أين اختفى الرُّسُل؟

فيما عدا بطرس الذي تمتَّع في الأناجيل الأربعة وفي أعمال الرسل بشخصية واضحة، فإن بقية التلاميذ يبدون كشخصيات باهتة أشبه بالكومبارس في مسرحية فخمة، والعديد منهم يختفي بعد ورود اسمه في قائمة الرسل ولا نكاد نعثر له على أثر. وقد قمت بتتبُّع آثار هؤلاء عبر أحداث الإنجيل، ورصدتُ الدور الذي لعبه كلٌّ منهم في هذه الأحداث، وإليكم النتيجة:

(١) بطرس: ورد اسمه ٢٥ مرةً لدى الإزائيين، وستَّ مراتٍ لدى يوحنا. وهو الوحيد الذي كان يجرؤ على الدخول في حوارات مباشرة مع يسوع (مرقس، ٨: ٣١–٣٣). وقد أثنى عليه يسوع في إحدى المرات ووصفه بأنه الصخرة التي ستقوم عليها الكنيسة (متَّى، ٦: ١٨–٢٠).

(٢) أندراوس: فيما عدا رواية دعوة التلاميذ وقائمة الرسل، لا يظهر أندراوس لدى الإزائيين الثلاثة إلا مرتين وبشكل عابر. في المرة الأولى يَرِد اسمه باعتباره أخا بطرس ويسكن معه في البيت نفسه: «ولما خرجوا من المجمع جاءوا للوقت إلى بيت سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا، وكانت حماة سمعان مضطجعة محمومة … إلخ» (مرقس، ١: ٢٩–٣١. قارن مع متَّى، ٨: ١٤–١٥؛ ولوقا، ٤: ٣٨–٣٩). وفي المرة الثانية عندما توجه بالسؤال إلى يسوع مع عدد آخر من التلاميذ، وقالوا له: «قُل لنا متى يكون هذا (أي خراب الهيكل)؟ وما هي العلامة؟» (مرقس، ١٣: ٣–٤. قارن مع متَّى، ٢٤: ٤–١٤؛ ولوقا، ٢١: ٨–١٩).

وفي إنجيل يوحنا يظهر أندراوس مرتين أيضًا وبشكل عابر؛ الأولى في قصة معجزة إطعام خمسة آلاف شخص من خمسة أرغفة وسمكتين: «فقال له واحد من تلاميذه وهو أندراوس أخو سمعان بطرس: هنا غلامٌ معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان» (يوحنا، ٦: ٨). والثانية عندما أتى يهود يونانيون إلى فيليبس وسألوه أن يجمعَهم بيسوع، «فأتي فيليبس وقال لأندراوس ثم ذهب أندراوس وفيليبس وأخبرا يسوع» (يوحنا، ١٢: ٢٠–٢٣).

(٣) و(٤) يعقوب ويوحنا:

في معظم الأحيان يظهر هذان الرسولان في الرواية الإنجيلية معًا، وذلك إما باسمَيهما أو تحت اسم ابني زبدي. وقد أعطى الباحثون الكنسيون ليعقوب بن زبدي لقبَ «الكبير» لتمييزه عن الرسول التاسع يعقوب بن حلفي الذي دُعيَ أحيانًا بيعقوب الصغير (راجع مرقس، ١٥: ٤٠). وهذه هي المواضع التي ظهر فيها هذان التلميذان لدى الإزائيِّين، فيما عدا القائمة والدعوة:
  • في قصة إحياء ابنة يائير رئيس المجمع، عندما دخل يسوع بيت يائير، ولم «يدَع أحدًا يصحبه إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب» (لوقا، ٨: ٤٠–٥٦؛ ومرقس، ٥: ٢١–٤٣. قارن مع متَّى، ٩: ١٨–٢٦).

  • عندما قال يوحنا ليسوع: «يا معلمُ، رأينا رجلًا يطرد الشياطين باسمك فمنعناه لأنه لا يتبعك معنا، فقال يسوع: لا تمنعوه» (لوقا، ٩: ٤٩–٥٠).

  • في مشهد التجلي: «وبعد ستة أيامٍ مضى يسوع ببطرس ويعقوب ويوحنا فانفرد بهم على جبلٍ عالٍ، وتجلَّى بمرأًى منهم فتلألأت ثيابُه ناصعة البياض … إلخ» (مرقس، ٩: ٢–٧. قارن مع متَّى، ١٧: ١–٨؛ ولوقا، ٩: ٢٨–٣٦).

  • عندما دنا إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي فقالا له: «امنحنا أن يجلس أحدنا عن يمينك والآخر عن شمالك في مجدك» (مرقس، ١٠: ٣٥–٣٧. قارن مع متَّى، ٢٠: ٢٠–٢٣).

  • بينما هو جالسٌ على جبل الزيتون عندما انفرد به بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس وسألوه: «متى يكون هذا؟ (أي دمار الهيكل الذي تنبَّأ به)» (مرقس، ١٣: ٣–٤؛ متَّى، ٢٤: ٤–١٤).

  • عندما لم يسمح السامريون ليسوع وتلاميذه أن يمروا في أرضهم، قال له يعقوب ويوحنا: «أتريد أن تقول إن تنزل نارٌ من السماء فتفنيهم كما فعل النبي إيليا أيضًا؟» فأجابهم: «ابن الإنسان لم يأتِ ليهلك أنفس الناس بل ليخلِّص» (لوقا، ٩: ٥٤).

  • عندما أرسل بطرس ويوحنا قائلًا: «اذهبا وأعدَّا لنا الفصح لنأكل» (لوقا، ٢٢: ٨).

  • وكان يعقوب ويوحنا مع يسوع في بستان جتسماني على جبل الزيتون في ليلة القبض على يسوع عندما مضى بهم بعيدًا عن التلاميذ: «وجعل يستشعر حزنًا وكآبةً. وقال لهم: نفسي حزينةٌ حتى الموت، امكثوا هنا واسهروا. ثم أبعد قليلًا ووقع على الأرض يصلي …» (مرقس، ١٤: ٣٢–٣٥. قارن مع متَّى، ٢٦: ٣٦–٣٨؛ ولوقا، ٢٢: ٤٠–٤٥).

  • عندما هذا أظهر يسوع نفسه للتلاميذ بعد قيامته على بحيرة طبريا. وكان ذلك أمام سمعان بطرس، وتوما الذي يقال له التوءم، ونثنائيل الذي من قانا الجليل، وابنَي زبدي، واثنين آخرين من تلاميذه مع بعضهما (يوحنا، ٢١: ١–٣).

(٥) متَّى (لاوي + لاوي بن حلفي): بعد رواية دعوته وورود اسمه في القائمة لا يعود إلى الظهور لدى الإزائيين في بقية أحداث الإنجيل، وكذلك الأمر لدى يوحنا الذي لم يورد أصلًا رواية عن دعوته. وهذا أمرٌ في غاية الغرابة لا سيما إذا كان هذا العشَّار هو مؤلِّف إنجيل متَّى، لأنه يكون قد ساهم مع بقية الإنجيليِّين في التعتيم على أخباره.

(٦) فيليبس: فيما عدا ذكرِه في قائمة الرسل، لا يعود إلى الظهور عند الإزائيين. أما عند يوحنا فيظهر ثلاث مرات؛ الأولى في قصة معجزة تكثير الخبز والسمك: «فرفع يسوع عينَيه فرأى جمعًا كبيرًا، فقال لفيليبس: من أين نشتري خبزًا لنُطعمَهم؟ فأجابه فيليبس: لو اشترينا خبزًا بمائتي دينار لما كفى» (يوحنا، ٦: ٤–٧). والثانية عندما جاء يهود يونانيون قاصدين يسوع: «فعمدوا إلى فيليبس فقالوا ملتمسين: سيدي، نريد أن نرى يسوع. فذهب فيليبس فأخبر أندراوس» (يوحنا، ١٢: ٢٠–٢٣). والثالثة عندما قال ليسوع: «يا سيد أرنا الأب وكفانا. فقال له يسوع: أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيليبس؟ الذي رآني فقد رأى الأب» (يوحنا، ١٤: ٨–٩).

(٧) برتلماوس: بعد قائمة الرسل يختفي هذا الرسول عن أحداث الإنجيل.

(٨) توما: بعد قائمة الرسل لا يعود إلى الظهور في الأناجيل الإزائية. أما عند يوحنا فيظهر أربعَ مرات:
  • عندما قال يسوع لتلاميذه: إن لعازر قد مات «قال توما الذي يقال له التوءم للتلاميذ من رفقائه: لنذهب نحن أيضًا لكي نموت معه» (يوحنا، ١١: ١٤–١٦).

  • عندما قال يسوع للتلاميذ: «تعلمون حيث أنا أذهب وتعلمون الطريق» قال له توما: «يا سيد، لسنا نعلم أين تذهب فكيف نعرف الطريق؟» قال له يسوع: «أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحدٌ يأتي إلى الأب إلا بي» (يوحنا، ١٤: ٤–٦).

  • عندما ظهر يسوع للتلاميذ بعد قيامته وهم مجتمعون في بيت، وأراهم أثر المسامير في يديه وأثر الحربة التي طعنوه بها في جنبه. ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديَّ وهات يدك وضَعْها في جنبي، ولا تكن غيرَ مؤمنٍ بل مؤمنًا» (يوحنا، ٢٠: ٢٦–٢٧).

  • عندما ظهر يسوع للمرة الأخيرة لتلامذته عند بحيرة طبريا كان توما أيضًا بينهم (يوحنا، ٢١: ١–٢).

(٩) يعقوب بن حلفي: بعد قائمة الرسل لا يظهر في بقية أحداث الإنجيل. وهناك احتمالٌ في أن يكون هو يعقوب الصغير الذي ورد اسمه مرة واحدة عند مرقس: «وكانت نساء ينظرن من بعيد، بينهن: مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب الصغير، وسالومة» (مرقس، ١٥: ٤٠).

(١٠) تداوس (+ لباوس + يهوذا بن يعقوب): لا يظهر أيٌّ من هذه الأسماء لدى الإنجيليين الأربعة بعد ورودها في قوائم الإزائيين. وهناك احتمال في أن يكون يهوذا بن يعقوب هو مَن ذكره يوحنا تحت اسم يهوذا غير الإسخريوطي: «قال له يهوذا ليس الإسخريوطي: يا سيد، ماذا حدث حتى إنك مزمعٌ أن تُظهر نفسك لنا وليس للعالم؟ أجاب يسوع … إلخ» (يوحنا، ١٤: ٢٢–٢٣).

(١١) سمعان القانوي أو الغيور: لا يظهر بعد القائمة في بقية أحداث الإنجيل.

(١٢) يهوذا الإسخريوطي: لا يظهر عند الإزائيين بعد القائمة إلا في ليلة العشاء الأخير والقبض على يسوع عندما جاء بجند الهيكل إلى حيث كان يسوع وتلاميذه في بستان جتسماني على جبل الزيتون. أما عند يوحنا فيظهر مرة أخرى قبل ذلك، عندما جاءت امرأة بزجاجة عطر ثمين وسكبَتها على قدمَي يسوع. فقال يهوذا: «لماذا لم يُبَع هذا الطِّيبُ بثلاثمائة دينار ويُعطَ للفقراء» (يوحنا، ١٢: ١–٦).

(١٣) نثنائيل: لا يظهر في قوائم الإزائيين ولا فيما تلى ذلك من الأحداث. أما عند يوحنا فيظهر مرةً واحدةً فقط بعد رواية دعوة التلاميذ.

(١٤) التلميذ المجهول: تجاهل الإزائيون هذا التلميذ بشكل كامل. أما عند يوحنا فيظهر ٧ مراتٍ بعد رواية دعوة التلاميذ. ونحن لن نفصِّل هنا في الأخبار التي ذكرته، لأننا سنعود إليه بالتفصيل عندما نتحدث عن مشكلة إنجيل يوحنا.

والآن سوف نختصر هذا العرض لأحوال الرسل في جدول يبيِّن عدد ظهورات كلٍّ منهم في الأناجيل الأربعة بعد الظهور الأول في القائمة ورواية دعوة التلاميذ:

الاسم عدد مرات الظهور
في الأناجيل الإزائية في إنجيل يوحنا
(١) بطرس ٢٥ ٦
(٢) أندراوس ٢ ٢
(٣)–(٤) يعقوب ويوحنا ٩ ١ (ابنا زبدي)
(٥) متَّى (+ لاوي + لاوي بن حلفي) غائب غائب
(٦) فيليبس غائب ٣
(٧) برتلماوس غائب غائب
(٨) توما غائب ٤
(٩) يعقوب بن حلفي غائب غائب
(١٠) تداوس/لباوس/يهوذا بن يعقوب غائب غائب
(١١) سمعان الغيور غائب غائب
(١٢) يهوذا الإسخريوطي ١ ٢
تلاميذ مذكورون عند يوحنا فقط:
(١٣) نثنائيل غائب ١
(١٤) التلميذ المجهول غائب ٧

من دراسة هذا الجدول نلاحظ أن سبعةً من أصل اثنَي عشر رسولًا تضمَّنَتهم القائمة الإزائية قد غابوا عن بقية أحداث الإنجيل بعد ظهورهم في القائمة. وربما أوحى لنا عددُ المرات التي ورد فيها ذِكر بطرس والأخوين يعقوب ويوحنا في الأناجيل الإزائية، بأنهم كانوا الأقربَ إلى يسوع وبأنهم لعبوا دورًا مميزًا في الأحداث، إلا أنه تقلَّص دورُهم في إنجيل يوحنا (حيث ورد اسم بطرس ٦ مرات في مقابل ٢٥ عند الإزائيين، وغاب الأخوان يعقوب ويوحنا تقريبًا؛ حيث ورد اسمهما مرةً واحدةً على أنهما ابنا زبدي دون الإشارة إلى اسمَيهما)، من شأنه أن يعدِّل هذه الفكرة المبدئية. وفيما يتعلق بيهوذا فإنه لم يظهر في أي حدث من أحداث الإنجيل لدى الإزائيين إلا عشية الفصح عندما تناول العشاء الأخير مع البقية، ثم خرج وجاء بجند الهيكل للقبض على يسوع. أما أندراوس فقد ورد ذِكرُه مرتين بشكل عابر عند الإزائيين ومثلها عند يوحنا.

كل هذا يُوصلنا إلى حقيقة في غاية الأهمية، وهي أن مؤلفي الأناجيل وبقية أسفار العهد الجديد لم تصلهم إلا أخبارٌ شحيحةٌ وغامضةٌ عن تلاميذ يسوع وأسمائهم الحقيقية، وكان عليهم أن يجدوا دورًا لهؤلاء في أخبار يسوع، وحشرهم في مناسبات لم يكن لهم فيها دورٌ أصلًا.

ويتفاقم لغزُ اختفاء التلاميذ عندما ننتقل إلى سفر أعمال الرسل، وهو السفر المخصَّص لأخبار الرسل بعد غياب يسوع، ونشاطاتهم في التبشير وفي ترسيخ دعائم الكنيسة الناشئة. ففي الإصحاح الأول من السفر يجتمع أتباع يسوع وينتخبون رسولًا يأخذ مكان يهوذا الإسخريوطي بين الاثنَي عشر ويقع خيارهم على رجل لا نعرف سوى أن اسمه متياس (وهو صيغة أخرى للاسم متَّى). ويورد لنا كاتبُ السفر قائمةً بأسماء الرسل تُقابل قائمة لوقا بعد تعديل مواقع الأسماء، وهم: بطرس ويوحنا، ويعقوب وأندراوس، وفيليبس وتوما، وبرتلماوس ومتَّى، ويعقوب بن حلفي وسمعان الغيور، ويهوذا بن يعقوب (تداوس؟) ومتياس.

ولكن ثمانية من هؤلاء الرسل يختفون فورًا بعد ذِكْر أسمائهم في هذه القائمة، وهم: أندراوس، متَّى، برتلماوس، توما، يعقوب بن حلفي، يهوذا بن يعقوب (تداوس)، سمعان الغيور، متياس. وبذلك لا يبقى من الاثنَي عشر سوى بطرس، ويعقوب ويوحنا (ابني زبدي) وفيلبس. وبعد أن حكم الملك هيرود على يعقوب بن زبدي بالموت (أعمال، ١٢: ١–٣)، لا يبقى من الرسل على مسرح أحداث سفر الأعمال سوى بطرس ويوحنا بن زبدي وفيليبس. وقد لعب هؤلاء دورًا بارزًا في الأعمال التنظيمية للكنيسة وفي التبشير داخل فلسطين وخارجها. ولا ندري متى وكيف انضم يعقوب الآخر الملقَّب بأخي الرب إلى هؤلاء، ولكن بولس في الرسالة إلى أهالي غلاطية يَعدُّه بين أعمدة كنيسة أورشليم، ويُعدِّد أسماء هؤلاء الأعمدة على أنهم: يعقوب أخو الرب، وصفا (= بطرس)، ويوحنا (غلاطية، ٢: ٩. قارن مع غلاطية، ١: ١٩).

ومع اختفاء القسم الأعظم من رسل يسوع، يظهر في سفر أعمال الرسل تلاميذُ جددٌ لم يرَوا يسوع، لعبوا الدور الأهم داخل كنيسة أورشليم وخارجها. من هؤلاء رجلٌ قبرصي اسمه يوسف ولقبه الرسولي برنابا، أي ابن الوعظ، باع حقله وأتى بثمنِه فألقاه عند أقدام الرسل (أعمال، ٤: ٣٦–٣٧). وعندما زار بولس أورشليم بعد اهتدائه إلى المسيحية تفاداه الرسل غير مصدقين اهتداءَه، ولكن برنابا رحَّب به وقدَّمه إلى التلاميذ ودافع عنه (أعمال، ٩: ٢٦–٢٩). وبعد ذلك أُوفد إلى أنطاكية من أجل التبشير فيها، ومن أنطاكية توجَّه إلى طرسوس في كيليكيا واجتمع ببولس ثم عاد الاثنان وعملَا معًا مدة سنة في أنطاكية (أعمال، ١١: ٢٢–٢٦). ومن أنطاكية توجَّه الاثنان إلى قبرص.

ومن التلاميذ الجدد اسطفانوس (استيفانوس) الذي استفزَّ اليهود بكرازته بيسوع، فجِيءَ به إلى محكمة السنهورين. وعندما لم يُجدِ دفاعُه عن نفسه شيئًا رفع صوته في وجه قُضاته من اليهود قائلًا: «يا غلَّاظ القلوب، ويا غُلف القلوب والآذان، ما زلتم تقاومون الروح القدس، وكما كان آباؤكم كذلك أنتم، أي نبي لم يضطهده آباؤكم؟ فقد قتلوا الذين أنبئوا بمجيء البار (يسوع المسيح) الذي أسلمتموه آنفًا وقتلتموه. أنتم أخذتم الشريعة من يد الملائكة ولم تحفظوها» (أعمال، ٧: ٥١–٥٣). فأخرجوه خارج المدينة ورجموه حتى الموت.

ومن التلاميذ الجدد مرقس، واسمه الكامل يوحنا مرقس، الذي أُوفد إلى أنطاكية حيث التحق ببولس وبرنابا (أعمال، ١٢: ٢٤–٢٥). ومن هناك سافر مع برنابا إلى قبرص، وبعد ذلك رافق بولس في عدد من رحلاته التبشيرية (كولوسي، ٤: ١٠؛ وفيلمون: ٢٤). ومنهم تيموثاوس وسيلا اللذان التحقا ببولس في أثينا (أعمال، ١٧: ١٤–١٥). وقد كانت أم تيموثاوس يهودية، أما أبوه فكان يونانيًّا. وقد آمن على يد بولس الذي تبنَّاه كابنٍ، وإليه وجَّه رسالتَه المعروفة بالرسالة إلى تيموثاوس. وبدءًا من الإصحاح ١٦ في سفر الأعمال، يتفرَّغ كاتب السفر إلى إخبار بولس وحده.

والسؤال الذي نطرحه مجددًا: أين اختفى رسل يسوع؟ وكيف حلَّ محلَّهم في سِفر الأعمال المخصص أصلًا لأخبار الرسل، رسلٌ لم يروا يسوع وكان بعضهم من اليهود اليونانيين؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤