الفصل الأول

مقدمة المؤلف

إن الموضوعات التي تبحث فيها الفلسفة والمسائل التي تحاول حلها لعديدة؛ فكل ما هو علمي محض أو يترتب عليه فائدة عملية للإنسان داخل في نطاقها، ونحن نرتب تلك الموضوعات والمسائل على حسب الإجابة عن ثلاثة أسئلة كبرى: ما، وكيف، ولماذا؟

ما حقيقة الموجود؟ وكيف وجد؟ تلك مُعَمَّيات نيط بحلها «علم ما بعد الطبيعة»، ماذا نعرف عن الأشياء الموجودة؟ وكيف نعرف؟ أسئلة تشتغل بالبحث عنها فلسفة المعرفة، ماذا ينبغي أن نعمل؟ ولِمَ نعمل في طريق خاص دون غيره؟ أسئلة يجيب عنها علم الأخلاق، وعند الإجابة عن هذه الموضوعات كلها نشأت مذاهب ونظم فلسفية متنوعة، فكل إنسان وكل فيلسوف أجاب عنها حسب رأيه وأخلاقه — وربما زدنا — وحسب الظروف المحيطة به، وحسب تربيته وروح العصر الذي هو فيه. وقد لاحظ «فخته» ملاحظة صحيحة أن نوع الفلسفة الذي يختاره الإنسان مرتبط ارتباطًا كبيرًا بطبيعة الإنسان نفسه، ويجب أن يزاد على ذلك أنه مرتبط كذلك بروح العصر.

وليس للفلاسفة من الزمن ما يكفي للبحث في كل المسائل، فالحياة قصيرة، والعقل البشري محدود ومحصور مهما كان متوقد الذكاء واسع النظر، ولهذا شغل كل طائفة من الفلاسفة بالبحث في طائفة من المسائل، فتنوعت النظم الفلسفية، ولم يكن التنوع مقصورًا على أن كل جماعة خصصوا أنفسهم لدراسة نوع خاص من المسائل فحسب، بل هم قد يختلفون في المسألة الواحدة وتتنوع إجابتهم عليها، ويمكننا مما تقدم أن نقسم المسائل الفلسفية إلى ثلاثة أقسام:
  • (١)

    مسائل ما بعد الطبيعة أو علم الوجود.

  • (٢)

    المسائل الأخلاقية.

  • (٣)

    المسائل المتعلقة بنظرية المعرفة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤