الفصل الثلاثون

(٦٩) لا يطمح الحكيم، الذي أدرك مبدأ التغير، إلى حالة يسود فيها اﻟ «يانغ» وينتفي اﻟ «ین». ذلك أن الصحة والمرض، والألم والمتعة، والقوة والضعف، والحب والكراهية … إلخ، هي أقطاب وثنائيات تتداول أحوال العالم وأحوال الأفراد والجماعات والممالك، ولكن الحكيم بالمقابل يستطيع التخفيف من الآثار المدمِّرة للإفراط والغلو في كلِّ حالٍ من هذه الأحوال، إن الحاكم الذي يُغالي في إظهار ما لديه من السلاح والعتاد وأدوات القمع، سوف يستثير في الناس ردود فعل تلقائية باتجاه المقاومة والدفاع عن النفس، كما أن الحاكم الذي يلجأ إلى الحرب عندما تكون هناك خيارات أخرى، سوف يذوق الهزيمة رغم نجاحاته الباهرة الأولى.

(٦٩) إذا كان هناك ضرورة للحرب، على الحاكم أن يخوضها بسرعة وينهيها قبل أن تستفحل آثارها، ثم لا يُتبع ذلك بالتفاخر والتبجُّح والغطرسة؛ لأن الحرب كما يراها الحكيم أشبه بالعملية الجراحية ذات الهدف المحدَّد والنتائج المرجوَّة الواضحة، وليست سبيلًا لتحصيل المجد الشخصي أو القومي.

يقول لاو تسو في الفصل ٦٩:

عندما يرفع الطرفان السلاح في وجه بعضهما
الطرف الرابح هو الذي يدخل الحرب بأسًى وحزن.

(٧٠) الحاكم الذي يدرك تناوُب الأقطاب وتعاقُب الأحوال يعرف أن فورة القوة يعقبها الوهن، ولذا فإنه لا يتطرَّف ولا يُغالي إذا أحسَّ من جانبه قوة، ولا يخنع أو يذل إذا أحسَّ من جانبه ضعفًا، في صيرورة الطبيعة لا يوجد تطرُّف بل توازُن، إذا أدركت موقعك في هذا التوازن سلمتَ، وإذا تجاهلته أتيت إلى نهاية سريعة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤