الفصل الرابع عشر

جلس الرقيب ديفيز يستمع إلى ما كان لدى المحقق بخصوص اكتشافاته الأخيرة. وعندما انتهى المحقق من حديثه، رفع حاجبَيه في دهشة، وعلَّق بأن الأمر يبدو مريبًا.

ردَّ ديفينش قائلًا: «رغم أنها قد تكون مجرد معلومات مضللة، فالحقيقة هي أنني أرى أنه لا بد من وجود عَلاقة ما بين بيدن-هايث ومان بخلاف الجنيهات الخمسة التي يرسلها في أعياد الميلاد. من شأن الضابط السابق أن يرسل هذه الأموال تخليدًا لذكرى الأيام الخوالي، ومن الطبيعي أن يزوره الجندي السابق ليشكره على تعيينه في الوظيفة. ولكن لماذا ينبغي عليه أن يزور بيدن-هايث عدة مرات في ناديه ليخبره بأحواله؟ ما الذي لديه ليخبره به؟»

كان الرقيب مراقبًا متمرسًا، ورجلًا بارزًا في رتبته. علَّق قائلًا: «أظن يا سيدي أنه بالنظر إلى أن السيد بيدن-هايث كانت تساوره الشكوك بأن ماندر سيحتال على أمه، فهل من الممكن أن يكون قد أرسل مان ليكون جاسوسًا عليه؟»

أجابه ديفينش قائلًا: «هذا ما كنت أتساءل عنه. لقد رأيت مسكن مان يبدو مريحًا للغاية، وساورتني الشكوك بخصوص حصوله على إعانات مالية. ولكن حتى هذا الأمر يكتنفه لغز. ما الذي يعرفه حارس ليلي عن الأمور المالية، حتى إن جاءته الفرصة ليسمع شيئًا عنها؟ وما الفرصة التي من شأنها أن تسنح له في المساء، على أي حال؟»

«لا توجد أي فرصة على الإطلاق يا سيدي. يمكنك أن تقول إن محاسبًا متمرسًا، يمكنه أن يتواجد في المساء ويمكنه أن يصل إلى خزائن المكتب ودفاتره، سيكون قادرًا على إجراء تفتيش. ولكن حينئذٍ لم يكن السيد ماندر ليُضيف مدخلات زائفة في السجلات الرسمية. سمعت أن لديه مجموعةً خاصة في شقته بالطابَق العُلوي.»

«بالفعل. هذا ليس محلَّ نقاشنا. فلدينا هنا رجل ينال قسطًا من النوم بالنهار، لا بالليل، ولكنه يقول إنه لا يمكنه النوم بالنهار ولكنه ينام بالليل حينما يتعيَّن عليه ألَّا يفعل. هل استجوبت الحراس الموجودين في الأجزاء الأخرى من المبنى؟»

«فعلت يا سيدي. يوجد ثلاثة رجال إجمالًا، وفيهم مان، وقد استجوبت الاثنين الآخرين. كما تعرف، يُقسَّم هذا المبنى إلى ثلاثة أجزاء ليلًا لمزيد من السلامة، مزودة فيما بينها بأبواب مقاوِمة للحرائق. إذا تمكَّن أي شخص من فتح الأبواب واندلع حريق، فلا فائدة من وجودها بالأساس. ولكن الوضع الحالي هو أن هذه الفواصل تُغلَق تلقائيًّا عندما يُغلق المتجر، ولا يستطيع الحراس حتى أن يتواصلوا فيما بينهم.»

«أعرف ذلك. حسنًا، ما تفسير مراوغة مان، ما لم يكن بيدن-هايث قد زرعه هنا لغرض ما؟ إذا ساءت الأمور أكثر من ذلك، يجب عليَّ أن أخيف الرجل قليلًا. يمكنني أن أجد فرضية تُفسِّر هذا الأمر؛ بيد أن الأدلة الموجودة لدينا، حتى الآن، تحول دون إثباتها.»

«هل لي أن أعرف يا سيدي ما التفسير في رأيك؟»

«أجل، سأخبرك. كان لديَّ في البداية انطباع بأن السيدة بيدن-هايث ربما تكون واقعة في حب ماندر، أو كانت واقعة في حبه. فمن الأسهل أن تبتز سيدة في منتصف العمر حال وجود عاطفة من جانبها تجاهك بالإضافة إلى مجرد الأمل في تحقيق أرباح. من حين لآخر تأتينا قضايا لنساء يُخدَعن بهذه الطريقة. ومن ناحية أخرى، أعطتني السيدة بيدن-هايث انطباعًا بأنها حريصة جدًّا على المال ولا تهتم بما سواه.»

ضيَّق ديفيز عينَيه. وقال: «لنفترض يا سيدي أنها كانت تحب الرجل بالفعل ونستبعد ما دون ذلك، كيف يكون ذلك ممكنًا؟»

ردَّ ديفينش قائلًا: «الأمر سهل نوعًا ما. إذا كان جيمسون، الابن، يشك بأن أمه تدعم رجلًا يكرهه ويعتبره نصابًا، من الناحية المالية، بل واقعة في حبه أيضًا ومن المرجح أن تجعل من نفسها أضحوكة بسببه، سيرغب بطبيعة الحال في قطع أواصر هذه العلاقة.»

«هذا صحيح يا سيدي. لم يكن ليرضى أن يصير ماندر زوجًا لأمه.»

«أجل. حسنًا، ربما كانت الشكوك تساوره أيضًا أو كانت لديه معلومات تُفيد بأن خصمه يتسم بالتحرر بعض الشيء. أحيانًا تبالغ السيدات المُسنَّات في عواطفهن، بيد أنهن دومًا يُفرطن في شعورهن بالغَيرة عندما يقعن في الحب، لعلمهن بأنهن في موقف تنافسي عصيب أمام الفتيات الشابات. ماذا لو افترضنا أن جيمسون بيدن-هايث قد وضع مان هنا ليُطلِعه على أيِّ شيء يحدث في الشقة بالدَّور العلوي؟ فلم يكن ماندر يمنع العاملين بالمنزل من دخول الجزء الخاص به من الشقة إلا في المساء، وفي المساء أيضًا زارته الآنسة تيومر، وربما لم تكن أولى زوَّاره!»

ابتسم ديفيز. وقال: «هذا يفسر يا سيدي صعوبة سماع أو معرفة أي شخص خارج الشقة بما يدور داخلها. سيكون لغزًا يصعب حله!»

وافقه ديفينش الرأي. وأردف يقول: «أجل، ولكننا نعرف الآن أن الرجال الذين خدموا بسلاح المهندسين الملكيين عادةً ما يكونون حرفيين مهَرة. لا أقول إنه كان قادرًا على ذلك، أو إنه فعله حقًّا، ولكن لنفترض أن مان صعِد خفيةً ذات ليلة وطبع المفاتيح الأصلية لتقليدها أو اكتشف سر القفل. وإذا كان لديه نسخة من المفتاح، فلربما يكون قد دخل وتجسس.»

أومأ ديفيز برأسه. وقال: «أجل، يمكنه ذلك يا سيدي. وربما يكون السيد بيدن-هايث قد أخبره بأن ماندر يُخطط لعملية نصب.»

قال ديفينش مومئًا برأسه: «ثمة شيء واحد يجعلني على يقين إلى حد كبير أن هذه العَلاقة التي كانت بين ماندر والسيدة بيدن-هايث كانت تنطوي على ما هو أكثر من المال. لقد قيل لي إن الابن شخص ذو طبيعة متعجرفة. وكرمه مع مان هنا لا يؤثر على تلك النقطة؛ لأن رجلًا من تلك النوعية يميل بطبيعته لأن يكون لطيفًا مع أولئك الذين لا يطالبون بالمساواة ولا يستطيعون المطالبة بذلك من الأساس. ولكنه كره ماندر لسلوكه وشخصيته، وهذا يجعلني أظن أن جزءًا من السبب يعود إلى الخوف من أن أمه — التي تبوَّأت بالفعل مكانةً معينة إثر زواجها من أبيه — كانت ستحط من شأن العائلة بزواجها من هذا «الوغد الصخَّاب»، كما يطلق عليه.»

وافقه ديفيز الرأي. وقال: «ثمة شيء لا أستطيع أن أفهمه بخصوص مان. يبدو أنه رجل ذو سلوك قويم وأمين، ولكنه كان يتلقى راتبًا على وظيفة لم يكن يؤديها.»

ابتسم ديفينش. وعلَّق قائلًا: «ولكن من الذي كان يدفع راتبه؟ لقد كان بالطبع خادم ماندر اسمًا، ويلتزم تجاهه بواجبات. ولكننا نعرف الآن أن السيدة بيدن-هايث هي الشخص الحقيقي وراء هذا المتجر، وتلك هي الطريقة التي سينظر بها ابنها جيمسون إلى الموقف. بإمكاني تخيله وهو يخبر الحارس بأنه لا يتعين عليه أن يخشى وخز الضمير. فلو حدثت مشكلة أثناء تجسسه، فإن الخسارة ستقع على كاهل السيدة بيدن-هايث، ومِن ثَم ستقع المسئولية على كاهله.»

«أتقصد السيد جيمسون؟»

«بالطبع. وهذا صحيح. فمن يدفع الرواتب يفترض أن له الكلمة العليا، حتى إن كان هناك رئيس صوري.»

«ولكن إذا وقعت سرقة، فستُضطر شركات التأمين إلى دفع تعويض يا سيدي.»

«بالطبع، ولكن هل تظن أن شخصًا مثل جيمسون سيُفكِّر في ذلك؟ لا أظن أن الأمر قد خطر بباله من الأساس.»

ساد الصمت بضع لحظات. وأخذ كلا الرجلين يفكران، ولم يكن تركيز أي منهما الآن على الشاب. كان ديفيز أول من بادر بالحديث.

«أين معطف الفتاة وقبعتها وقفازها يا سيدي؟»

هزَّ ديفينش كتفيه. ثم قال: «منذ أن فُتحت القضية وأنا أفكر في ذلك. ليس لديَّ أدنى فكرة. ولو أن لديَّ فكرة، لانتابني شعور بأنني على الطريق نحو الوصول إلى لُبِّ هذه القضية. ولكن بما أنك أثرت الموضوع، فما رأيك أن نبحث عنهم؟»

«أين يا سيدي؟»

«في هذا المتجر بالطبع. ولكن سيكون علينا أن نتصل بالسيد كيفيم لنرى شكل المِعطَف والقبعة اللذين كانت ترتديهما الفتاة.»

استطاع ديفيز الاتصال بالسيد كيفيم، وناول السماعة إلى المحقق. طرح ديفينش سؤالين، ثم استمع بكل جِديَّة لدقيقة. ثم قال: «شكرًا لك يا سيدي أنا ممتن جدًّا لك»، ثم أغلق الخط.

قال لمساعده وقد تهللت أساريره: «يا لحظنا يا ديفيز. يقول كيفيم إنها كانت ترتدي مِعطفًا جديدًا أنيقًا من الصوف الإنجليزي، ووصفه لي. كانت قد اشترته من هنا في … ولكن انتظر لحظة. هل ذلك القسم موجود في هذا الجزء من المتجر؟»

«أظن ذلك يا سيدي. رأيت واحدًا يبيع معاطف نسائية صوفية.»

«حسنًا، كانت هذه هي المرة الأولى التي ترتديه فيها يا ديفيز، وكانت ترتدي قبعة جديدة مناسبة له، اشترتها من هنا أيضًا.»

قال ديفيز مندهشًا: «أظن يا سيدي أنه إذا كانت القبعة والمعطف قد تُركا هنا بعد وقوع الجريمة، فلا بد أن نجدهما بالتأكيد، أليس كذلك؟»

«أجل، إذا بحثنا في المكان الصحيح. ولكن انتظر لحظة. لقد حصلت في اليوم الأول على قائمة بأسماء وعناوين رؤساء الأقسام المختلفة.»

«موجودة في دفتر ملاحظاتي.»

«حسنًا. ابحث عن اسم رئيس القسم الذي يبيع هذه المعاطف الصوفية، وكذلك رئيس قسم القبعات. انظر إن كنت تستطيع الاتصال بهما هاتفيًّا، واطلب منهما أن يأتيا إلى هنا. وإذا لم يجيبا عن الهاتف، فاستقل سيارة أجرة وأحضرهما على الفور.»

جلس وأشعل سيجارة، وأخذ ينفث دخان سيجارته بشراهة وحماس، بينما رفع رقيبه سماعة الهاتف. وبعد مرور خمس دقائق، كانت المهمة قد أُنجزت. وكان الموظفان اللذان أرسل في طلبهما في طريقهما إلى المتجر.

طُلب من رجل الشرطة الواقف على الباب الرئيسي أن يقتادهما عند وصولهما إلى قسم المعاطف الصوفية، وبعد مرور عشرين دقيقة دخلت سيدة أنيقة في منتصف العمر، وعرَّفت نفسها بأنها الآنسة جاي.

سألها ديفينش بعد أن أجلسها قائلًا: «هذا قِسمك يا آنسة جاي، أليس كذلك؟»

«أجل.»

«هل تتذكرين أن الآنسة تيومر اشترت مِعطفًا صوفيًّا من هذا القسم، أم ليس لديك عِلم بذلك؟»

أومأت الآنسة جاي. ثم أضافت بنبرة رقيقة: «ربما لم أكن لأعرف لو أنها كانت عميلة عادية؛ ولكن الآنسة تيومر جاءتني، وذهبت معها بينما كانت تختار المعطف؛ فقد كان بإمكاني أن أخبرها أيها أفضل قيمة.»

قال مبتسمًا: «لا شك في ذلك. هل المعاطف الموجودة في قسمك هي منتجات حصرية، أم يمكن أن أصفها بأنها ذات نمط موحد؟»

ابتسمت هي أيضًا. وقالت: «لقد دفعت مقابلًا له اثنَي عشر جنيهًا، ومعطف بهذا السعر وبهذه الخامة الصوفية لن يكون منتجًا حصريًّا. انتظر لحظة، أظن أن لديَّ ستة معاطف منه، أم أربعة فقط؟ يمكنني أن أستوضح الأمر.»

رافقها ديفينش إلى مكتبها وكان عبارة عن غرفة صغيرة ذات جدران خشبية، وراجعت بعض الدفاتر، ثم رفعت رأسها.

«نصف دزينة. لحظة من فضلك حتى أراجع العدد الذي بعناه.»

ولكن مرت عشر دقائق كاملة قبل أن تتمكن من البت في الأمر، ثم أعلنت أن عدد المعاطف الذي بيع كان ثلاثة، وفيها المعطف الذي اشترته الآنسة تيومر.

«وما التاريخ الذي بيعت فيه آخر قطعة؟»

«هل هذا يهم؟»

«قد يهم. لعل بإمكان مساعدتك تقوم بإحصائها أو تتبين تاريخ البيع، أليس كذلك؟»

بدا الارتباك على الآنسة جاي من ملاحظته. وأجابته: «كانت القطعة التي اشترتها الآنسة تيومر هي الأخيرة. حدث هذا في يوم الجمعة. أما القطعة الثانية فقد بيعت يوم الخميس.»

«هل هذه المعاطف معروضة على حوامل العرض في القسم؟»

«ليست المعاطف محل التحقيق. إنها موجودة على شماعات مُعلَّقة على قضيب بداخل خزانة خشبية مقسمة. هل تودُّ أن تراها؟»

رد ديفينش قائلًا: «هذا تحديدًا ما أودُّ أن أراه.»

أومأت الآنسة جاي وقادته عبر القسم إلى حيث يوجد صف طويل من الخزانات، مغطاة بألواح من الخشب، لتشكل جزءًا مساحته سبع أقدام. كانت الأبواب المبطنة بالخشب عبارة عن أبواب منزلقة، دفعت أحدها إلى الخلف ثم أعادته مرة أخرى.

«تلك معاطف صوف الناربيت. معذرة. ها هي.»

أزاحت أحد الألواح الخشبية إلى الوراء أكثر، وكشفت عن صفٍّ من معاطف مغلفة بإحكام.

وشرعت تقول: «هذه معاطف الصوف الإنجليزي بتلك الدرجة من الألوان»، ثم حدقت وشهقت.

تساءل وهو يراقبها عن كثَب: «أيها؟»

صاحت في حماس قائلة: «تلك — تلك الأربعة!»

كتم ديفيز صيحةَ انتشاءٍ وبهجة. بينما ابتسم ديفينش ابتسامةَ انتصارٍ خفيفة.

«هل أنتِ متأكدة من ذلك، يا آنسة جاي؟»

ازدردت لُعابها وقالت: «قطعًا. انظر! سأخرجها لك.»

قال ديفينش: «فتلضعيها على تلك المنضدة هناك.»

أخذت المعاطف الأربعة إلى المنضدة ووضعتها متباعدة على مسافات قصيرة.

قال المحقق: «حسنًا، يا آنسة جاي. أتمنى أن يكون بوسعك تمييز واحد عن الآخر، أم أن في هذا مشقة كبيرة بالنسبة إليكِ؟»

بدت مندهشة إلى حدٍّ ما من هذا الطلب. فعقَّبت قائلة: «بالطبع أستطيع. هذا أمر سهل جدًّا. إذا كان هناك واحد يخص الآنسة تيومر، فلم تكن سترتديه وعليه بطاقته.»

التفت ديفينش إلى ديفيز. وقال: «خطأ ساذَج يُحسب على أحدنا يا ديفيز! بالطبع أنت محقة يا آنسة جاي. حسنًا، أيها يخصها؟»

كانت أصابعها ترتعش بينما كانت تفحص المعاطف تباعًا. وعندما التقطت المعطف الثالث في الصف، أفلتته مرة أخرى كما لو أنه أحرق أصابعها. من الواضح أن شعورًا ما قد انتابها تجاه لمس أيِّ شيء يخصُّ امرأة مقتولة، ربما يتعلق بخرافة ما.

«ها هو! يا إلهي! يا لها من فكرة خبيثة أن يوضع هنا.»

قال: «إنها فكرة جيدة جدًّا، من منظور أحدهم. ربما يكون قد بيع لشخص آخر، إذا كانت المساعدة في عجالة من أمرها أو تتسم بالإهمال، وهكذا يكون قد تُخلِّص من الدليل … مرحبًا أيها الشرطي، ما الخطب؟»

«الآنسة دورين تودُّ مقابلتك يا سيدي.»

ظهر شرطي للتو، يصطحب معه سيدة نحيفة وسمراء في العَقد الخامس من عمرها تقريبًا. وقالت الآنسة جاي للمحقق إن هذه زميلتها من قسم القبعات النسائية.

أوضح لها ديفينش ما تم اكتشافه، وعضَّت الوافدة الجديدة شفتها.

وقالت في حذر: «أرى ذلك ذكاءً شديدًا من جانبك، وبإمكاني أن أخبرك بأمر تلك القبعة في الحال. لقد كانت نموذجًا استثنائيًّا في حد ذاته، رغم أن المرء ربما لا يرى فيها شيئًا يتعدى مجرد قطعة قش وشريطة. ربما تكون موجودة هنا الآن، إذا كانت قد أعيدت مثلما حدث مع هذا المعطف؛ فأنا متأكدة من أننا كنَّا جميعًا في غاية الانفعال والضيق صباح يوم الإثنين الماضي من فحص البضائع. وبالطبع لم يُسمح لنا بأن نمسَّ أي شيء، بمجرد أن تولى رجالك المسئولية.»

ابتسم ديفينش. كانت هذه نوعية المساعدين التي تروقه. أردف قائلًا: «حسنًا! ديفيز، خذ هذه المعاطف الأربعة إلى الشقة بالطابَق العلوي واحتفظ بها هناك. هيَّا يا آنسة دورين، سنرى إن كانت القبعة موجودة حيث نود أن تكون.»

قالت أثناء تحركهم، وبصحبتها الآنسة جاي: «لا أظن أنني أودُّ أن تكون موجودة في قسمي.»

ومرة أخرى توصلوا إلى اكتشاف آخر. القبعة التي كانت ترتديها الآنسة تيومر وُضعت في المكان الذي أُخذت منه. فوضعها ديفينش في صندوق للقبعات، وصادرها، وأذن للسيدتين بالانصراف بعد أن شكرهما على مساعدتهما. ثم أرسل في طلب خبير بصمات لرفع البصمات من الأبواب المنزلقة، وتصويرها إذا وجدت. وأخيرًا، استقل المصعد إلى أعلى، حاملًا القبعة في صندوقها، وانضم إلى الرقيب ديفيز الذي كان يتفحَّص المعاطف الأربعة.

قال الأخير مُبديًا إعجابه: «لقد أصبت الهدف يا سيدي. هذا يوضح أن الفاعل من داخل المكان، وإلا فكيف تمكَّن السيد بيدن-هايث من معرفة أي شيء عن هذه الأقسام؟»

ضحك ديفينش. وقال: «ولكن لماذا يحاول أحدهم أن يُزيِّف عملية هبوط الطائرة، في محاولة ظاهرية لتوريط ويبلي؟ حتى ويبلي نفسه من شأنه ألا يعرف الكثير عن دواخل هذا المتجر مثله مثل بيدن-هايث؛ نظرًا لأن الأخير، كما يعرف جميعنا الآن، ربما يكون قد زار هذا المتجر عدة مرات مع والدته.»

«هذا صحيح يا سيدي. ولكن إذا كانت الآنسة تيومر قد قُتلت فوق السطح، فلماذا يتكبد الجاني مشقة إنزال القبعة والمعطف إلى هنا؟»

أجابه ديفينش قائلًا: «ما لم يكن ماندر هو من قتلها، وهو ما يبدو أمرًا مستبعدًا حسبما تبدو الأمور في الوقت الحالي يا ديفيز. بالمناسبة، ما زال قفاز اليد اليسرى مفقودًا!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤