الفصل الحادي والثلاثون

(٧١) يتابع المعلم في هذا الفصل شرح أفكار الفصل السابق، لقد قال في الفقرة ٦٩:

حيثما تعسكر القوات ينبت شجر الشوك
وفي أعقاب الجيوش الجرَّارة يذوي الحصاد.

ويتابع هنا فيقول بأن السلاح أداة شؤم يبغضها الناس، لذا فرجل الدولة التاوي لا يلجأ لاستخدامها، فإذا كان لا بدَّ من شنِّ الحرب وإشهار السلاح، فإن على رجل التاو أن يخوض حربه في حيادٍ، والحياد هنا هو الحياد النفسي الذي يخلو من الانغماس العاطفي. التاوي يحارب وهو في حالة من صفاء الذهن والنفس، ولا يسمح لعواطفه أن تكون مُوجِّهًا له، كما أنه يتفادى ما تثيره الحرب من مشاعر العنف والرغبة في القتل والتدمير، وبشكل خاص عليه أن يتخلص ممَّا يتركه الانتصار من إحساس بالمجد الزائف، فلا مجد في الانتصار؛ لأنه لا يتحقق إلَّا على أشلاء ألوف القتلى، وتمجيد الانتصار يعني القتل وإعطاءه مشروعية وقيمة، عندما نحقق الانتصار علينا أن نُقيم طقوس الحداد على من قُتِل من الجانبَين المتحاربين في سبيل تحقيقه، عوضًا عن إقامة الاحتفالات، من الأفضل أن نبكي القتلى من الطرفَين، عوضًا عن فرحة النصر الزائفة.

يستعمل لاو تسو هنا مجاز اليمين واليسار للتعبير عن حال الحزن وحال الابتهاج، ففي الأحوال العادية يلجأ السادة إلى حال الابتهاج، أي إلى حال اليسار، أمَّا في زمن الحرب فيلجئون إلى حال اليمين، أي إلى حال الحزن؛ لأنه لا بهجة في الحرب ولا فرحة، مَن يخوض الحرب بفرح هم القتلة والسفَّاحون، أمَّا السادة فيخوضونها بأسًى وحزن ويقودونها كما تُقاد الجنازة لا كما تُقاد مواكب الفرح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤