صراع لا ينتهي!

قفز النمر الجريح على «عثمان» واستطاع «عثمان» في قفزة خاطفة أن يتدحرج بعيدًا عن الوحش الجريح … ودبَّ الاضطراب بين الشياطين الأربعة، كان الظلام الكثيف يجعل الرؤية متعذِّرة داخل الغابة، وأية طلقة طائشة قد تؤدي إلى مصرع أحدهم.

قفزوا جميعًا خارج الغابة إلى أرض المطار المكشوفة، وكان مدرِّبَا النمور في انتظارهم … وأصبحوا محاصَرين بين النمر الذي كان يصرخ بوحشية وبين المدربَين … وارتمى «رشيد» على الأرض، وأطلق دَفعة من مدفعه الرشاش على المدربين … فسقط أحدهما بينما أطلق آخر ساقيه للريح …

وقفوا جميعًا وقال «أحمد»: الموقف عصيب … يجب أن نبدأ فورًا في العمل … إنهم الآن سينطلقون في آثارنا … الرجال … والنمور … والفيلة …

عثمان: لماذا لا نهاجم «رام» مباشرة … إذا استطعنا أن نجعله أسيرنا، فسوف نسيطر على الموقف.

أحمد: أوافق … ولكن يجب أولًا تدمير الجزيرة … إن ترك الجزيرة كما هي معناه استمرار عمليات استخراج الهيروين … على الأقل يجب أن يظل العالم فترة من الوقت في راحة من هذه السموم.

رشيد: ننقسم إلى قسمين … قسم يهاجم مقر الزعيم … والقسم الثاني يقوم بعملية التدمير ونلتقي في المطار.

عثمان: ولكن ليس معنا مفرقعات!

أحمد: في المعامل كميات كبيرة من البنزين وأسطوانات الغاز … يمكن استخدامها لهذا الغرض.

•••

قرَّر الشياطين أن يتَّجه «أحمد» و«عثمان» للهجوم على الزعيم ومحاولة أسْرِه، وأن يقوم «رشيد» و«بو عمير» بعملية التدمير!

اتجه «أحمد» و«عثمان» إلى مقر الزعيم … وفي هذه المرة اخترقا الغابة … فقد أصبح الشياطين الآن أعداءً واضحين للزعيم «رام» … وعصابته كلها …

سار «أحمد» و«عثمان» بسرعة … كان الظلام كثيفًا، ولكن قمرًا صغيرًا برز في السماء، أضاء بعض الطريق … وعندما اقتربا من القصر سمعا صوت ضوضاء يرتفع من هنا وهناك … وعندما اقتربا أكثر وجدا أكثر من عشرين رجلًا مسلحًا يستعدون لتمشيط الغابة بحثًا عنهم!

انتظر «أحمد» و«عثمان» لحظات حتى تفرَّق الرجال في اتجاه الغابة ثم اقتربا من القصر … كان هناك ثلاثة حراس عند الباب الرئيسي، معهم ثلاثة نمور ضخمة بشكل مخيف، وكان الثلاثة يسيرون في خطوط متقطعة … وراقبهم «أحمد» و«عثمان»، لحظات وقرَّر أن يقوم «عثمان» باصطيادهم واحدًا واحدًا بواسطة كرته الجهنمية …

وانتظر «عثمان» حتى ابتعد كل منهم عن نقطة التقاطع، ثم أطلق كرته على رأس أحدهم فترنَّح وسقط … وأخذ النمر ينظر حوله ثم يتشَمَّم الرجل النائم … ثم سحبه بعيدًا داخل الغابة، ابتسم «عثمان» وهو يقول: إن النمور تعمل معنا!

ظهر الحارسان الآخران عند نقطة الالتقاء، وتحادثا بشكلٍ سريع، فقد اكتشفا غياب زميلهما الثالث … واتجه أحدهما إلى طرف الغابة حيث كان يرتفع صوت النمر … وأطلق «عثمان» كرته الجهنمية مرة أخرى وسقط الرجل عند طرف الغابة … وأخذ النمر ينظر حوله كما فعل زميله ثم جر الرجل هو الآخر إلى داخل الغابة!

ظهر الحارس الثالث وهو في حالة ذهول … وأخذ يجري والنمر أمامه في جميع الاتجاهات … وعندما اقترب من مَكْمن «عثمان» و«أحمد» … عالجه «أحمد» بضربة هائلة من مدفعه الرشاش فسقط على الأرض … ولأن النمر كان مقيدًا إلى يده بسلسلة كما كان حال النمرين السابقين فإن النمر فعل ما فعله النمران الآخران … سحب الرجل إلى داخل الغابة!

قال «أحمد»: إنني ما زلت آسفًا على قتل النمور!

عثمان: إنها حيوانات رائعة … ولكن ما العمل؟!

اقتربا من الباب … كان مغلقًا، مد «عثمان» يده وأدار المقبض … انفتح الباب … اجتازا المدخل في هدوء … لم يكن هناك أحد!

فجأة سمع «أحمد» صوت أقدام سريعة، وقبل أن يتمكَّن من تحديد مكانها ظهر عملاق عاري الصدر يُمسك بيده سيفًا قاطعًا … وظهر رجل آخر رفيع كأنه عصاة، يضع على صدره كيسًا من القماش تبرز منه أنبوبة من البوص.

وأدرك «أحمد» كما أدرك «عثمان» أن هذا الرجل يستخدم السهام المسمومة … وفعلًا عند هجوم العملاق بالسيف وضع الرجل الرفيع أنبوبته في فمه … ولكن قبل أن يطلق سهمه القاتل كان «عثمان» قد قفز عليه … لقد كان في استطاعتهما قتل الرجلين بالمدافع الرشاشة … ولكنهما لم يريدا إحداث ضجة …

تولَّى «أحمد» أمر العملاق الذي هوى بسيفه على رأس «أحمد»، ولكن «أحمد» تلقَّى الضربة على المدفع فانكسر السيف، واهتز «أحمد» بشدة، ولكن ضرَبه ضربة موجعة أصابت العملاق الذي انكفأ إلى الأمام فعالجه «أحمد» بضربة أخرى فانكفأ إلى الخلف وسقط على الأرض …

وكان «عثمان» قد أمسك بالرجل النحيف وضرَبه ضربة هائلة ألقته على الأرض جثة هامدة لا حراك فيها …

بعد ذلك اتجها إلى الغرفة الكبرى التي كانت بعيدة عن الصالة، وبهدوء وثقة أدار «أحمد» مقبض الباب … وفي مواجهته مباشرة، كان الزعيم الهندي المخيف يجلس على مكتب ضخم … وقد فتَح بجواره خزانة تبرق فيها مئات من قطع الماس … بينما كان يضع أمامه حقيبة ضخمة ينقل إليها الماس … وعندما شاهد «أحمد» تجمَّدت حركته كأنما أصابه شلل مفاجئ، ولكنه في نفس الوقت ضغط بقدمه على زرٍّ صغير فانطفأ نور الغرفة، وانتشرت رائحة واضحة هي رائحة مخدِّر قوي …

أطلق «أحمد» دفعة من مدفعه الرشاش … ولكن «رام» كان سريع الحركة؛ فقد ألقى نفسه على الأرض … ثم زحف للخروج من الباب الخلفي!

بحث «عثمان» عن مفتاح النور وأضاءه … كان المكان خاليًا من «رام» … والباب الخلفي مفتوح … أسرع «أحمد» خلفه، ولكنه فوجئ بفيلٍ ضخم يسُدُّ الطريق ويهزُّ خرطومه في وجهه، بينما أطلق شخص ما النيران على «أحمد» الذي عاد إلى الغرفة، وأغلق الباب.

عثمان: هرب؟

أحمد: نعم …

عثمان: إن هذا يزيد الأمر خطورةً!

أحمد: إنه لم يبتعد … هيا بنا.

خرجا بسرعة من الباب الأمامي، ووجدا أمامهما فيلًا آخر …

قال «أحمد»: اقفز!

قفزا معًا فوق الفيل، وضرب «أحمد» الفيل برِقَّة خلف أُذنه كما شاهد الهنود يفعلون، ومشى الفيل مُسرعًا في الاتجاه الذي حدده «أحمد» وعلى ضوء القمر الصغير استطاعا أن يشاهدا فيلًا يسبقهما على مسافة بعيدة … ثم اختفى الفيل في أحشاء الغابة المظلمة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤