المعركة الأخيرة!

وجاء المساء … وتحرَّك ثلاثة أشباح من إحدى الفيلَّات صوبَ زورق بخاري سريع، كان يقف على الشاطئ المظلم، الذي خلا من الروَّاد تلك اللحظة … ومن الخلف، كان أكثر من عشرة مسلحين آخرين قد قبضَت أصابعُهم على مدافعهم الرشاشة في تأهب وحذر …

وقفزَت الأشباح الثلاثة إلى الزورق البخاري السريع … وأدار الزعيم محركَ الزورق، وقادَه إلى قلب البحر المظلم.

ومن بعيد، تبادل الشياطين النظراتِ الحذرةَ … وتحرَّكوا إلى آخر نقطة على الشاطئ، حيث يوجد زورقهم البخاري المستأجر.

وقفز الشياطين الخمسة إلى داخل الزورق … وهمس «عثمان» يقول: إننا لن نستخدم الموتور في القيادة الآن، وحتى نبتعد عن الشاطئ، لكيلا نلفتَ إلينا أنظارَ بقية المسلحين على الشاطئ. وأبرزَ مجدافَين عريضَين من الخشب، وراح يجدف بهما مع «قيس». على حين صوَّب «أحمد» نظارتَه المكبرة، التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، والتي تُتيح له الرؤية في الظلام، وقال وهو يراقب زورقَ الإرهابيِّين الثلاثة: إنَّهم لا يزالون على انطلاقهم السريع في قلب البحر.

وبعد أن ابتعد الشياطين مسافةً كافية على الشاطئ … أدارَت «إلهام» محركَ الزورق، الذي انطلق يشقُّ الماءَ بكل سرعته.

قال «أحمد»، وهو لا يزال يراقب الزورق الآخر: لقد توقَّفوا أخيرًا … وأعتقد أنَّهم وصلوا إلى المكان المتفق عليه للتلاقي.

أوقف الشياطين محركَ زورقهم بدورهم، والتقط كلُّ واحد منهم نظارتَه المكبرة، وراحوا يصوِّبونها نحو زورق الإرهابيِّين.

وبعد قليل، شاهدوا زورقًا يقترب في الظلام من زورق الإرهابيِّين. ويقف فوق سطحه عددٌ من الرجال المتجهمي الوجوه، والمسلحين، والذين راحوا يتلفَّتون حولهم في حذر …

ظهر واضحًا على جانب زورقهم رسمٌ خاصٌّ مميز، كان يدل على هويتهم … وعلى اسم البلد الذي ينتمون إليه.

وقال «أحمد» في غضب: هذا ما توقعتُه … إنَّها دولة تتظاهر بأنَّها صارَت صديقةً لنا، ولكنَّها ستظل عدوة إلى الأبد …

إلهام: ولكيلا يظهروا في الصورة، فقد استعانوا بهؤلاء الإرهابيِّين لتنفيذ عملياتهم المشينة.

عثمان: ولكن كل شيء قد انكشف الآن.

قيس: ماذا ننتظر إذن؟ … علينا المبادرة بحصار هؤلاء الأشرار والقبض عليهم، لتسليمهم إلى الشرطة الفرنسية بتهمة الإرهاب.

زبيدة: ولكن إذا رفضوا الاستسلام …

قبضَت أصابع «أحمد» على مدفعه الرشاش، وقال: في هذه الحالة، لا يتبقَّى لنا غير استعمال قوة السلاح؛ فهي اللغة الوحيدة التي يفهمها هؤلاء الأشرار.

وأدارَت «إلهام» محركَ الزورق البخاري … وقادَته تجاه الزورقَين الآخرَين.

وفُوجئ ركاب الزورقَين بالزورق الذي برز لهما فجأةً من قلب الظلام … وصاح «أحمد» في ركَّاب الزورقَين: استسلموا، فهذا أفضل لكم …

على الفور، سلَّط ركاب الزورقَين أضواءَهما نحو زورق الشياطين … وما إن شاهد الزعيم الشياطين الخمسة، حتى غمغم في ذهول: مستحيل … لقد قضى عليهم الانفجار داخل الفيلا …

فأجابه «قيس» ساخرًا: إننا كالقطط، بسبعة أرواح … وقد جئنا للقبض عليكم، إذا لم تستسلموا في الحال …

ولكن الزعيم التقط مدفعًا رشاشًا، وأطلقه، وهو يقول: هذا هو ردُّنا الوحيد.

وعلى الفور، أطلق الشياطين أسلحتهم أيضًا …

وانطلق الزورقان سريعًا … وقذف ركابهما بعدد من القنابل اليدوية نحو زورق الشياطين، ولكن «إلهام» تفادَتها في مهارة وهي تقود الزورق …

وهتف «عثمان»: إنَّهم سوف يهربون … لأنَّ زورقهم أسرع …

ولكن «أحمد» قال في ثقة: لن يهربوا، ولسوف يذوقون من نفس طعامهم الآن.

وصوَّب «أحمد» مدفعه الرشاش بدقة نحو إحدى القنابل داخل زورق الإرهابيِّين … ثم أطلق الرصاص …

وفي نفس اللحظة، دوَّى انفجار رهيب … وتحوَّل زورق الإرهابيين إلى أشلاء، تناثرَت فوق سطح الماء، دون أن تترك خلفها أيًّا من الأحياء.

واندفع الزورق الثاني هاربًا بركابه.

ولكن، ومن الأمام، ظهرَت أنوار عالية لزورق حرس السواحل الفرنسية … وقال «أحمد» باسمًا: لقد جاءت زوارق حرس السواحل في وقتها بالضبط، لتقبض على بقية الأشرار في زورقهم … وأيضًا على بقية الإرهابيِّين على الشاطئ.

تساءلَت «إلهام»: ولكن، كيف جاءوا في اللحظة المناسبة؟ …

قال «أحمد» باسمًا: لقد اتصل بهم شخص مجهول، وأمدَّهم ببعض المعلومات …

وكان واضحًا من حديثه أنَّه هو الذي فعل ذلك، وألقى «أحمد» بنفسه في الماء، وهو يقول: الآن علينا الوصول إلى الشاطئ سباحة … لأنَّ وجودنا في الزورق المسلح قد يجعل البعض يُلقي علينا بعضَ الأسئلة المحرجة …

قالت «إلهام» ضاحكة: أنت على حق … فقد انتهت المهمة، وأشعر أنَّ الإجازة قد بدأت.

وألقى بقيةُ الشياطين أنفسَهم في قلب الماء المظلم … وراحوا يسبحون في نشاط إلى الشاطئ البعيد … على حين، كان ركاب الزورق الثاني يسقطون في أيدي القوات الفرنسية …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤