الفصل الرابع عشر

ميزة صِغر الحجم: تكنولوجيا النانو

مايكل جيه سيلور
جامعة كاليفورنيا، سان دييجو

مايكل جيه سيلور هو أستاذ للكيمياء والكيمياء الحيوية وباحث في أعمال ليزلي أورجل في جامعة كاليفورنيا، سان دييجو. ويتقلَّد مناصب بالانتساب في أقسام الهندسة الحيوية وهندسة النانو في جامعة كاليفورنيا. حصل على درجة البكالوريوس في الكيمياء من كلية هارفي مود ودرجة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة نورث وسترن. التحقَ بالكلية في جامعة كاليفورنيا في عام ١٩٩٠، بعد عمله في عدة مناصب وحصوله على درجة الدكتوراه في ستانفورد ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. والأستاذ سيلور هو خبير في المواد النانوية، مع التركيز على الأنظمة الفوتونية المرتكِزة على السليكون. أما المشروعات الحالية في مُختبَر أبحاثه في جامعة كاليفورنيا فمُوجَّهة للمشكلات الموجودة في مجال تشخيص الأمراض وعلاجها المعتمِد على الجُزيئات المتناهية الصغر، والمستشعرات الحيوية البصرية، وأجهزة الكشف عن السموم، والملوِّثات، والعوامل الحيوية لنشوب الحروب، وحصاد الطاقة وتخزينها، ونُظم الموائع الجزيئية.

عزيزتي أنجيلا

وعدتُكِ بإرسال بعض الأفكار بشأن كيمياء المواد النانوية. استغرقتُ بعض الوقت في ترتيب أفكاري، لكني أخيرًا أشعر أني مُستعد تمامًا لإعطائك جولة في هذا المجال؛ لذا هيا بنا.

اقتُرِحت تكنولوجيا النانو لأول مرة بوصفها تخصُّصًا علميًّا جادًّا في أواخر خمسينيات القرن العشرين؛ فقد أعطى عالم الفيزياء ريتشارد فاينمان بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا محاضَرة في أحد اجتماعات الجمعية الفيزيائية الأمريكية بعنوان «ثمَّة مجالٌ واسع في القاع». في هذا الخطاب دعا فاينمان الناس إلى دخول ما أطلق عليه اسم مجال جديد من العلم؛ علم الأشياء المتناهية الصغر. ما الذي جعله يفكر في هذا الاتجاه؟ حسنًا، في هذا الوقت، كان علماء الأحياء قد بدءوا في اكتشاف الآلية المعقَّدة للكائنات الحية المِجهرية مثل البكتريا؛ فقد استطعنا باستخدام المِجهَر الإلكتروني وغيره من الأدوات الحديثة الصُّنع في هذا الوقت رؤية التكوين الآلي المعقَّد لهذه المخلوقات والعمليات التي تَستخدِمها في استشعار البيئة المحيطة بها، وفي التحرُّك، وفي صُنع الوقود الكيميائي. وفي الوقت نفسه، كان الناس يُطوِّرون طُرقًا بدائية لصُنع أجهزة مُتناهية الصِّغَر — مثل دوائر إلكترونية بدائية من أجل صناعة الإلكترونيات الدقيقة. تمثَّلتْ حُجَّة فاينمان المنطقية في أنها مسألة وقت فقط حتى نستطيع تصميم أدوات مُتقدِّمة تُنافِس الأدوات التي تستخدمها الطبيعة في بناء آلياتها المِجهرية.

(١) ميزة الحجم الصغير

إحدى صُوري المفضَّلة من هذا العصر تُوجد في كتاب من تأليف الدكتور سوس بعنوان: «عودة القط ذي القُبَّعة!» الذي نُشر قبل عام من المحاضرة الشهيرة التي ألقاها فاينمان. ويشتمل كتاب «عودة القط ذي القُبَّعة!» على مجموعة من القطط الصغيرة الحجم التي تخرج من داخل قُبَّعة القط ذي القبعة. وشكل ١٤-١ هو صورة مأخوذة من الكتاب. فيَخلع القط ذو القُبَّعة قُبَّعته ليخرُج منها قطٌّ في نصف حجمِه واقف على رأسه. ثم يَخلع هذا القط الذي أُطلق عليه «القط A» والذي في نصف حجم القط الكبير قُبَّعته ليَخرُج منها «القط B» وهو في نصف حجم «القط A»، وهكذا حتى نهاية حروف الهجاء الإنجليزية. ولكِ أن تتخيَّلي صِغَر حجم «القط Z»، وهو القط الأخير في حروف الأبجدية.
هل تعرفين أن اسم الدكتور سوس الحقيقي كان تيودور جيزل وأن مكتبة جامعتنا قد سُمِّيت باسمه؟ وخارج المكتبة بالضبط يُوجَد تمثال من البرونز له مع القطِّ ذي القُبَّعة الذي يَقِف خلفه مُباشرةً ينظر من ورائه. لقد قِستُ طول هذا القط ووجدته يبلغ ٥ أقدام و٨ بوصات (١٫٧ مترًا). لذا دعينا نَفترِض أن ارتفاع التمثال هو نفسه طول القط ذي القبعة الحقيقي. وإذا فرَضْنا أن كل قطٍّ يخرج يَبلُغ طوله نِصف طول السابق عليه، يُمكنُك حساب أن «القط Z» سيَبلُغ طوله ١٫٧ مترًا × (١ / ٢)٢٦ = ٢٫٥ × ١٠−٨ متر أو ٢٥ نانو متر. وهذا يُساوي ٢٠٠٠ مرة أصغر من سُمك شعرة مِن شَعرِك.
fig89
شكل ١٤-١: صورة من كتاب الدكتور سوس «عودة القط ذي القبَّعة!» (المصدر: كتب المبتدئين، توزيع راندوم هاوس، نيويورك، ١٩٥٨.)

ربما تتصوَّرين أنَّ قطط سوس الأصغر حجمًا ليست مُميَّزة — فأذرُعها الصغيرة وأرجلها القصيرة ستجعلها أبطأ وأضعف من القطط الأكبر حجمًا. ولكن كما يتَّضح من أحداث القصة، نجد أن هذه القطط الصغيرة لديها قُدرات لا تَملِكها القطط الكبيرة. فقد أتتْ لتُساعد الأطفال في القصة في تنظيف بُقعة وردية اللون تُغطِّي الجليد في الفناء الخلفي. فالقطط الصغيرة يُمكنها الدخول في أماكن لا تستطيع القطط الكبيرة الوصول إليها، ولكن الأهم من ذلك أنها تمتلِك مادة لا تُوجَد في عالم القطط الكبيرة:

والآن لا تسألني ما هو «الفووم».
فأنا لن أعرف أبدًا،
ولكن دعْني أخبِرُك
بأنها بالفعل تُنظِّف الجليد.
يُوجَد بداخل قُبَّعة «القط Z» مُركَّب أطلق عليه سوس اسم «فووم». هذه المادة تُنتج زوبعةً تُنظِّف البُقعة في الحال. وحقيقة أن القط الصغير الأخير يَمتلِك شيئًا يُؤدِّي وظائف جديدة ومُختلِفة تُعبِّر عن مَلمحٍ أساسي آخر لتكنولوجيا النانو؛ فعندما يتضاءل حجم الأشياء، أحيانًا تتغيَّر خواصُّها الأساسية.
لا يُمكِن للأشياء أن تَفقِد هويَّتها إلا عند تقطيعها إلى قطعٍ صغيرة للغاية. انظُري على سبيل المثال إلى بلَّورةٍ من الكوارتز. والكوارتز هو معدن يُشبِهُ الزجاج وصيغته SiO2. والحصاة منه لها اللَّون نفسه والصَّلابة نفسها لصخرة الكوارتز المأخوذة منها، وإذا طُحِنت الحصاة إلى رمل، فإن الحُبيبات ستكون شبيهةً جدًّا للحصاة التي أتت منها. لكن إذا تابعتِ في هذه العملية؛ ففي النهاية، ستعملين على فصل المكوِّنات الذرية — السليكون من الأكسجين في حالة الكوارتز — وستَختفي المادة الأصلية التي بدأتِ بها.
كان اليونانيون القدماء أول مَن أدرك هذا الأمر — فقد اخترعوا كلمة «أتوما» بمعنى «وحدات غير قابِلة للتجزُّؤ» من أجل وصف أصغر قِطعة يُمكن للمرء تجزئة جسم ما إليها. وفي النهاية أصبح المفهوم الأساسي لعدَم قابلية التجزئة مفهومًا محوريًّا في النظرية الذرية الحديثة، وكلمة «أتوم» بالإنجليزية بمعنى «الذرة» مُشتقَّة من كلمة «أتوما» اليونانية. لم يسْعَ اليونانيون إلى إجراء التجربة الفكرية، لكن عُلماء الكيمياء الحاليِّين يُقسِّمون الأشياء إلى جُزيئات وذرَّات طوال الوقت. فقد يقول علماء الفيزياء الحاليُّون إنَّ الكوارك هو أصغر وحدة غير قابلة للتجزئة يمكن الحصول عليها، على الرغم من أن خصائص الصخرة الأساسية تكون قد اختفَت منذ وقتٍ طويل عند تقسيمها لكواركات. لذا على الأرجح كان «القط Z» «أتوما» للقطط؛ فقد كان أصغر قطٍّ يُمكِن وجوده على الإطلاق؛ وذلك لأنه عندما أزال قُبَّعته، كان بها شيء ما مُختلِف تمامًا عن القطط. وعلى الرغم من أنكِ قد تقولين إنَّ الذرة هي أصغر قِطعة يُمكِن تقسيم العنصر إليها قبل فقدانه لخواصِّه، فإن خواص مُعظم الأشياء تتغيَّر عندما نصِل إلى حجم الجزيء.
والآن لننظُر إلى جُزيء الأسبرين، على سبيل المثال. فهو يتكوَّن من تِسع ذرَّات كربون، أربع ذرات أكسجين، وثماني ذرَّات هيدروجين (صيغته C9H8O4)، وهو ٢٠ مرة أكبر من أي ذرَّة من ذرات الكربون المنفرِدة. ويُحدِّد ترتيب هذه الذرات في الروابط المكوِّنة للجُزيء خواصَّه، وإذا كسرت إحدى هذه الروابط — مثلًا رابطة الكربون التي تربط مجموعة الميثيل CH3 بالجزيء — فإن المادة تفقد قُدرتها على تسكين الألم. وعليه، بالنسبة للأسبرين، فإن جُزيء C9H8O4 هو أصغر صورة يُمكن تواجدها منه، فهو «أتوما» الأسبرين. وهذه الوحدات الجزيئية التي نتعامل معها نحن علماء الكيمياء، تكون صغيرة لأقصى حد؛ فجزيء مثل الأسبرين يبلغ عرضه نحو نانومتر واحد.

في مُقرَّر منهج الكيمياء العضوية للسنة الثانية في الجامعة هذا العام، ستتعلَّمين طريقة صُنع مركبات مثل الأسبرين، رابطة تِلو الأخرى. ستجدين أنَّ أدوات الكيمياء دقيقة للغاية، ومع ذلك، فإن قُدرة الكيميائي على صُنع جُزيئات مثل الأسبرين لا تُمثِّل تكنولوجيا النانو. فلمعلوماتك أن تكنولوجيا النانو ليست في دِقَّة الكيمياء، و«الأتوما» التي تُحدِّد خواص المواد النانوية تكون أكبر قليلًا من الجُزيء.

(٢) إذن ما هي تكنولوجيا النانو؟

كلمة تكنولوجيا النانو مأخوذة من كلمة يونانية أخرى، وهي «نانو» أو «قزم». ومثل كلمات «ميكرو» و«ملي» و«ميجا»، كلمة «نانو» أيضًا بادئة في الإنجليزية تُستخدَم في الإشارة إلى مُضاعَفات العدد. فعلى سبيل المثال، تُستخدَم كلمة «ميجا» للدلالة على العدد ١ مليون، وعليه فإن ميجاطن تعني مليون طن. وكلمة «نانو» تعني واحد من مليار أو ١٠−٩. وفي كلمة «تكنولوجيا النانو»، كلمة «نانو» تُعبِّر عن النانومتر، وهي وحدة طول. وعند الحديث عن تكنولوجيا النانو، نُشير بذلك إلى أشياء يتراوَح حجمها تقريبًا بين بضعة نانومترات و١٠٠ نانومتر. وهذا أصغر على الأقل ﺑ ٥٠٠ مرة من سُمك شعرة واحدة من شَعرِك. ومن المؤكَّد أنه يُوجَد نظام أحجام مُعيَّن نعمل في نِطاقه نحن علماء تكنولوجيا النانو، ولكن لا يَعنينا هنا الحجم المحدَّد، بل الخواص الفريدة المشتقَّة من هذا الحجم. وجور-تكس أفضل مثال على ما أتحدَّث عنه.

(٣) التمتُّع بالجفاف مع ثقوب النانو

لا بدَّ أنكِ تعرفين جور-تكس؛ فهو نوع من الأقمشة يُستخدَم في ملابس التنزُّه الخارجي، مثل معاطف المطر والأحذية الطويلة الرَّقبة والملابس الأخرى المصمَّمة للوقاية من الطقس. والمادة نفسها مصنوعة من شبكة ليفية تحتوي على ثقوبٍ صغيرة للغاية، كما هو واضح في شكل ١٤-٢. وعرض هذه الثقوب الموجودة في القماش يبلغ نحو ١٠٠ نانومتر. وتتمثَّل القُدرة الرائعة لِغشاء جور-تكس في قُدرته على طرد الماء السائل، ولكنه يَسمح بمرور الماء في الصورة الغازية. وهكذا، يَمنع قطرات المطر من التسرُّب إلى الداخل بينما يَسمح للعرَق المتبخِّر بالخروج.
وسِحر مادة جور-تكس يَتمثَّل في كَونها ظاهرة على المستوى النانوي؛ فالماء السائل فقط يُكوِّن قطراتٍ أكبر من ١٠٠ نانومتر تقريبًا. وهذا الحجم، المعروف بنِصف قطر كلفن الحَرِج، يتحدَّد بالتوتُّر السطحي للسائل. ويكون الانحناء عند سطح القطرات الأصغر من نصف قُطر كلفن كبير للغاية، مِمَّا يُجبِر القطرات إما على التبخُّر أو الاتحاد وتكوين قطرات أكبر حجمًا. وقوى توتُّر السطح هذه نفسها لا تَسمح للقطرات أيًّا كان حجمها بأن تَعبُر من خلال الثقوب ذات القُطر الذي يَبلُغ ١٠٠ نانومتر لقماش جور-تكس. وعلى الرغم من ذلك، فإن جُزيئات الماء الفردية عَرضُها أقل من ١ نانومتر، وعليه فإن الماء في صورة البُخار يمرُّ بسهولة عبر هذه الثقوب (انظُري شكل ١٤-٢). وهكذا حين تُمطِر على معطفك المصنوع من الجور-تكس، فإن قطرات الماء تَنزلِق عنه. ومع ذلك فإن بُخار الماء الذي يخرُج من جسمك يستطيع المرور عبر المِعطف، مِمَّا يجعل جسمك جافًّا. إن مادة جور-تكس هي في الواقع مادة بتكنولوجيا النانو، وهذا بسبب حجم الثقوب النانوي الذي يوفِّر خاصية طرْد الماء مع وجود القابلية على التنفُّس؛ فإذا كانت الثقوب أوسع من هذا بكثير، لكان الماء السائل تسرَّب إلى الداخل، وإذا كانت أصغر بكثير لكان تعذَّر تبخُّر عرقك وسيشعُر المرء كأنه يَرتدي حقيبةً بلاستيكية. وهذا في الواقع ما أُحاول شرحه لكِ حين أخبرتُكِ بأن تكنولوجيا النانو تُزوِّدُنا بأنواع جديدة من الوظائف التي تَعتمِد على الحجم.
fig90
شكل ١٤-٢: رسم تخطيطي لغشاء جور-تكس. الثقوب صغيرة للغاية لدرجة تمنع دخول قطرات المطر السائلة، لكنها كبيرة بدرجة كافية تَسمح بخروج جزيئات بخار الماء الفردية الناتجة من التعرُّق.

ظهر اختراع جور-تكس في عام ١٩٨٥؛ وفي رأيي هي تُمثِّل أول تطبيق تجاري واسع النطاق لتكنولوجيا النانو. إذن لماذا يَستغرِق ظهور تطبيقات أُخرى لتكنولوجيا النانو وقتًا طويلًا هكذا؟ ولماذا يبدو أن الجميع يُثير ضجة حولها الآن على عكس الحال منذ ٢٥ أو ٣٠ سنة مضَت؟ تُوجَد إجابة واحدة لكِلا هذين السؤالين؛ فقد أصبح الآن لدَينا مجموعة مُكتمِلة أكثر من الأدوات لبناء الهياكل النانوية واختبارها.

أكثر الأدوات أهميةً هي التي تعمل عند المستوى الجُزيئي. وقد أخبرتُكِ من قبل بأن الجزيئات يَصنعها علماء الكيمياء، والكيمياء لا تكون بالضرورة تكنولوجيا النانو. ومع ذلك، فإن أدوات عالم الكيمياء التَّخليقيَّة مُهمَّة في مجال تكنولوجيا النانو. وقد أوضحنا في مقرر الكيمياء واحدًا من أبسط التفاعُلات الكيميائية، وهي تفاعُل الترسيب. على الأرجح لم تُدركي ذلك عندما سَمعتِ عنه في مُحاضرتي، ولكن هذا التحوُّل الكيميائي تاريخيًّا واحدٌ من التفاعُلات الأكثر أهميةً في مجال علم النانو.

(٤) استخدام الكيمياء في تجميع الهياكل النانوية

شرَحْنا تفاعُلات الترسيب في سياق قواعد الانحلال في الكيمياء. وكان المثال الذي استخدمناه هو تفاعُل أيون الفضَّة مع أيون الكلوريد في الماء. ولعلَّكِ تتذكَّرين أنكِ قد تعلمتِ أنَّ نترات الفضة الصُّلبة الأيونية تذوب في الماء، لكن عند إضافة محلول كلوريد الصوديوم (ملح المائدة المعروف) إلى محلول نترات الفضة، فسيتكوَّن كلوريد الفضة، وهو مُركَّب أبيض صُلب قطني الشكل. وعادةً ما نكتُب مُعادلة هذا التفاعُل في الصورة التالية:

fig91
شكل ١٤-٣: اعتماد الخواص المشعَّة لأشباه مُوصِّلات نانوية الحجم على الحجم. يُظهِر الشكل الأطياف المشعَّة لسلسلةٍ من النقاط الكمية بأحجامٍ وتركيبات مُختلفة. وداخل سلسلة مُعيَّنة من التركيبات مثل InAs، InP … إلخ يتحوَّل اللون إلى اللون الأزرق كلما زاد صِغَر حجم الجُزيئات. (المصدر: مقال «استخدام أشباه الموصِّلات من البلَّورات النانوية كمُلصَقات حيوية مُشعَّة» بقلم إم بروشيز؛ وإم مورون؛ وبي جين؛ وإس فايس؛ وإيه بي أليفيساتوس، دورية ساينس عام ١٩٩٨، العدد ٢٨١، ٢٠١٣–٢٠١٦.)
حيث يُشير الرَّمزان السُّفليَّان aq وs إلى محلولٍ مائي ومُركَّب صُلب، على التَّوالي. ويحدُث تفاعُل ترسيبي مُشابِه بين أيون الكادميوم والسيلينيد . ويكون المترسِّب الناتج في هذه الحالة كادميوم سيلينيد CdSe، وهو مُركَّب صُلب لونه أسود داكن. في أوائل ثمانينيَّات القرن العشرين، توصَّل الباحثان أرنيم هنجلين ولويس بروس إلى طرقٍ لإيقاف تفاعُل الترسيب في أثناء تكوُّن المركَّب الصُّلب، وبذلك تنتج بلَّورات فردية قُطرها لا يتعدَّى بضعة نانومترات.
إن البلورات النانوية الوليدة المتكوِّنة في المراحل المبكِّرة لتفاعُل الترسيب لا تكون سوداء اللون مثل البلَّورات الكبيرة، وإنما يُمكنها التلوُّن بأي لون في الطيف المرئي. ويَعتمِد لون البلَّورات على حجم البلَّورة النانوية. وبالإضافة إلى ذلك، كثير من هذه البلَّورات تكون مُشعَّة وهذا اللَّون المشع يعتمِد أيضًا على حجم البلَّورة. ويُشار إلى هذه الظواهر المعتمِدة على الحجم بوصفِها آثار الحجم الكمي، وتتبع قواعد كمية ميكانيكية مُنفصلة تُشبِهُ تلك التي تحكم الإلكترونات داخل الذرَّات. ولهذا السبب يُطلَق على البلَّورات النانوية الشِّبه الموصِّلة مثل كادميوم سيلينيد CdSe أحيانًا اسم «ذرَّات صناعية» أو «نقاط كمية». وتَظهر في شكل ١٤-٣ الأطياف المشعَّة لسلسلة من النقاط الكمية، تُظهِر اعتماد الحد الأقصى من الانبعاث على الحجم.
تُقدِّم النقاط الكمية مِثالًا رائعًا على الدَّور التمكيني الذي تَلعبُه الكيمياء في تصنيع المواد النانوية. في هذه الحالة، نحن نُسخِّر قواعد الانحلال في صُنع موادِّنا النانوية. يَظهر لدَينا تفاعُل ترسيب مُبسَّط لصُنع سيلينيد الكادميوم CdSe في شكل ١٤-٤. ويُشار عادةً إلى هذا النوع من التخليق النانوي باسم «الأسلوب التصاعُدي»؛ وذلك لأنه يبدأ بكُتل بناء ذرِّية أو جُزيئية. ويُطلَق على الأسلوب الرئيسي الآخَر لتخليق المواد النانوية اسم «الأسلوب التنازُلي»، وفيه نُجري تخليق الهيكل النانوي من شيءٍ ما أكبر. ونجد مِثالًا على هذا في التخليق الكهروكيميائي لهياكل السليكون النانوية المَسامية من رقائق السليكون البلُّورية.
fig92
شكل ١٤-٤: نقطة كمية لبِلَّورة نانوية شِبه مُوصِّلة مصنوعة عن طريق تكثيف أيونات الكادميوم والسيلينوم. وهذا مِثال على النهج التَّخليقي التَّصاعُدي في بناء الهياكل النانوية. وفي هذا النهج التَّصاعُدي تتَّحِد الذرَّات أو الجزيئات البادئة من أجل تكوين هيكل تدرُّجي أكبر حجمًا. وفي هذه الحالة، تتفاعَل أيونات الكادميوم مع أيونات السيلنيوم من أجل تكوين تجمُّع غير عضوي شِبه مُوصِّل من سيلينيد الكادميوم. ومع احتوائها على بضع مئات من الذرات فحسب، يبلغ قُطر النقاط الكمية في المعتاد أقل من ٧ نانومترات.

(٥) استخدام الكيمياء الكهربية في بناء الهياكل النانوية

fig93
شكل ١٤-٥: هيكل نانوي مَسامي مَنحوت من السليكون. هذا منظر جانبي لرُقاقة من السليكون «ثُقِبت» بمسامَّ نانوية باستخدام الصدأ الكهربائي. يَتحكَّم في سُمك كل طبقة وحجم الثقوب الموجودة بداخلها التيار الكهربائي الذي تتعرَّض له في أثناء العملية الكهروكيميائية. تسمَح هذه الطريقة بصُنع الهياكل النانوية آليًّا بدقَّةٍ عالية. (الصورة مأخوذة بإذن من ميلاني إل أوكس، شركة هيتاشي للأبحاث الكيميائية.)
الكيمياء الكهربائية هي عملية نَستخدِم فيها الإلكترونات أو التيار الكهربائي في إزالة شيءٍ ما أو ترسيب شيءٍ ما على أحد الأسطُح. ربما تكون لديكِ فكرة عن الطبقات المعدنية التي تُغطِّي أدوات المائدة الفِضِّية أو الحُلي. والذهب معدن باهِظ الثمن، ولهذا فإن أقراط «الذهب عيار ١٤ قيراط» التي تَشترينها من المحلَّات الرخيصة في المجمَّعات التجارية تكون مصنوعة في الحقيقة من الفُولاذ ومُغطَّاة بطبقةٍ رقيقة للغاية من الذهب على السطح. يترسَّب الذهب على السطح باستخدام عملية كهروكيميائية، تُعرف باسم الطلاء الكهربائي، ويُمكن أن يحدُث هذا في صورة طبقة رقيقة للغاية؛ في حدود بِضعة نانومترات. ويُمكِن مع بعض المواد عكْسُ عملية الطلاء الكهربائي من أجل إزالة الذرَّات من أحد الأسطُح. ويُطلَق على هذه العملية اسم التأكسُد الكهربائي. والتأكسُد هو ما يَجعل سيارتك تتعرَّض للصدأ؛ فهو يُحوِّل الحديد إلى أكسيد الحديد. تحدث هذه العملية تلقائيًّا، ولكن في بعض الحالات، يُمكِن حدوث تفاعُل الصدأ بفعل تيار كهربائي، وتكون نتائج ذلك شديدة الدقَّة. فعلى سبيل المثال، يُمكِن استخدام الصدأ الكهربائي للسليكون في صُنع هياكل نانوية مَسامية واضحة المعالِم. ويعرِض شكل ١٤-٥ مقطعًا عرضِيًّا لهيكلٍ مَسامي نانوي طبقي نُحِتَ من بلَّورة صُلبة من السليكون. وقد يَنتُج عن الهياكل النانوية المأخوذة من السليكون ألوانٌ شديدة الحِدَّة والنقاء. وتأتي الألوان من ظاهرة ضوئية بصرية نانوية مأخوذة من خدعة تستخدمها الطبيعة في صُنع الألوان القَزَحيَّة الجميلة التي نراها في ريش الطاووس، وأصداف حيوان أُذن البحر، والهيكل الخارجي لكثيرٍ من الحشرات. ما هي هذه الألوان الطبيعية؟ ومن أين تأتي؟ وكيف نُقلِّدها في هياكل السليكون النانوية الصناعية؟

(٦) هياكل نانوية مُلوَّنة من الطبيعة

اتَّضحَ أن الطبيعة لدَيها طريقتان لصُنع اللون؛ أحدهما أن تصنع جُزيئًا، والذي يُشار إليه عادةً بأنه صباغ. والصبغات تُصنَع في المصنع الكيميائي للطبيعة، رابطة تلو الأخرى. أما الطريقة الأخرى فتتمثَّل في بناء هيكل من مادة عديمة اللون بخلاف ذلك. فأقواس قزح تَحصُل على ألوانها من انكسار الضوء على قطرات ماء صغيرة لا لون لها. فإن الشكل الكروي لقطرة ماء، والزاوية الموجودة بينها وبين الشمس، هما اللذان يُحدِّدان اللون الذي نراه. كما أنَّ ألوان قوس قزَح التي نراها عند النظر إلى سطح قُرص الفيديو الرقمي أو القُرص المضغوط تأتي أيضًا من هيكل. وفي هذه الحالة، فإن الأخاديد الدقيقة المتوازية في القُرص البلاستيكي الصافي، نُطلِق عليها اسم «لون هيكلي».

fig94
شكل ١٤-٦: جُزء من صَدَفة لامعة لحيوان أُذن البحر من نيوزيلاندا (يسارًا) وبِلَّورة من معدن الكالسيت (يمينًا). صُنعت كِلتا المادتَين من كربونات الكالسيوم، لكن في حالة صدَفَة أذن البحر، تأخُذ المادة شكل عدَّة طبقات، كلٌّ منها يَبلُغ سُمكها بضع مئات من النانومترات. وهذه الطبقات الصافية تُحيِّد الضوء لتنقُل إلينا الألوان الزاهية التي نراها في الصَّدَفة.
إنَّ صدَفة حيوان أذن البحر وريش الطاووس مِثالان عُضويَّان على اللون التركيبي. فهذه الكائنات تبني اللون في كسائها الخارجي باستخدام هياكل مادية بدلًا من الصبغات. في حالة صدَفة حيوان أذن البحر، يأتي اللون التركيبي من تكدُّس طبقات عديدة من كربونات الكالسيوم. وكربونات الكالسيوم هي مادة عديمة اللون، تظهر عادةً في الطبيعة في صورة معدن الكالسيت، الموضَّح في شكل ١٤-٦. وفي حين أن الكالسيت الموجود في هذه الصورة عبارة عن بِلَّورة نقية تُشبِهُ قالب الطوب، فإن كربونات الكالسيوم الموجودة في صدَفة أذن البحر تنمو في شكل طبقات رفيعة، مثل حلقات النموِّ داخل الأشجار. وتمامًا مِثل تصنيعنا للنِّقاط الكمية لسيلينيد الكادميوم CdSe، التي شرحتُها من قبل، يَستخدِم حيوان أذن البحر تفاعُل ترسيبٍ مُتحكَّمًا فيه في صُنع هذه الطبقات، وفي هذه الحالة، يكون تفاعُل الترسيب بين أيون الكالسيوم والكاربونات (المعادلة 14-1):
(14-1)
يوضح شكل ١٤-٧ صورة من مِجهر إلكتروني لهذه الطبقات من صدَفة قُطِعت إلى نِصفين من أجل إظهار شكل المَقطع العَرْضي. يتعرَّض الضوء المارُّ خلال هذه الطبقات إلى الانكسار إلى ألوان مُعيَّنة، أو أطوال مَوجات، فتنتُج بذلك الألوان الأخضر والأزرق والبنفسجي الجميلة والفاقِعة التي نراها عند النظر إلى صدَفَةٍ لامعة. وعادةً ما تُستخدَم القِطَع الصغيرة من أصداف أُذن البحر في صُنع الحُلي بسبب هذه الألوان المذهِلة. ومن المحتمَل أن تكوني قد رأيتِ العديد من الأمثلة الأخرى للألوان التركيبية دون أن تُدركي ماهية ما تنظُرين إليه. فإن المظهر المتقزِّح لكثيرٍ من الطيور والحشرات ينشأ من ظاهرة اللون التركيبي.
fig95
شكل ١٤-٧: صورتان من مِجهر إلكتروني تُقارن بين الهياكل النانوية الطبقية لصدَفة أُذن البحر (يسارًا) والهيكل النانوي المَسامي للسليكون (يمينًا). تَعمل المسافة المتساوية بين الطبقات التي تبلغ بضع مئات من النانومترات على تحييد ألوان مُعيَّنة من الضوء، مِمَّا ينتُج عنه الألوان الجميلة: الأحمر، أو الأخضر، أو الأزرق أو البنفسجي. (الصورة يسارًا مأخوذة من «الترميز الوراثي في التمعدُن الحيوي للمركَّبات الصفائحية المِجهرية»، بقلم دي إي موريس، وإم إيه كاريولو، وجي دي ستاكي، وسي إم زاريمبا، وبي كيه هانزما، في وقائع ندوة جمعية بحوث المواد، ١٩٩٣، العدد ٢٩٢، ٥٩–٦٧. الصورة جهة اليمين بإذن من ميلاني إل أوكس، شركة هيتاشي للأبحاث الكيميائية.)

(٧) بلورات فوتونية قائمة على السليكون

إنَّ صدَفة أُذن البحر ذات الألوان التركيبية مثال على ما يُطلِق عليه مُجتمع الفيزياء البصرية اسم «بلَّورة فوتونية» لأن الطبقات المتكرِّرة والمتباعِدة بانتظام تعمل كبِلَّورة؛ إذ تعكِس فوتونات الضوء. ويُمكنُنا صُنع اللون نفسه في تركيبات مُصَنَّعَة، باستخدام آلية المَيكنة الكيميائية الكهربائية للسليكون التي ذكرتُها من قبل. والطريقة التي نَصنع بها هذه التركيبات الطبقية داخل السليكون هي مثال على الأسلوب التنازُلي المستخدَم في صُنع الهياكل النانوية. وعلى الرغم من أن صدَفة أُذن البحر تتكوَّن تصاعديًّا عن طريق ترسيب طبقة فوق طبقة من كربونات الكالسيوم، فإن التركيب الطبقي في السليكون يَتكوَّن عن طريق حفْر ثقوب في بِلَّورة صُلبة من السليكون.

عند غمس شريحة من السليكون في محلول حمض الهيدروفلوريك وتسليط تيار كهربائي، فإن شريحة السليكون تذوب، إلا أنها لا تذوب بانتظام؛ فعملية التآكُل الكهربائي تحفُر ملايين الثقوب الصغيرة النانو مترية داخل الشريحة. ويُحدِّد قُطر الثقوب التيار الكهربائي؛ ومن ثم قد تتفاوَتُ أحجام هذه الثقوب في أثناء الحفر. إذا رفعنا قوة التيار أو خفضْناها، فإن الثقوب المنتشرة تتَّسِع وتضيق طبقًا لذلك. وقد تكوَّن التركيب المَسامي المكوَّن من طبقتين الموضَّح في شكل ١٤-٥ بهذه الطريقة. حُفرت الثقوب من أعلى لأسفل الصورة؛ إذ كانت البداية بتيَّارٍ هائل ثُمَّ انخفض إلى النصف خلال عملية الحفر لينتُج عن ذلك الانخفاض الحاد في حجم الثقب. وفي حال تكرار دَورة التيار، يَنتُج التركيب المتعدِّد الطبقات الموضَّح في شكل ١٤-٧. تعمل هذه الطبقات المتعاقِبة من الثقوب الكبيرة والصغيرة على تَحييد الضوء تمامًا مثل الطبقات الموجودة في صدَفة أذن البحر، فينتج بذلك بِلَّورة فوتونية مُصنَّعة بألوان زاهية تمامًا كنظيرتها الطبيعية. وكلا صُورَتي المقطع العرضي من المِجهر الإلكتروني الموضَّحَتَين في شكل ١٤-٧ تُعبِّران عن بلُّورات فوتونية طبقية، على الرغم من أن إحداهما مُقتطَعة من السليكون والأخرى مُكوَّنة من ترسيبٍ مُتتالٍ من طبقات كربونات الكالسيوم.

على الرغم من وجود تَشابُهٍ بين الألوان التي تنشأ من موادِّ السليكون الطبقية هذه وبين ألوان صدَفة أذن البحر، ثمَّة بعض الأشياء الممتِعة التي يُمكنك فعلها بالتركيبات النانوية المعتمِدة على السليكون لا يُمكن فِعلها بالألوان الأخرى الطبيعية. فعلى عكس صدَفة أُذن البحر، تكون الطبقات في تركيبات السليكون النانوية مَسامية، وبإمكان الجُزيئات الدخول في هذه المواد المجوَّفة. وعند حدوث هذا، يَتغيَّر لون التركيب النانوي. على سبيل المثال، تتحوَّل بِلَّورة سليكون فوتونية مَسامية خضراء اللون إلى اللون الأحمر عند غمرها في سائل. وقد استُخدِم تغيُّر اللون هذا في صُنع أجهزة استشعار للمركَّبات الكيميائية. فما يَحدُث هنا أنَّ تركيب السليكون هذا يَمتلئ بجُزيئات لها مُعامِل انكسار مختلف عن الهواء، ويَتحدَّد لون البِلَّورة الفوتونية بمُعامِل انكسار مُكوِّناتها. وقد صُنعت العديد من أجهزة الاستشعار الكيميائية والحيوية الشديدة الحساسية اعتمادًا على هذا النوع البسيط من تَغيُّر اللون.

لقد أعطيتُكِ مثالًا على الطريقة التي يُمكنُنا بها بناء هياكل نانوية في السليكون لها ألوان مُميزة وكيف يُمكنُنا استخدام هذه الألوان في صُنع أجهزة استشعار بسيطة. سأُنهي حديثي بمثالٍ على طريقةٍ يُمكن بها تطبيق الظاهرة النانوية التي تمنع الماء السائل من اختراق نسيج جور-تكس في مسام جهاز استشعار السليكون النانوي. يُظهِر شكل ١٤-٨ عينتَين بِلَّوريَّتَين فوتونيَّتين مَسامِيَّتَين من السليكون أُعِدَّتا باستخدام الهيكل النانوي نفسه، ولكن مع تطبيق مُعالجات كيميائية مختلفة على سطح كلٍّ منهما. فقد وضعنا على كلِّ عينة في الصورة قطرة من الماء. ويُمكنكِ رؤية أن قطرة الماء كوَّنَتْ شكل خرَزَة على العَيِّنة اليُسرى. وهذا مثال على الطرد المدفوع بتوتُّر السطح للماء الذي شرحته من قبل بشأن الجور-تكس. أما في العيِّنة جهة اليمين فنرى قطرة الماء أكثر انتشارًا. تحتوي هذه الرُّقاقة على غطاء سطحي ألِيفٍ للماء، وهو عبارة عن طبقة رقيقة من ثُنائي أكسيد السليكون SiO2، الذي يسمح بامتصاص الماء في الثقوب. أما العينة جهة اليسار فتحتوي على كيمياء سطْح كارِهة أكثر للماء (الدوديكان) الذي يَطرُد الماء بالكامل من المَسام النانوية. أما الصورة السُّفلى فهي عبارة عن منظر جانبي يُظهِر بوضوح أُلفة كلِّ سطحٍ مع الماء؛ فالشكل الكروي أكثر لقطرة الماء على اليسار يُمثِّل شكل «الخرزة» الذي يَحدُث على الأسطح الكارهة للماء. أما حين تُمتصُّ قطرة الماء داخل طبقة ثنائي أكسيد السليكون الأليفة للماء، فإنَّ لون هذه البلورة الفوتونية يتحوَّل للون الأحمر، بسبب دفع مُعامِل الانكسار العالي لجُزيئات الماء الغازية للشريط الفوتوني نحو طاقة أقل.
fig96
شكل ١٤-٨: صورتان لِزَوجٍ من بِلَّورات السليكون الفوتونية المَسامية، مع وضع قطرة من الماء على سطْح كلٍّ منهما. تحتوي العيِّنة على اليسار على مادة كيميائية كارهة للماء (الدوديكان)، تطرُد الماء، بينما تحتوي العينة على اليمين على سطْح أليف للماء (ثنائي أكسيد السليكون SiO2). ينتشر الماء على السطح ويُمتصُّ داخل المادة الكيميائية الأليفة للماء، مِمَّا يُؤدِّي إلى تغيُّر لون البِلَّورة الفوتونية إلى الأحمر. الصورة السُّفلى لمشهدٍ جانبي يُظهِر أُلفة كلِّ سطحٍ للماء.
يُوضِّح السلوك المختلف للرُّقاقتَين في شكل ١٤-٨ الدور المهم الذي تلعبُه الكيمياء في تكنولوجيا النانو. فالكيمياء في العَيِّنة على اليسار تتكوَّن من هيدروكربون طويل السلسلة — زيت في الأساس — يطرُد الماء ويُجبِره على تكوين شكل خرَزَة. أُعِدَّت الرُّقاقتان بأسلوب التشكيل المَسامي النانوي؛ فكيمياء السطح هي التي تعمل كحارس للتحكُّم في دخول المواد الكيميائية التي نُريد الشعور بها. فكيمياء السطح تُساعد المَسام النانوية في تحديد متى ترفُض الماء ومتى تقبل بدخوله. ومن الواضح أن نسيج جور-تكس يتطلَّب مُساعدًا كيميائيًّا كارِهًا للماء؛ في هذه الحالة، يحدُث دمج للجُزيئات الكارهة للماء في التركيب الجُزيئي للبوليمر المستخدم في صُنع النسيج. ودون هذه الكيمياء، فإن نسيج جور-تكس يمتصُّ الماء تمامًا مثل الإسفنج.

(٨) جُزيئات نانوية من أُكسيد الحديد للكشْف عن الأورام

عند تطبيق تكنولوجيا النانو على العلوم الطبية تُسمَّى «طب النانو»، وهو يَهدُف إلى تقديم طُرق أفضل لإعطاء الأدوية أو الكشف عن الأمراض. فعلى سبيل المثال، أخذ الباحثون في مجال الكشف عن السرطان في تطوير جُزيئات نانوية قائمة على أكسيد الحديد، يُمكن حقْنها في المريض من أجل السماح للأطباء بالعثور على الأورام السرطانية بكفاءة أكبر. فقد يَصعُب اكتشاف الأورام في المراحِل المبكِّرة من نموِّها بأي طريقة. ومع ذلك، عند اكتشاف المرض في هذه المراحل المبكِّرة، إن أمكن، يزيد احتمال علاجه. أحد أكثر الأدوات الفعَّالة في العثور على الأورام في البشر التصوير بالرنين المغناطيسي. فهذا النوع من التصوير بالرنين المغناطيسي أداة شائعة يستخدمها الأطباء لينظروا إلى داخل الجسم، ويكون حسَّاسًا على وجه الخصوص للمواد المغناطيسية، وتكون الجُزيئات النانوية المغناطيسية لأكسيد الحديد، مثل الماجنيتيت Fe3O4 مُفيدة في هذا الأمر. تُمثِّل أحد الأهداف الطويلة الأمد في تحضير جُزيئات نانوية من أكسيد الحديد مع كيمياء السطح المناسبة للسَّماح لهذه الجُزيئات بالتدفُّق مع مجرى الدم ثُمَّ العثور على خلايا الأورام أو أي أنسجة أخرى تَرتبِط بتلك الخلايا والالتصاق بها. هذا يُعزِّز من تبايُن الصور، مِمَّا يَسمح للأطباء برؤية الأورام الأصغر حجمًا باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، على أمل التمكُّن من تشخيص مرض السرطان في مراحل مُبكِّرة.
يَتبع تصنيع الجُزيئات النانوية من أكسيد الحديد أسلوبَ تفاعُل الترسيب التصاعُدي الذي يُشبِهُ التفاعُلات المستخدمة في صُنع الجُزيئات النانوية من سيلينيد الكادميوم CdSe وطبقات كربونات الكالسيوم CaCO3 في أصداف البحر. في هذه الحالة، يَحدُث تفاعُل بين أيونات الحديد و ومحلول مائي قاعدي:
(14-2)
fig97
شكل ١٤-٩: تصوير فنِّي لعثور ديدان نانوية لأكسيد الحديد على ورَم في الجسم. هذه الديدان مصنوعة من أكسيد حديد مغناطيسي مُغطًّى ببوليمر حيوي. ويسمح التكوين الدودي والغِطاء المتخصِّص لهذه الأجهزة النانوية بالعثور على الأورام والالتصاق بها، مِمَّا يعمل على تحسين قُدرتنا في العثور على الورَم في تصوير بالرنين المغناطيسي للمريض. (مصدر الصورة: مجلة بوبيولار ساينس، نوفمبر ٢٠٠٨.)
قد تتَّخِذ الجُزيئات النانوية لأكسيد الحديد أشكالًا وخواصَّ عديدة بناءً على التطبيق الطبي المراد منها. يُوضِّح شكل ١٤-٩ صورة لديدان نانوية أُعدَّت عن طريق وضع العديد مِن الجُزيئات النانوية لأكسيد الحديد في سلسلة باستخدام بوليمر. وقد أظهرَت الديدان النانوية تحسُّنًا كبيرًا في استهداف ورَم من أورام لها علاقة بالجُزيئات النانوية الدائرية لأكسيد الحديد. والسبب في أن هذه الديدان تعمل على نحوٍ جيِّد يُعزى إلى الجمع بين كيمياء سطحها وشكلها النانوي.

(٩) استخدام الكيمياء لتحسين فاعلية أداء الجُزيئات النانوية: تثبيت الجُزيئات النانوية بالأورام

تتعرَّف آليات حماية الجسم على مُعظم الجُزيئات النانوية على أنها أجسام غريبة. فتُمسِك بها وتُزيلها من مجرى الدم في غضون دقائق. وثَمَّة خدعة شائعة وهي تغطية الهياكل النانوية ببوليمر حيوي يَسمح للهيكل النانوي بتجنُّب عمليات الإزالة الطبيعية هذه. وفي حالة الديدان النانوية لأكسيد الحديد، يَسمح غطاء البوليمر الحيوي للمواد بالسَّريان في جِسم فأرٍ لساعات.

يُمكنُنا إضافة جُزيئات خاصَّة لأغطية البوليمر الحيوي، تستهدف الأورام. وقد اكتُشِف نِطاق واسِع من مِثل هذه الجُزيئات المستهدِفة للأورام وصنَعَها باحثون مثل الأستاذ إركي روسلاهتي، في معهد برنهام في جامعة كاليفورنيا، في سانتا باربارا. فعند التصاق مثل هذه الجُزيئات بهيكل نانوي، تتصرَّف مثل الصمغ فتلصق الجُزيئات النانوية بالورم، أو يُمكنها تأدية مهامَّ أكثر تعقيدًا من ذلك، مثل نقْل الجُزيء النانوي عبر الغشاء الخلوي حيث يَستطيع قتْل الورم بكفاءة أكبر.

(١٠) الجوانب الجيدة والسيئة والمروِّعة لتكنولوجيا النانو

يُظهِر شكل ١٤-١٠ أغلِفة كتابَين يُسلِّطان الضوء على التحديات التي نُواجهها في تكنولوجيا النانو. نرى على اليسار غلافًا لكتاب «رحلة رائعة» من تأليف إسحاق أزيموف في ستينيات القرن العشرين. أما الصورة الأخرى فهي لغلاف كتاب «الفريسة» الذي ألَّفه مايكل كرايتون بعد ٤٠ عامًا تقريبًا من أزيموف. يُطوِّرُ العلماء في رواية «رحلة رائعة» تقنيةً لتصغير فريق من الأشخاص داخل غوَّاصة إلى حجم خلية دم. وعند حقْن هذه الغوَّاصة في جسم مريض بالغيبوبة، فإنها تسير عبر مجرى الدم لتَعثُر على جلطة دم خطيرة وتُزيلها. يُعبِّر هذا في الواقع عن جوهر ما نُحاول فِعله مع المواد النانوية الطبية في مِثال الديدان النانوية الذي شرحتُه منذ قليل. وعلى الرغم من أننا لا نُحاول تقليص حجم الناس لهذا الحجم، فإننا نَبني مثل هذه الغوَّاصات، على الأقلِّ في شكل أجهزةٍ صغيرة يُمكِنها السَّرَيان في الجسم، ونُحاول إعطاء هذه الهياكل بعض القُدرات على إجراء مَهامَّ مُعقَّدة من أجل علاج المرضى؛ ومن ثمَّ بوجهٍ عام يُعبِّر غلاف هذا الكتاب عن تطبيق تكنولوجيا النانو لمَنفعةِ البشرية.
fig98
شكل ١٤-١٠: مناظر مُتباينة لمستقبل النانو تكنولوجي. (الغلافان من روايتَي: «رحلة رائعة» (© ١٩٦٦، بقلم إسحاق أزيموف)، و«الفريسة» (© ٢٠٠٢، بقلم مايكل كرايتون).)

أما الغلاف الآخر من كتاب «الفريسة» فهو «مِثال على فساد تكنولوجيا النانو». في هذه القصة تُحاول الأجهزة النانوية الشرِّيرة الاستيلاء على العالم. على الرغم من أن كِلا القصَّتَين ضرب من ضروب الخيال العلمي، فإنهما تتناوَلان فِكرةً واقِعية للغاية وهي أنَّ أي تكنولوجيا قد تكون لها آثار جيدة أو سيئة. وفي حالة التكنولوجيا الجديدة، لا يُلتفَت لمثل هذه الآثار إلا بعد فَوات الأوان.

أعرِف أنكِ اعتقدتِ بأنكِ ستتوقَّفين عن الحصول على أسئلة مِنِّي بعد انتهاء مقرر الكيمياء الذي درَّستُه لكِ، لكن لديَّ سؤال إضافي لكِ. ألقي نظرةً على القائمة التالية وحدِّدي صيغة مادة كيميائية فتَّاكة.

السؤال: أيٌّ من التالي مادة كيميائية فتَّاكة؟

  • (أ)
    H2O.
  • (ب)
    NaCl.
  • (جـ)
    Fe2O3.
  • (د)
    SiO2.
  • (هـ)
    .

حسنًا، يُمكنك على الأرجح تخمين الإجابة عن هذا السؤال باستخدام عملية حذف. الإجابة (أ) هي بالطبع الماء، والإجابة (ب) هي كلوريد صوديوم أو ملح الطعام، والإجابة (ﺟ) هي أحد أشكال أكسيد الحديد أو الصدأ، والإجابة (د) هي ثاني أكسيد السليكون، صيغة الرَّمل والزُّجاج. إذن يتبقَّى لنا الإجابة (ﻫ) التي تكون صِيغة معدن الكروسيدوليت، وهو أحد أشكال الأسبستوس الذي يُسبِّب ورَم المتوسِّطة السرطاني في الرئة.

نجِد في الإجابة (ﻫ) صِيغة مُعقَّدة، لكن إذا أمعنتِ النظر فيها، ستجدينَ أنها مُكوَّنة من بعض الأشياء التي تبدو غير مُؤذية ظاهريًّا، مثل: أكسيد حديد، وثاني أكسيد السليكون، والأكسجين والهيدروجين. فهذا المركَّب لا يتكوَّن من البلوتونيوم أو بعض العناصر الأخرى السامَّة، بل في الواقع فإن العناصر نفسها غير ضارَّة على الإطلاق. فخطورة هذه المادة تأتي من شكل هيكَلِها النانوي. وتظهر لدَينا صورة من مِجهر إلكتروني لألياف أسبست الكروسيدوليت في شكل ١٤-١١ ستُلاحظين أنها تتكوَّن من مجموعة من الألياف الدقيقة لا يَزيد سُمكها على ١٠٠ نانومتر. وهذه الألياف مُستقرَّة للغاية حتى إنها عندما تدخُل إلى الرئتين، يُمكنها البقاء فيها لأكثر من عِشرين عامًا. وبمرور الوقت، تُسبِّب الألياف الصغيرة تهيُّج نسيجِ الرئتين وتَضرُّرَه، مِمَّا قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان وغيره من الأمراض.
fig99
شكل ١٤-١١: ألياف نانوية لمعدن كروسيدوليت الطبيعي؛ أحد أكثر معادن الأسبستوس سُمِّيَّة على الإطلاق. (المصدر: دابليو إي لونجو، وإم دبليو ريجلر، وجيه سليد، دورية كانسر ريسيرش، ١٩٩٥، العدد ٥٥، ٢٢٣٢–٢٢٣٥.)

لهذا السبب الأسبستوس ضارٌّ للغاية؛ فالضَّرَر لا يأتي من العناصر المكوِّنة للمادة، إنما من شكل المادة، المتمثِّل في الألياف الدقيقة المستقرَّة. ربَّما تُلقي تجربتنا مع الأسبستوس الضوء على أهمِّ جانب من تطوير تكنولوجيا النانو، وهو أنَّ المادة لا بُدَّ أن تكون غير ضارَّة أو لا بدَّ لها أن تذوب فتتحوَّل إلى شيءٍ غير ضار، هذا إذا كانت ستُستخدَم داخل الجسم. علاوةً على ذلك، جميع المواد الصناعية تَصِل في النهاية بشكلٍ أو بآخر إلى البيئة؛ ولهذا لا بُدَّ من اتِّخاذ احتياطات مُماثِلة في حالة الاستخدامات غير الطبية للمواد النانوية.

إنَّ الانحلال واحدٌ من السِّمات المميِّزة لكثيرٍ من العمل الذي يفعله كثيرٌ مِنَّا في مجال تكنولوجيا النانو. وقد لا تكون له أهمية كبيرة فقط إذا كُنَّا نُريد وضْع كمية صغيرة للغاية من المادة النانوية داخل رقاقة حاسوبية، ولكن إذا كان الغرَض نشر المادة على أحد الأسطُح في شكل ألواحٍ شمسية، أو إذا كان الغرَض دمجُها في دهانات وبلاط الأسقُف كما في حالة الأسبستوس، فعلينا في الحقيقة، تَوخِّي الحذَر عند التعامُل مع المادة والتخلُّص منها. يُمكِننا بخلاف ذلك وضع القدرة على التدمير الذاتي داخل موادِّنا النانوية بعد إتمام مهامِّها. وعليه بالنسبة لنا نحن العاملين في مجال تكنولوجيا النانو، لا تقلُّ أهمية التفاعُلات الكيميائية للمادة عن مُكوِّناتها الكيميائية.

بالإضافة إلى رواية «رحلة رائعة»، ألَّف كاتب الخيال العِلمي، إسحاق أزيموف سلسلة من القصص القصيرة حول الرُّوبوتات المستقبَلية. تحدَّثَ في سلسلة «أنا، روبوت» عما أسماه «القوانين الثلاثة لعلم الإنسان الآلي» ليُحدِّد بها القواعد التي على جميع الروبوتات اتِّباعها. فقد أُدمجت هذه القواعد، التي كان أولها أنه «على الروبوت ألا يَجرَح إنسانًا أو يسمَح بتعرُّض إنسانٍ للأذى، بسبب عُطلٍ ما فيه.» في البرمجة الأساسية لكل روبوت. اختلف كثير من الناس في حلِّ مسألة طريقة ضبط تكنولوجيا النانو بحيث نُقلِّل إلى الحدِّ الأدنى التأثيرات الضارَّة غير المقصودة لهذا المجال الجديد للغاية.

(١١) قوانين الروبوتات النانوية

أعتقِد أنَّ ثمَّة مجموعة من القواعد لا بُدَّ من دمجها في البرمجة الكيميائية لكلِّ روبوت نانوي.

  • (١)

    لا بُدَّ ألَّا يَنسخ الجهاز نفسه ذاتيًّا في بيئتِهِ المضيفة.

  • (٢)

    لا بُدَّ للجهاز أن يَتحلَّلَ في بيئته المضيفة.

  • (٣)

    لا بُدَّ أن تكون نواتج التحلُّل غير ضارة للبيئة المضيفة عند التركيزات التي تُنتَج فيها.

لاحظي أن مُصطلَح «غير ضارٍّ» مُصطلَح شديد الصُّعوبة في تعريفه. فإذا طرحتِ سؤالًا «هل ثاني أكسيد الكربون غير ضار؟» فإن مُعظم الناس سيُجيبون بنعم. فأنتِ تُخرجين ثاني أكسيد الكربون عند التنفُّس، وتحتاجه النباتات لتعيش وتنمو. إلا أنَّ الحيوانات أو البَشَر يَختنقون إذا وُجِدوا في مكانٍ به تركيز عالٍ من ثاني أكسيد الكربون، وأصبحنا الآن نجِد أنَّ حدوث زيادة بسيطة للغاية في تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يُمكنها تغيير مناخنا. سيكون من الصعب برمجة قانون أزيموف الأول للروبوتات في هيكل نانوي؛ لأنَّ الجهاز لا يكون مُتطوِّرًا بدرجةٍ كافية تُمكِّنه من التمييز بين ما هو الضار وغير الضار لمضيفِه (حتى نحن البشر نجِد صعوبةً في التعامُل مع هذا المفهوم). من الواضح أن تركيز الأجهزة النانوية في غاية الأهمية؛ ولهذا أُفضل أن نَبني الأجهزة بأنفسنا بدلًا من السماح لها بتكرار نفسها دون تدخُّل مِنَّا، مثل الفيروس. يجِب أيضًا أن نعرِف طبيعة «البيئة المضيفة» (شخص، أو بُحيرة، أو مبنى … إلخ)، وكيف يُمكِن تعرُّضها للأذى بسبب التكنولوجيا. هل يُمكنكِ التفكير في بعض القواعد الإضافية لتُطبِّقها على روبوتات النانو؟

أودُّ أن أُنهي حيث بدأتُ مع الصورة المقتبَسة من كتاب «عودة القط ذي القُبَّعة!» في شكل ١٤-١. وسبب أهمية هذه الصورة في وَصْف تكنولوجيا النانو يَرجِع إلى أنها تُوضِّح جوهر ما نُحاول فعله. فقد حسِبنا أن طول أصغر قطٍّ في أصغر قُبَّعة يَبلغ ٢٥ نانومترًا فقط. لكن أهمية الأمر لا تكمُن في جعل هذا القط صغيرًا، بل علينا أن نُعطيه عينَين، وأنفًا، وفمًا ويَدين حتى يستطيع فِعل الأشياء التي تفعلها القِطط الكبيرة. تهدُف تكنولوجيا النانو إلى تطوير هذه الأدوات؛ بمعنى إنشاء أجهزة تشغيلية أصغر بملايين المرَّات من القط.

حسنًا، أرى أني استرسلتُ في الأمر، فحتى الآن كانت هذه أطول رسالة أكتُبها على الإطلاق (حتى في ظلِّ حقيقة أنَّني أنتمي لجيلٍ أعتاد كتابة الرسائل الطويلة بين الحين والآخر). بالطبع لكِ مُطلَق الحرية في مُشاركة هذه الرسالة مع أيٍّ من أصدقائك قد يكون مُهتمًّا بالأمر. واحرِصي على أن تَمُرِّي بمكتبي لنتحدَّث معًا، في حال أردتِ مِنِّي المزيد من المساعدة.

مع أطيب التمنيات

مايك سيلور

شكر وتقدير

يَشكر المؤلف جيتفون تشونج، ودانيل إي مورس، ولو جو، وسارا إم تشينج، ومانويل إم أوروسكو، وميلاني إل أوكس، وجوردون إم ميسكلي على مُساهمتهم وتعليقاتهم.

قراءات إضافية

  • Color images of the figures shown in this chapter are available at http://sailorgroup.ucsd.edu/research/images.html.
  • Austin, R. H.; Lim, S.-F. The Sackler colloquium on promises and perils in nanotechnology for medicine. Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America 2008, 105, 17217–17221.
  • Feynman, R. P. There’s plenty of room at the bottom: An invitation to enter a new field of physics. A transcript of the classic talk that Richard Feynman gave on December 29, 1959, at the Annual Meeting of the American Physical Society. 1959. Available at http://www.zyvex.com/nanotech/feynman.html.
  • Goodsell, D. S. Bionanotechnology: Lessons from Nature, Wiley-Liss, Hoboken, NJ, 2004.
  • Park, J.-H.; Maltzahn, G. A. V.; Zhang, L.; Schwartz, M. P.; Bhatia, S. N.; Ruoslahti, E.; Sailor, M. J. Magnetic iron oxide nanoworms for tumor targeting and imaging. Advanced Materials 2008, 20, 1630–1635.
  • Ratner, M. A.; Ratner, D. Nanotechnology: A Gentle Introduction to the Next Big Idea, Prentice Hall PTR, Upper Saddle River, NJ, 2003.
  • Rubahn, H.-G. Basics of Nanotechnology, 3rd Edition, Wiley-VCH Verlag GmbH, Weinheim, 2008.
  • Sailor, M. J.; Link, J. R. Smart dust: Nanostructured devices in a grain of sand. Chemical Communications 2005, 1375–1383.
  • Steigerwald, M. L.; Brus, L. E. Semiconductor crystallites—A class of large molecules. Accounts of Chemical Research 1990, 23, 183–188.
  • Wilson, M. Nanotechnology: Basic Science and Emerging Technologies, Chapman & Hall/CRC, Boca Raton, FL, 2002.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤