الفصل السادس

تناول ديفينش وجبة سريعة في عجالة في أحد المقاهي عندما رجع إلى المدينة، ثم ذهب إلى إسطبلات جاندي ليقابل الرجل الذي كان يعمل سائقًا لدى توبياس ماندر في لندن.

ظل روبنسون منتظرًا في المنزل طَوال اليوم، متوقعًا زيارة من الشرطة، وكان قد قرَّر أن يذهب هو وزوجته إلى السينما، عندما زاره ديفينش فجأة.

كان رجلًا أملسَ الشعر وديعَ الملامح، وكان أول شخص من خدم ماندر يبدو عليه بكل وضوح عدمُ تأثُّره بوفاة سيده. لقد فاجأه الخبر دون أن يصدمه كثيرًا، وكان هادئًا تمامًا بينما كان يُجيب عن أسئلة المحقق.

قال إنه تردَّد بالفعل على البناية التي كانت تقطن فيها الآنسة تيومر عدَّة مرات. لم يكن يفهم السبب الذي يجعل سيده يذهب إلى هناك، ولكنه كان يتفهَّم أن السيد ماندر اعتاد أن تأتيَه أفكارٌ عملية ملهمة أثناء أوقات فراغه، وقد يرغب بعد ذلك في مناقشتها مع رئيس هذا القسم أو ذاك. قال هذا بنبرة رجل لا يُصدِّق ما يقول ولكنه يُقدِّم طائعًا المبرر الذي قدَّمه له سيده.

سأله ديفينش وهو يُدوِّن كلَّ هذا قائلًا: «إلى أين كنت تتجه بهما بالسيارة؟»

«أحيانًا إلى أعلى النهر، يا سيدي، وأحيانًا إلى مطعم بأحد الفنادق.»

«بالتأكيد كان مُروِّجو الشائعات المأجورون يُعلِّقون على هذا الأمر في الصحف، أليس كذلك؟»

هزَّ روبنسون رأسه نافيًا. وقال: «كنا نذهب دومًا إلى فندق سانجرادو، يا سيدي.»

كان ديفينش يعرفه؛ وهو فندق صغير يُقدَّم فيه طعام جيد جدًّا. ولكن لم يكن محطَّ اهتمام البوهيميين من أفراد المجتمع، ومن الممكن جدًّا أن يجلس ماندر هناك دون أن يلاحظه أحد.

قال: «حسنًا؟ لنستعرض يوم أمس. كان السيد كيفيم لديه اعتقاد بأن السيد ماندر موجود في قصر جيلوفر مانور.»

ردَّ السائق قائلًا: «كان في طريقه إلى هناك، يا سيدي، ولكنه تلقَّى اتصالًا هاتفيًّا، فأخذته بالسيارة إلى بارستون كورت. ومكثنا هناك حتى المساء.»

أومأ المحقق برأسه. كان المنزل الريفي الخاص بالسيدة بيدن-هايث في بارستون كورت، حيث يعيش ابنها، جيمسون، أغلب أيام السنة.

فسأله: «هل كانت السيدة بيدن-هايث في المنزل؟»

«أجل يا سيدي؛ لقد ذهب سيدي لمقابلتها.»

«وهل كان السيد جيمسون بيدن-هايث هناك أيضًا؟»

تبدَّل وجه روبنسون بعض الشيء. وقد أفشى ذلك على الفور معرفة عامة بطبيعة العَلاقات بين آل بيدن-هايث، الأم والابن، والسيد توبياس ماندر.

«غادر على الفور بمجرد وصولنا، يا سيدي.»

نظر إليه ديفينش مُتأمِّلًا. وأردف يقول: «هل تقصد أن السيد جيمسون، الابن، لم يكن ودودًا مع سيدك؟»

أجاب السائق: «إن كان الحكم بالمظاهر، فيمكنك القول إنه لم يكن يُطيقه. وحريٌّ بي أن أقول إنه نفسه شخصٌ بلا أيِّ قدرات استثنائية. يبدو وكأنه لا يستطيع الابتعاد عن زجاجة الخمر إن حاول ذلك.»

عندما غادر ديفينش الإسطبلات بدت له تحركات السيد ماندر في يوم الأحد أقلَّ غموضًا مما بدت عليه في البداية. فهل هناك ما هو طبيعي أكثر من أن ترغب السيدة الممولة للمشروع التجاري في رؤية الرجل الذي تموله؟ وعاد على الفور إلى سكوتلانديارد، ليبلغ ميليس بآخر المُستجِدات. ولكن كان السيد ميليس قد ترك رسالةً يقول فيها إنه خارج المدينة.

قرَّر ديفينش أن يُنجز مُهمَّةً أخرى قبل أن يُنهيَ عملَه لهذه الليلة. وتحدَّث سريعًا مع اثنين أو ثلاثة من مرءوسيه، وعرَف أن المسدس الماوزر الآلي الذي عُثر عليه في مسرح الجريمة بالمتجر سُرق من قسم المستلزمات الرياضية.

وقال في نفسه: «إذن، من الأفضل أن تذهب على الفور بنفسك، وتصادر جميع المسدسات التي لها ماسورة مماثلة لديهم. أظن أنهم يستخدمون ذخيرة عالية السرعة بقطر ٠٫٣٠٣ بوصة.»

كانت الساعة التاسعة مساءً، ولكنه عزم على مقابلة السيدة هوو في بيستر ستريت. ولكنه اتخذ احتياطاته أولًا بالاتصال بها والتأكد من أنها ستكون موجودة بالمنزل. فأعربت له عن شعورها بالذعر من هذا الحادث المأساوي، وأنها تفاجأت تمامًا بوقوعه، على حدِّ قولها، وعلى استعداد للإجابة عن أي سؤال.

في هذه المرة، تبيَّن أن المنزل الكائن بشارع بيستر ستريت هو عبارة عن شقة أخرى، صغيرة جدًّا ولكنها مريحة، وأن السيدة هوو هي صحفية. وبعد حديث قصير، اكتشف ديفينش أنها واحدة من مسئولي الدِّعاية المأجورين للمتجر، ومن هنا جاء لقاؤها بالآنسة تيومر، وأُعجبت بها.

تفحص ديفينش الوجه الجميل للسيدة الضئيلة البنية الجالسة قبالته في إعجاب. كانت تتحدث بنبرة واضحة، وتبين الأمور بصراحة، وكانت ذات ذكاء شديد. وخطر له أنها سيدة من الصعب التطفل عليها.

قال على الفور: «حسنًا يا سيدة هوو. من واقع خبرتنا الكافية، أنا وأنتِ، بهذا العالم، نعرف أن شخصية القتيل غالبًا ما تعطينا دليلًا واضحًا لحل اللغز المأساوي تمامًا كشخصية القاتل. أعرف أنكِ كنتِ صديقة للسيدة الراحلة. هل يمكنكِ إلقاء الضوء على الموقف من تلك الزاوية؟ أي نوع من النساء كانت هذه السيدة؟»

ضاقت عينا السيدة هوو قليلًا. ثم قالت: «كانت فاتنة، وصديقة رائعة. ولكن لا أظن أنها كانت حقًّا بتلك الطيبة الشديدة، وواثقة من أنها كانت على استعداد لبيع لا شيء مقابل أي شيء. أعرف أن هذا يبدو اغتيابًا لها، ولكن هذه هي الحقيقة. لقد جُبلت على ذلك. ولكن لم يتأثَّر إعجابي بها رغم تخميني لحقيقتها تلك.»

رد قائلًا: «ربما تقولين إنه مجرد «تخمين»، ولكن ربما يكون ما تقولينه مُهمًّا. فستدركين أن أمر العثور عليها في المتجر أثناء عُطلة نهاية الأسبوع سيوحي للكثيرين باحتمال وجود مؤامرة.»

هزت رأسها نافية. وأردفت قائلة: «لا أعتقد ذلك. إنها ليست من هذا النوع، إذا كنت تقصد ذلك النوع. إذا كانت الفتاة بصدد الزواج، فهذا لأنها كانت تقليدية. أقصد أن أقول إنها من نوعية النساء اللاتي ينبغي أن يكون لهن زوج وبيت، كِيان ما. كانت تكره أن تكون عانسًا؛ لأن العوانس أحيانًا ما يُحتقَرن من قبيل الحماقة. ولكن لا أظن أنها كانت لتجعل الحب محورًا لوجودها في الحياة. لست أعرف إن كانت قد وقعت في الحب من الأساس.»

أومأ برأسه. كان سعيدًا بما فهمه. «أتقصدين أنها كانت باردةً بطبعها؟»

«أجل، أنا متأكدة من أنها كانت كذلك. ما كانت لتذهب إلى أي مكان من أجل المغامرات. لم تكن من هذا النوع.»

«ولكن لا شك أنها ذهبت إلى المتجر أمس.»

هزَّت كتفيها. ثم قالت: «أرى أنك تتساءل في نفسك ما دَور السيد ماندر بالضبط؟ لم يأتِ ذكره على لسانها قط إلا في إطار العمل، ولكن لو كان مفتونًا بها، فقد كان سينتظر كثيرًا، أليس كذلك؟»

قال ديفينش بنبرة تأمُّلية، مقتبسًا آيةً من الكتاب المقدس: ««مُعْيِينَ وَمُطَارِدِينَ». أقصد أنه كان سيستميت سعيًا وراء مطلبه؛ حسنًا، هذه الأمور تحدث. ولكن إذا كان مفتونًا بها، فهل كان من مصلحتها أن تُعلن خطبتها إلى السيد كيفيم؟ أنتِ تتحدثين عن امرأة طموحة ولكن باردة، ربما تغري ماندر من أجل تحسين وضعها.»

«هكذا أراها. ولكن هل كان السيد ماندر يعرف أنها مخطوبة إلى كيفيم؟»

عضَّ على شفته. ثم قال: «تلك نقطة مُهمَّة. ولكن كان الأمر سيَفتضِح حتمًا.»

قدمت السيدة هوو له سيجارة، وأشعلت واحدة لنفسها. وقالت: «لعل المشكلة تكمن هنا. ألا تظن ذلك؟»

سألها، متغاضيًا عن السؤال الآخر: «لقد التقيتِ بخطيبها، السيد كيفيم، أليس كذلك؟»

«عدة مرات. وتراءى لي أنه رجلٌ عصبي، ويهابها نوعًا ما.»

«أظن أنه لا يمكنك الجزم بما إذا كان من المحتمل أن يكون رجلًا غيورًا؟»

«دعنا نقول «التخمين»، أيها المحقق. لقد صححت لي هذا من قبل. حريٌّ بي أن أقول — أن أخمن — إنه ربما كان غيورًا. لقد كان غارقًا في حبها. ولكن سيتعيَّن عليك أن تُثبت أنه كان هناك …»

هزَّ ديفينش كتفَيه.

«نحن لا نعرف أين كان السيد كيفيم ليلة أمس.»

حدَّقت بعينيها. فقد جعلَها الحس الصحفي بداخلها توَّاقةً لمعرفة المزيد من التفاصيل، رغم أنها لم يكن لديها أدنى نية لبيعها. كان هذا يتنافى مع قواعدها الأخلاقية، حتى إن كانت لا تتذكر كيفيم إلا كونه شخصًا مترددًا وعاطفيًّا، أحد هؤلاء الرجال الضعفاء الذين عادةً ما يكونون محطَّ إعجاب وازدراء بعض النساء في آنٍ واحد.

«ليس لديه حُجة غياب، أليس كذلك؟»

لم يردَّ ديفينش بالنفي أو الإيجاب. وإنما أخبرها ببساطة بجزء من حصيلة المعلومات التي يجب على أي ضابط تحريات أن يستخلصها.

قال في عدم اكتراث: «أها، تلك واحدة من الأفكار السائدة لدى الرجل العادي. بوجهٍ عام، نحن نرى أن لا أحدَ يعجز عن تقديم حُجة غياب من أيِّ نوع سوى شخص مختل.»

ابتسمت. «إنه من رماة البنادق المعروفين، ولكن، إذا سمحت لي أن أقول هذا، فإن فكرة البندقية في حد ذاتها سخيفة. أين الرَّصاصة؟ ولماذا يستخدم بندقية من الأساس؟ ولماذا يستخدم سكينًا، ثم بندقية؟ وأين تلك البندقية؟ ألا تستطيع أن تُطلق رَصاصةً عاليةَ السرعة من مسدس آلي؟»

ردَّ قائلًا: «أعتقد أن السرعة العالية تتطلب ماسورة بطول معين. ومسدس الماوزر واحد من المسدسات الآلية القليلة التي تُصوب إلى مدًى طويل نسبيًّا. ولهذا السبب، يمكنكِ تثبيت دبشك بها. ولكن ثمة أسبابًا فنية تجعلنا لا نظن أن الرَّصاصة أُطلقت من ماوزر.»

«إذن لماذا الماوزر؟»

«ربما لأنه طويل المدى، ويتم تصويبه لمسافة ألف ياردة. للإيحاء بأنه قد استُخدِم كما تفهمين. ولكن يجب أن أنصرف بعد قليل، ولا يسمح المقام هنا بالإجابة عن ذلك السؤال. إنه سؤال متروك للخبراء. هلا تفضلت بإخباري — من واقع معلوماتك الصحفية — بأي شيء تعرفينه بخصوص السيدة بيدن-هايث؟»

أطفأت السيدة هوو سيجارتها في منفضة للسجائر، وضيَّقت عينيها مرة أخرى.

«لقد رأيتها وسط الجموع حين كنت أذهب لِلَعب الجولف، أيها المحقق. هي امرأة خمسينية، ترتدي ثيابًا تجعلها تبدو في الثلاثينيات، وتبدو شرهة للملذات. هذا ما أظنه. بالطبع، أُشيع عنها أنها الممول للمتجر.» ثم ابتسمت ابتسامة غريبة. وأردفت: «أعتقد أنها كانت كذلك بالفعل. لقد صعِد نَجمُ السيد ماندر بسرعة الصاروخ، وهي كانت بمثابة الوقود له، أليس كذلك؟»

أجابها قائلًا: «إذا كان الأمر كذلك، فسألتقي بها، أو بمحاميها، قريبًا للاستماع إلى أقوالها. هل تعرفين أيَّ شيء عن ابنها؟»

«تخمينات فحسب. إنه يعيش في الريف؛ يُقال إن ذلك لأن أمه تعتقد أنه ليس آمنًا في المدينة. ولكن أظن أن تاجر النبيذ خاصته لديه وسيلة للنقل! ولكن هذا في حد ذاته تشهير. هل يمكنني القول إنه شخص عديم القيمة يعيش على المنبهات؟»

أومأ ديفينش برأسه. وعلَّق قائلًا: «سنأخذ الأمر كالتالي. إنه يقضي أغلب الوقت في الريف؛ وهي تقضي أغلب الوقت في المدينة. أعتقد أنه وريثها. لا بد أنه الابن الوحيد. ولا أحد يمكنه أن يتخيل أن يدخل في مشاحنات من أجل استثمار في المتجر. فلن يخسر شيئًا في النهاية.»

فكرت السيدة هوو مليًّا. ثم قالت: «أها، هذا هو السؤال! يُفترض أن جميعنا في الصحافة يعرف القليل عن كل شيء. أنا لا أعرف؛ ولكن لديَّ صديق يعمل في قسم المال والأعمال بصحيفة «أرجوس». فيما يبدو أنه يظن أن ماندر يبالغ في كل شيء، على حدِّ تعبيره. إن فكرة أن المتجر الذي يبيع الكثير يُحقق أرباحًا هائلة ليست مضمونة دائمًا. لعلك تفرط في الإنفاق في الدِّعاية، أو الرواتب، أو إعداد الموقع، أو في تشييد المباني. ثم هناك معضلة والد جيمسون بيدن-هايث.»

«أظن أنه مُتوفى.»

«أجل هو كذلك، ولكن جيمسون نسخة باهتة من أبيه. رجل تافه شديد التبذير. لقد انحدر بيدن-هايث من أسرة طيبة، وتزوَّج ممَّن هي أقل منه. وحظيَ ابنُه بخصالٍ جميعها متدهورة، غير أن خصلة التحامل على عامة الناس خلَّفت شخصًا مُتعجرِفًا بالسليقة.»

تَطابَق هذا مع أقوال السائق، ووضع ديفينش أمرَ هذا الشاب في ذهنه، واعتزم إجراء تحريات عنه.

ثم قال بنبرة تأملية: «البضائع تُشترى بالآجل بالطبع، لا توجد صعوبة في ذلك. ولكن حريٌّ بي أن أقول إنه كان هناك ملايين كثيرة. فإذا أعطته الفرصة، وأغرته لترك العمل في مكتب محامٍ محلي، فهذا يوحي بوجود إعجاب شديد. والإعجاب الشديد بالنسبة إلى امرأة في منتصف العمر هو ضربٌ من الحماقة على الأرجح. هل سمعتِ قطُّ عن شائعةِ زواجٍ محتمل بين ماندر والسيدة؟»

«عدة مرات. الشائعات أبواق للافتراءات بالطبع. لقد تبادر إلى ذهني مرة أو مرتين أنني لو كنت شابًّا ورأيت أمي تجعل من نفسها أضحوكة من أجل رجل كماندر، لشعرت بالاشمئزاز تجاه الأمر. وكان لا بدَّ أن يشعر بذلك نظرًا لطبيعته المتحاملة والمتكبرة.»

خطر لديفينش أنه لم يلتقِ مطلقًا بشاهد قدَّم وليمةً دسمة من المعلومات في مثل هذا الوقت القصير مثلها. فنهض، وشكرها بحرارة على مساعدتها، وعاد أدراجه إلى المنزل. الأشخاص الذين تعامل معهم بصفة رسمية عادة ما كانوا يحاولون تجميل أدلتهم، ولكن لا أحد منهم يعقل آراءه قبل أن يعلنها.

قال في نفسه، وهو يشعل غليونًا، وجلس ومعه دفتر ملاحظات أمام المِدفأة ليُدوِّن بضع ملاحظات: «ولكنها أضافت المزيد إلى القِدر؛ يا لسوء الحظ! سوف يحدث خلط شديد إذا لم أتوخَّ الحذر.»

ودوَّن في عجالة: «كيفيم، خطيب، قناص. شعور محتمل بالغيرة. - الآنسة تيومر، ذات عقل مُدبِّر، طموحة. غير قادرة دومًا على أن تُعطيَ مقابلًا لما تحصل عليه. السيد كين، صريح، ربما صريح أكثر ممَّا ينبغي، بالإضافة إلى وجود تحدٍّ ما. ويبلي، اللغز الأكبر بالنسبة لي حتى الآن. يبدو وكأنه أحمق، ولكن يتحدث كخبير في الميكانيكا. أتساءل أيكون فعلًا هو مخترع «واثبة ماندر»؟ السيدة بيدن-هايث، شديدة الإعجاب، وربما بلَغها خبر العَلاقة المعقدة بين ماندر وتيومر. السيد جيمسون بيدن-هايث، الذي يكره ماندر، وكل «محدثي النعمة» من أمثاله، ضبط النفس الذي ربما يذهبه الخمر. يجب أن تكون الكيفية التي تطور بها الموقف قد اتضحت الآن.»

بعد ذلك وضع ديفينش خُطَّة العمل لليوم التالي لنفسه ولمرءوسيه. شعَر أنه سيُبلي بلاءً حسنًا على الصعيد الإنساني، تاركًا التفاصيل التقليدية إلى مرءوسيه. فحتى الرقيب المحقق بسكوتلانديارد يُعَدُّ خبيرًا ذا مهارة فائقة، أما بخصوص مُهمَّة رفع بالصمات، وفحص القرائن والأدلة وإجراء التحريات فما من سبيل لتحسينها أكثر من ذلك.

قال في نفسه بينما كان يستعد ليأويَ إلى الفراش: «حريٌّ بي أن أقصد السيدة بيدن-هايث نفسها أولًا، ولكن إذا قصدتني هي فسيكون ذلك أفضل. يبدو الناس عدائيين بطبيعتهم عندما تُضطر إلى البَدء في استجوابهم.»

بالتأكيد يجب أن يلتقيَ بكين أيضًا، وإن لم يكن من شيم خبير طائرات أن يُزيِّف هبوطًا على ذلك السطح دون أن يوحي بأن الطائرة الجايروكوبتر قد توقفت عند الأكوام الرملية المتراكمة على كلا جانبَي السطح لإبطاء سرعة الطائرة أثناء الهبوط، أو على أسوأ التقديرات، لمنعها من الانزلاق فوق الحافة.

من شأن الهبوط سواء كان حقيقيًّا أو زائفًا أن يكون قد تم في الظلام. فالهبوط على مساحة محدودة أثناء النهار لهو شيء، حتى بالنسبة إلى خبير بطائرة جايروكوبتر رائعة؛ أما الهبوط بها ليلًا، في غياب أيِّ ضوء على السطح لتحديد امتداد المساحة فهو شيء آخر؛ فسيكون طيارًا محظوظًا ذاك الذي يتمكن من الهبوط في المنتصف.

وبصفة عامة، قرَّر ديفينش أنه إذا كان كين قد اصطنع هبوطًا زائفًا، كان سيصنع أثرًا للإطارات على الرمل وكذلك على السطح المكشوف. إذا كان الأمر ينطوي على زيف، فثمة افتراض بأن من قام بهذا ليس خبيرًا بالطيران.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤