الفصل الثاني والستون

(١٤٣) قال المعلم في الفصل ٤٢:

الآلاف المؤلَّفة تحمل اﻟ «ين» على كتفها
وتعانق اﻟ «يانغ» بالذراعين
الآلاف المؤلَّفة ناتجُ تمازُج القوتين.

وهذا يعني أنه لا يوجد شيء حي أو جامد إلا مُتخلَّل بالتاو، فإذا كان الصالحون يوقِّرونه ويُجلونه فإن موقفهم منه ليس مفروضًا من قِبَل أية سلطة ولكنه من طبيعة الأشياء، على حد قول المعلم في الفصل ٥١. وبالمقابل فإن التاو يبسط حمايته ورعايته على الطالحين من الناس مثلما يبسطها على الصالحين.

وموقفه هذا ليس فعلًا إراديًّا بل هو من صلب طبيعة الأشياء أيضًا، لأنه:

يعطيهم الحياة ولا يدَّعي امتلاكًا
يعينهم ولا يقتضي عرفانًا
يدبِّر شئونهم ولا يدَّعي سلطانًا.

(١١٤–١١٥) فإذا كان التاو يبسط حمایته على الصالح والطالح معًا، فإن مَن عرف التاو يتماثل معه، فلا يصدر عنه إلا الفعل والعمل الخيِّر، وهو يتعامل مع الصالح والطالح بالمعيار نفسه، فلا يدير وجهه عن الطالح رغم سوئه، وقد قال المعلم في الفصل ٤٩:

أثق بمَن هو أهلٌ للثقة
كما أثق بمَن هو غير أهل لها
وبذلك أعمل على تعميم الثقة.

(١٤٦) من هنا، فإن أعظم هدية يمكن للحكيم أن يقدِّمها للملك في يوم تتويجه هي فتح بصيرته على التاو، ليغدو مثله أبًا للجميع.

(١٤٦-أ) يقول المعلم هنا: إنك إذا لم تبحث عن التاو تجده، وهذا هو مضمون الحوارية التي أوردناها في موضع سابق بين الحكيم نان تشوان وتلميذه تشاو تشو:
«سأل تشاو تشو معلمه نان تشوان: ما هو التاو؟ فأجاب المعلم: عندما تقصد أن تتوافق معه تنحرف عنه. فقال التلميذ: ولكن كيف لي أن أعرف التاو دون قصد؟ فأجاب المعلم: لا ينتمي التاو إلى مجال المعرفة ولا إلى مجال عدم المعرفة. لأن المعرفة فهم زائف واللامعرفة جهل أعمى. إذا أردت أن تفهم التاو انظر إلى السماء الفارغة.»١
١  Alan Watts, Tao: The Watercourse Way, p. 38.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤