذاة رءوسهم، بينما كان «رشيد» يقف في أمامه قابضًا على مسدسه، واضعًا مسدس الرجل في جيبه، ثم أمر الرجلين بإخراج أسلحتهما.

كان المطعم قد حدث به هرجٌ، فقال «الجرسون» عميل رقم «صفر»: اهدءوا … لا تنزعجوا إنهم أصدقاء … وسيخرجون من هنا حالًا مع بعضهم … مجرد حساب بسيط.

أمر «عثمان» الرجال أن ينهضوا من أماكنهم ويسيروا معهم بهدوء … وأثناء قيام أحدهم من مكانه أمسك بقدم «عثمان» ثم طرحه إلى الأرض وارتمى فوقه، وبمنتهى الخفة والقوة رفعه «عثمان» فوق ركبته ثم دفعه للخلف من فوق رأسه، فتكوَّم الرجل على الأرض بعد أن ارتطمَ رأسُه بإحدى الموائد، بينما وقف الآخران في دهشة وذهول مما يحدث.

أسرعَت «ريما» تجرى نحو الرجل ولوَت ذراعه خلف ظهره وساقَته أمامها.

ودفع «رشيد» الرجلَين الآخرَين أمامه … وخرجوا جميعًا من المطعم متجهين إلى السيارة، كانت الأضواء خافتة تتهادَى أشعتُها من بعيد … كأنها دموع تتساقط على الطريق … وكان «المطعم» سابحًا في هذه الأضواء الخافتة … فبدَا الجو قاتمًا.

اتجه الشياطين نحو السيارة يدفعون الرجال الثلاثة، وبينما كان «رشيد» يُخرج المفاتيح من جيبه اندفع أحد الرجال الثلاثة إلى الطريق هاربًا. فصوَّب «عثمان» إليه مسدسَه ليُطلق عليه النار، فصرخ «رشيد»: لا تُطلق النار.

في هذه اللحظة كان الرجل يندفع كالمجنون لا يدري ما يصنع، فجاءت سيارة مسرعة فصدمَته فسقط مدرجًا في دقائق على الطريق.

دخل الشياطين السيارة وأوثقوا الرجلَين … وألقى «رشيد» نظرة سريعة على الرجل الملقَى على الأرض … بينما راح الناس يلتفُّون حوله.

انطلق «رشيد» إلى مقر الشياطين، وقال: مسكين لقد قتل نفسه مرتين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤