الفصل الثالث

الحياة القومية

(١) الدِّين والعِلم

  • الدين والعلم طريقان تجري فيهما حركة الإنسان، وليسا من أصل واحد.

  • لا يكون العلم أبدًا إلا تنبهيًّا وعقليًّا، أما الدين فغير تنبهي ولا دخل للعقل فيه.

  • أخف مميزات الدين أنه لا يتغير بالنظر ولا بالتعقل ولا بالتجربة.

  • تحصيل أحقر المعلومات العلمية يقتضي جهدًا كبيرًا، وتحصيل الاعتقاد الديني لا يقتضي من الجهد شيئًا.

  • ينتشر العلم بالكتب، والدين بالرسل.

  • العلم أكبر العوامل في تقدم الحضارة المادي، والمعتقدات تقود الأفكار والمشاعر، فهي هادية المرء في حركته.

  • العلم يقرر الحقائق، والمعتقدات تمثل الرغبات، لهذا فضل الناس المعتقد على العلم.

  • الدين يكسو الخيال المتولد عن الرغبة صورة الشيء الواقع، وإنما العلم هو الذي يوجِد الحقائق مجردة عن الرغبات.

  • المعتقد السياسي أو الديني أو الاجتماعي أمر وجداني لاتنبهي ولا يدركه النظر إلا وقد رسخ في النفوس.

  • قوة المعتقد راجعة إلى ما يُولده في النفوس من الآمال، وما يُحدثه من الصور الذهنية التي تقتضي السعادة.

  • لن تجد في التاريخ معتقدًا سياسيًّا أو دينيًّا رده النظر والاستدلال، فالعقل يتحطم دائمًا على أسوار الدين.

  • الدين التزام لا استدلال: فإذا ما بحث الناس فيه فذلك لكونه ضَعُفَ ومال إلى الزوال.

  • قلما تجد من يخاطر بحياته في نصرة حقيقة عقلية، ولكنك تجد عشرات المئات يضحون حياتهم لما يعتقدون.

  • يعيش أهل كل زمان بقليل من المعتقدات السياسية والدينية والاجتماعية ولا يتحولون عنها إلا بِكر الدهور أو بحلول معتقد جديد.

  • إيجاد معتقد، إيجاد وجدان جديد، تصدر عنه حركة جديدة في سير الناس.

  • أقل تغيير في معتقد أمة، يغير من مصيرها.

  • إذا احتدم الخلاف في بحث، صح القول بأنه من طائفة المعتقدات لا من مباحث العلم.

  • ليس العقل هو الذي يقوم في وجه المعتقد حين يضطهد الدين من السياسة، بل هذان معتقدان اعترض كل منهما صاحبه.

  • الخلف على المسائل العلمية سهل الاحتمال، ولا احتمال في خلف ديني، لذلك كان التنازع الديني أو السياسي دائمًا شديدًا.

  • التشدد مصاحب للمعتقدات القوية، وهو بين أهل المذاهب في المعتقد الواحد، أشد منه بين أهل مذهبين مختلفين.

  • إنما يبحث العقل عن اليقين في المعتقدات غالبًا.

  • الفرضيات معتقدات يظنونها في الغالب معلومات.

  • لما كانت أحوال المعتقد غير خاضعة لمقياس العلم، فتصديق العالم والجاهل بها سواء.

  • إذا استولى المعتقد على المرء سهل عنده جمع النقيضين عقلًا.

  • لا يعيق انتشار المعتقد ما فيه من الخطأ والهذيان؛ لأنه ليس مبنيًّا على النظر والاختيار.

  • عدم تصديق الشيء الممكن يجعله مستحيلًا، ومن قوى اليقين جعله بالمستحيل.

  • المعتقد القوي يحدث الإرادة القوية، فلا تقوى عليه إرادة ضعيفة.

  • خلق الإنسان في حاجة إلى معتقد يهدي فكره وأعماله، ولما تقم مقامه الفلسفة ولا العلم.

  • أوجدت المعتقدات مصنوعات فنية من العدم، ما كان لمجرد العقل إيجادها.

  • المعتقدات تقوم الأمم، وإن ضعفت في نظر العقل، وهي التي تمنعها من الوقوع في همجية لا رابطة بين أفرادها ولا قوة فيها.

(٢) التعليم والتربية

  • التربية فن تنتقل به المعقولات إلى مشاعر.

  • إذا حسنت تربية الشعور اللاتنبهي ملكناه وأفادنا، وإذا ساءت ملكنا وأضرَّ بنا.

  • قيمة المرء خلقه لا علمه كما يذهب إليه أساتذة التعليم عندنا.

  • عدة المرء الداخلية المتينة في خلقه لا في علمه، فإن لم تكن له هذه الأداة، أصبح ألعوبة في يد الأحوال والظروف.

  • من أكبر خطأ اللاتينين اعتقادهم بتلازم التعليم والأخلاق والذكاء.

  • ليس التعليم تربية، فالأول يعني الحافظة، وأما التربية فإنها تولد في الإنسان ميولًا نافعة، وتمكنه من قمع الميول الفاسدة.

  • يكفيك لتعليم رجل من الهمج بضع سنين، وقد تحتاج إلى قرون في تربيته.

  • إنماء الفكرة وملكة الحكم والهمة والثبات، أشد لزومًا من تكليف المرء رص الجُمل الباردة كما تفعل المدارس الآن.

  • حصر العقل في دائرة صناعية، وإفقاده قوة النظر والتأمل، نتيجة محققة من طريقة تعليم أحوال الدنيا بين سطور الكتب.

  • تعلو الرجولة بالعلم أو تنحط، بحسب طبيعة عقل من يتلقاه، ولا يستفيد من المعارف العالية إلا أهل العقول السامية.

  • إذا أردت منحط الفكر على علم راقٍ، فقد أفسدت عاقلته، وضعفها يفقده ملكاته الفطرية فيصبح في عالم المعقول كالمولَّدين.

  • دلت التجارب المتكررة في الألوف من أهل المستعمرات على أن التعليم الذي لا يناسب حالة المتعلم يضعف الذكاء ويحط الخلق والآداب.

  • ما أشد خطر القضايا الكلية مجردة عن مناشئها، فإنها تؤدي إلى الاستهتار وسوء الفهم.

  • لا بد من جهد كبير قبل أن تصير العادات الطبيعية غير تنبهية في الإنسان، فإذا تمكنت منه مكنته من العمل بلا عناء.

  • إذا ضُبطت حركات العقل وسُيرت في سبيل قويم تَرقَّى، وإن كان في الأصل ضعيفًا.

  • كسب ملكة ضبط العمل يكسب فن توفير الوقت، وذلك يؤدي إلى إطالته.

  • محاولة تعليم الأحداث أشياء كثيرة تجعلهم لا يحرزون شيئًا، وقد غفلت مدارسنا عن هذا المبدإ الأولي.

  • ينبغي أن يكون المربي قادرًا على أن يميز ما في كل تلميذ من الملكات الطيبة القابلة للرقي، أما إذا ترك اختيار الدرس والحرفة إلى الاتفاق انحط عمل المتعلمين.

  • من أكبر أوهام الديمقراطية، تخيلها أن التعليم يسوي بين الناس، وهو لا يصلح في الغالب إلا في تجسيم الفروق.

  • الامتحان الذي يدور على قوة الحافظة يزيد الفروق الاجتماعية أكثر من طريقة الخلف، والغالب أن هذه الفروق تكون غير عادلة.

  • آل الأمر بطريقة التربية عندنا إلى إيجاد نخبة من أهل الحافظة، لا علاقة بينها وبين نخبة أهل العظمة وقوة الحكم.

  • التعليم إما أن يربي الحافظة، أو ملكة النظر. ويتخرج عن الأول أهل اللسن وعن الثاني أهل الجد والعمل.

  • استقر التعليم بالاستظهار في الأمم اللاتينية وحدها فصار علة كبيرة في ضعفها؛ لأن نتيجته تفويض الوظائف الاجتماعية الكبرى إلى أناس هم غالبًا من ذوي الكفاءة المنحطة.

  • اختيار طريقة التعليم أهم في مصلحة الأمة من اختيار حكومة مناسبة لها.

(٣) الطبقات الممتازة فيها

  • لا تقاس قوة الأمة بعدد أهلها بل بقيمة الطبقة الممتازة فيها.

  • نخبة الأمة صناع حضارتها، فلا ترقى إلا بهم، وإذا فقدتهم حاق بها الفقر وتولتها الفوضى.

  • العامة خزانة قوة الأمة، لكن لا تنفع هذه القوة إلا إذا وجهتها الخاصة في الأغراض العامة.

  • الاختراعات الراقية أفرادية دائمًا، ويعم نفعها متى صارت في ملك المجموع.

  • إذا اجتمع أفراد ممتازون بطلت ميزتهم؛ لأن العقل الممتاز لا يبقى كذلك إلا إذا دام منفردًا.

  • تنوعت أسباب الامتياز إلى حسب ونبوغ ومال، وما استغنى العالم قط عنها.

  • لما كانت الملكات العقلية وراثية كما كان الشرف كذلك قديمًا، لزم أن الجماعات، وهي من طلاب المساواة المطلقة، تعد التمايز العقلي إجحافًا كالتمايز بالشرف.

  • تنازع الجموع الجاهلة والطبقات الممتازة التي هي روحها، دليل على بقاء الحياة القومية. والتاريخ يدلنا على أن غلبة العدد كانت دائمًا نذيرًا بزوال الحضارة.

  • ما سادت الحضارات العظمى إلا بتمكنها من ضبط عناصرها الدنيا.

  • الخاصة تبني والغوغاء يهدمون.

(٤) النظريات الفلسفية

  • العقل أقرب للإنشاء منه للتفسير، فقد غير وجه المسكونة، ولكنه لما يبين لنا الناموس الخفي الذي تتطور بمقتضاه الحشائش.

  • البون شاسع بين عاقلتنا ونظام الكون، فلا أمل لنا باكتناه سره.

  • إذا قيل إن كل ما لا يدركه العقل معجزة، فحياة كل كائن معجزة دائمة.

  • بعدت الشقة بين القوى الخفية التي تبدئ الكائنات وتنميها وتعدمها وبين إدراكنا، حتى انثنى العلم في هذه الأيام عن محاولة تفسيرها.

  • أصغر الخليات الحية يحمل ماضيًا عتيقًا ومستقبلًا غامضًا.

  • رأينا الفلسفة تجيب في غابر الزمن على: هل العلم قديم أم حادث؟ حقيقي أم خيالي؟ وهل جنس الإنسان أبدي أو قابل للعدم؟ ونجدها الآن قد تراجعت عن الجواب.

  • من المسائل الخطيرة ما ينبغي عدم التعمق فيه: كمن أين أتينا؟ وإلى أين نسير؟ حتى يكون لها لباس من الشك لا يزول معه كل أمل للإنسان.

  • ربما كان أفضل نظريات الحياة الثلاثة وهي الرجاء واليأس والاستسلام هذا الأخير، لكنه أقلها حملًا للإنسان على العمل.

  • المرء في الحياة بين حرب معها، أو انطباع عليها.

  • أبان العلم أن المادة غير خالدة، فهدم أحد مقاصد الفلسفة التي بقيت لها.

  • الفلسفة الحقيقية للوجود في جانب، والفلاسفة في جانب، فلا يد لهم في تكوينها.

  • قد تبطل النظريات الفلسفية، لكن لا بد للإنسان من فلسفة يرى الحوادث من خلالها.

  • آخر ما وصلت إليه الفلسفة، أنه لا قدرة للعقل حتى الآن على فهم أسرار العالم.

  • لكل حادث سر، والسر هو الروح المجهول في الأشياء.

(٥) المبادئ العلمية

  • إنما العلم في الحقيقة خروج من الإنسان على الطبيعة وجهد يحاول به التملص من القوى العمياء التي يئن تحتها.

  • كان الإنسان في أول أمره يرى تسخير الطبيعة إياه قدرًا مقدورًا. فلما تمكن بالعلم من تحليل الأقدار، جعل يجردها شيئًا فشيئًا من صبغتها القدرية.

  • اللزوم شيء والقدر شيء آخر، فقد يتبين من تعرف لزوم الأمر أنه غير مبرم.

  • قالوا إن علة نظام الكون سابقة في الأزل، والواقع أنه ثمرة التوازن اللازم بين القوى التي يتكون منها.

  • حياة الحقائق العلمية مهما كانت دقيقة فهي قصيرة.

  • مبنى كل علم مبادئ معدودة: فعلم الكيمياء قائم على مبدأ عدم تغير المجموع، كما أن الطبيعة والميكانيكا قائمتان على مبدأ حفظ القوة.

  • المبدآن الثابتان للكون هما المقاومة والحركة، ومصدر الأولى السكون، ومنشأ الثانية القوة.

  • تتولد صور القوة وحوادث الحياة من اختلال التوازن الكوني الناشئ غالبًا من اختلاف السموت.١
  • تقدم العلم سريع في استقراء الحوادث، وهو مستقر مكانه منذ زمن في بيان عللها.

  • قدم العلم ثابتة، لكنها على جزيرة صغيرة في بحر من المجهولات لا يُدرك غوره.

  • تقدم العلم إنما ينقل حدود المستحيل من مكان إلى مكان عالم اللانهائي.

  • حسب الماديون أن مذهبهم يحل محل الدين، غير أن المادة أصبحت سرًّا من الأسرار كالأرباب الذين جاءت هي لنحل محلهم.

  • ربما كان تقرير القضايا العلمية ستارًا يختفي من ورائه التردد في تقرير حقيقة المبادئ.

  • من مميزات العالِم على الجاهل معرفة الأول أين يبدأ الغموض.

  • إذا وصلت نظرية علمية إلى حد الجمود وقف الرقي في جانبها.

  • يتولد عن العلم من الأسرار الغامضة، أكثر مما يكشف لنا منها.

(٦) المادة٢

  • ظنوا قديمًا أن المادة لا تفنى، وهي تزول على مهل بتفكك ذراتها المستمر.

  • من متحصل تحول المادة عن ماديتها ما له خواص تجعله وسطًا بين الأجسام القابلة للوزن وبين الأثير الذي لا يقبله، وهما أمران كان العلم يفرق بينهما تفريقًا كليًّا إلى هذا العصر.

  • ظنوا قديمًا أن المادة جامدة لا تصدر منها إلا قوة تكون قد اكتسبتها من قبل، والواقع أنها مصدر هائل للقوة المسماة القوة الكامنة في الذرات، وتلك القوة قابلة للانتشار بذاتها.

  • أغلب قوات الكون وعلى الأخص الكهربائية وحرارة الشمس آتية من القوة الكامنة في الذرات والتي تنتشر من تحلل المادة.

  • القوة والمادة صورتان لشيء واحد، فالمادة صورة من صور القوة الكامنة في الذرات وهي أكثر استقرارًا، والحرارة والضوء والكهربائية وما هو من نوع ذلك صورة ثانية لتلك القوة ولكنها أقل استقرارًا.

  • فصل الذرات بعضها عن بعض، أو بعبارة أخرى إفقاد المادة ماديتها، عبارة عن تحويل صورتها المستقرة إلى صورها غير المستقرة المسماة: كهرابائية أو ضوءًا أو حرارة أو غير ذلك.

  • توازن القوى الهائلة المتجمعة في الذرات علة استقرارها ذلك الكبير، غير أنه يكفي الإخلال بهذا التوازن بواسطة جوهر كشاف مؤثر لتأخذ تلك الذرات في التفرق والانفكاك، ومن هنا نرى الأجزاء السطحية من جسم ما تتفكك بتأثير بعض الأشعة الضوئية.

  • لما كان الضوء والكهربائية وأكثر القوى المعروفة متولدة من تحول المادة، صح أن الجسم متى تشعع فقدَ جزءًا من جرمه بمجرد هذا التشعع، فإذا استطاع أن يشعع قوته كلها تفانى بتمامه في الأثير.

  • تتحول المادة إلى قوة على صور شتى، ومن المؤكد أن القوة تكاثفت في مبدأ التكوين فقط فصارت مادة.

  • إن قانون التطور الخاضعة لحكمة الكائنات الحية، سار أيضًا على الأجسام الجامدة البسيطة، فلا الأنواع الكيماوية ولا الأنواع الحية ثابتة أبدًا.

(٧) الحقيقة والخطأ

  • كانت حاجة المرء إلى التحقق، أشد دائمًا من حاجته إلى الحقيقة.

  • قيمة الحقيقة عملًا، على قدر درجة الاعتقاد بها.

  • لا فرق بين أثر الاعتقاد السطحي، في أفعال المرء، وبين أثر الاعتقاد الصحيح.

  • قد لا يتحرى المرء اختيار معتقده، ولكنه يصعب عليه دائمًا احتمال معارضته فيه.

  • لا يصلح المعقول الإلهامي ولا المعقول الديني لكشف حقائق غامضة بل لإخفاء ما خيف منه من الحقائق.

  • يكفي غالبًا إلباس الخطأ ثوبًا جذابًا ليقبله الناس حقيقة ثابتة.

  • قد تحتاج الحقائق بعد تقرير صورها إلى زمن طويل في قبولها مما يضر باكتشاف الحقيقة النظر إليها من جهة تقدير فائدتها كما يفعل البراغماتيست.٣
  • ليست الحقيقة وحدة ولا راحة ولا منفعة ولكنها ضرورة.

  • ما كان الإنسان يعرف قبل العلم من الحقائق إلا ما كان نسبيًّا أي له متعلق معلوم، فكان من وظيفة العلماء أن أظهروا أن هناك حقائق لذاتها.

  • تتسلل الكائنات في هذا العالم ولا تتأيد.

  • ما من حقيقة أبدية عند الإنسان، كما أنه لا يوجد كائن أبدي أمام الطبيعة.

  • الحقيقة كالجسم الحي لا تعرف ماهيتها إلا بمعرفة حالاتها السابقة.

  • تتبدل الذوات والأشياء بلا انقطاع. ولكل أمر وقع، حقيقة واقعة تلحق به.

  • الحقيقة مرحلة عرضية من طريق لا نهاية له.

  • من الحقائق ما هو حقيقة مطلقة من حيث حياتها، وليس منها ما هو كذلك أبد الآبدين.

  • كثير من الحقائق ينقلب خطأ بمرور الأيام.

  • تختلف صور الحقائق باختلاف الأمزجة التي تتلقاها.

  • إذا صيغ الخطأ في صورة حسابية صحيحة، كان كبير التأثير، وأشد الناس جحودًا يعتقد أن للمعادلات الجبرية سرًّا عجيبًا.

  • كثير من الناس يستغني عن الحقائق، وما من أحد يستغني عن الخيال.

  • خيال يعتبر صحيحًا، مؤثر كالواقع.

  • فقدان الخيال ليس دليلًا على معرفة الحقيقة.

  • أغلب الرقي جاء من تشبث المرء بتحقيق خياله، لا من جده في طلب الرقي نفسه.

  • إذا سرى الخيال من الفرد إلى الجماعة، اكتسب قوة الحقيقة.

  • ربما كانت فائدة الناس من الخطإ أكبر من فائدتهم من الحقيقة.

(٨) القصص والتاريخ

  • يسير التاريخ بعيدًا عن المعقول، وقد يجري على نقيضه.

  • كثير من الحوادث يبقى غامضًا، ما دام الاعتقاد سائدًا بأن لها عللًا معقولة.

  • لا هم للتاريخ بتحقيق مقدار انطباق المعتقد على المعقول. وإنما همه معرفة مقدار أثر ذلك الاعتقاد في نفوس أهله.

  • كل جيل يتناول حياته العقلية من الأجيال التي سبقته، فمعظم نسيج المستقبل من سدى الحاضر.

  • الأقاصيص أصح غالبًا من التاريخ، فهي تترجم مشاعر الأمة الحقيقية، وهو يسرد حوادث متأثرة بعاقلة من يحكيها.

  • لا سبيل إلى كتابة التاريخ على وجهه إلا إذا كان الكاتب بعيدًا من جميع الأحزاب، حتى لا تكون له الأغراس التي هي قوام الحزبية.

  • تنازع الحوادث النفسية قائد التاريخ. فإن أكبرها راجع على الأكثر إلى تنازع المعتقدات منه إلى تضارب المنافع.

  • الأثر الغالب في التاريخ آت من المشاعر والدين، وقلما جاء المعقول، فمحرك الكون الحقيقي هو غير الواقع.

هوامش

(١) جمع سمت.
(٢) قال المؤلف: كانت القضايا التي ستمر عليك جديدة جدًّا لما صغتها أول مرة، وهي خلاصة أبحاث وتجارب دامت نحو عشر سنين وضمنتها ثماني عشرة رسالة جمعت في مؤلفين وهما: (تطور المادة) و(تطور القوى)، وقد عدلت عن هذه الأبحاث لما كثرت نفقتها وعدت على مضض إلى الأبحاث النفسية.
(٣) هم المتعسفون في الاستشهاد بالحوادث سعيًا وراء تقرير المبادئ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤