رجلٌ خطيرٌ!

كان اللقاءُ حارًّا على شاشة الكمبيوتر بين «أحمد» و«بيتر»، وبدَا «بيتر» يعرف الكثيرَ من أخبارهم.

وكانت هذه الأخبارُ عن عملية «داني مون».

فقد سأل «أحمد» قائلًا: هل حجزتَ للسفر؟

أحمد: نعم.

بيتر: أنا لا أرى داعيًا لهذه الرحلة …

أحمد: لماذا؟

بيتر: هل هناك ما يهمُّكم غير ذلك؟

أحمد: هل يمكنك معرفةُ شيء عن المفاجأة التي لم يُعلنها.

بيتر: لا …

أحمد: لذلك سأسافر.

بيتر: عليك إذن أن تأخذ حذرَك … فقد كان «داني مون» ضمنَ فريقٍ من العلماءِ يعملون في أبحاثِ الحربِ «البيكترولوجية».

أحمد: أشكر لك اهتمامَك واتصالَك.

بيتر: وأنا أتمنى لكم التوفيق.

ورغم أنه لم يُشعِر «بيتر» بأهميةِ هذه الأخبارِ … إلا أنه عاد إلى زملائه يحادث نفسه وهو شارد الذهن …

وأثارَت حالةُ «عثمان» الذي اندفع يقول: دعوه الآن؛ فالكمبيوتر بداخله يعمل.

ريما: هو سيتحدث وحدَه ويُخبرنا بكل شيء.

أحمد: «داني مون» رجلٌ خطيرٌ.

إلهام: لماذا؟

أحمد: لقد كان يعمل ضمن فريق أبحاث الأسلحة «البكترولوجية».

ريما: إذن فالمفاجأة …

قيس: كانت تتعلق بهذا الموضوع!

عثمان: يجب إخبارُ رقم «صفر» قبل سفركم.

وما كاد يُتمُّ جملته، حتى شعر بوخز ساعته في رسغه.

فضغط زرًّا بها … وتلقَّى رسالةَ رقم «صفر».

وكانت تقول: لا تغييرَ في قرارِ السفرِ … وأُهنِّئك على قرارِ سفرِ «عثمان» معكم … كونوا حذرين … أتمنَّى لكم التوفيق.

علَت وجهَ «أحمد» ابتسامةٌ … تحوَّلَت إلى ضحكة عالية … اندهش لها الشياطين.

فقالت له «زبيدة»: أضحكنا معك!

أحمد: رقم «صفر» يعرف كلَّ شيء … ويعرف أني كنت أنوي الاتصال به …

إلهام: فاتصل بك هو وألغى السفر.

أحمد: لا بل ميعادُ السفرِ كما هو.

واستعدادًا للسفر … غادر «أحمد» قاعة الاجتماعات في طريقه إلى غرفة نومه، وفعلَت الشيءَ نفسَه «إلهام» … ومن ورائها «عثمان» الذي مرَّ على غرفة «أحمد» فلم يجده … ووجد نورَ الحمام مضاءً … وسَمِع صوتَ الماء المندفع من ثقوبِ الدشِّ.

فأسرع بالعودة إلى غرفته … ومنها إلى الحمام الملحق بها … فقد أغراه صوتُ الماء …

وفي صباح اليومِ التالي … وقبل أن تُشرقَ الشمس … استيقظ الشياطين الثلاثة …

فقد أيقظَتهم ساعتُهم الداخلية … قبل أن تُوقظَهم ساعةُ الحائط المعلقة في غُرَفهم … وقبل ميعادِ قيام الطائرة بنصف ساعة … كانوا موجودين في المطار …

وفي مكتب شركة «مصر للطيران» وجدوا تذاكر السفر في خطاب مكتوب عليه: «لا يُفتح إلا في الطائرة.»

وفي مكتب الجوازات … وجدوا جوازات سفرهم … وبها تأشيراتُ دخولهم «ألمانيا» وولاية «بادن» بالذات.

وقد كانت هذه التأشيرة مثارَ تساؤل «إلهام» في الطائرة … وقبل أن يفتحَ خطابَ المنظمة … أجابها قائلًا: إن «ألمانيا» جمهورية اتحادية … تتألَّف من ١٦ ولاية، وكلُّ ولاية هي دولة … بمعنى كلمةِ دولة … أي لها دستورٌ خاصٌّ … وعاصمة … كولايةِ «بادن» التي نتوجَّه إليها الآن مثلًا.

إلهام: إنها عاصمة.

أحمد: نعم … وعاصمتُها «شتوتجارت» التي حضرنا فيها المعرض.

وكان «عثمان» يتابع حديثهما … في انتظارِ أن ينتهيَ.

فهو في شوق لمعرفة ما بالخطاب.

ولاحظ «أحمد» ذلك … فنظر له مبتسمًا …

ثم قام بفتح الخطاب … وانشغل فيما بين سطورِه لحظات … ثم أشار له.

وما إن مال عليه … حتى قال لهما: سنعتمد في هذه العمليةِ على كفاءتنا الشخصية.

وفي مطار «فرانكفورت» … سيقوم أحدُ المندوبين بتسليمنا حقيبةَ مهماتٍ.

عثمان: وأين فندق «ريتر» هذا؟

أحمد: في «هايدلبرج».

هبطَت الطائرة في مطار «فرانكفورت».

وانتهى الشياطين سريعًا من إجراءات الخروج منه … ودخول «هايدلبرج».

ومن وسط الضباب الكثيف … ظهر لهم رجلٌ يرتدي قبعةً سوداءَ … وعلى عينَيه نظارةٌ ذهبية … وبيده حقيبة ديبلوماسية.

ما إنْ رآهم … حتى اقتربَ منهم وهو يقول بالعربية: صباح الخير …

أحمد: صباح الخير … هل أنت عربيٌّ؟

الرجل: تركيٌّ، واسمي «كاظم».

وكان هذا الحوار هو تأشيرة حصولهم على الحقيبة. ثم عقَّب بعدها قائلًا: عندما تحتاجون لي … سأكون موجودًا. أهلًا بكم …

وما كاد يُتمُّ كلامَه … حتى ابتلعه الضبابُ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤