الفصل الثالث والعشرون

(٥١) في قصيدة للشاعر التاوي تاو تشي ين من القرن الرابع الميلادي، نقرأ الأبيات الآتية:

كنت أجمع الأقحوان البري عند سور الأشجار الشرقي
رفعت نظري وسرحت النظر بصمت نحو المرتفعات الجنوبية
نسيم الجبال يهب عليلًا عند الغروب
والعصافير تتجمع عائدة إلى أعشاشها
في كل ما حولي معنى حقيقي
عندما حاولت التعبير عنه بكلمات
ضعت في عالم اللا كلمات.١

في اللحظة التي حاول الشاعر فيها التعبير عن إحساسه بتلك اللحظة المليئة بالمعنى، تماثل عقله مع ما حوله وهربت منه الكلمات. وهذا ما أراد لاو تسو نقله إلينا عندما قال في هذه الفقرة:

في قلة الكلام تماثل مع الطبيعة
الطبيعة لا تعبر عن نفسها بالكلمات.

عندما تصمت تتحدث إليك الأشياء بدون كلمات، وعندما تتحدث تصمت أمامك الأشياء. أو كما قال شاعر تاوي آخر:

إنه يُشبه السماء الفارغة، لا حدود لها
ولكنها هنا والآن
دومًا عميقة وصافية.
عندما تبحث عنها لا تراها
لا تستطيع الإمساك بها
ولكنك أيضًا لا تفقدها
عندما تتكلم تصمت
وعندما تصمت تتكلم
البوابة مفتوحة على مصاريعها لوهب العطايا
وما من زحام يسد عليك الطريق.٢

(٥١) كل ما حولنا في تغيُّر دائم. إذا ركزت قلبك على المتغير فقدت جذورك. إذا ركزت قلبك على الثابت، ثبت في الحقيقة.

(٥٢) لا تبحث عن التاو، ولا تحاول زرع اﻟ «تي» في نفسك، كُن طبيعيًّا دون تفكُّر أو تدبير. عندما تبحث عن التاو تفقده، وعندما تحاول اكتساب اﻟ «تي» تزوغ عنك. يقول بيتان من شعر الزن:

لا تطلبه بالتفكير والتدبير
لا تبحث عنه بالإقلاع عن التفكير والتدبير. ٣

من هنا يقول لاو تسو:

مَن يتماثل مع التاو يقبله التاو
مَن يتماثل مع اﻟ «تي» تقبله اﻟ «تي».
فإذا خسرت التاو قبلتك الخسارة وصرت من أهلها.

(٥٣) قد يكون لهذه الفقرة معنًى عام يتعلَّق بمبادرة الآخَرين الثقة دون انتظارها منهم، ممَّا شرحناه في الفصل ١٧ الفقرة ٤٠، وربما أراد المعلم أن يقول هنا بأن قبول التاو لك قائم على ثقتك به والتماثل معه.

١  Chuang Tzu, ch. 2, cited in: Allan Watts, Ibid, p. 19.
٢  Allan Watts, Tao: The Watercourse Way, p. 164.
٣  Ibid, p. 56.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤