مقدمة

تعود عملية جمع أمثال هذه الموسوعة إلى عام ۱۹۷۰م، وكانت هذه العملية أول ما بدأت، لا تعتمد على أي أساس علمي، بل كان الجمع يتم بشكل عشوائي؛ أي «كيف ما أجَتْ تيجي». ومع مرور الوقت تجمَّع لديَّ عدد كبير من الأمثال والأقوال الشعبية الفلسطينية. ولم تمضِ بضع سنوات حتى فكَّرتُ بإصدار كتابٍ يبحث في هذه الأمثال. وفي عام ١٩٨٦م نفَّذت الفكرة وأنجزت مخطوط الكتاب، إلا أن دار النشر التي أبدت استعدادها لنشر الكتاب وتوزيعه أخلفت وعدها، لأسباب تخصها؛ فلم يرَ الكتاب النور، رغم الانتظار الذي استمرَّ حوالي أربعة أعوام، والتي تجمَّع لدَيَّ خلالها المزيد من الأمثال الشعبية الفلسطينية، وكان هذا الكمُّ الهائل منها يصلح لإعداد موسوعة تضم هذه الأمثال.

وبالرغم من ضخامة عدد الأمثال الشعبية التي توفَّرت لديَّ، فإنني لا أستطيع الادِّعاء بأنها تمثِّل كل أمثال شعبنا العربي الفلسطيني، بل الجزء الأعظم منها؛ لذلك فقد جاء هذا العمل ليحمل عنوانًا أعرض بقليل من واقعه، وهو «موسوعة الأمثال والأقوال الشعبية الفلسطينية.»

إن الهدف من هذه الموسوعة يكمن في أهمية جَمع أكبر عدد ممكن من الأمثال والأقوال الشعبية الفلسطينية، ونشرها؛ للحفاظ عليها، بدل أن تكون هذه الأمثال متناثرةً ومبعثرةً هنا وهناك.

وأعتقد أن عملية جمع عناصر الأدب الشعبي هي أهم عملية على الإطلاق؛ لأن ما يدعونا ويُلح علينا لتدوين هذا الأدب الشعبي إنما هو خشيتنا عليه من الزوال بمرور الوقت؛ إذ إن حمَلَة هذا التراث الأساسيين هم ذلك الجيل من آبائنا وأجدادنا، أو بالأصح مَن بقي من هؤلاء على قيد الحياة؛ إذ إن ذهاب هذا الجيل وتلاشيه — وهو ما سيحصل إن آجلًا أو عاجلًا — سيؤدِّي إلى ذهاب وزوال قسم كبير من أدبنا الشعبي الذي يحفظه أفراد ذلك الجيل ويضمُّونه في صدورهم. لذلك من الضروري والمهم جدًّا المسارعة إلى استخلاص هذا التراث من صدور حَمَلته الحقيقيين.

ولا بأس أن تأتي دراسة عناصر الأدب الشعبي الفلسطيني، كمرحلة لاحقة؛ فلا خوف على هذا الأدب إذا تأخَّرت دراسته بعض الوقت، ولكن الخوف عليه يكمن في عدم المُسارعة إلى جمعه وتدوينه؛ فالجمع والتدوين أولًا، والدراسة تكون مرحلةً لاحقة.

من هنا جاءت فكرة هذه الموسوعة التي تضم نصوص ما تَوفَّر لدَي من أمثال وأقوال شعبية فلسطينية.

ونظرًا لورود كثير من الكلمات والعبارات العامية الفلسطينية في متون الأمثال، والتي قد تكون عصيةً على الفهم، فقد أوردتُ في آخر الموسوعة ثبتًا هجائيًّا لهذه الكلمات كما وردَت.

أخيرًا آمل أن يقدِّم هذا العمل إسهامًا متواضعًا في تسليط بعض الأضواء على جانب هام من جوانب الأدب الشعبي الفلسطيني؛ خدمةً لشعبنا العربي الفلسطيني، وقضيته العادلة.

محمد توفيق السهلي

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤