الفصل الرابع

مَجَدو والمدن الملكية

بعد عاصمتي الشمال والجنوب، نأتي إلى ثلاث مدن ملكية أخرى أخبر عنها كتاب التَّوراة وهي مدن «مَجِدو» و«حاصور» و«جازر»، وهذه تشترك في كونها مُدُنًا كنعانية قديمة تقول الرواية التوراتية إن سليمان قد أعاد بناءَها بعد أن كانت مهجورةً، وحوَّلها إلى مراكز إدارية تابعة له مُباشرة، بعيدًا عن الولاءات القبلية (سِفر الملوك الأول ٩: ١٥).

(١) مَجِدو

تمَّ التعرُّف على مَجِدو في «تل المتسلم» الذي يقع على مسافة عشرين ميلًا إلى الجنوب الشرقي من مدينة «حيفا» الساحلية، في الطرف الجنوبي من سلسلة الجبال التي تَنتهي بجبل الكرمل. وقد بدأت التنقيبات في المَوقع من قِبل المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو بإشراف عالم الآثار الكبير جيمس بيرستد؛ وذلك فيما بين عامي ١٩٢٥، ١٩٣٩م، واستمرَّت مِن بعده إلى خمسينيات هذا القرن.١ وقد دلَّت التنقيبات في الطبقات السُّفلى لموقع تل المتسلم على أن استيطان الموقع قد بدأ مع عصر البرونز الأول حوالي ٣٠٠٠ق.م. ثم توسَّعت مَجِدو تدريجيًّا لتغدو إحدى مدن فلسطين الكبرى خلال عصر البرونز الثاني والثالث.٢ وقد ورَد أول ذِكر تاريخي لها في مراسلات مدينة «ماري» إبان القرن الثامن عشر قبل الميلاد، ثم تواتَر ذكرها بعد ذلك في سجلات الشَّرق القديم، ممَّا قدَّمناه في الباب السابق.
في طبقات الموقع العائدة لنهاية عصر البرونز وبداية عصر الحديد، تتطابق نتائج التنقيب الأثري مع الرِّواية التوراتية، فمدينة مَجِدو قد تهدَّمت وهُجرت في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وحدث في الموقع فراغ استمرَّ إلى القرن العاشر قبل الميلاد؛ أي إلى الفترة السليمانية؛ حيث أُعيد بناء المدينة. وقد أمكن إرجاع سور المدينة الجديد وتحصيناتها وبواباتها وعدد من قصورها إلى تلك الفترة. وفيما يتعلَّق بالبوابة والأبراج الدفاعية المتصلة بها، وجد المُنقِّبون تماثلًا تامًّا بينها وبين بوابات وأبراج المدينتَين الملكيتَين الأخريَين حاصور وجازر، وتطابُقًا في تاريخ بنائها، مما يُشير إلى المدن الثلاث قد بُنيَت من قِبَل سلطة مركزية واحدة ولغرض واحد. أما أسلوب البناء فكنعانيٌّ واضح، يتماثَل مع ما نراه بشكلٍ خاصٍّ في مدن فينيقيا الساحلية، وتظهر القصور الجديدة التي بُنيت في القرن العاشر تماثلًا واضحًا في التصميم وأسلوب البناء مع القصور التي كشف عنها في مناطق مُتفرِّقة من سورية الداخلية.٣
وقد بُنيت المدينة لتكون مركزًا إداريًّا ملكيًّا؛ ذلك أن الأبنية التي تمَّ الكشف عنها داخل السور كانت عبارة عن قصور ذات طابع رسمي إداري لا سَكَني، ورغم أن بعض الأبنية السكنية القليلة كانت قائمة داخل السور خلال الفترة السُّليمانية، إلا أنها اختفت خلال القرن التاسع بعد أن صارت مَجِدو إلى المملكة الشمالية عقب الانقسام، وتمَّ تشييد قصور جديدة تحمل الطابع نفسه إبان فترة حكم الملك آخاب.٤
خلال النصف الأول من القرن الثامن قبل الميلاد، تمَّ بناء سور جديد للمدينة؛ وذلك خلال فترة تزايُد النشاط العسكري الآشُوري في بلاد الشام، والحملات المتوالية على المنطقة التي أدَّت إلى دمار مَجِدو عام ٧٣٢ق.م. على ما تُخبِرنا به السجلات الآشورية. وهنا تتطابَق تمامًا في موقع مَجِدو البينة التاريخية الأركيولوجية، فالطبقة الآثارية الرابعة تدمَّرت تمامًا وغطَّتها طبقة من ركام الانهيارات تَرجع إلى تاريخ دمار المدينة في السجلات التاريخية، ثم يَعقُب ذلك فترة فراغ في الموقع تَستمِر قُرابة ثلاثة عقود ينقطع خلالها الاستيطان ويخلو التلُّ مِن سكانه. وعندما يُعاد بناء المدينة في الطبقة الآثارية الثالثة، نجد أنَّ المنطقة الملَكية قد زالت نهائيًّا وحلَّت محلَّها الأبنية السكنية العادية، كما نجد تغييرًا جذريًّا في تخطيط المدينة ونُظمها المعمارية، ممَّا يُخالف ما كان معمولًا به في فلسطين خلال العصر الحديدي، ويقترب إلى حدٍّ كبير من تخطيط ونُظم العمارة الآشورية، مما يُشير إلى إلحاقها بآشور. إلا أنَّ بقايا الفخار واللقى الأخرى العائدة للطبقة ذاتها، تُشير إلى استمرار الثقافة الكنعانية التي كانت سائدةً في فلسطين،٥ فالأقوام التي أحلَّها الآشوريون محلَّ الأسباط العشرة التي لم تَعُد قطُّ إلى فلسطين، لم تَفرض على المدينة نمطًا ثقافيًّا جديدًا، بل استوعبت بسرعة معطيات الثقافة الكنعانية وعملت على تطويرها في الاتجاه نفسه.

مَجِدو، هذه المدينة الكنعانية المُغرِقة في القِدَم، والتي وقَع عندها الكثير من الأحداث التوراتية لم يُشِر إليها الصليبي إلا في مقطعَين اثنين مُقتضبَين لا أثر فيهما لأيَّة معلومات أركيولوجية، ناهيك عن المعلومات التاريخية، يقول في أولهما:

[مَجِدو هذه بالذات، الواردة في رسائل تلِّ العمارنة، هي «مقدي» (مقد بدون تصويت) الحالية في منطقة القنفذة]. وفي الثاني يأتي ذِكر مَجِدو عرضًا من خلال التعرُّض لموقع لخيش: [لخيش ليسَت بالتأكيد تل الدوير الفلسطينية، وترابط المكان مع جبعون ومَجِدو وحبرون وعجلون، التي هي اليوم آل جبعان ومقدي والخربان وعجلان في منطقة القُنفذة وجوارها العام، يُشير بشكل مميَّز إلى أن لخيش هي آل قياس، أو قياسة، أو بني قيس في الجوار ذاته] (ص١١٩ و٢٠٣).

(٢) حاصور

تقع حاصور، ثاني المدن الملكية في الجليل بين بحيرة الحولة وبحيرة طبرية، وقد كشف حملة التنقيب التي جرَت بين عامي ١٩٥٥ و١٩٥٨م عن الجزء الأكبر من المدينة (تحت تلِّ القدح) وتبين أنها تعود إلى عصر البرونز المُبكِّر حوالي مطلَع الألف الثالث قبل الميلاد، واستمرَّت قائمة مع بعض الفجوات والانقطاعات حتى العصر الهلنستي،٦ وقد ورَد اسم المدينة في سجلات مدينة ماري منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وبعد ذلك في رسائل تلِّ العمارنة والسجلات المصرية اللاحقة مما بيَّناه في الباب الأول آنفًا.
وقد دلَّت نتائج التنقيب في الموقع على أن المدينة قد دُمرت خلال القرن الثالث عشر، وبقيت مهجورةً حتى القرن العاشر قبل الميلاد، ولكنها انتعشَت بشكلٍ فُجائي أواسط القرن العاشر حيث أعيد بناؤها وتحصينها بطريقة مشابهة لمدينة مجدو. ولم تكن تضم سوى منطقة مِلكية ذات أبنية إدارية كبيرة، وعندما انتقلت المدينة إلى المملكة الشمالية، حافظت على طابعها العام كمقر إداري ملكي، وأضاف إليها حُكام السامرة أبنيةً إدارية فخمة ومعظمها يعود إلى فترة حكم آخاب، ابن عمري. غير أنَّ الطابع الملَكي الإداري قد أخذ بالاختفاء في أواسط القرن الثامن؛ حيث حلَّت البيوت السكنية والحوانيت محلَّ عدد من الأبنية الإدارية السابقة. الأمر الذي يُشير إلى ضعف السلطة المركزية القائمة في السامرة.٧
وكما هو الحال في مَجِدو، فقد بُني في حاصور سور جديد أواسط القرن الثامن قبل الميلاد، يُشابه في تصميمه وطريقة بنائه سور مجدو الذي أُقيم في حوالي التاريخ نفسِه تقريبًا للدفاع ضد الاجتياحات الآشورية. وقد كانت حاصور من أوائل المدن الساقطة حيث دُمرت عام ٧٣٣. وقد كشفت التنقيبات في الطبقة الآثارية الثامنة عن دمار شبه كامل للمدينة يرجع إلى التاريخ نفسه، تلتْها فترة تراجع سكني وعمراني طويلة.٨

ومن الجدير بالذكر أن كمال الصليبي لم يأتِ على ذِكر هذا الموقع الفلسطيني المُهم في كتابه، ولم يَعثر له على مقابل في غرب العربية.

(٣) جازر

تمَّ التعرُّف على جازر في تل أبو شوشة الذي يقع على مسافة ١٨ ميلًا إلى الشمال الغربي من القدس. وقد بدأ التنقيب في الموقع لحساب (صندوق اكتشاف فلسطين) ببريطانيا، البروفيسور Mcallister عام ١٩٠٢م، فقام بحملتين تنقيبيتين الأولى من عام ١٩٠٢ إلى عام ١٩٠٥م، والثانية من عام ١٩٠٧ إلى ١٩٠٩م. تلا ذلك حملة ثالثة عام ١٩٣٤م بإشراف السيد Alan Rowe، ثم توقف التنقيب حتى عام ١٩٦٤م؛ حيث قاد الدكتور W. G. Dever الحملة الأخيرة بين عامي ١٩٦٤ و١٩٧٣م. وقد دلَّت نتائج التنقيب على وجود تجمع سكني بسيط منذ العصر النحاسي، استمر إلى عصر البرونز المبكِّر، ثم تحوَّل الموقع مع مطلَع عصر البرونز الوسيط إلى مدينة كبيرة محصَّنة أواسط القرن السابع عشر قبل الميلاد. غير أنَّ هذه المدينة قد دُمرت وهُجرت قرابة نصف قرن، ويتوافَق تاريخي التدمير مع حملة تحوتمس الثالث على فلسطين عام ١٤٨١م، مما يُرجِّح مسئولية هذه الحملة عن تدمير جازر، ثم بُنيَت المدينة مجددًا خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد، واستمرَّت مُزدهرةً إلى القرن العاشر حيث دُمرت مجددًا.٩
يتطابَق دمار القرن العاشر في جازر مع التاريخ التوراتي لتدمير المدينة على يد فرعون مصر الذي صعد إلى فلسطين ودمر جازر. وقد أعاد سليمان بناء المدينة وضمَّها إلى مملكته، على ما نقرأ في سِفر الملوك الأول ٩: ١٦–١٧: [صعد فرعون مصر وأخذ جازر وأحرقها بالنار وقتل الكنعانيين الساكنين في المدينة وأعطاها مهرًا لابنته امرأة سليمان]. وتدلُّ نتائج التنقيب الأثري على أن المدينة المدمَّرة قد أعيد بناؤها عقب خرابها، وأُقيمت لها بوابات وتحصينات مشابهة في التصميم وأسلوب العمارة لما هو موجود في المدينتَين الملكيتَين الأُخريين مجدو وحاصور، وقد استمرت المدينة في حالة ازدهار حتى الاجتياح الآشوري في آخر القرن الثامن الذي ترك آثارًا تدميرية واضحة في المدينة. وهناك آثار تدمير أخرى تعود إلى مطلع القرن السادس تتطابق مع اجتياح نبوخذ نَصَّر لمَملكة يهوذا.١٠

هذا الموقع الكنعاني المُهم الذي يَضرب بجذوره إلى بدايات التاريخ المكتوب، لم يُشر إليه الصليبي إلا عرضًا وفي موضع واحد من كتابه؛ حيث وجد له ثلاثة أمكنة مُحتملة في غرب العربية، فهو إما «الغزر» في وادي أضم، أو «الغزرة» في منطقة جيزان، أو «غزير» في مُرتفعات غامد (ص١١٨). وبذلك ينتقل الصليبي من وادي أضم ومرُتفعات غامد في أقصى شمال عسير إلى جيزان في أقصى الجنوب عند حدود اليمن، بحثًا عن جازر التوراتيَّة، وهو الذي قال في مقدَّمته النظرية المُقتضبة عن المسألة الأركيولوجية للتوراة: [وحتى في الحالات القليلة التي تحمل فيها مواقع فلسطينية أسماء توراتية، فإنَّ الإحداثيات المُعطاة في النصوص التوراتية للأماكن التي تحمل هذه الأسماء، في إطار الموقع أو المسافة المطلقة أو النِّسبية لا تَنطبِق على المواقع الفلسطينية] (ص٥٠–٥١).

قبل أن نغادر مدينة جازر نودُّ أن نلفت النظر إلى مسألة مهمَّة تتعلَّق بمنهجِها في اعتماد الرواية التوراتيَّة، فلقد انطلَقنا منذ البداية من موقف شكوك بالخبر التوراتي، إلى أن يتقاطَع مع الحدث التاريخي الثابت أو مع نتائج علم الآثار الحديث. وحتى في حال حدوث مثل هذا التقاطُع، فإنه يتوجَّب على الباحث أن يفرز المعلومة التاريخية التي يَحملها الخبر التوراتي عن أرضيتها الملحمية والأسطورية، وعن شبكة المعلومات المتضاربة التي قد تُقدم ضمنها هذه المعلومة التاريخية، ولنا في خبر تدمير فرعون مصر لجازر وتقديمها مهرًا لابنته زوجة سليمان خير مثال على ذلك.

ففي هذه الرواية التوراتية هناك معلومة أمكن لعلم الآثار التثبت منها، وهي تدمير جازر في أواخر القرن العاشر وإعادة بنائها بأسلوب مُشابه للمدن الملَكية الأخرى. ولما كان من غير المعقول أن يقوم سليمان بتدمير مدينة تابِعة له ويُعيد بناءها بعد ذلك، فإن مِن المُمكن أن يكون فرعون مصر قد أخذها وتنازل عنها لسليمان الذي لم يكن قادرًا حتى ذلك الوقت على اكتساب أطراف أرض كنعان بقواه الذاتيَّة. ومن الممكن أن يكون سليمان هو الذي أعاد بناءها، أو يكون المسئول عن ذلك ملوك السامرة الأوائل الذين ربما كانوا أيضًا مسئولين عن بناء مَجِدو وحاصور. إلا أنَّ هذه الرواية تحتوي على عنصر ملحميٍّ وعلى تناقض إخباري. أما العنصر الملحمي فهو زَواج الملك سليمان من ابنة فرعون مصر وتجشَّم هذا الفرعون مشاقَّ الصعود إلى كنعان وتدمير مدينة من أجل مهر ابنته.

فمن المعروف تاريخيًّا أنَّ فراعنة مصر لم يُزوِّجوا أبدًا أميرة مصرية إلى أحد من ملوك الدول الكبرى التي عاصرتهم؛ وذلك انطلاقًا من تقليد راسخ وموقف مُتعالٍ على بقية الشعوب التي ينعتونها بالبربرية، فكيف يخرجون عن هذا التقليد من أجل ملك يحكم بقعة صغيرة واقعة تحت النفوذ المصري؟ وهناك قصة ذات دلالة كبيرة في هذا المجال يَرويها المُؤرِّخ الإغريقي «هيرودوتس» عن سبب اجتياح «قمبيز» خليفة «قورش» الفارسي مصر في القرن السادس قبل الميلاد؛ أي إبان فترة انحلال الحضارة المصرية وتقلُّص نفوذ المملكة السياسي إلى حدِّه الأدنى، فيقول إن قمبيز طلب الزواج من ابنة فرعون مصر، ولكن الفرعون أرسل إليه من بنات البلاط أكثرهن جمالًا مُدَّعيًا أنها ابنته، وعندما عرف قمبيز الحقيقة شنَّ حملته الشهيرة على مصر واحتلَّها من أقصاها إلى أقصاها.١١

وأما التناقُض الإخباري في مسألة جازر وفرعون مصر فيكمن في أن الروايات التوراتية السابقة قد قدمت معلومات مُتضاربة حول هذه المدينة، ففي سِفر يشوع ٢١: ٢٢؛ وأخبار الأيام الأول ٦: ٦٧ يرد أنَّ مدينة جازر قد أعطيت لبني قهات من اللاويين. وفي يشوع ١٦: ١٠ يرد أن الإسرائيليِّين لم يقدروا على طرد الكنعانيين منها فسكنوا معهم. وفي القضاة ١: ٢٩ نجد أن الكنعانيين كانوا فيها عبيدًا تحت الجزية. وأخيرًا نجدها مدينة كنعانية مُستقلَّة لم تقدر قوة المملكة الموحدة المزعومة على وضعها تحت سيطرة السلطة المركزية في أورشليم إلا بمعونة جيش أجنبي، وهو الخبر الأصح عن جازر؛ لأنه لو كان فيها إسرائيليُّون يعيشون إلى جانب الكنعانيِّين لما سمح سليمان بتدميرها، ولما تجشَّم الفرعون مشقَّة الصعود إليها ومساعدة الملك سليمان على أهلها.

من هنا فإنَّ الخبر التاريخي المؤكد الذي تقدمه الرواية التوراتية بعد اختبارها على محكِّ البينة الأركيولوجية، هو أن فرعون مصر، في فترة انحسار النفوذ المصري عن بلاد الشام وصعود قوة آشور، قد حاول تقوية دولة صغيرة قامَت على حدوده لتكون خطًّا دفاعيًّا مُتقدمًا في وجه القوات الآشورية التي كانت قد بدأت حملاتها المُتفرِّقة على بلاد الشام. وممَّا يُؤكد نجاح هذه الاستراتيجية المصرية، هو ما رأيناه مِن استنجاد ملوك يهوذا الذين خلفوا سليمان، بمصر، كلَّما حاق بهم الخطر الآشوري، واستعداد مصر الدائم لقتال الآشوريين في أرض فلسطين، وقد دمَّر الفرعون مدينة جازر وجوارها وأعطاها لسليمان الذي أعاد بناءها وضمَّها إلى مملكته.

هذا وسيكون لنا وقفة أطول في فصل قادم مُستقلٍّ يُعالج مسألة تاريخية الرواية التوراتية.

•••

بعد السامِرة وأورشليم والمدن الملكية الثلاث، نتابع بسط البيِّنة الأركيولوجية من خلال عدد آخر من المواقع الكنعانية.

(٤) بيت شان

تمَّ التعرُّف على «بيت شان» قرب مدينة «بيسان» الحالية في فلسطين؛ وذلك في الحملة التنقيبية التي نظمتها جامعة بنسلفانيا في ثلاثينيات هذا القرن بإشراف السيد A. R. Rowe وقد بيَّنت التنقيبات أنَّ الموقع كان مسكونًا منذ الألف الرابع قبل الميلاد، ثم ظهرت المدينة المسوَّرة التي بلغت أوج ازدهارها إبان القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ولعلَّ أكثر مُكتشَفات بيت شان إثارة للانتباه، سلسلة من المعابد الكنعانية المُتموضعة فوق بعضها في طبقات آثارية مُتتالية، ويُظهر المعبد الذي يرجع بتاريخه إلى الفترة ما بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر في تصميمِه وعمارته تأثُّرًا بالمعابد المصرية الصغيرة من فترة تل العمارنة. وقد عُثر في حرم المعبد على تماثيل لآلهة كنعانية ومصرية، ممَّا يُشير إلى عبادة مختلطة مصرية كنعانية وإلى نفوذ مصري واضح، ولربما إلى وجود حاميات مصرية كانت تقيم بشكل دائم هناك منذ عهد سيتي الأول. يليه معبد يرجع إلى الفترة الإسرائيلية، وآخر إلى الفترة الهلنستية، وأخيرًا كنيسة بيزنطية.١٢

ويُؤكد قوة النفوذ المصري في بيت شان (كما فصلنا أثناء دراستِنا للسجلات المصرية) العثور على نُصب تذكاري تركه الفرعون سيتي الأول (١٣٠٢–١٢٩٠ق.م.) في الموقع، يذكر فيه أنه صد عن بيت شان جحافل الأعداء وأجبرهم على التراجُع، وتمثال لرمسيس الثالث (١١٩٨–١١٦٦ق.م.) مع نصِّ تركه أحد قادة هذا الفرعون، يذكر أنه قد وصل بقواته إلى شمال فلسطين وهو يطارد فلول شعوب البحر. يُضاف إلى ذلك عدد من النقوش الهيروغليفية الأبكر ترجع إلى عهد تحوتمس الثالث (١٤٩٠–١٤٣٦ق.م.).

في الطبقة الآثارية الخامسة التي تَرجع إلى القرن العاشر قبل الميلاد تظهر مجموعة من الأبنية الجديدة بعضها ذو طابع رسمي، تشابه في أسلوب البناء ونوع الحجارة المنحوتة المستخدمة أبنية المدن الملكية الثلاث، مما يُشير إلى أنَّ السلطة المركزية (التي ربما كانت السامرة) قد أولَت هذه المدينة عنايةً خاصة وفي عهد المملكة المُنقسمة تتبَع بيت شان بالتأكيد إلى المملكة الشمالية، ويتزايَد فيها عدد الأبنية ذات الطابع الإداري.١٣ ويبدو أن بيت شان قد نجت بطريقة ما من التدمير الآشوري الذي نال مِن مُعظم المراكز الحضرية للمملكة الشمالية؛ إذ لا تظهر التنقيبات في الموقع آثار دمار يرجع إلى تاريخ الاجتياح الآشوري.

وهكذا تَجتمع في موقع بيت شان كل البينات المُعاكسة لنظرية كمال الصليبي. فاسم الموقع قديم قدم سكناه، وقد وُجد مكتوبًا في الوثائق التي عُثر عليها بين أنقاض المدينة، ولا علاقة لليهود النازحين إلى فلسطين بتسميتِه تيمنًا بموقع قديم في غرب العربية كما يرى الصليب]، واللقى المصرية التي وُجدت في الموقع من نُصب وتماثيل ونقوش تُثبِت أن مسرح السجلات التاريخية المصرية هو بلاد الشام لا غرب العربية، ونتائج التنقيب الأركيولوجي تتَّفق مع الروايات المصرية والآشورية. ومع ذلك ودون توقُّف عند هذه الحقائق، يَنقل الصليبي بيت شان إلى منطقة الطائف فيَجدها في قرية «الشنية»، وذلك في حاشية صغيرة مُقتضبة (ص٢٠٩ الحاشية ٣).

(٥) بيت شمس

تمَّ التعرُّف على «بيت شمس» في تل «عين شمس» إلى الغرب من مدينة القدس. وفي مُنتصَف المسافة بينها وبين البحر المتوسِّط، وقد تمَّ التنقيب في الموقع لأول مرة من قِبل «صندوق اكتشاف فلسطين» في بريطانيا. وذلك بين عامي ١٩١١ و١٩١٢م ثم قامت المدرسة الأمريكية للدِّراسات الشرقية بالقدس بالحملة التنقيبية الثانية؛ وذلك بين عامي ١٩٢٨ و١٩٣١م. وقد تبيَّن أن المدينة قد تأسَّست في عصر البرونز الوسيط، أوائل الألف الثاني قبل الميلاد، واستمرَّت إلى عصر الحديد الثاني أواسط الألف الأول قبل الميلاد.١٤
ورغم أن النصَّ التوراتي قد اعتبرَها الحد الأدنى الغربي لبني إسرائيل في مُواجهة الفلستيين من سكان الساحل، فإنَّ الطبقة الآثارية العائدة إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد تُظهر أن المدينة كانت تحت سيطرة الفلستيين؛ وذلك لشيوع الخزف الفلستي فيها. وقد دُمرت المدينة في أواخر القرن الحادي عشر، وهي الفترة التي عرَفت الحروب الطاحنة بين الفلستيين وشاول أول ملوك بني إسرائيل. وبعد إعادة بناء المدينة تمَّ تدميرها مجدَّدًا حوالي عام ١٠٠٠ق.م.، وهي فترة الصراع بين الملك داود الذي خلف شاول والفلستيين. وعندما أُعيد بناء المدينة، غاب عنها الطابع الفلستي وساد الطابع الكنعاني المميَّز لمدن فلسطين في تلك الفترة، ثم استمرَّت بيت شمس كجزء من مملكة يهوذا الجنوبية.١٥

بعد الاجتياح الآشوري الكبير لفلسطين وسقوط مملكة إسرائيل بكاملها في يدِ الآشوريِّين فيما بين ٧٣٤ و٢١٧ق.م. بقيت مملكة يهوذا التي حرضت الآشوريين على جيرانها الشماليين، في حالة استقلال شكلي حتى عام ٧٠٥ق.م. عندما توجَّه إليها سنحاريب لتأديب ملكها حزقيا الذي توقَّف عن دفع الجزية بوعود وتحريض من مصر. فاجتاح سنحاريب كل مدن يهوذا ودمَّر وأحرق معظمها وحاصر أورشليم طويلًا ثم ارتدَّ عنها قائمًا بالإتاوة الباهظة التي قدمها حزقيا.

وكانت بيت شمس من المدن التي تلقَّت ضربات سنحاريب الأليمة، حيث أظهرت التنقيبات في الطبقة العائدة إلى ذلك التاريخ دمارًا كاملًا للمدينة وحرائق شاملة ثمَّ أُعيد بناؤها مجددًا ولكنها لم تُكمل قرنًا آخر من حياتها حتى دُمِّرت مجددًا في مطلع القرن السادس قبل الميلاد، في تاريخ يَتطابق وحملة نبوخذ نصر الذي قضى على أورشليم ومملكة يهوذا عام ٥٨٧ق.م.١٦

لم تَرِد مدينة بيت شمس في كتاب الصليبي، ولم يَقترح موقعًا لها في غرب العربية.

(٦) شكيم

تمَّ التعرُّف على شكيم في «تل بلاطة» قرب نابلس الحديثة؛ وذلك في الحملة التنقيبية الأول التي جرت بين عامي ١٩١٣ و١٩٣٤م بإشراف الدكتور E. Sellin والدكتور G. Walter. وبعد فترة من التوقف، تابع التنقيب الدكتور G. E. Wright بين عامي ١٩٥٦ و١٩٦٤م. وقد بيَّنت النتائج أنَّ الموقع كان مسكونًا منذ العصر الحجري الحديث، إلا أن المدينة المسوَّرة لم تَظهر إلا في عصر البرونز الوسيط، في مطلع الألف الثاني قبل الميلاد. وقد دُمِّرت المدينة في نهاية عصر البرونز الوسيط أواسط القرن السادس عشر قبل الميلاد، ثمَّ أعيد بناؤها في عصر البرونز الأخير، وكانت ذات شأنٍ في فترة تلِّ العمارنة؛ حيث ظهر اسمها واسم ملكها «لابايو» في المُراسَلات بين حكام فلسطين وفينيقيا من جهة، وفرعون مصر من جهة أخرى.
ثم دُمِّرت المدينة مجددًا في أواخر القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ولم يُعد بناؤها إلا في القرن العاشر قبل الميلاد. وقد استمرت جزءًا من مملكة إسرائيل الشمالية إلى حين الاجتياح الآشوري؛ حيث دُمِّرت هذه الطبقة الآثارية تمامًا حوالي ٧٢١ق.م. أي حوالي التاريخ الذي دُمِّرت فيه مدينة السامرة عاصمة المملكة. وقد أعقب ذلك فترة فراغ في الاستيطان استمر حتى عام ٣٣١ق.م. حيث نهضت المدينة مجدَّدًا وصارت مركزًا للفئة الدينية اليهودية المنشقَّة المعروفة بالسامريين.١٧ وعندما أعاد الرومان بناء المدينة بعد خرابها أثناء القضاء على الفِتَن اليهودية، أسموها «فلافيا نيابوليس»١٨ أي المدينة الجديدة، ومنه جاء اسم نابلس.

ويَقترح الصليبي مكانين مُحتملَين لشكيم. فهي إما «سقامة» الحالية في وادي سقامة على المنحدَرات الجنوبية الغربية من بلاد زهران، أو «القاسم» الحالية في منطقة القنفذة، ويَبعد الموقعان عن بعضهما حوالي٢٠٠كم.

(٧) لخيش

تمَّ التعرف على «لخيش» في «تل الدوير» غرب مدينة «الخليل» في مُنتصَف المسافة تقريبًا بينها وبين البحر، وقد بدأت الحملة التنقيبية الأولى بين عامي ١٩٣٢ و١٩٣٧م بإشراف السير H. Wellcome والسير Ch. Marston، ثم توقَّف التنقيب حتى عام ١٩٧٣م؛ حيث بدأ مجددًا بإشراف الدكتور D. Ussishkin. وقد بيَّنت نتائج التنقيب أن الاستيطان في الموقع قد ابتدأ في العصر النحاسي، واستمرَّ شكله البسيط إلى عصر البرونز الوسيط حيث ظهرت المدينة المسورة مع مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، وقد تمَّ تدمير هذه المدينة في أواخر القرن الثالث عشر أو أوائل الثاني عشر، وربما كان المسئول عن ذلك شعوب البحر أثناء تقدمهم نحو مصر، أو الفرعون رمسيس الثالث الذي صدَّ هجومهم وطاردهم إلى أرض فلسطين، ثم بُنيَت المدينة مُجدَّدًا بعد ذلك، وهناك آثار سور جديد يعود إلى أواخر القرن العاشر، وربما كان هو السور الذي بناه رحبعام أثناء تحصينه للمدينة في وجه حملة شيشناق الأول (انظر أخبار الأيام الثاني ١١: ٥–١١). وقد بقيَ هذا السور قائمًا حتَّى دمار المدينة على يد الآشوريين.١٩
في نهاية القرن الثامن قبل الميلاد، تظهر في الطبقة الآثارية العائدة إلى هذا التاريخ آثار حرائق ودمار شامل، وقد كان هذا من فعل سنحاريب الذي غزا مدن يهوذا عام ٧٠٥ق.م. فالنصوص الآشورية تتحدَّث عن حصار لخيش والقضاء عليها من قِبل سنحاريب، كما تُصوِّر إحدى المنحوتات البارزة التي عُثر عليها في مدينة نمرود بآشور حصار مدينة لخيش. وتتقاطع الأخبار الآشورية مع الروايات التوراتية حول حصار المدينة ممَّا يُمكن مُراجعته في سِفر الملوك الثاني ١٨: ١٤و١٧؛ وأخبار الأيام الثاني ٣٢: ٩؛ وإشعيا ٣٦: ٢، و٣٧: ٨. وقد عثَر المُنقِّبون بين أنقاض هذه الطبقة الآثارية على أسلحة آشورية كانت مُستخدمةً في تلك الفترة، وعلى خوذات حربية مُماثلة للخوذات التي يَضعها الجنود في نحت النمرود الذي يُصوِّر حصار لخيش.٢٠
ثم بُنيَت المدينة مجدَّدًا واستمرَّت جزءًا مِن مملكة يهوذا بعد تراجُع سنحاريب، ولكنَّها دُمرت بعد قرابة قرن من الزمان إبان حملتي نبوخذ نَصَّر على يهوذا بين عامي ٥٩٨ و٥٨٧ق.م. (انظر سِفر الملوك الثاني ٢٤، و٢٥؛ وإرميا ٣٤). وتظهر التنقيبات في الطبقة العائدة لهذه الفترة، آثار دمار كبير وحرائق هائلة وجُثَث نالت منها النِّيران قد دُفنت بالآلاف في مقابر جماعية، وفي الكثير منها آثار الإصابات الحربية. وتتشابَه هذه البينات الآثارية في لخيش مع ما تمَّ اكتشافه في مدن يهوذا الأخرى التي دُمر معظمها وأكثرها لم يُعد سيرته الأولى.٢١
وقد عثر المُنقِّبون في غرفة الحراسة المتصلة ببوابة سور لخيش على مجموعة من الرسائل موجَّهة من قائد قوة عسكرية إلى سيده. والنصوص في حالة سيئة جدًّا بسبب الانهيارات والحرائق التي حلَّت ببوابة السور حيث حفظت إلى يومنا هذا، مما جعل قراءتها وتفسيرها موضع خلاف بين العلماء. وقد ورد في الرسالة الرابعة ذكر لمدينة لخيش ومدينة عزيقة وهما المدينتان الحصينتان اللتان صمدتا حتى النهاية أمام جيوش نبوخذ نَصَّر وكانتا آخر ما سقط. نقرأ فيه إرميا ٣٤: ٦–٧: [فكلَّم إرميا النبي، صدقيا ملك يهوذا بكل هذا الكلام في أورشليم؛ إذ كان جيش ملك بابل يحارب أورشليم وكل مدن يهوذا الباقية: لخيش وعزيقة، لأن هاتين بقيَتا في مدن يهوذا مدينتين محصنتين]. وقد ورَد في نهاية الرسالة الرابعة المنوه بها أعلاه ما يأتي: [… وليعلم سيدي أننا نترقَّب إشارات لخيش، وَفق كل المؤشِّرات التي أعطاها سيدي؛ لأنَّنا لا نرى عزيقة].٢٢ والجو العام لهذا النصِّ يُوحي بأنَّ قائد القوة العسكرية يَنتظِر إشارات من جهة مدينة لخيش لأنَّ مدينة عزيقة قد سقطت.

غير أن لكمال الصليبي وجهة نظر أخرى في هذا النَّص الواضح إلى درجة معقولة، فهو يرى أن كلمة «لخيش» يجب أن تجزأ إلى «ل» باعتبارها حرف جرٍّ و«كيش» كاسم مشتق من «كشه» أي امتلاء أو شبع بالطعام. وأنَّ كلمة إشارات — التي هي بالكنعانية «مس ء ت» وتَعني في الأصل «ارتفاعات أو صعودات» وفسَّرها مُترجمو النص على أنها إشارات ناجمة عن صعود الدخان — يجب أن تُفسَّر على أنها حمولات لأنَّ الفعل «نس ء» يعني أيضًا «حمل»، وعليه فالأقرب أن تكون كلمة «مس ء» هي اسم الفاعل من «نس ء» وتعني «حموله» وليس صعودًا أو ارتفاعًا. أما كلمة «مؤشِّرات» بالكنعانية «ء تت» من الفعل «ء ته» الذي يجب أن يُقارن برأيه بالفِعل العربي «أتا» ومنه أتت الشجرة أي طلع ثمرها وكثر حملها، لتغدو الكلمة «أتأوى» بدل «المؤشرات» أو «الدلالات».

أما كلمة «عزيقة» التي لم يَستطِع شطرها إلى قسمَين كما فعل في «ﻟ – كيش» فيرى فيها اسم رجل لا اسم المدينة. وعليه تُصبح ترجمة النص بعد كل هذه الاجتهادات المتطرفة وتشطير الكلمات والاستعانة باللغة العربية كما يأتي: [ليعرف مولاي أننا ننتظر حمولات الطعام وكذلك كل الأتاوى التي أعطاها مولاي؛ لأننا لا نستطيع رؤية (السيد) عزيقة] (ص١٠٩–١١٠). بعد ذلك يَغفل عن إعطائنا مكانًا للخيش في غرب العربية.

•••

نَكتفي بهذا القدر من المسح الأركيولوجي للمواقع الكنعانية، فقائمة المواقع الطويلة، وغرض هذا الكتاب لا يَسمح بأكثر مما جرى عرضه من بيانات. وسنَنتقِل في الفصل القادم إلى ساحل فلسطين الذي استقبل موجة من شعوب البحر استوطنته وعاصرت الفترة المؤقَّتة والعابرة للسيطرة السياسية الإسرائيلية على أرض كنعان، ثم ذابَت تدريجيًّا في بحر كنعان عرقيًّا وحضاريًّا.

١  K. Kenyon, Archaeology in the Holy Land, op. cit., p. 335.
٢  Ibid., pp. 66–76.
٣  K. Kenyon, Royal Cities, op. cit., pp. 53–66.
٤  Ibid., pp. 93–101.
٥  Ibid., pp. 126–27m 130–32.
٦  K. Kenyon, Archaeology in the Holy Land, op. cit., p. 329.
٧  K. Kenyon, The Royal Cities, op., pp. 53–58, 69, 125–10, 127.
٨  Ibid., pp. 128–132.
٩  K. Kenyon, Archaeology in the Holy Land, op. cit., pp. 326–27.
١٠  Ibid., p. 327.
K. Kenyon, Royal Cities, op. cit., p. 69.
١١  تاريخ هيرودوتس، ترجمة: حبيب أفندي بسترس، مطبعة القديس جاورجيوس، بيروت ١٨٨٦م. ص١٩٤–١٩٥.
١٢  K. Kenyon, Archaeology in the Holy Land, op. cit., pp. 197, 320–21.
١٣  Ibid., pp. 227–229, 251–252, 273.
١٤  Ibid., p. 321.
١٥  Ibid., pp. 231–32–252.
١٦  Ibid., pp. 289–299.
١٧  Ibid., pp. 341–342.
١٨  «فلافيا» نيابوليس Flavia Neapolis؛ أي المدينة الفلافية الجديدة، نسبةً إلى الإمبراطور، «فسباسيان» مؤسس السلالة الفلافية التي ضمَّت ثلاثة أباطرة هم فسباسيان، وتيتوس ودوميتان، وحكمت من عام ٧١ إلى عام ٩٦ ميلادية.
١٩  Ibid., pp. 331–32, 206–227, 281.
٢٠  Ibid., p. 290.
٢١  Ibid., pp. 299–231, 305–06.
W. F. Albright, Palestinian Inscriptions (in: Ancient Near Eastern Texts), op. cit., p. 322.
٢٢  W. F. Albright, Palestinian Inscriptions (in: Ancient Near Eastern Texts) op. cit., p. 322.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤