الخدعة الجهنمية!

في الحال اندفع الحراس وبقية الموظفين إلى داخل مبنى السفارة، يحاولون إطفاء النيران التي اشتعلَت في الحجرة العليا.

صاحَت «إلهام» في غضب: هؤلاء المجرمون. لقد كانت خطتُهم هذه المرة هي إحراق السفارة بمن فيها.

تساءل «عثمان»: ولكن مَن الذي أشعل النيران؟

أجابه «قيس»، وهو يلتفت حوله: لعل أحدهم أطلق سهمًا مشتعلًا نحو ستائر الغرفة من مكان قريب ولم نلاحظه.

زبيدة: ماذا تنتظرون … هيَّا نساعد في إطفاء النيران.

واندفعَت «زبيدة» إلى الداخل، وخلفها «إلهام» و«عثمان» و«قيس» … وكاد «أحمد» يندفع خلفهم، لولا أن أوقفَته سيارة إطفاء بفرامل حادة أمام باب السفارة، وقفز سائقها ليقول ﻟ «أحمد»: سوف تأتي بقية سيارات الإطفاء حالًا … فهي قادمة في الطريق.

واندفع رجل الإطفاء إلى داخل السفارة، دون أن يحاول استعمال خراطيم سيارته للإطفاء!

وفكَّر «أحمد» في دهشة متسائلًا: كيف وصلَت سيارة الإطفاء بتلك السرعة غير العادية، فلم يكن قد مرَّ على اشتعال الحريق غير دقيقة واحد فقط.

ثم تنبَّه إلى شيء هام … وهو أنَّ أحدًا لم يكن قد أبلغ سيارة الإطفاء بالحريق لاستدعائها. وفي لحظة خاطفة، أدرك «أحمد» الحقيقة … كانت هناك خدعة جهنمية توشك أن تكتمل خيوطها بعد ثوانٍ قليلة. وفي الحال، قفز «أحمد» إلى سيارة الإطفاء، التي كان موتورها لا يزال يعمل، وضغط فوق البنزين، مطلِقًا للسيارة العنان.

وكان يعرف أنَّ الوقت لن يسمح له بالابتعاد كثيرًا … وما إن شاهد ساحة خالية، حتى أوقف سيارة الإطفاء عندها، وقفز بعيدًا …

وما كاد «أحمد» يقفز من السيارة، حتى دوَّى انفجار هائل … وتحوَّلت سيارة الإطفاء إلى شظايا مشتعلة طارت في كل مكان.

وكان الانفجار من القوة، بحيث هشَّم زجاج النوافذ على مسافة بعيدة …

ونهض أحمد على قدمَيه سليمًا، وغمغم في ارتياح: الحمد لله أنني اهتديت إلى الحقيقة في اللحظة المناسبة.

ثم اندفع جاريًا تجاه السفارة … وشاهد بقية الشياطين وهم يندفعون خلفه لاهثين. وسأله «قيس» في ذهول: ماذا حدث يا «أحمد»؟

فأجابه «أحمد»: كانت هناك خدعة … فسيارة الإطفاء كانت ملغومة، ولم يكن قصد هؤلاء المجرمين من إشعال النار في إحدى غرف السفارة غير تبرير مجيء سيارة الإطفاء الملغومة، التي كان مفترضًا أن تنسف مبنى السفارة بمن فيه …

هتف «عثمان» غاضبًا: يا لَها من خطة شيطانية انخدعنا بها.

رمقَت «إلهام» «أحمد» في إعجاب، وقالت: أنت رائع يا «أحمد» … وقد تصرَّفت بالشكل المناسب.

قيس: دعونا نبحث عن سائق سيارة الإطفاء المزيف.

أحمد: لا أظن أننا سنعثر عليه، فلا شك أنَّه سارع بالاختفاء.

وهرول مسئول السفارة إلى «أحمد» في ذعر، متسائلًا: ماذا حدث … ولماذا كان هذا الانفجار الضخم؟

فأخبره الشياطين بما حدث، فغمغم الرجل قائلًا: يا إلهي … الحمد لله أننا نجونا من هذا الانفجار … خاصة بعد أن تمكنَّا من إطفاء الحريق داخل السفارة.

وعلَت أصوات سيارات الإطفاء والشرطة القادمة في الاتجاه المضاد، فهتف «أحمد» لمسئول السفارة: لا تُخبرْهم عن وجودِنا أو تدخُّلِنا في الأمر، حتى لا تُفسد بقية مهمتنا.

وأشار إلى زملائه قائلًا: هيَّا بنا.

أسرع الشياطين يغادرون المكان.

ومن مكان قريب، كان ثمة شخص قد وجَّه نظارة مقربة، ليشاهد كلَّ ما حدث … وكان له وجهٌ قاسٍ، بارد الملامح … وعين زجاجية … وكان يبدو على ملامحه غضبٌ شديد لما حدث، وغمغم لنفسه قائلًا: لقد فشلَت خطتُنا … ونجح هؤلاء الشياطين في إفسادها.

ثم أضاف في صوت رهيب: سوف يكون حسابي معهم عسيرًا!

ومن الخلف، اندفع «مالكوم» لاهثًا، فالتفت إليه ذو العين الزجاجية غاضبًا، وهو يقول: لقد فشلَت خطتنا …

أجابه «مالكوم»: لولا تدخُّل هؤلاء الشياطين ما فشلنا أيها الزعيم.

ضرب الزعيم الحائط بحافة يده في غضب شديد قائلًا: سوف يغضب أصدقاؤنا لهذه النتيجة … وربما نُصبح في خطر داهم، بعد أن تتولَّى السلطاتُ الفرنسية التحقيق.

مالكوم: ولكن الوقت لم يَفُت تمامًا … فيمكننا أن ندبر خطة أخرى لنسف هذه السفارة و… ولكن الزعيم قاطعه قائلًا: لا … إننا لن ندبر أيَّة خطط أخرى لنسف السفارة، قبل أن ننسف هؤلاء الشياطين الخمسة قبلها.

فتساءل «مالكوم» بغضب: وهل لديك خطة أيها الزعيم؟

أجابه الزعيم: نعم … إنَّ لديَّ خطة، سوف نقوم بتنفيذها سريعًا … فلم أَعُد أُطيق بقاءَ هؤلاء الشياطين على قيد الحياة طويلًا … ولسوف أُعدُّ لهم فخًّا بنفسي.

وانطلق ضاحكًا بصوتٍ خشنٍ قبيح مخيف.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤