الفصل السابع والأربعون

(١٠٦) زار المريد دايجو المعلم باسو في الصين وجرت بينهما الحوارية الآتية:

– ما الذي تبحث عنه یا دایجو؟

– أبحث عن الاستنارة أيها المعلم.

– افتح خزنة كنوزك وانظر ما بداخلها، لماذا تبحث في الخارج؟

– ولكن أين خزنة كنوزي أيها المعلم؟

– ما تبحث عنه هو خزنة كنوزك، إنها في داخلك.

لسماع هذا الجواب حصل دایجو على الاستنارة وصار من معلمي اﻟ «شان»، وقد عُرف عنه فيما بعد قوله لتلامذته في كل مناسبة: افتحوا خزنة كنوزکم واستخدموها.١ وحول هذه الفكرة تقول أبيات من شعر الزن:
لا فراديس في الشرق
لا فراديس في الغرب
ابحث في الطريق الذي أتيت منه
تجدها جميعًا في داخلك.٢

وهذا ما عبَّر عنه السيد المسيح عندما قال: لماذا تسألون عن ملكوت الله؟ إن ملكوت الله في داخلكم! وما عبَّر عنه التصوف الإسلامي بأكثر من صيغة ومنها قولهم الشائع: وفيك انطوى العالَم الأكبر.

من هنا نفهم ما يقصد إليه لاو تسو في هذه الفقرة عندما يقول:

من غير أن تسافر بعيدًا
تستطيع أن تعرف العالم كله
من غير أن تنظر من النافذة
تستطيع أن ترى طريق السماء.

(١٠٧) رؤية طريق السماء تتأتَّى عن الانكفاء إلى حالة السكون، حيث يعكس الفكر مساره الاعتيادي، وبدلًا من توزيع طاقاته في الخارج، يعود إلى وحدته الداخلية. وهذا معنى قوله:

لذا فإن الحكيم يعرف دون أن يتحرك خطوة واحدة.

إنه يتجنب إغواء الحواس الخارجية الخمس ويلجأ إلى الحواس الداخلية. وهذا ما عبَّر عنه المعلم في الفصل ١٢:

لذا فإن الحكيم تقوده أحاسيسه لا عيناه
يترك هذا ويأخذ بالآخر.

وما عبر عنه في هذه الفقرة عندما قال:

يميِّز دون حاجة إلى نظر.

الحواس الخارجية تقود إلى الفعل، أمَّا الحواس الداخلية فتضعك في حالة اللافعل:

ينجز دونما حاجة إلى فعل.
١  R. Sohl and A. Carr, The Gospel According to Zen, p. 51.
٢  Ibid, p. 51.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤