المثوبات والعقوبات تبدو كالمصادفة
عندئذٍ قلت: «نعم، بوسعي أن أرى أن ثمة ضربًا من السعادة والشقاء غير منفصلٍ عن الأفعال ذاتها لكل من الأخيار والأشرار، ولكني أعتقد أن هناك خيرًا وشرًّا فيما يجري على عامة الناس من أقدارٍ ومصائر، فليس ثمة حكيمٌ يُفضِّل أن يكون منفيًّا فقيرًا مهانًا على أن يكون غنيًّا موقَّرًا قويًّا آمنًا في وطنه مزدهرًا في مدينته، فهذه هي الحال التي تعمل فيها الحكمة عملها على نحوٍ أكثر وضوحًا وشيوعًا، عندما تنتقل سعادة الحكام، بطريقةٍ أو بأخرى، إلى رعاياهم، وبخاصة إذا كان السجن والموت وبقية العقوبات القانونية مقصورةً على المواطنين الأشرار ومقَيَّضةً لهم، لماذا ينقلب هذا كلُّه رأسًا على عقب؟ لماذا تنزل بالخيِّرين العقوبات التي جعلت للمجرمين؟ لماذا ينتزع الأشرار المكافآت المرصودة للفضيلة؟ كل أولئك يثير كل العجب، وإنني لأَوَدُّ أن أعرف منك سبب هذا الخلط الشديد والفوضى الظالمة.»
قالت: «لا عَجَبَ إذا ظَنَّ من لا يعرف نظامَ الطبيعة وأسبابها أن الأمر كله خبط عشواء، ولكن حتى إذا كنت تجهل الحكمة من وراء التدبير العظيم للعالم فليس لك أن تَشُكَّ في أن كل شيء يجري على نحوٍ قويم؛ لأن مدبرًا خيِّرًا يحكم العالم.»
•••
•••