بجماليون

من خيالي جبلت حسنك تمثالًا فطافت حياله الأنبياء
مشرقًا من جمال ما علموا حين الذي علَّموا طواه الفناء
سجدوا مثل سجدتي لمحياك فمنه تألف الإيحاء
نظرةٌ للألوهة استعبدتنا وعبيد الجمال هم من أضاءوا
وتخلَّوا عن السماء فإنَّ الأرض لما سكنتها تُستضاء
بل لدن أبدعت يد الفن فيها رسمك الذي اشتهته السماء
أتملَّاه في شخوصي وأحلامي ومن غير فؤادي براءُ
يا مثاليتي التي لم تدنس بتشابيه كلها أهواء
ما تسابيح مُهجتي فيك إلا صلوات روحية غناءُ
لم تُعرف ولن تعرَّف يومًا لنفوس لم يستثرها الضياء
والضياء الذي تشبعت منه غير دنيا ضياؤها ظلماءُ
والجمال الذي تغنيت فيه غير ما تابع الورى كيف شاءوا
كلما جئت مفصحًا عنه ردتني إلى الصمت نشوةٌ خرساءُ
بايع الأنبياء قلبي بالحب وعبئي من دونه الأعباء
ففروضي فروضهم وعباداتي وحيدًا هي الغنى والجزاء
وهي همِّي ولوعتي وشجوني وهي أنسي ولذتي والرجاء

•••

وتجليت فتنة وأنا العابد لا تستشيره الضوضاء
وتخيلت إنني ذلك المغرم يصبي خياله الإغراء
فتباعدت، حينما أنت للفن خيالي المقدس الوضاء
لا التي يعشق الورى، وهي منهم، ويُباهي بوصفها الشعراء!
١٩٤٢

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤