الفصل الأول

المنظر الأول

(البيك المخدوم، والحاج سالم المخدم، وصبيُّه ابراهيم)
البيك :
يا حج سالم أنا أُقريك السلام
إنت اختيار صالح كَمان راجل تمام
اعمل معي معروف وخلِّيك مستوي
وانضُر لنا سقَّا يكون راجل قوي
يطلَّع القربة ويكلف لي الحمار
وياخُد المَقطف يِجيب لحمة وخضار
لكن أنا بِدِّي الأمانة يا جدع
ولا أحب الزور وأفعال البدع
ومرحبًا بك في جميع ما تطلبه
بس انت ساعدني على اللي أرغبه
الحاج سالم (لصبيه إبراهيم) :
دهْ يا إبراهيم اندَه لأحمد أو علي
وإن كان غايب هات عمك فرْغلي
(ويقول للبيك):
والا أجيب سيِّد لأنه واد نِضيف
في كل مِشوار تبعَتُه تلقاه خفيف
وإن كان في شُبرَه والا مهمشه
تشيَّعه المغرب يجي قبل العِشَه
يستنضف اللحمة ويعرف في الخضار
وإن قلت له طير يا جدع في الجو طار
وتعمله قواس والا بلطجي
ويعمل القهوة وأبوه كان قهوجي
البيك :
وعند مِين دا كان خدم يا هَلْتَره
كان عند راجل يا ترا والا مرَه
الحاج سالم :
كان عند ابوه في خدمة القهوة صبي
بعدين فتح زيَّات عند الإتربي
يا دوب خمَسْ تُشهر على بيع الشُّكك
أما زباينُه كلهم كانوا شُرُك
أكلوا عليه المال وهو لَاخَر أكَل
راحْ سلم المفتاح وللدكان قفَل
جاني على القهوة طلب خدمة قَوَام
جت قِسمته والعيش عند الشيخ إمام
البيك :
وليه خرج من عند دا واش لو سبب؟
الحاج سالم :
أمر المشايخ في الخدامة دا عجب
بقا أقول لك على السبب وأخبرك
وأفطَّنك عللي حصل وأنوَّرك
لما دخل سيِّد ببيت الشيخ إمام
قعدْ يبيِّن له الحلال من الحرام
ويقول استنجى وتوضَّا وقوم
صلي وخلي للصَّلا بدلة هُدوم
وإن كان للخدمة أهي الخِيشة منه
والبِير اهيَّا الحمد لله عَندِنه
وتغسل الحوض الكبير وتبخَّره
وفي الكنيف لبْرِيق دَيما تِحضَّره
وعندنا القِربة وعندنا الحِمير
تملا لنا القربة من البحر الكبير
وتروح للجامع تِجيب سِتين رغيف
لكن تنقِّيهم من العيش النِّضيف
وكل يوم تبيع لنا العيش القديم
ويكون معك في السوق عبد الشيخ سليم
وكل شيء تسلِّمه لي بالعدد
اوعى يغشَّك حد في السوق يا ولد
طهِقْ من الخدمة وكُتر المرمطة
والشيخ دا لاخر يحب المَظرطة
قوم يا ولد هات الجِراية وعدَّها
ونضَّف البغلة قوام وشدها
ويطخَّخه مشوار التمن السيدة
مِن شان عزومة وكل يوم على كِدة
حتى انبرى عظمه وجسمه اتنَحل
كان اتولد لا شك في طالع زحل
أدي السبب أما الولد قوي صليح
ويختشي العيبة وفي الخدمة مليح
البيك :
وبعد ما فات الإمام راح عند مين؟
الحاج سالم :
أخده يهودي اسمه الخواجة بنيمين
زعل من السيرج ومن بيض الفراخ
وخاف ينصاب بالعمى ولا النفَّاخ
يا دوب تلَتْ تُشهر قعد عنده وفات
لو كان فضل شهرين كماني كان مات
البيك :
بعد اليهودي يا ترى مين جا خده
والا فضل زي الحمار في مدوده
الحاج سالم :
جاني أبو حمزة وهو شيخ دهمشه
وكان مجوَّز مرة في مهمشه
وكل يوم يطخخه مشوار كبير
وهو على الرهوان وعامل لي أمير
وصار يروح الغيط يشقَّر علْدُره
فوق الحصان والواد يجري من ورَه
والأكل من بتَّاو واسمه حندويل
أما الغُموس من مش فيه الدود طويل
وإن غلط ليلة وكان عنده طبيخ
تكون بصارة أمرِّ من ماء الفسيخ
والا جمل عيَّان والا طور فَطيس
مللي يكون موجود في سوق الخميس
ما صدَّق إنه يوم مع سيده حضر
جاني وقال ما فيش في عينك نضَر
ما عدت أروح لا عند دا ولا عند ده
هوا تقصَّد بخت والا عند ده
أهوَّ جا … … … …

المنظر الثاني

(الحاج سالم، والبيك، وسيد الخدام)
الحاج سالم (لسيد) :
… بُوس إيد سيدك يا ولد
أحسن من اللي كنت عنده في البلَد

(سيد يبوس إيد البيك ويقف.)

البيك :
لك أب؟ … … … …
سيد :
… … أبويا مات … …
البيك :
… … … … وأمك؟ …
سيد :
… … … … … ميتة
البيك :
وفين حوايجك؟ … …
سيد :
… … كلها مشلتتة
البيك (للمخدم) :
يا حج سالم خد جِنيه وروح معه
واحفَضْ كلامي اللي اقوله وتسمعه
سوق المؤيد فيه قُمصنجي شهير
اسمه عمر وله هناك مخزن كبير
هات له قميص ويا لباس وعنتري
وبعد ما تقبَّض فلوس وتشتري
ارجع معه وادينِي بستنَّاك هنا
أعطيه أنا جزمة من اللي عندنا
وأدِّيه كمان طربوش يغيَّر سحنته
وأشيَّعه الحمام ينضَّف جتِّته

(ويروحوا.)

البيك (لوحده) :
أهو بس بصرف في فلوس من غير لزوم
ما أصدَّق الخدام على الخدمة يدوم
ركَّه على شهرين ثلاثة وإن شبع
يسمع كلام مخدِّمه ويتِّبع
لما يجي ياخد الجعالة يبصُّ له
ومن الكلام اللي معاه يرصُّ له
ويعلمه السرقة ويسقيه العوج
ويقابله في كل يوم إذا خرج
من أجل ما يقسم معه اللي طيَّره
وإن خرج يجيب زيُّه يغيَّره
هي كدا ماشية مع المخدمين
لا مخدمين تصدق ولا خدام أمين

المنظر الثالث

(الحاج سالم، والبيك، وسيد)
الحاج سالم :
أهو اشتريت له جلَّبيَّة علقياس
وجبت له قميص وجبت له لباس
وجبت له بُلغة وطربوش مغربي
ودفعت من جيبي ريالين والنبي
فُتَّك بعافية … … …

(ويقول لسيد):

… … وانت خلِّيك مستقيم
في خدمتك والبيك دا راجل عظيم

(ويروح.)

المنظر الرابع

(البيك، وسيد)
البيك :
قولي انت يا سيد بقا على الصحيح
بلفظك الرايق وقولك دا الفصيح
هوَّ المخدم في غيابي قال لك إيه
على السلوك اللي يريد تمشي عليه
إنت بقيت ابني وصرت في ذمتي
لما أتيت بيتي وصرت بخدمتي
قول علصحيح لا تختشي ولا تخاف
ولا تعاكسني ولا تقصد خلاف
سيد :
قالي لي إذا أعطاك مخدومك فلوس
إن كان ثمن للشمع أو حق الفنوس
والا عطالك تشتري لحمة وخضار
ولا العَليق اللي يجيبه للحمار
قربط على خمس الفلوس اللي معك
واوعى تقول حاجة لواحد يسمعك
وإن شيَّعوك في البيت تجيب شبت أو جرجير
إن كان قليل اللي انطلب والا كتير
اسعى على البقشيش من اللي رحت له
لا بدَّ يعطيك شيء لما تسأله
مع ابنهم إن شيَّعوك خلِّيك لطيف
حين يدخل الكتاب خد منه رغيف
واغويه على طلب الفلوس وسلَّطه
لَجْلِن إذا قابل أبوه يورَّطه
لو قرش تعريفة عطاه خد ملِّمين
هيا الفلوس أمال تجي تجري منين
وإن اشترى سيدك بنفسه حاجته
اوعى تجيب سيرة والا تحدَّته
بس انت طيَّر في خشب وفحم كوك
واوعى لنفسك يا جدع لا يمسكوك
وعوَّر القربة وقطَّع في سلب
وكل يوم اطلع لسيدك في طلب
البيك :
وانتا بقى واجب عليك تعمل كدة
ومين يآمن بس راجل زيِّ ده
سيد :
وليه أنا أعمل كدة غرشي كلام
ما حد يتجاسر كدا الا ابن الحرام
البيك :
قوم انت روح للحج سالم شيَّعه
بدِّي على شان أجرتك أحكي معه

(فيروح.)

المنظر الخامس

البيك (لوحده) :
أهو من الأول فقسنا لعبته
واظهر لنا النبل الذي في جعبته
ما عدت آآمن له ولا أستخدمه
وأأخَّره بين الرجال ما أقدَّمه

المنظر السادس

(الحاج سالم، والبيك، وسيد)
البيك :
يا حج سالم خد صبيَّك واخرجوا
أوعوا بقا في خطنا يوم تدرجوا
أنا نويت اليوم أسافر علبلد
لا لي لزوم خدَّام ولا آخد ولد
يكفي اللي جبته لي أهو خد كسوته
خده معاك وانصحه وحدَّته
الحاج سالم :
هوَّا جرى حاجة؟ … … …
البيك :
… … … بقول برَّا قوام
بلا كباير مصطنع بلا كلام

(يخرجوا.)

البيك (لوحده) :
في قهوة الموسكي بشوف خدام كتير
متجمعين كأنهم موقف حمير
ديمًا أشوف هناك ناس من غير عدد
فيهم برابرة وفلاحين وأولاد بلد
أروح أقابل شيخهم واسأله
وإن عجبني حد منهم أقبله
لا عندنا بوَّاب ولا سقا فقط
نفضل بلا خدام كدا يبقى غلط
لازم من الخدام يشيل قفة طحين
وإذا فضي يغسل مواجير العجين
ويجيب عليقة للحمار وينضفه
ويهز له في التبن لما يعلفه
ويشيل لي المقطف وأروح سوق الخضار
وأشتري على رواقه آخر النهار

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤